الولايات غير المتحدة اللبنانية

الولايات غير المتحدة اللبنانية

جاء في الوقت المناسب ليُريح الفكر والعقل والبال

حسن الجمالي

[email protected]

عملية التقويم لأي عمل أدبي أو علمي أو سياسي أو تقني في أي من أشكاله، سواء تعلق الأمر بكتاب أو دراسة أو بحث أو عمل فكري، ليست عملية انتقاد لأفكار مؤلِّفه، ولا تعقباً لمواضع النقص ومواطن الزلل، بقدر ما هو وضع للعمل على سكة المناقشة بغرض الكشف عن مضمون أفكاره، وإجلاء الغموض عنها، لإعطاء العمل صورته الحقيقية. ولابد من الاعتراف أولاً أن كتاب " الولايات غير المتحدة اللبنانية " للباحث شادي خليل أبو عيسى قد ابتعد عن دائرة خطر الانتقاد في محتواه، لأن المؤلِّف قد ابتعد به عنها، بالنظر إلى دقة الطرح واتزان المنطق، بالإضافة إلى وضوح الأفكار، وتقديمه إلى القارئ على قاعدة سلسة مرتكزة على أفكار سهلة، رغم أن الكتاب يقترب إلى التحقيق التاريخي والاجتماعي، ومحاولة من الكاتب لتأصيل أفكار وفصوله، فالكتاب يعتبر دراسة تاريخية سياسية إبداعية جادة ورائدة.

وأول نجاح حققه الكاتب – والكتاب- قبل قياس رواجه هو أنه جاء فى الوقت     " المناسب "، ففيه دراسات ومواضيع هامة عن لبنان والمنطقة بأسلوب مريح ومفيد. والمؤلَّف، صدر باللغة العربية في بيروت عند دار شركة المطبوعات للنشر.

يرتكز الكتاب على دراسات ميدانية ومنطقية تقوم بدراسة تطور الفكر السياسي والاجتماعي وتأثير النزاعات الفكرية والعقائدية على تتطور وتقدم المجتمع. ويوضح المؤلِّف شادي خليل أبو عيسى أهمية الدراسات الميدانية المنتظمة الجماعية للمناطق البعيدة عن المركز وذلك للتوصل الى فهم أفضل لحركة المجتمع، قبل التورط والسقوط فى مستنقع الحركات السياسية!.. كما ارتكز الكاتب شادي خليل أبو عيسى على منهجية دقيقة في التعامل مع هذا الكتاب، وتقديمه إلى جمهور القراء، معتمداً على جملة من الرؤى المنهجية والتقنية، مما يساعده على التعامل الدقيق مع محتويات الكتاب ومفاهيمه المتشعبة.

يعتبر كتاب " الولايات غير المتحدة اللبنانية، موسوعة في السياسة والتاريخ والاجتماع، ودائرة معارف مصغرة للوثائق والدراسات والمقالات، وبنك معلومات يقرّب فيه المؤلِّف إلى ذهن القارئ عدداً من المفاهيم، كالعروبة، والنزاعات العقائدية والمذهبية وهواجس الشباب وأطماع اسرائيل ورسالة زعيم الحركة الصهيونية العالمية إلى رئيس وزراء بريطانيا عام 1919 وأبرز بنود مشروع اتفاق فيصل- كليمنصو، ومسودة مشروع المحكمة ذات الطابع الدولي واتفاق الدوحة والمراجعة التاريخية وغيرها. وفي الكتاب يجد القارئ نفسه أمام ملفات جديدة، كملف التعايش الديني والفكري ودور العروبة مفهومها ومضمونها وتاريخها...ولابد للقارئ عند تناوله لكتاب مثل " الولايات غير المتحدة اللبنانية " من أن يضع يديه على جملة من الأفكار والرؤى وحتى المعتقدات الشخصية، التي قد تشكل في مجموعها ما يمكن تسميته بالقيمة الفكرية للكتاب المفيد للوطن العربي والمجتمع الغربي.

نعم، لقد جاء هذا الكتاب في الوقت المناسب ليُريح الفكر والعقل والبال العربي.