فلسفة التربية الإسلامية
فلسفة التربية الإسلامية
دراسة مقارنة بالفلسفات التربوية المعاصرة
د. ماجد عرسان الكيلاني
خولة علي حسن صالح
المؤلف: الاستاذ الدكتور ماجد عرسان الكيلاني
الناشر: دار الفتح للدراسات والنشر (2008) (597ص)
مقدمــة:
يمثل كتاب د. ماجد الكيلاني فلسفة التربية الإسلامية دراسة مقارنة بالفلسفات التربوية المعاصرة.
عملاً اجتهادياً وتأصيلياً جريئاً يعيد تأسيس فلسفة التربية الإسلامية وفق نظرية قوية تستجيب لمقتضيات الواقع الحديث.
فقد تخلى المؤلف في هذا الكتاب كما في غيره من مؤلفاته عن التحفظات والتحوطات التي اتبعتها أكثر الكتب في هذا الموضوع، فأدى بهم إلى النظرة الجزيئة، والنزعة الاتباعية، والالتزام بما لا يلزم من تقديس الغرب وفلسفتهم، ونظرتهم العامة لفلسفة التربية، تلك النظرة التي لا تستند إلى وحي ولا كانت من معارفه بل هي نظرة مغتربة عن واقع فلسفتنا الإسلامية.
وإنما أطلقت صفة الجرئة على الكتاب لأن مؤلفه أخرج نظرية تربوية إسلامية بعد أن قام بالابحار في المحيطات المستقبلية والوقوف على شواطئها ومراسيها متحدياً الأعاصير والعواصف التي تواجهه، ليجد المحارة التي احتوت على جوهرة فلسفة التربية الإسلامية.
والتي تتكون من أربعة أقسام تتكامل بصياغة نموذج الإنسان الُمراد إخراجه، وهذه الأقسام هي:
1. نطرية الوجود: تحدد علاقة الإنسان المتعلم ب(الخالق، الكون، الإنسان، الحياة، والآخرة).
2. نظرية المعرفة: تمدُّ الإنسان المتعلم بالمنهج الذي يقوده إلى معرفة الحقائق والخبرات المتعلقة بالمكونات التي تقوم العلاقة بينه وبينها.
3. نظرية القيم: تمدُّ الإنسان المتعلم بالمقاييس والمعايير التي يميز بها بين الحق والباطل، والصواب والخطأ، والحسن والقبيح.
4. طبيعة الإنسان: تساعد معرفتها على إمداد العملية التربوية؛ بتكوين الإنسان النفسي والحسي والعقلي، بالسنن والقواعد التي توجه هذا التكوين التي تنتهي ب(بقاء النوع البشري ورقيه).
أهمية الكتاب:
يُمثلّ كتاب فلسفة التربية الإسلامية المنقذ للغريق، فالغريق هو الحاضر بأجياله ومؤسساته الذي يحاول عبور المستقبل بدون بصائر لمحيطاته ومراسيه، متخبطاً بنظريات ظنية مضطربة عن المنشأ والحياة والمصير، متوهماً صوابية الفلسفات التربوية الحديثة فيما تطرحه عن "الحقيقة" "القيم" "مناهج المعرفة" "علاقات الإنسان بالخالق والكون والإنسان والحياة والمصير".
مستندتاً على القواعد التي استخلصتها المثالية المسيحية والواقعية المادية، والبرجماتية النفعية.
وإنطلاقاً من هذا التخبط الفكري الذي أفرزته الفلسفة الوضعية، وخروجاً من هذه الأزمة التربوية تأتي هذه النظرية لتعلن انفكاكها عن هذا الاضطراب، وانفصالها عن هذا المسار المعاكس، لتقلع في المسار الصحيح بحيث يتكامل هذا المسار مع منهج الرسل الذين يبلورون مقاصد الحياة وغاياتها، وبذلك يتكامل الإيمان والعلم في العمل على "بقاء النوع البشري ورقيه".
منهج المؤلف:
منهج المؤلف من وجهة نظر الباحثة -إضافة إلى ما ذكره الدكتور في صفحة 85من كتاب الفلسفة -منهج تجاوزي، بمعنى أنه يتجاوز شكل التجربة الاتباعية التقليدية، ليقف على جوهر تفاصيل فلسفة التربية الإسلامية، ويستصحب ما يتناسب مع هذه النظرية من أدلة تثبت صحتها مع ما يتناسب مع المجتمع المعاصر المراد تنزيل تلك النظرية عليه.
ومن هنا جاء نقد المؤلف لمفهوم فلسفة التربية في الدرسات الغربية والعالمية المعاصرة، فهي وإن كانت مرجعية عند غيره؛ إلا أن كثرة الاعتماد عليها عند المفكرين العرب والمسلمين جعلت منها صنماً متبعاً فكان لابدّ من تحطيمه حتى يستطيع الإنسان المعاصر فك قيود صنميته لها والخروج من أزمته الراهنة.
كما وتصف الباحثة منهج المؤلف بأنه منهج تأصيلي لاعتماده على تأصيل هذه النظرية بما يثبت ما جاء به بالقرآن الكريم وبما صح من السنة النبوية، بدلاً من الركون إلى النصوص المنفردة والأحداث المعزولة.
فكان المؤلف يدعو إلى تأسيس نظرية جديدة، خاصة بالحقل الفلسفي تتضافر في إخراجها الآيات والأحاديث النبوية عبر عملية استقراء شامل تؤدي إلى اثبات القواعد والأسس التي تقوم عليها هذه النظرية.
الباب الأول:
قّدم المؤلف في هذا الباب آراءه المستفيضة حول أهمية البحث في فلسفة التربية الإسلامية، ثم استعرض أسباب هذه الأهمية، وهي:
أولاً: مكانة فلسفة التربية في العملية التربوية كلها.
ثانياً: اضطراب مفهوم فلسفة التربية في الدراسات الغربية والعالمية المعاصرة.
ثالثاً: التطلع إلى فلسفة تربوية جديدة تساعد الإنسان على الخروج من أزمته الراهنة.
رابعاً: حاجة النظم والدراسات التربوية القائمة في العالم العربي والإسلامي إلى فلسفة تربوية إسلامية محددة.
فهذه الفلسفة تنبثق من أصول تربوية تمثل حاجات كل جيل والتحديات التي تواجهه في ميادين العقيدة والاجتماع والاقتصاد والعلم والتربية والتاريخ وغيرها من ميادين الحياة المختلفة.
الباب الثاني: نظرية الوجود
في هذا الباب يجد طلاب العلم مادة غنية مقارنة مشفوعة بتحليل عميق واستنتاج ناجز، لا سيمّا في نموذج العلاقات بين الإنسان والخالق والكون والإنسان والحياة والآخرة في فلسفة التربية الإسلامية.
ومن أهم الأفكار التي أراد المؤلف ترسيخها في العقول أن علاقة العبودية هي محور هذه العلاقات، فإذا ضعفت انعكس هذا الضعف على بقية العلاقات وأصبحت شعارات بدون مضمون، فقيام العلاقات على علاقة العبودية يوجد نزعة التآلف والتكامل والاستقامة والرقي والانسجام والبناء، ويقضي على نزعات العصبية والصنمية والصراع والاغتراب.
في هذا العصر أفرز غياب هذه العلاقة تفجيرات وانقسامات وشرذمات عديدة في جسم الأمة، بل وبين الجماعات الإسلامية، وأدى إلى استخدام سلاح المصلحة والمنفعة والانتاج والاستهلاك كغايات تحكم علاقات الإنسان، مما يكشف عن أهمية إيجاد نظرية تكشف وتبلور هذه العلاقات وتوجهها نحو العبودية _الغاية من الخلق_ ويتطلب هذا تضافر المؤسسات وتطوير آلياتها وصياغة آدابها وضوابطها ضمن هذا الاتجاه.
وفي هذا الباب فضّل المؤلف استخدام:
مصطلح العبودية للدلالة على علاقة الإنسان بالخالق.
مصطلح التسخير للدلالة على علاقة الإنسان بالكون.
مصطلح القسط للدلالة على علاقة الإنسان بالإنسان.
مصطلح الابتلاء للدلالة على علاقة الإنسان بالحياة.
مصطلح المسؤولية والجزاء للدلالة على علاقة الإنسان بالآخرة.
وقد فصّل المؤلف في كل منها تفصيلاً يضع القارئ في موضع يرى نفسه وما هي عليه سلوكياته، فيرى مرضه ويجد له العلاج.
يرى سلوكه حاضراً في هذه الحروف والكلمات، ويرى الأسئلة التي أحب أن يجد لها جواباً فيجد الجواب ويجد تصحيح السلوك.
ملاحظات الباحثة على هذا الباب:
· إن العنوان الرئيسي لهذا الباب هو " نظرية الوجود" لو جاز لي الاقتراح على المؤلف لاقترحت عليه عنوان "دراسة تأصيلية في نظرية الوجود" أو "تأصيل نظرية الوجود" اعتقد أنه أكثر دقة في التعبير عن مضمون الباب.
· اتسم هذا الباب بالشمول والاحاطة بما كان، إذ أنه تناول بالتحليل قضايا رئيسية في تحديد علاقة الإنسان بالوجود، وقد ساق المؤلف تلك القضايا والتحليلات مساقاً منضبطاً، وذلك على خلاف الأسلوب الذي يكتب به العلماء عادة في هذا المجال، حيث تخشى المؤلفات عادة بكثير من المقتطفات والإحالات المرجعية غير المهمة.
أما الذي أعان المؤلف على تجنب ذلك وضوح الرؤية لديه في إرساء نظرية عامة للدولة الإسلامية.
· صيغت مصطلحات الكتاب على مستوى عال من الضخامة ذات الجرس المعاصر، ووجدت التشبيهات القوية والتي تدل على بلاغة المؤلف وقوته البلاغية.
· يرهن المؤلف عن اطلاع ملحوظ وواسع على الكتابات في الفلسفة وعلى تراث الفلسفة الإسلامي.
· إحالات المؤلف القارئ إلى مراجع للإستزادة تدل على أمانة المؤلف في الاقتباس وحرصه الشديد على إفادة القارئ في بناء نظرية تشكّل نسقاً تكاملياً ترتبط فيه كل علاقة من علاقات الإنسان ارتباطاً عضوياً بالعلاقة الأم وهي علاقة العبودية.
الباب الثالث: نظرية المعرفة في التربية الإسلامية
أما عندما ناقش المؤلف هذه نظرية المعرفة وعلاقتها بالتربية الإسلامية فإنه وطأ لتنظيره بتحليل وتأصيل قرآني ولغوي عميق، فمن التحليل استنتج المؤلف أن الأطار العام الذي يحدد هذه النظرية هي الآيات الأولى التي تنزلت في غار حراء "سورة العلق". {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ }
فقد اشتملت هذه السورة على (معنى المعرفة) وأهميتها وأهدافها ومكوناتها وميادينها وثمراتها.
ومن تحليله اللغوي لنصوص الوحي يرى المؤلف أن القرآن أطلق على المعرفة اسم "القراءة" أي قراءة الإنسان حقائق الوجود وشهودها والتعرف عليها.
وليس بالمعنى الذي تشعه الكلمة الآن من قراءة للحروف والكلمات والمعارف المدونة للكتب.
ويلاحظ المؤلف على هذه النظرية سكونيتها ورقيّ غايتها التي بلورها المؤلف في معرفة الله وشكره.
ثم عرض المؤلف عرضاً مفصلاً في بيان مصادر المعرفة وأدواتها، وبلورة العلاقة التكاملية بين هذه الأدوات.
ملاحظات الباحثة على هذا الباب:
اتسم هذا الباب بالإحاطة والشمول بتفاصيل هذه النظرية والتدرج في إعطاء المعلومة واثباتها.
اتسمت الألفاظ كما في باقي الكتاب بالحداثة والمعاصرة ووضوح الرؤية عند المؤلف لما يريد أن يوصله إلى القارئ كللت الكتاب من أوله إلى آخره.
** اقترح على المؤلف أن يكون عنوان الباب دراسة تحليلة في نظرية المعرفة.
الباب الرابع: التصنيف الإسلامي للقيم
إن استعمال مصطلح القيم فيه مرونة كبيرة لدرجة أن المرء يجد نفسه أمام تعريفات عديدة لها، فقد اختلف أصحاب العلوم والتخصصات في تعريفاتهم وكل باحث ينظر للقيم حسب تخصصه.
فالمؤلف افتتح هذا الجانب من كتابه دون أن يبين للقارئ ما هو التعريف الذي يراه ملائماً للقيمة في الإسلام.
وأشعر القارئ بأن للقيم نظم بقوله "نظم القيم" وأنها ليست نظاماً واحداً، فالقيم الإسلامية نظام ثابت يمكن لنا ملاحظة معالمه وأطره من مصدر ثابت هو القرآن والسنة النبوية.
قدّم المؤلف في هذا الباب تصنيفاً للقيم إلى ثلاث مجموعات هي:
قيم التقوى
قيم الكفر
قيم النفاق
مستنداً في هذا التقسيم إلى كتاب الله عزّ وجلّ من ذلك تستنتج الباحثة ما يلي:
1. أن القيم في الإسلام تفررها إرادة الله فهي حقائق لا تخضع للبيئة ولا تتغير.
2. مصدرها الله سبحانه إذاً هي مطلقة ومنسجمة.
3. إن القيمة تتضمن عنصرين لتصبح قيمة، وهما:
أ. العمل الموافق للشرع.
ب. القصد ويكون خالصاً لله.
* يقرر المؤلف في تعريف قيم التقوى أن الاتفاق مع السنن الالهية يعبر عنه مصطلح "الحلال" والاصطدام معها يعبر عنه مصطلح " الحرام" ومن هذا القول تستنتج الباحثة ما يلي:
1. إن القيم هي الحكم التكليفي من حلال (ما أمر به الله) وحرام (ما نهى عنه الله) إذاً أوامر الله هي مقاييس تقاس بها الأشياء وهذه المقاييس تحدد ما يجب أن يكون وما لا يجب أن يكون.
قيم التقوى
انضوى تحت هذه القيمة ثلاث مكونات هي:
مكون ديني
مكون اجتماعي
مكون معرفي
تتكامل هذه المكونات لإقامة حياة الإنسان على القسط الذي هو غايته
من ذلك تستنتج الباحثة ما يلي:
1. أن قيمة التقوى هي قيمة ذرائعية للوصول لقيمة غائية هي القسط.
2. أن قيمة التقوى هي قيمة عينية أي فرض عين على كل مسلم.
3. أن قيمة التقوى تقابل في العقيدة التوحيد الذي هو غاية الوجود.
4. أن قيمة التوحيد تعدّ أساساً لعلاقات الإنسان مع خالقه ومع الكون ومع نفسه ومع غيره.
سلم قيم التقوى، ويتكون هذا السلم من:
1. مستوى قيم
2. مستوى قيم الإيمان
3. مستوى قيم الإحسان
وتندرج تحت هذا التقسيم سلوكيات وشبكة علاقات اجتماعية وإنسانية، ومن هذا التقسيم تستطيع الباحثة أن تلحظ الأمور التالية:
1. أن القيم لا تتعادل مع بعضها البعض ذلك أن لها درجات مختلفة من التأثير على الفعل.
2. أن هذه القيم سليمة أي تندرج من مستوى عالِ إلى مستوى أدنى.
3. أن هذا السلم هرمي مرتب حسب الأولويات.
4. أن العلاقة التي تربط بين مكونات السلم علاقة عمودية أو درجية.
1. النظرة الإجمالية لقيم التقوى وعدم التفصيل فيها من حيث تعريف القيمة لغةً واصطلاحاً لا تروي ظمأ القارئ، ولم توصل القارئ إلى ما هو تصور المؤلف لمعنى القيمة، فنحن نودّ أن يفصلّ المؤلف أكثر في شأن القيم لنعرف ما هي وجهة نظر التربية المعاصرة في القيم.
2. إن موضوع القيم موضوع كبير يحتاج إلى إفراد كتاب فيه نظراً لأهميته ولقلة المؤلفات فيه وخصوصاً من الناحية التربوية فما ذكر في هذا الكتاب له من الجودة ما له ولكنه بحاجة إلى المزيد في تعميق الأفكار.
3. لم يبين المؤلف الأدلة على مشروعية سلم القيم في الإسلام فهي تحتاج إلى مبحث يثريها والأدلة على ذلك كثيرة في القرآن والسنة وفي الفكر التربوي.
4. ترى الباحثة أن التقوى هي صفة للشخصية أكثر منها قيمة لو كان التقسيم بدل قيم التقوى القيم الحاكمة أو قيم القسط أو القيم الأساسية أو القيم الغائية وقيمة التقوى تندرج كقيمة ذرائعية لأنها وسيلة لغاية هي القسط.
* فالتقوى صفة للشخصية إذا تجسدت في الشخصية أصبحت قيمة، وهي بذلك لابدّ أن تندرج تحت درجة من السلم حيث تعلوها قيمة محروسة وهي القسط فالتقوى قيمة حارسة للقسط.
5. لو يفرد المؤلف كتاباً في القيم لأثرى به المكتبة التربوية بحكم خبرة المؤلف وسعة اطلاعه وجودة مصطلحاته وبلاغته فهو بهذا يقدم إضافة هامة للمكتبة التربوية العربية.
قيم الكفر
يعرّف المؤلف الكفر بأنه : "حالة نفسية تعتري الإنسان الكافر فتصرفه عن الحق عن قصد وعمد"، من خلال هذا التعريف تستنتج الباحثة ما يلي:
1. تأثير النيّة في القيم، فالنية الفاسدة تؤدي إلى فعل فاسد وتحول العبادة إلى معصية.
2. أن هناك قيم ايجابية هي (قيم التقوى)، و قيم سلبية هي (قيم الكفر)، ويدل على ما ذهب إليه المؤلف الكثير من الأدلة في القرآن الكريم.
3. أن القيم تقوم بتشكيل المعايير التي تحكم على الفعل بأنه صواب أو خطأ كما أنها مهمة في توجيه أفعال الفرد نحو مصالح نفسه ومصالح الجماعة ضمن أطر العلاقات التي حددها له الشارع.
ملاحظات الباحثة:
1. لماذا لا يُفرد كتاب للقيم والمؤلف أهل لذلك، يتحدث فيه عن أهمية القيم وأسس ترتيبها وكيفية استنباطها وكيفية صياغتها وبيان القيم الثابتة في الإسلام والقيم الدخيلة التي زرعت في المجتمع الإسلامي بحيث أصحبت جزء منه لا يمكن فصلها منه.
2. باعتقاد الباحثة وقد تكون مخطئة فإن التقوى والكفر والنفاق هي آثار للقيم، فإذا تجسدت في الشخصية تجسداً كاملاً أصبحت قيم محكومة بقيمة رئيسية هي قيمة العبودية أو التوحيد.
فإن التزام قيمة التوحيد ينتج التقوى، وعدم الالتزام ينتج إما نفاق أو كفر.
وإن جاز لي اقترح على المؤلف إضافة العناوين التالية لكتابه:
اقتراح عنواين لكتاب المؤلف المنتظر القيم الإسلامية دراسة مقارنة بالقيم التربوية المعاصرة
· تعريف القيمة لغةً واصطلاحاً: وبيان أهميتها التربوية.
· القيمة من منظور غير إسلامي،.
· القيمة من منظور فلسفي.
· منظومة القيم الإسلامية ومصادرها.
· الكشف عن العلاقات التي تربط بين القيم الإسلامية وعلاقتها بالواقع التربوي المعاصر.
· دور مؤسسات التربية الحديثة في غرس القيم وصيانتها.
· وضوح معالم سلم القيم الإسلامية والأدلة على مشروعيته.
الخاتمة:
يمثل هذا الكتاب محاولة علمية في تقديم فلسفة التربية الإسلامية عبر منظومة القضايا والأبحاث والدراسات التي يباشرها هذا الاختصاص، ولقد أراد الباحث لهذا الكتاب أن يكون مستوفياَ لأهم القضايا التي تطرحها فلسفة التربية الإسلامية فهذا العمل يفي بحاجة القارئ العربي إلى استطلاع هذا القطاع البازغ من المعرفة التربوية الناشطة في ميدان الفلسفة.
ويعدّ هذا الكتاب دليل الإبحار الذي يحدد مقاصد الإقلاع التربوي وأدواته في محيطات المستقبل، لذا فلابدّ للتربية التي تعبر بالإنسان محيطات المستقبل دليل يشتمل على " نظرية الوجود" تبحث في مكونات الوجود وعلاقات هذه المكونات ليحدد التربية من خلال ذلك مقاصدها وغاياتها، وأن يشتمل كذلك على نظرية معرفة تحدد التربية بواسطتها مناهجها وطرائقها، ونظرية قيم تقيس التربية بها ممارساتها وتقيم نتائج عملها في مختلف الأطوار الزمانية والبيئات المكانية، وأن تشتمل أيضاً على سير عميق لطبيعة الإنسان الذي هو مدار العملية التربوية حتى تسهم الممارسات التربوية في تحقيق الانسجام بين هذا الإنسان وبين الوجود الكبير من حوله.
واليوم زاد الاهتمام بالمفاهيم الإسلامية التي أضحى نقلها للطلبة وللقرّاء مطلباً أساسياً تتركز عليه العملية التعليمية، ووجدت اهتماماً كبيراً من قبل القائمين على العملية التربوية، لأنها مفتاح المعرفة، والإطار المتكامل لجميع جوانب الحياة، فالوجود له مفاهيمه وله علاقاته وكذلك الحقيقة، المعرفة، والقيم وغيرها.
وتُعدّ هذه المواضيع ركناً رئيسياً في التربية الإسلامية وتتميز بتعلقها الشديد بحياة الفرد وواقعه ولها كل الدور في تكوين شخصية المسلم المستقيمة.
لذا كان هذا الكتاب ذريعة لسدّ النقص في الدراسات المتعلقة بهذه المواضيع، ولإيجاد البصائر لعبور مسار المستقبل، فتسلح هذا الكتاب بقوة أفكاره وأصالتها، ووضوح معانيه، ومعاصرة ألفاظه وواقعيتها، وسعة اطلاع المؤلف وعمق آراؤه، وشمول الكتاب واحاطته، ووضوح الرؤية عند المؤلف منذ البداية، ولا غرو فإنه كان يكتب سفراً تنظيرياً يطمح إلى إرساء معالم نظرية عامة للأمة المسلمة.
لهذا ولغيره كان هذا الكتاب أداة مهمة تسهم في إنارة الطريق أمام الإنسان للوصول به إلى الغاية من وجوده وهي موافقة السنن الإلهية وعدم الاصطدام بها فتقعد ملوماً محسوراً.