قالَ الفَلْفَسوسُ

معتز عبد الحميد صقر

كلية دار العلوم – جامعة القاهرة

[email protected]

سَلامٌ عَلَيْكُمْ..؛

عِمْتُمْ ما دُمْتُمْ.

بِسْمِكَ اللّهُمَّ، الحَمْدُ لَكَ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلى رَسولِكَ، مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، وَعَلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ والاهُ.

باسْمي، ابْنِ دارِ العُلومِ، بَلِ ابْنِ العَرَبِيَّةِ الفُصْحى، وباسْمِ إخْوَتي فيهما، أُرْسِلُها أَقْوالا في رَدْعِ ألْسِنَةِ الخَطّائينَ في اللُغَةِ، أَلْسِنَةِ مَنْ ( يَتَفَلْفَسونَ ) في كَلامِهِمْ، وَمِنْ ( فَلْفَسَتِهِمْ ) أَنْ يَقْلِبوا الصَّوابَ خَطَأً عَفْوًا مِنْهُمْ، بَلْ حُمْقًا، وَلَكِنَّهُ - لا مَناصَ - خَطَأٌ يَجِبُ الاعْتِرافُ بِهِ، حَتّى يُمْكِنَنا تَقْويمُهُ.

أَمّا عَنِ ( الفَلْفَسَةِ ) فَهِيَ تَحْريفٌ مِنْ ( فَلْسَفَةٍ )، فالثّانِيَةُ - فَلْسَفَةٌ - مِنَ الحِكْمَةِ؛ يَظُنُّ النّاسُ فِيْ خَطَأِهِمْ الصَّوابَ، فَيَنْطِقونَهُ حاسّينَ الحِكْمَةَ في أَنْفُسِهِمْ، فإذا بِهِمْ قَدْ أَخْطَأوا شَنيعًا، ساعَتَها تَرى أَنَّهُ لَمْ تَعُدِ الحِكْمَةُ حِكْمَةً، بَلْ حُمْقًا، فَهُمْ يَعُدّونَ الحُمْقَ فَلْسَفَةً.

وعَنِ الأولى، فَبِما أَنَّ الفَلْسَفَةَ لَمْ تَعُدْ فَلْسَفَةً، وأن الحِكْمَةَ حُرِّفَتْ، بَلْ سُخِطَتْ، اسْمَحوا لي أَنْ أَدْعُوَ الحُمْقَ ( فَلْفَسَةً ) رَغْبَةً فِيْ الاحْتِفاظِ بِذِكْرِ أََحْرُفِ الكَلِمَةِ - الفَلْسَفَةٍ - كامِلَةً غَيْرَ مُرَتَّبَةٍ عَبَثًا، وَإنْ لَمْ يَصِحَّ اللَفْظُ، هُمْ ( يُفَلْفِسونَ ) الهُراءَ، أَيْ يَظُنّونَ - حُمْقًا - الصِّحَّةَ في نُطْقِهِمْ لَهْ.

لِتَكُنِ اللَفْظَةُ - الفَلْفَسَةُ - مُتَصَرِّفَةً وَمِنْ تَصاريفِها:

فَلْفَسَ، يُفَلْفِسُ، فَلْفَسَةً، فَهُوَ مَفَلْفِسٌ وَفَلْفَسوسٌ، وَهُمْ مُفَلْفِسونَ وفَلافِسَة ..

وَبَعْدُ، لِنَثِبْ إلى ذِكْرٍ فِيْ صَوابِ بَعْضِ الأَخْطاءِ الَّتيْ شَيَّعَ بِها  الفَلافِسَةُ عَلى أَلْسِنَةِ العامَّةِ، وَبَعْضِ الخاصَّةِ، فَشايَعوا جَميعًا الفَلافِسَةَ.

أَجْعَلُهُ في صيغَةٍ هِيَ أَقْرَبُ إلى حِوارٍ بَيْني وَبَيْنَ الفَلْفَسوسِ ، أَضَعُها فِيْ جَدْوَلٍ مِنْ ثَلاثِ خاناتٍ، فِيْ الأولى ما ( قالَ ) - مِنْ خَطَأٍ - فِيْ سِياقِ مِثالِ، وَفي الثّانِيَةِ ما ( قُلْتُ ) - مِنْ تَصْويبٍ - مُنْفَرِدًا، وَفِيْ الثّالِثَةِ ما أَراهُ من ( فَلْسَفَةٌ ) مِنْ ذِكْرِ الصَّوابِ عَلَى تِلْكَ الحالِ.

وُفِّقْنا وَإيّاكُمْ.

وَدُمْتُمْ ناعِمينْ.

قالَ الفَلْفَسوسُ =1

قال

قلت

فَلْسَفَةٌ

ما أظنُّ أنْ سمعتُ كلامَكَ هذا  مُسْبَقًا.

سابِق

إذا انتبهتَ قليلا ستدركُ أنَّ ( مُسْبَقًا ) اسمُ مفعولٍ منْ فعلٍ لا نستخدمُهُ هوَ ( أَسْبَقَ )، أمّا اسمُ الفاعلِ منْ ( سَبَقَ )، وهو المراد هنا، فهوَ ( سابِقٌ ) علَى وزنِ فاعلٍ كما نعلمُ.

هذا أسلوبٌ  نَحَوِيٌّ سليمٌ.

نَحْوِيّ

لمْ تنتبهْ إلَى أنَّك تنسبُ لـ ( نَحْوٍ ) ساكنةِ الحاءِ، لكنْ يبدوْ أنَّكَ - كراهةً للنحوِ - غيَّرْتَ فيها، ففتحتَ الحاءَ ثُمَّ نسبتَ.

كمْ تَكْلـُفَةُ هذا البناءِ؟

تَكْلِـفَة

هيَ مِنْ ( كَلَّفَ ) ذيْ المضارعِ ( يُكَلِّفُ )، مثلُ ( تَذْكِرَةٍ، تَقْدِمَةٍ )، كما فيْ القاموسِ المحيطِ.

قضيتُ سِنِيَّ عمريْ فيْ التعلُّمِِ.

سِنِيْ

لأنَّكَ حينَ تُعربُ ( سِنِيْنَ ) إعرابَ الملحقِ بجمعِ المذكرِ السالمِ وتضيفُها لكلمةٍ أخرَى فإنَّكَ تحذفُ نونَ الجمعِ، فتقولُ مثلا ( سِني عُمْري ) كما فيْ المثالِ، وتقول ( أُعْجِبْتُ بِمُسْلِمي صَنْعاءَ) بتخفيفِ الياءِ، فلِمَ تشدِّدُ الياءَ بعدَ حذفِ النونِ وكانتْ ساكنةً قبلَهُ؟

أمِنَ الفَلْفَسَةِ؟

أمْ منَ الشعرِ؟ فأنا أظنُكَ فعلتَ هذا ليستقيمَ كلامُكَ على الوافرِ العروضيِّ.

هَذِهِ مُسْتَشْفَى نَظِيْفَةٌ.

هَذانَظِيْف

فمنْ عاداتِ المصريينَ أنْ يقلبوا الألفَ اللَيِّنةَ تاءً مربوطةً فيْ عاميتِهمْ، كما فيْ ( لَيْلَى ) التيْ ينطقونَها ( لَيْلَةً ) ويعاملونَها معاملةَ المؤنثِ وإنْ لمْ تكنْهُ، هذا ما حدثَ فيْ ( مستشفى )، فقدْ ظننتَ أنَّ نطقَ المصريينَ العاميَّ هوَ الصحيحُ، فشيَّعتَ بها علَى غلطِها حمقًا وشايعتَها، كذا الأمرُ فيْ ( رَأْسٍ ) و( بَلَدٍ ) و( ذَقَنٍ ) فهيَ كلماتٌ مذكرةٌ ظننتَها مؤنثةً.