النص القرآني عند محمد شحرور 1

النص القرآني عند محمد شحرور

1

ياسين سليماني

[email protected]

3- حول تأويل شحرور لسورة القدر:

رغم كون شحرور يتصدى لموضوع كبير مثل القرآن، الذي يفترض الاجتهاد فيه شروطا وهي أن يكون" عالما بالقرآن الكريم وبدلالات ألفاظه ومتبحرا من هذه الناحية، ولا بد أن يصل إلى مرتبة الذوق وأن تتربى عنده الملكة في معرفة اللغة العربية"(4) إلا أن عكس ذلك هو ما يظهر في كامل كتابه، حيث الأسلوب بسيط لا يرقى إلى ما هو مطلوب من مفكر يتناول موضوعا ليس ككل المواضيع، وشحرور حين يؤول سورة القدر يحمل الألفاظ إلى غير ما ترمي إليه تماما، لأن الألفاظ التي تؤول هي التي تحتمل أكثر من معنى، فالأصل في اللفظ أن يحمل على الحقيقة، ولا يخرج عن ذلك إلى المجاز ومن ثمة التأويل إلا بوجود قرينة.(5) وهذا يغيب غيابا تاما في كل الألفاظ التي أوردها شحرور وهي "ليلة"، " ألف شهر"، " الفجر".

والغريب أن شحرور الذي يقول أن النص القرآني( الستين حزبا المعروفة) يحتاج إلى فهوم كثيرة ولا يمكن لفهم واحد أن يكون كافيا، وأعطى الحق للمؤوّلين كل حسب فهمه وأرضيته المعرفية، إلا أنه يعيب الفهم المشهور لآية" حتى مطلع الفجر"(6)، بأن الفجر هو ذلك الذي يسبق شروق الشمس، ويسميه "فهما ساذجا"(7).

راميا كل الأقوال المعروفة في هذا الصدد من وقت النبي (ص) إلى علماء زمننا الحاضر، مخالفا ما تعارف عليه الجميع. إضافة إلى أن الكلمة تؤخذ بمعناها الذي نزلت به في وقتها لا في وقت أخر فحين يقول تعالى"عابدات تائبات سائحات"، لا نأخذ كلمة "سائحات" بمعناها المتداول في وقتنا الحالي أي المشتغلات في السياحة، ولكن نأخذه بالمعنى الذي كان متعارفا عليه في وقت نزول الآية.(8)

وحين يقول شحرور أن الفجر هو الانفجار الكوني(9) لا يعطينا أية دلائل علمية أكيدة و يقينية لا يعتريها الشك في أن ذلك سيحدث حقا حتى نقول أن القرآن جاء يتحدث عنه، فالمعروف أن المختصين في موضوع الإعجاز العلمي لا يقولون بإعجاز علمي لأية آية إلا إذا كانت النتائج المتوصل إليها نهائية لا يشك فيها، وهذا ما تفتقده تماما فكرة شحرور لذلك يبقى الأولى الأخذ بالفهم المعروف بعيدا عن أراء ظنية لا تفيد شيئا.

بقي أن نشير في أخر هذا الفصل أن القول بأن الراسخين في العلم – حسب شحرور- هم أمثال داروين و كانط و هيغل وغيرهم، فمن باب القول على الله بغير علم، ذلك أن التنزيل الحكيم جاء كما يقول تعالى:"هدى للمتقين". ولا نحسب أن داروين وأمثاله كانوا متقين حسب المعنى الذي قصده الله تعالى.

              

1- شحرور، الكتاب والقرآن، ص194.

2 سورة الواقعة، الاية75.

3 محمد فاروق الخالدي، المرجع السابق، ص294.

4 الموقع الرسمي للقرضاوي، مرجع سابق.

5 المرجع نفسه.

6 سورة القدر، الآية 05.

7 شحرور، الكتاب والقرآن، ص194.

8- القرضاوي، المرجع السابق.

9- شحرور، الكتاب القرآن، ص195