محمد الفضالي

كاتب ومبدع جديد

د. أحمد الخميسي. كاتب مصري

[email protected]

لم ينشر محمد الفضالي الكاتب الشاب حرفا واحدا مما كتب بعد . ربما لأنه يعيش في الإسكندرية بعيدا عن دوائر النشر ، أو لأنه لا يتعجل النشر مقدرا أن عليه أن يسيطر على أدواته الأدبية . يكتب الفضالي ما يسمى بالقصة القصيرة جدا ، وكان من أشهر نماذجها قصة الكاتب الجواتيمالي أوجستو مونتروسو التي لم تزد عن نصف سطر : " حين استيقظت كان الديناصور مايزال هناك ". ولا أريد أن أحول المقال إلي بحث في ماهية ذلك النوع السردي ، وجذوره ، أريد فقط أن أقول إن معظم تلك القصص تسجل عندي شخصيا فشلا فنيا واضحا ، ذلك أن صفتها الأساسية وهي التكثيف الشديد يحيل الشخصية الإنسانية فيها ، وحتى الموضوع إلي طيف بارد ، فلا يتبقى من العمل سوى ومضة ذهنية تعتمد في الأغلب على مفارقة صارخة . لكن هناك حالات نادرة ينجح فيها هذا الشكل المكثف في غزو القلب والعقل كأي قصة ، منها بالطبع ما كتبه من قبل وما يكتبه الرائع محمد المخزنجي . وأعتقد أن ما يكتبه الكاتب الشاب محمد الفضالي في هذا المجال يستحق الانتباه والدعم . أكتفي هنا بإفساح المجال لبعض قصص الفضالي ، المكثفة ، التي لم تر النور لأنني أعلم أنه لن يتمكن بسهولة من نشرها ، لعل أبواب الدوائر الأدبية أن تنفتح له . وسأبدأ بقصته المسماة  : - " معضلة " – " لم تجلس الان منكس الرأس ؟ ألم تشك دائما من صعوبة  الحال وكثرة المصاريف ؟ ألم تلعن حظك الذى جعلك خفيرا ليليا  على مخازن لدي الشركات الحكوميه ؟ وعندما مرض إبنك عبد الفتاح وبحثت عن أى مصدر إضافى للدخل ألم تكن أنت من استمع الى رمضان أمين المخازن عندما أخبرك عن وجود طريقه سهله ومضمونه لكسب النقود؟ . ألم تعالج إبنك في النهاية ؟؟ " . القصة الثانية بعنوان : " اهتمامات " وهي كالتالي : " تعارفا صدفة فى الأيام الأولى للجامعة , وقبيل انتهاء السنه الأولى كانا قد وصلا إلى درجة العشق .كان شعور كل منهما أن الآخر متمم له يكفيهما . لم يحاول أحدهما تغيير شئ فى الآخر . فى السنه الثالثه اتفقا على عدم اكتمال شخصيتهما الموحدة ولذلك فضا التحامهما فى انسيابية . كان يفضل الشعر على النثر بعكسها ،  فبدأ فى الاهتمام بالنثر للإحتفاظ بذكراها . وكانت تحب الآيس كريم بالفراوله بينما كان يفضله بالشيكولاته ، فبدأت فى المزج بينهما للإبقاء عليه معها .كان يستمع لفيروز وأحبت هى أم كلثوم , فكان يستمع لفيروز فى الصباح وأم كلثوم فى المساء ليشعر بإنسانيته ، وكانت تحب الغروب وكان يفضل الشروق عليه ، فكانت تشاهدهما كلما استطاعت. وبعد السنه الرابعة تركت هى الاهتمام بالشعر، وترك هو المزج بين الفراولة والشيكولاته , ولم تعد تستمع لفيروز إلا لماماً ، ولم يعد يحاول مشاهدة الشروق أو الغروب . "الآن إلي القصة الثالثة والأخيرة للفضالي بعنوان " آدم " : " أقف أمامها مأخوذا ، أتفحص تضاريسها بكل دقه . إن كانت نموذجا لما أخرج آدم من الجنة فنعم ما فعل . ألتف حولها غير مصدق لما أراه ، قوى الطبيعه كلها تتجسد أمامى بإستكانة  تامه،ولكن بشموخ واعتزاز وادراك للمقدره والامكانيات . أقترب منها بوجهى لأتحسس رائحتها وملمسها ، جل ما استطعته حتى الآن تعريتها مما كان يسترها لكنى لم أتجاوز ذلك ، لم أجرؤ على لمسها بيدى حتى الآن ولم تحاول هى فعل أي شئ.. ماذا يمكنها أن تفعل أصلاً؟! أخلع ملابسي دون ان أحول نظرى عنها ، لا يجب أن تفوتنى أية تفاصيل .  يسقط من جيب السروال جنيهان فضيان هما كل ما تبقى لى بعد ما أنفقته على اصطحابها إلى منزلى . أتجاهل سقوطهما تماما وأنا اتأمل الانحناءات اللامعه فى ذلك الجسد المشع ، يجب ألا أنتهى منها بسرعه يجب أن أستمر أطول وقت ممكن أستطيع خلاله ان اشعر بكل ما أتمنى ، أريد أن أحس بآدميتى ، وشهوانيتى ، وتوحشى ، ربما يجب أن أبقيها معى ليوم آخر فقد ناضلت من أجل شرائها " . وصلتني قصص محمد الفضالي على الإيميل ، لكنني لم ألتق به ، وما أريده بنشر هذه القصص وما أتمناه أن أن يواصل محمد الفضالي  الكتابة ، والإبداع ، وأن يعكف على أدواته ، لأن قصصه القصيرة جدا تحمل كل عناصر الكتابة الحقيقية.