السياط
وليد صابر شرشير/مصر
فقرات من الضحالة الفكرية(بحث في الاتباع الضحاليّ عند الادونيس)-وليد صابر شرشير(مجمع الأصالة)
"يمكن القول من ضمن نظرة العرب إلى الإحداث والمحدث ،ومن ضمن الشروط الاقتصادية-الاجتماعية الخاصة،أن الحداثة في المجتمع العربي بدات كموقف يتمثل الماضي ويفسره بمقتضى الحاضر،ويعنى ذلك أن الحداثة بدات ،سياسياً ،بتأسيس الدولة الأموية،وبدات فكريّاً ،بحركة التأويل.فقد كانت الدولة الأمويّة نقطة الاصطدام بين الدين (العربيّ) والثقافة غير العربية:الآرامية –السريانية(الشرقية)من جهة،والبيزنطية_الرومية من جهة ثانية.
وفي هذا الاصطدام واجه الدين العربيّ،سياسياً ومدنياً،الأسئلة الملحة الاولى التي تتصل بالتمدين أو بالحضارة،وكان على ممثليه أن يفسّروا الوقائع الجديدة بتأويل القديم تأويلاً ملائماً."
يطالعنا كاتب تلك الكلمات واسمه كما يظهر من الغلاف"ادونيس"ولا أعلم لماذا اختار هذا الاسم دون غيره؟؟ولا أدري إن كان هذا الاسم بالذات مرتبط بهذا الكتاب أم لا؟!ولا أعرف(ولا يمكنني أن أعرف!)كيف اصبح ادونيساً بدلاً من أشياء عديدة كان ممكناً أن يكونها..
المهم..المقتطف السابق من كتاب له يسمى"المتحول والثابت أو العكس!!"وفي الجزء الثالث -أو العاشر-يبرز عنوان (صدمة الحداثة)طبعة 1978عن دار العودة ببيروت،وهى طبعة أولى(أو عاشرة)..
في الكلام السابق اندفاع لطيف من هذا الكاتب في تطبيق التعاليم الغربية على المفاهيم الخاصة لنا،ومن الواضح أنه لا يمكنه فهم الأحداث بشكلٍ أفضل!ولا سيما ونحن نعذره فقد يكون عام1978كان شديد الحرارة،مشوش الرؤية..ولا حول ولا قوة إلا بالله العليّ العظيم،ثم كيف يكون اندفاعاً وهو يتكلم كأنه يعلم!!ويطبق ما يزعم بدقة دون أن يستطرد-لا سمح الله-بل إنه ليغزو الكلم ويؤرّخه تأريخاً،فهو بهذا العمل رأس الحداثيين!!،ايها القوم أشهدكم أني أمسكت بنابغة كثر الكلام حوله؛إنه متنبي هذا العصر..بل أجزم أنه القائل:
أنام ملء عيوني عن شواردها وأُظلم العقل إنّ العقل مظطلمُ
أطبّق العهن تقليداً فأنسجه فيصدق القول في الدنيا:هو القَزَمُ!
**
وبعدُ فهل هذا المتنبي زعماً قد أرّخ وفهم؛أم أرجف بما لم يفهم؟!،يقول :إن الحداثة ابتداؤها في حركة التأويل!!،وأن بني أمية قد تم الإستحداث في عصرهم؛أي أنهم(بني أمية)هم أصل الحداثة،لماذا؟؟؛لأنهم أقاموا السياسة ثم الفكر،يا سلام على الكتابة عندما تكون مشوّشة،تجد متعةً حين تفهم ما لايريد الكاتب أن يوصّله؛وتلك قمة الحداثة!!!..اللهمّ الطف..
يا عمنا ..لو كان التفكير بهذا الحد،فيقع كلامك كله ونصححه تصحيحاً مريحاً فصيحاً(أو ما شئت على النسق السابق فاكتبه كتابةً)؛فالحداثة بهذا المعنى يجب أن تؤرّخ بهذا الأسلوب،وتبقى أصالة ورفعة وليست مجوناً فكرياً أو تقليداً غربيّاً،فقد تم نقل المجتمع العربيّ نقلة نوعية،ورؤىً تقنية وذوقية مبهرة سامية تتسم بالسمو الخلاق،تلك كانت في بدء ظهور الإسلام،بل ومع نزول الوحي ..ولكن في نفسك شئ،وهو ما أوقعك في التباس واحتباس(وأكان هذا العام1978 على هذا السوء من الحر والضباب والتشوّش؟؟!)..
ويمكن تلخيص وجهة نظر هذا الكاتب في التالي:
أن الحداثة عنده يجب أن تكون اصطداماً (أو أخذاً!)بين الشرق والغرب،وليس بين الغرب والشرق!!؛بمعنى أن الغرب الفاقد الذي كان في فوضى فكرية وعقائدية بل وسياسية كان بنو أمية يصطدمون به ؛ليأخذوا..(بحجم ما أقرأ لمثل هؤلاء الكتاب أجد أن الهوية والإنتماء في ضميرهم محواً والإنتماء للغرب وتعظيمه وتعظيم تماثيله!)..
بل ويعطيك السم وهو تمثيل الماضي في الحاضر،أي أن الحداثة تمثيل الماضي في الحاضر وهو تناقض لم يحسب له الكاتب حساباً،بل يحسب مثل هؤلاء الكتاب (لو تجوزنا في وصفهم بالكتاب وليس بالنقلة )أن العرب لا يفهمون وهكذا فمضامين الكتابة عندهم تنحو دوماً نحواً مغلقاً مضطرباً فيه شتى التأويلات وهو نوع من السفسطة اللفظية وحسب؛وأما ضمير الكاتب فلا يتمثل الحاضر بقدر ما يحاول التقريب..ولقد انبتّ الحداثيون شاءوا أم لا ،ولقد أقاموا مدى هشاشتهم من النقل عن الغرب تخريباً وتقليلاً وانمحاءً..
الحداثة يحاول الكاتب تبيين أنها تمثيل الماضي في الحاضر،فهل طبّق هو هذا المعنى؟!بل ماذا يمكننا أن نفهم ما يريد لو ان الحداثة هى تمثيل الماضي في الحاضر؟!..أيريد أن الدولة الأموية تقيم الماضي(القديم)في الحاضر(الحديث)؟فهذا هو العادي لا حداثة ولا ...
وما سبق يناقض ما يبغي من هشاشة تطبيقية!؛فهو يريد أن الحاضر هو اتباع للماضي(من وجهة نظر عربية)؛أي يريد ان هذا فهم العرب للحداثة وعلى هذا مضوا،نعم فيجب أن تكون الحداثة(من وجهة نظر المتغرّب) تكسيراً(في قوله في الفقرة الثانية:
هكذا يمكن القول أنّ التعارض في المجتمع العربيّ القديم والمحدث يرقى ،على الصعيد السياسي-الاجتماعي،إلى القرن السابع الميلادي.
وكانت الخلافة ،في مستواها الديني- السياسي،على الأخص،الحقل المباشر الأول لهذا التعارض،فالمعنى التقليدي،أي الأصلي،للخلافة،هو أن يتبع الخلف السلف ،في فكره وعمله.فالخلافة استمرار للأصل يزيد في تأصيله،وليست أي نوع من أنواع التغير او الخروج .فالأساس فيها الاتباع لا الإجتهاد أو الإبداع.وإذا كان ثمة اجتهاد أو إبداع فلكي يؤكد ثبات الأصل واطلاقه،وليس لكي يزيد عليه شيئاً يشكك في أصليته أو يؤدي إلى تجاوزه."
فالإبداع يجب ألا يكون تثبيتاً لدعائم الأصل بل تشكيكاً(وهو يقلد طه حسين الذي قلد مرجليوث وديكارت !!!)أو تجاوزه..وهنا أصبح الكاتب جيد التنسيق إلى حدٍّ ما ؛نعم إن الحداثيين –وهذا حق ومعلوم- قد خربوا الذوق وشوهوا الأصل وجعلوا النور ظلاماً والحجة سفسطة وملئوا الجو قتاما..
أرأيتم إنه الآن أبان عما في نفسه ؛أي أصبح منبتّاً عن الصلة بالفهم العربيّ لمعنى التحديث،وعلى هذا الأساس يكون (المسيو!)كاتباً بلغة الغرب لكن بأحرفٍ عربيّة..ويريد هذا الادونيس(الذي ينفلت!)أن يبين لنا في أول فقرتين من الكتاب الثالث لدراسته المتميزة نقلاً وتعريباً وتركيباً وادّعاءً..
واخيراً في الفقرتين المقتطفتين من أول الكتاب..ماذا نفهم من تغريب وانبتات ادونيس؟؟نعم:نفهم أن الحداثة بدأت بالدولة الأموية وهو بتمثيل الماضي في الحاضر –وهذا اتباع وليس إبداعاً!!إذ الإبداع من وجهة نظر ادونيس يكون في التشكيك وهدم الأصل وليس بتثبيته وتوشيجه وزيادته من الذات وليس من الخارج وتقليده التقليد الأعمى،وتقزيم النفس والحس ليتصف الإنسان بأنه ادونيساً في مقتبل العمر حين يهرف نقلاً أو ينقل تهريفاً..وأصبح الثابت والمتحول بجزئه الثالث ومن أول فقرتين معلوم الدلالة وكاشف لضمير هذا الادونيس المتحرك طولاً عرضاً أرضاً أرضاً..
ونرى ويلزم أن نرى جيداً تكرار هذا الادونيس ل"الدين العربي"..وكأن الدين للعرب وحدهم!..وهو فهمٌ خاطئ يتضح من خلاله مدى التدهور الفكريّ،والتقزيم المعرفيّ لهذا الادونيس،ومدى الضحالة والعنجهية اللفظية،والتقليد المحوريّ الدوار للغرب،وأيضاً نلحظ في كتابته في الفقرتين مدى الاضطراب الفكريّ والكتابيّ ويلحظ ذلك في كثرة الفواصل بين الكلام في الجملة الواحدة..والتكرار وتكرار الخطأ في الفهم التاريخيّ والذوقيّ،وعدم معرفة الحقيقة التاريخية إلا على وجهٍ فضفاض فارغ ليقال أنه متبحر وما هو إلا ضحلٍ في غباء السمعة وجد،وأسلوبه أسلوب استشراقيّ فج لا يحمل ميسم العلم إلا بمنهج القشور دون اللباب،وإذا أردنا إنصافاً له قلنا لا تدخل عرين الأسود برأس تيس!!!
وإلى الفقرة الثالثة وما أدراك ما الفقرة الثالثة!!!