عبدُ الحفيظ الحَجُّوجي شاعرٌ يتألَّقُ صامتاً

عبدُ الحفيظ الحَجُّوجي شاعرٌ يتألَّقُ صامتاً

في رحاب القصيدة المغربية الأمازيغية المُعاصرة!

فريد أمعضشو

farid-88@hotmail.com

في القطر المغربي شعراءُ أمازيغ كُثـرٌ يقولون الشعر إلهاماً.. تتدفق الكلمات الجميلة المُوحية من بين شفاههم تدفقاً.. يحترقون بلظى القريض احتراقاً فيعبّرون عن خوالجهم و أحاسيسهم تعبيراً مُنْساباً شفافاً يحمل الكثير من مَيَاسِم العذاب و الصدق و العمق و الفَرادَة.

في االقطر المغربي شعراءُ أمازيغ يقولون الشعر في صمتٍ.. يُكثرون من قرْضه، و لكنّ الناس من حَواليهم يَحْسِبونهم مُقِـلّين أو لا صلة لهم بعالم القصيدة.. اختاروا أن يكونوا شعراء و شواعر في الظل بعيداً عن أضواء الشهرة و عن إغراءات المُسْتقطِـبين و عن طقوس "الأدب المُـناسَـباتي"!

قد لا تُسْعفني هذه الأسطر على أن أسرُد لكم نماذجَ من هؤلاء الشعراء و الشاعرات، و لكن حَسْبي ها هنا أن أعرّفكم بأحدهم ممّن أعرف معرفة حقة اجتمع فيه ما تفرَّق في غيره.. اجتمع فيه الإحساسُ الصادق و التعبير المُتّزن البديع و التفاعُل المتواصل مع آهات الأنا و مع ظروف الآخر المحيط به و البعيد عنه معاً.. إنه الشاعر الأمازيغي الشابّ عبد الحفيظ الحَجُّوجي الذي رأت عيناه ضوءَ الوجود ذاتَ يوم من أيام 1975 بمدينة العروي (إقليم الناظور) الواقعة إلى الشمال الشرقي من المملكة المغربية. في ريبرتواره الشعري قصيدٌ عديدٌ يمكن أن يستويَ في دواوينَ إن جُمِع (ثمة مجهودات و مقترَحات من بعض الباحثين للقيام بهذا العمل قريباً أو الإسْهام فيه). و قد بدأ في كتابة نصوصه الأولى أواخرَ الثمانينيات، و لكن انطلاقته الفعلية في دنيا الكلمة الشاعرة الناضجة كانت خلال النصف الأول من تسعينيات القرن المنصرم. و نظراً إلى قيمة مَقُوله الشعري، و حضوره المتميّز في عالم القصيدة الأمازيغية المعاصرة، رغم ابتعاده المستمرّ عن الأضواء البَرّاقة التي تُظهِر من تشاء و تقْبِر من تشاء، فقد اسْتُدْعِيَ مراراً للمشاركة في عدد من اللقاءات و المهْـرجانات في مدة مغربية كثيرة كالناظور و وجدة و فاس، و لاسيما في أوساط الطلبة داخل الكليات.

و لمّا كان الحديثُ عن كامل تجربة الشاعر عبد الحفيظ الحجّوجي الغنية في هذا الحيّز الضيّق غيرَ ممكنٍ، فقد ارتأيتُ أن أقفَ تحديداً عند أحد نصوصه المنتمية إلى بداياته الشعرية، و يتعلق الأمر بقصيدته "أَجْذِيذْ" (الطائر) المنظومة سنة 2000، و التي اشتغل فيها، بوعي و عمق واضحين، على ثنائية الأرض/السماء أو القيد/الحرية بلغةٍ رصينة، و بإيقاع رنّان. و وُقوفي عند هذا النص لن يكون بالتحليل و المقارَبَة النقدية، بل سيكون ترجمة له إلى العربية لتعريف القارئ العربي بالشاعر و بعض شعره عَلَّ هذه الخطوة تكون مُحَفّزاً للدارس و الباحث عن كنوز الشعر المغربي المعاصر المكتوب باللسان الأمازيغي للنبْش في هذا الشعر المتميّز قوالبَ و موضوعاتٍ، و استكْناه دُرَرِه، و سَبْر أغْواره، و ملامَسة أبعاده المختلفة.

قصيدة "أجْذِيذ" باللغة الأمازيغية (لهجة تَرِيفِيتْ)

1- ضُو أيَجْذِيذ ذﮔ جَنّا وَدْجي وِشْ غَيَطْفَنْ

2- ضُو أيَجْذِيذ ذﮔ جَنّا وَدْجي مِشْ غَيْرَقْفَنْ

3- ثَمْوَاثْ ذيْسْ ثِسَنْدَشْتْ ثمْواثْ ذيْسْ إنَدّايْنْ

4- ثَمْوَاثْ ذيْسْ يَنِّي إيَمّانْ ذﮔ ضُورَانْ ذﮔ ذمْرَاوَنْ

5- ثَمْوَاثْ ذيْسْ ثِخَشْفينْ نْ وَزْرَانْ إقََذعَنْ

6- ثَمْوَاثْ ذيْسْ رَقفَزْ إذِشْ تْخَمّارَنْ

7- أزْري أنَّشْ ذِرَقفَزْ ذازْري إخَرّيقَنْ

8- أزْري أنَّشْ نْ تِذَتْ  سُهَزّي نْ وافْريوَنْ

9- أمْشانْ نْتُوذاثْ أنّاشْ يَخْضاريثْ أوشِي خَرْقَنْ

10- وَنْ يَخْسَنْ أثِبَدَّرْ وَسِّي مِنْ ثِرَقْفَنْ

11- ضُو أيَجْذِيذ ذﮔ جَنّا وَدْجي وِشْ غَيَطْفَنْ

12- ضُو أيَجْذِيذ ذﮔ جَنّا وَدْجي مِشْ غَيْرَقْفَنْ

13- وَحْذَشْ نِغْ أكَرْفاﮔ ضُو ما مَشْ ثَخْسَضْ

14- رَذِجْ وَيْزَمَّ أشْ يَسْشَنْ ما مَشْ غاثَضْوَضْ

15- وِيزَمَّانْ أغاشْ دْ يَسْشَنْ وِيزَمَّانْ أغاشْ دْ يَسْوِزَّضْ

16- شَكْ ثعْرِيذ ذﮔ جَنَّا رَذِجْ واشِي تِيوَاضْ

قصيدة "أجْذيذ" (الطائر) مترجَمَة إلى اللغة العربية

1- طِرْ ،يا طائرُ، في العَليَاءِ لا أحَدَ يَأسِرُكْ!

2- طِرْ ،يا طائِرُ، في العَلياءِ لا شَيْءَ يَضِيرُكْ!

3- في الأرْض فَخٌّ.. في الأرْضِ قنَّاصُونَ يَتَرَبَّصونَ بِكْ!..

4- في الأرْضِ مَنْ يَصيدُ في المُرُوجِ و البَرَاري..

5- في الأرْضِ شِبَاكٌ حَدِيدِيةٌ حَادّةٌ..

6- في الأرْضِِ القَفَصُ الذي فيه يُودِعُونَكْ!

7- جَمَالُكَ ،و أنتَ تَقْبَعُ بين جُدُرِهِ، جَمالٌ زائِفْ..

8- جَمالُكَ الحَقُّ في حَرَكةِ جَناحَيْكَ انْتِشاءًَ

9- مَكانُ حَياتِكَ اخْتارَهُ لكَ خَالقُكْ !

10- لا أدْري ما دَهَى مَنْ تَطَاوَلَ على تبْديلِهْ!

11- طِرْ ،يا طائرُ، في العَليَاءِ لا أحَدَ يَأسِرُكْ!

12- طِرْ ،يا طائِرُ، في العَلياءِ لا شَيْءَ يَضِيرُكْ!

13- طِرْ ،يا طائرُ، كما تَشاءُ: وَحيداً أوْ معَ سِرْبِكْ!

14- لا أحَدَ بقادِرٍ على أنْ يُلقِّنَكَ أصُولَ الطّيَرانِ

15- مَنْ يَقدِرُ على الإشارَةِ إليْكَ؟!.. مَنْ يَقدِرُ عَلى مَدِّ اليَدِ إليْكْ؟!

16- أنْتَ دَوْماً في عَلُ.. لا يَدَ تَصِلُ إليْكِْ!!!