الـ "ميتا رواية" (1)

د. عبد الله الخطيب

الـ "ميتا رواية" (1)

في "العشق والموت في الزمن الحراشي" للروائي الطاهر وطار

د. عبد الله الخطيب

[email protected]

تعني هذه التقنية، تدخل الراوي خلال مجريات السرد مخاطبا القارئ مباشرة، أو محيلا إياه على صفحات سابقة من نصه الروائي، أو محاورا إحدى شخصيات روايته. ([2]) وقد غدت هذه التقنية من ملامح " ما بعد الحداثة " في الممارسة الروائية، بعد أن أعيد اكتشافها.

فوطار في " العشق والموت " يحاور " جميلة " إحدى شخصيات روايته، التي تطلق عليه " برهما "، فأحيانا تحاور نفسها وتشهد لوطار بأنه كان مبدعا في روايته " اللاز " وأحيانا أخرى، تختلف معه أو تؤيده في موقف اتخذه في " اللاز " أو حدثا اختطه في الرواية.

" اللاز المسكين مريض. مليون جميلة لا تستطيع إيقاظ مشاعر اللاز. وسيظل الطاهر وطار يعاني عقدة الشعور بالذنب ما لم يستيقظ اللاز.

ضحكت لهذه الخاطرة. حضر المؤلف في ذهنا بالصورة التي رسمتها له " برهما " الذي شطر جسمه. وجعل شطرا في صورة رجل. وشطرا في صورة امرأة. وخلق من تزاوجهما رجلا عظيما "

(العشق والموت / ص 22)

" إذا ما ابتسم اللاز فسيكون أروع طفل على الإطلاق، رغم سنه. حتى بلا ابتسامة. هكذا بهذه البراءة. يبدو شابا يافعا. انه اصغر مما حدثنا عنه المؤلف. لا شك أن الزمن متوقف بالنسبة إلى اللاز.

سامحني يا اللاز. سامحني فقد حاولت أن أتحداك البارحة أمام الحافلة.

أي مؤلف تتحدثين عنه يا جميلة.

اه. برهما الملتحي. وتبسمت "

(العشق والموت / ص 27)

(ينظر إلى الحوار الممل من ص 18 – 31)

ويقحم وطار أنفه في المتخيل السردي، بما يعكس رتابة السرد، و يؤدي إلى بناء مرتبك بشكل ملحوظ، يذكر بملاحظة الباحث الإنجليزي " ديزموند ما كارثي " التي تقول " إن الغلطة الفنية التي لا تغتفر لدى الروائي، هي فشله في المحافظة على اتساق الجرس " ([3])

" برهما يستحيل أن تمحى آثاره. لقد حارب الرجعية من داخلها، وبلغتها، وهذا ما يثير حقدها أكثر.

نحن كلنا زبد نذهب في الهواء. أما هو فهو الماء..."

(العشق والموت / ص 43)

" برهما قال:

لكل عصر لاز. لكل عصر جميلة.

الثورة التي تتوقف على لاز معين أو على جميلة معينة، هي ثورة جامدة، تدور في الفراغ.

وقال: من حسن حظي أن أتعرف على رفيقة تحمل اسم جميلة.

لماذا؟

سألته، فأجاب:

لتكتمل لدي الصورة.

صمت قليلا، ثم أضاف:..... "

(العشق والموت / ص 78 – 79)

ويستمر تدخل " وطار " في السرد إلى الفقرة الأخيرة في الرواية – بل الخاتمة

" جميلة لأنها تأكدت من برهما أن اللاز هو الشعب. وأن الشعب هو المستقبل. و أن الإيمان بالمستقبل، هو سلاح كل مناضل ومناضلة.

ولقد همس في أذنها عيسى بوعين " عندما ينام برهما، ينام العالم كله، وتقوم الدنيا ما دام برهما مستيقظا "

(العشق والموت / ص 219)

وإذا كان من حق الروائي أن يتدخل في نصه كيفما شاء، أو يلقيه بأدواته في الحقل الذي يشاء، فمن حق المتلقي " بوصفه طرفا في علاقة قائمة حكما، مهما قيل فيها، في مثلث (المبدع، الإبداع، التلقي) أن يقول قوله في ناتج التجربة التي يقرأ " ([4]) و أن يبدي الحكم الذي تبدى له من خلال فعل القراءة، ما دام أنه يرتكز على أطر نقدية واضحة.

              

([1]) ويذكر أن " الميتارواية " تعني أيضا الرواية حول الرواية.

([2]) ينظر جيريمي هاوثورن، مدخل إلى دراسة الرواية، ترجمة، نايف الياسين، مؤسسة النوري، دمشق، ط. 1، ( 1998 م ). ص 57، وينظر جهاد نعيسة، مشكلات النص الروائي العربي، ص 71.

([3]) هذه المقولة نقلتها كما هي من كتاب " نظرية الأدب " لرينيه وارين، ص 278.

([4]) جهاد نعيسة، مشكلات النص الروائي العربي، ص 74.