الأديب الإسلامي
الأديب الإسلامي في أي أرض إسلامية يجب أن يكون مسلما ملتزما بالإسلام قولا وعملا ، منفعلا معه ، ويدور حيث دار ، يعيش من أجله وينخرط في أجوائه ، ويسعى لاستعادة أمجاد الأمة سعيا مستديما لامؤقتا ونابعا من أعماقه لامفروضا عليه ، يقول د. نجيب الكيلاني وهو من أوائل المنظِّرين للأدب الإسلامي :" الأدب الإسلامي لايمكن أن يصدر إلا عن ذات نعمت باليقين ، وتشبعت بمنهج الله ، ونهلت من ينابيع العقيدة الصافية ومن ثَمَّ أفرزت أدبا صادقا وعبرت عن التزامها الذاتي الداخلي دونما قهر أو إرغام([2]) .
يقول د. عثمان مكانسي([4])
1- النص الإسلامي :
للنص الإسلامي شروطه أيضا، وقد قسمت الرابطة النصوص إلى إسلامي ومحايد وثالث موافق ورابع مضاد :
أ- فالنص الإسلامي :
ماصدر في مضمونه عن مسلم ملتزم بالإسلام في نظرته إلى الكون والإنسان والحياة على مختلف الأصعدة الفكرية والاجتماعية والسياسية، وكان حريصا على إقامة التوازن بين المادة والروح ، والإيمان والعقل ، والدنيا والآخرة ، والفرد والمجتمع ، والمتعة والانضباط، والثبات والتطور، وكان لايحمل أحقادا أو نعرات مناوئة للإسلام، ولم يكن فيه مايخالفه، يقول الشاعر مقبل عبد العزيز العيسى :
أي حرف ضم فكرا واعيـــــــــــــا لم أتوِّجــــــه بتقبيـــــــــل جبيــــــــــــــــن
مااجْتَويْتُ الفكر حـــرا واعيـا ضاق من جهل ومن قيد مهين([6])
فالشاعر يعجب بالفكر الواعي الذي يضيق ذرعا بالجهل والظلم، ويمقت الفكر المعادي للإسلام المستمد من ظلمات الغرب الحاقد .
وإذا كان الحداثيون قد رفضوا كل قديم فإن الأدب الإسلامي لايعادي كل جديد ، كما أنه لايرى كل جديد محمودا، بل يقف موقفا وسطا ، فالثوابت لااجتهاد معها، والانفتاح على الآخر يجب أن يكون بوعي ، والتجديد حرية وقيد ، وكل حرية لها قيود وضوابط([8]) .
أما من حيث الشكل الفني فإن تعريف الأدب الإسلامي اهتم بفنية النص، فهو" تعبير فني هادف"
وكل نص لاجمال فيه لايعد من الأدب في شيء، ولايبرر للأديب مضمونه الجميل إن كان نصه ركيك الأسلوب،إذ لا تفريط في أحد عنصري الأدب" الفني الهادف "، يقول الشاعر عبد الولي الشميري([10])
فالشاعر حدد متطلبات الشعر وهي العاطفة المنفعلة، والمعنى الممتزج بالعواطف، والأخيلة، واللغة المشرقة، والموسيقا العذبة كما في شعر حسان بن ثابت ، وإلا فلا، ولايمكن أن نعد ماقاله أدونيس شعرا لأنه خالف قواعد اللغة الفصحى، بل دعا هو وأمثاله من الحداثيين إلى التخلي عنها وتحطيم قواعدها مع أنها لغة القرآن الكريم والحديث النبوي وقد حملت الدين والتراث، وعلى الأديب المسلم أن يلتزمها ولا يقبل منه الانزياح عنها كما فعل الشاعر أحمد مطر في قوله :
الدرج الحالي بزيزفون
والفوقه تعرش ياسمينة
للحلوة التخطر كالظنون([12]) :
ليس شعري لفظا وسبكا وجرسا بل شعورا فيه التعابير تغرق
أنا لاأعرف التصنع في شعري فشعري سجيتي حين تطلق
كلما عاقني عــــن الخير شر أرغد السخط في كلامي وأبرق
كلمــا راقني جمــــــال بديــــــــــــع لمع الحُســـــــــن في بياني وأشرق([14]) :
أعتنق النور الذي يشدني إلى السماء
وأجتلي حقائق الوجود
في برزخ يموج بالضياء
مضمخ بالعطر .. والجمال .. والبهاء ..
يغمسني في جنة الطيوب
الروح من عقالها
كنفحة الأريج تنتقل
وترتقي في سلم الخلود
كطائر يعرج في صعود([16]) ، بينما قبل الشاعر د. عماد الدين خليل ود. وليد قصاب وأحمد محمد الصديق وناجي صبحة وكثيرون شعر التفعيلة، ورفض د. النحوي قصيدة النثر لعلاقتها بالحداثة ولأن فيها تداخل الأجناس الأدبية، ودافع د.عبد المنعم يوسف([18]) .
وينأى الأدب الإسلامي عن المصطلحات الغربية المتعددة المشارب والمصادر لعلاقة هذه المصطلحات بفلسفة الغرب لأن المصطلح ليس مفردة فحسب بل هو مكتنز بدلالات لها معان متعددة يحار الدارس بينها مما يؤثر على فهم النص، فالواقعية عند الفلاسفة غيرها عند الساسة، ولأن في لغتنا بدائل ولنا من غناها مايساعدنا على الاشتقاق واستحداث ألفاظ حضارية جديدة، وقد أدخل العرب الأوائل إلى العربية ماأخضعوه للنظام اللغوي العربي فكان ضمن تراكيبهم ، وبهذا النظام نمنع إدخال مايخالف قواعد النحو والصرف العربية مما يشوه جمال لغتنا من أمثال مصطلح الزمْكانية، ويُمَشْكل، ويساوق ... (
[2] - مجلة الأدب الإسلامي عدد خاص عن عبد العزيز الرفاعي م14 ع54 ربيع الأول 1428هـ 2007م،عبد العزيز الرفاعي ، الأديب المسلم بين الالتزام والإبداع / 77
[4] - من رسالة للشاعر في 2010م
[6] - مجلة الأدب الإسلامي م1 ع4 ربيع الثاني 1415هـ إيلول –ت2 س1994م، مقبل عبد العزيز العيسى، النبع الهجين / 79
[8][8][8] - مجلة الأدب الإسلامي ع2 س2 ، 1415هـ 1995م د. محمد رجب البيومي، ظاهرة الأدب المكشوف في كتب التراث /28
[10] -مجلة الأدب الإسلامي م10ع37س1424هـ2003م ، محمد عبد الشافي في حوار مع الدبلوماسي اليمني الشاعر عبد الولي الشميري : الأدب الإسلامي جاء ردا على موجة التغريب العاتية / 20
[12] - عمر بهاء الدين الأميري (1915-1992م) شاعر من حلب بسورياأسس حركة سوريا الحرة في 1953م ، له دواوين كثيرة منها مع الله ونجاوى محمدية وحجارة من سجيل : معجم الأدباء الإسلاميين 2/ 922
[14] - أحمد محمد الصديق شاعر من عكا بفلسطين ولد 1941م ، له دواوين كثيرة منها الإيمان والتحدي وقادمون مع الفجر ، وله أناشيد الطفل المسلم ، وقصائد للفتاة المسلمة : معجم الأدباء الإسلاميين 1/ 156، ومعجم شعراء الطفولة / 56
[16] - مجلة الأدب الإسلامي ع69 س1432هـ 2011م، بوبكر عبد الحليم ، قراءة في كتاب الشعر المتفلت بين النثر والتفعيلة وخطره ، تأليف د. عدنان علي رضا النحوي / 59
[18] - مجلة الأدب الإسلامي ع 45 1426هـ 2006م حوار مع شمس الدين درمش ، قصيدة النثر من منظور إسلامي / 44-48
[19] - مجلة المشكاة ع52 س1430هـ 2009م،عبد الحفيظ الهاشمي، مشكلة المصطلح النقدي العربي الحديث/41
وسوم: العدد 627