العُدول عن الأصل، في الجملة الفعلية بديوان علي الجارم
سلام عليكم، طبتم صباحاً - أيها العلماء- وطاب مسعاكم! بسم الله - سبحانه، وتعالى!- وبحمده، وصلاة على رسوله وسلاماً، ورضواناً على صحابته وتابعيهم، حتى نلقاهم!
أحمد الله الذي يسر لي أن أجاور هذه الطبقة من العلماء الأجلاء، وأسأله كما جمعنا عاجلاً أحباباً سعداء، أن يجمعنا آجلاً أحباباً سعداء، بلا مناقشات ولا مداولات ولا قرارات!
ينبغي أن يذكر للطالب أنه:
1- اختار التطبيق، والشعر، وعلي الجارم.
2- حياناً باختيار شاعر مصري درعمي، تحية نشكره عليها!
3- احتفز إلى مسألته بمقال الجارم نفسه "الجملة الفعلية أساس التعبير في اللغة العربية".
4- أحسن محاجَّته عن موضوعه عمومه وخصوصه.
5- أوجز تعريف الجارم إيجازاً كافياً شافياً.
6- امتلك مقدرة لغوية طيبة.
7- أحسن ضبط الشعر.
8- أحسن تمييز بعض صور التقديم والتأخير الملتبسة.
9- قدم الكلام في الترتيب على الكلام في التهذيب.
10- أحسن تتبع أسلوب سيبويه في التعبير عن الحذف.
11- اعتنى بالتشكيل، دلالة على الإتقان.
12- ضبط تنظيم رسالته من غير اضطراب.
13- انتبه أحياناً إلى امتزاج مطالب العروض واللغة معاً.
14- أحسن فهرسة آيات القرآن الكريم، بترتيبها من داخل ترتيب سورها.
15- أحسن ترتيب الأبيات ببحورها من داخل حركات أرويتها وتجريد قوافيها وإردافها وتأسيسها.
16- جعل بيت الشعر المشَّطر لا المشطور، بيتاً واحداً، مهما كانت أغصانه.
17- اقتبس من هدوء أستاذه الدكتور محمد عبد الفتاح العمراوي واتزانه.
* وعلى رغم أن كثيراً مما أريد قوله قد أتى عليه أخي الفاضل الدكتور فضل يوسف، أتلمس فيما يأتي - والله المستعان!- ما يزيد الطالب انتفاعاً والعمل إتقاناً، مؤمناً بأن من عمل المشرف القدير أن يُوَثِّق تلميذه من نفسه، فيتركَه يجترئُ ويصيبُ ويخطئُ، حتى إذا ما راجعته لجنة المناقشة تأصل لديه منهج البحث العلمي الصحيح.
* وقعت "العدول عن الأصل في الجملة الفعلية بديوان علي الجارم"، رسالة طلال بن أحمد بن سالم الزعابي، لاستكمال متطلبات درجة الماجستير من قسم اللغة العربية وآدابها، بإشراف أخينا الفاضل الأستاذ الدكتور محمد عبد الفتاح العمراوي- في 231 صفحة:
* وليس أعجب من أن يزيد فهرس الأشعار على المبحث الثاني من الفصل الثاني!
* كأنك من بهلاء يا زعابي؛ تهدي عملك إلى كل الأرواح التي أحبتك أو أحببتها؛ فاللهم، حوالينا، لا علينا!
* نقد الترتيب على العموم وعلى الخصوص:
- ص ز: كيف تؤخر التطبيق عن التنظير وتفصله عنه لتضطر إلى رؤيته من خلاله، ورسالتك تطبيقية ينبغي أن ترى التنظير فيها من خلال التطبيق! ولكنك تخاف ألا تجد من التطبيق ما تملأ به فضاء الرسالة، هذه حيلة معروفة!
- ومن أضرار الفصل بين التنظير والتطبيق وتقديم التنظير على التطبيق، أن تفتقد في المادة بعض ما أوردته في التنظير، لتقول كما يقول تلامذة المدارس: ولم أعثر على كذا! ومثل هذا غير مقبول في الدراسات العليا، إلا أن تتأمل ما غاب لتذكر في سره شيئاً.
- ص157: لست في تمرين واجب منزلي لتقول: فأما كذا فلم يرد في مادة البحث!
- لا أنكر أن نتائج الافتقاد السلبية واردة جائزة، ولكنها يتكلم عنها في أثناء الظواهر، ويسبر غورها، ويتقصى سرها، لكيلا يبدو الأمر مثل عمل التلاميذ بالتمارين المنزلية.
- ص108: هذه الفقرة "ج- حذف الفعل في باب الاشتغال"، داخلة في هذه الفقرة السابقة "أ- إذا كان الفعل مفسراً بفعل مذكور يدل عليه".
- ص111: لا وجه لفصل فقرة "و- حذف الفعل في باب الإغراء"، من فقرة "هـ- حذف الفعل في باب التحذير"، غير التكثّر، ولا سيما أنك جمعت بينهما في قولك بعدئذ - ص112-: "فائدة الحذف في التحذير والإغراء معاً...".
- يبدو أن ترتيب القوافي كان يضطرب منك في الحروف الكثيرة الاستعمال كالباء والراء والنون؛ فقد فرقت بين أبيات القصيدة الواحدة أحياناً بأبيات قصيدة غيرها من بحر آخر، وانتقلت من القوافي المردفة إلى المؤسسة أحياناً، لتعود إلى المردفة فالمؤسسة ثم المجردة!
- ص200: الاتفاق الآن على ترتيب الكتب بأسماء مؤلفيها لا أسمائها.
نقد الاستغناء عما لا يستغنى عنه:
- ص18،19: أهملت من مظاهر العدول في الجملة ما يخص الأدوات، وكأنها ليست منها!
- ص28: نقلت ولم تعلق على ما نقلت، وكنت أحب ألا تترك نقولا بلا تعليق على أي وجه مناسب، ولن يستحيل عليك.
- ص35: علقت على الآراء باختيار أحدها، وكنت أحب أن تستمر على هذا.
- ص50: ادعيت أن القيمة البلاغية للتقديم والتأخير منحصرة في الأوضاع الجائزة، ولكن الجرجاني الذي تعتمد عليه، اشتغل بالموازنة في اختيار الشاعر بين الأوضاع الثابتة المختلفة الترتيب.
- ص51: اقتصرت على النقل، وفيه ما لا يخص المقام، وهذه نتيجة الاستئسار للنقول.
- ص57: لم تقم عملك على أساس إحصائي ثابت، بل ذهبت تتخطف الأمثلة، وهذا أشبه بواجبات التلامذة المنزلية، منه بالبحث العلمي!
- ص158، 66، 71، 92: بصورة كبيرة... أكثر من...، قليل جداً...، بشكل كبير أيضاً...، أكثر من هذا النمط...، وكيف عرفت هذه النسب السرية!
- وفي الخاتمة أعدت الكلام العام غير المؤسس على أسس إحصائية منضبطة.
- ص57: أخفيت الأغراض (التعجب والدهشة، التشويق، تهويل أمره وتعظيمه)، وكانت جديرة بعناوين جانبية خاصة مميزة، فافتقدتها في الخاتمة، ولم تستطع ذكرها!
- ص75: تتجلى في عملك الجزئية؛ فلم تتصور الأمر على مستوى القصيدة كلها، ولم تفسره على أساس هذا التصور - و"لا يكلف الله نفساً إلا وسعها"- ولكنه كان وارداً غير ممتنع من خلال تتبع الجملة الفعلية، ولا سيما أنك أردت اختبار غلبتها.
- ينبغي التنبيه على سبق تمام حسان إلى إحياء مصطلح العدول.
- ص157: كان ينبغي لك في الخاتمة أن تذكر ما بحثت عنه موجزاً من قبل أن تذكر نتائج بحثك عنه، حتى إذا ما قرأ الخاتمة قارئ متعجل عرف البحث من أطرافه، وخرج بفائدة كاملة.
- ص157: ادعيت في الخاتمة ميل الجارم إلى بعض الأنماط اللغوية كثيراً، وبنيت على ادعائك غلبة ثقافته اللغوية، ولا وجه لهذا البناء، ولم تمثل أياً من هذه الأنماط.
- ص158: كنا نتواصى بألا نكتفي في تقديم المقدم بالعناية، ولا في حذف المحذوف بالإيجاز.
- ص158: كنا نتواصى بأن نستنبط الأسرار من بين الأضداد (بين التقديم وعدمه، وبين الحذف والذكر)، وألا نكتفي بتأمل أحدها تأملاً مطلقاً، وهو ما ألممت به، ولم تلتزمه.
- أين اسم المشرف على الغلاف؟ على رغم ما في الرسالة من وجوه تكريم مشرفك الكثيرة نسيت إثبات اسمه على الغلاف!
- ص18: لقد زللت زلة لا تغتفر! كيف لا تذكر أن هذه المدرسة الشعرية الخاصة التي نوه بها العقاد في تقديمه لديوان الجارم، هي مدرسة دار العلوم، وهي الآن من حولك: موضوعاً وإشرافاً ومناقشةً، ولولا الجغرافية لكانت كلية رئيس لجنة مناقشتك؛ فقد كان فيها قديماً قسم للجغرافية! ولا أخلي نشاط مشرفك لهذا الموضوع من بره بكليته! والجارم مذكور على عموم مصر، وباسمه تسمى المدارس والشوارع وسائر الأمكنة، وكانت روايته "غادة رشيد" مقررة على جيلنا في المرحلة الإعدادية. وابن الجارم هذا الذي اعتنى بأعماله أستاذ بكلية الطب من جامعة القاهرة، وهو لغوي أديب بالوراثة، وأظنه الآن من رجال المجمع، وأحييه من مجلسي هذا في الأبناء البررة!
نقد الاستنباط والتوجيه:
- ص12: في تحديد مستويات الكلام تضع الخطأ في المستوى الثالث فوق المستوى القاعدي والمستوى البلاغي، فهل تنبه على أن المبالغة في البلاغة مخرجة إلى الخطأ!
- ص25-26: وافقت أشرف خضر على ما ذكره مما سماه مصطلحات سيبويه للتعبير عن مفهوم التقديم والتأخير، وليست هي كلها للتعبير عن مفهوم التقديم والتأخير، ولو قلت: الكلمات التي استخدمها سيبويه في الكلام عن التقديم والتأخير لكان أدق وأحسن.
- ص33: أظن أن جملة "حُكْمُكَ مُسَمَّطًا" وهي مثل، هذه قد مرت من الفعلية إلى الاسمية بثلاث مراحل: حُكْمَكَ مُسَمَّطاً، حُكْمُكَ مُسَمَّطاً، حُكْمُكَ مُسَمَّطٌ، وقد استفاد البصريون من مرحلتها الثانية.
- ص34: أنبهك في تأويل كلمات القوافي المُقْوَاة، على رأي ابن هشام في ردها إلى مثل ما حولها بإعراب حركة القافية، وهو لطيف جداً.
- ص37: ينبغي أن تعرف أن الأمر في حكم تقديم الفاعل المشتمل على ضمير المفعول، دوار مع الفهم؛ ولهذا أجازه ابن جني وابن مالك فيما لم يلتبس فيه الفهم.
- سويت في ترتيب أسلوب القصر بين " إنما" و"ما وإلا"، وقد ميز العلماء بينهما بجواز تقديم المستثنى بإلا معها على المستثني، كما في قول الكميت: وما لي إلا آل أحمد شيعة.
- ص42: ذكرت في جواز تقديم المفعول المشتمل على ضمير الفاعل عليه "أطاع أمَّه الطفلُ"، أنه مؤخر الرتبة، وأدق من هذا أنه يحتمل عندئذٍ أصلاً إضمار الفعل في الفعل، فإذا ما جاء الفاعل تمكن وصار الأسلوب كأنه من إبدال الظاهر من المضمر.
- ص50،79: أحببت أن أنبهك على عدم التفريق بين المعمولات والمتعلقات، إلا مضطراً بعدم فهم العمل، ولا سيما أن قد ثبت لك أن الجاري على غير الجار والمجرور من معمولات الفعل يجري عليهما.
- ص52: تورد كلام السامرائي في قول الحق - سبحانه، وتعالى!-: "وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه..."، على أنه من العناية بالقسمة، وأحسن منه أنه لبسط المتعدد بعد المفرد، بدليل "وارزقوهم"، قياسا على "نرزقهم وإياكم"، و"نرزقكم وإياهم"، من أسلوب القرآن الكريم.
- ص53: زعمت أن تقديم "على محمد" في "سلمتُ على محمد مبتسماً"، يصرف الحال إلى محمد، وأن تأخيرهما في "سلمتُ مبتسماً على محمد"، يوهم أن الحال للمتكلم، والحقيقة أنه يجوز في الأولى أصلاً أن يكون الحال من المتكلم، ولا يجوز في الآخرة أصلاً أن يكون الحال من محمد!
- ص98: شرحت المثل "أهلك والليل"، بأنه "بادر أهلك والليل"، والصواب "بادر أهلك قبل الليل"، أو "بادر (أدرك) أهلك، واسبق الليل".
- لا ريب في علاقة الحذف بالإضمار؛ فالإضمار إخفاء الوجود، والحذف إلغاؤه، كما في تحويل الظاهر في "محمد عند علي"، إلى مضمر في "محمد عنده"!
- ص108: تستبعد تقدير فعل النداء في "يا محمد"، لأن المنادى مبني على الضم، ونسيت بناء المقطوع عن الإضافة مثلاً، وهو معروف.
- ص121: رأيت أن بناء الفعل للمجهول في قول الحق - سبحانه، وتعالى!-: "أحلت لكم بهيمة الأنعام"، إنما كان للعناية ببهيمة الأنعام، وغفلت عن أن من البلاغة عند بداهة الفاعل صرف المتلقي إلى ما ينوب عنه، ولا بأس بالحديث عن تفضيل إنابة "بهيمة الأنعام"، على إنابة "لكم".
- ص141: جعلت الاكتفاء في الجواب بأداته "نعم"، من حذف الفعل، وهو من حذف الجملة كلها.
- ص148: رددت المبني للمجهول في قوله: "وإن لم يمتع باجتلائك ناظره"، إلى المبني للمعلوم، بقولك: وإن لم يمتع اجتلاؤك ناظره؛ فخرجت إلى تركيب آخر، والصواب مثلاً: وإن لم يُمَتِّعِ اللهُ نَاظِرَهُ بِاجْتِلَائِكَ.
- ص155: جعلت الحذف للاقتصار، في قوله: فإذ وصلت فكل شيء باسم وإذا هجرت فكل شيء باكي، وكأنه يريد: كنت واصلة، وهو للاختصار، لأنه يريد: وصلتني، بدليل قوله من قبل: ملكت زمام صبابتي.
- من أسباب توفيق كتابي الجارم ومصطفى أمين "النحو الواضح" و"البلاغة الواضحة"، التي طلبها الدكتور مكي، سلامة ذوق الشعراء، الذي يميز كتبهم إذا كتبوا.
- ذكرت التزام الجارم بقواعد اللغة فيما ارتكب من عدول، على رغم ما ينبغي أن يكون في العدول أصلاً من جرأة على قواعد اللغة، ثم غفلت عن الاستفادة من فكرة تأثير علمه على فنه!
- ص157: كان ينبغي لك أن تبني على علم الجارم طبيعة أسلوبه، أي تأثر فنه بعلمه، ولا سيما أنك انعطفت عليه كما ذكرت، بما اجتمع له من خيال الشاعر الفذ ومنهجية العالم المتمكن.
- ص157: ألا ترى أن انحصار الجارم في إطار القواعد، هو الذي صنفه في المحافظين؟
- ذكرت اختلاف طبيعتي الشعر والنثر، ثم نقضت ذلك بذكر قيود الوزن والقافية التي تضطر الشاعر إلى الاحتيال عليها، ولم تدر أنه لو لم يعجبه البيت لغيره أو تركه!
- ص99: ينبغي أن تذكر أن الضرورة الشعرية هي تعبير القدماء عن لغة الشعر، التي يجوز فيها للشاعر كل ما يخدم عمله.
- ص127: جعلت حذف المفعول به لمراعاة الوزن والقافية، ولن يخلو عند الشاعر الكبير من حسن التعبير، وإلا تركه لغيره.
نقد التحقيق والتخريج:
- ص175، 179، 189: جعلت بيتي الرجز المشطور بيتاً واحداً!
- ص178، 199: جعلت ثلاثة أبيات الرجز المشطور بيتاً ونصف بيت، ولم ينبهك نصف البيت!
- ص200: صرنا نسمي كتب العمل المراجع أو الكتب، وفي تفصيلاتها نذكر أحوالها المطبوعة والمخطوطة وما يحتاج إلى بيانه.
- ص141، 156: فصلت جزأي كلمة التدوير من بعد الموضع، ولو لم تفصلهما لكان أحسن.
- ص11ح: تعتمد على نشرة دار الكتب العلمية من المحكم لابن سيده بتحقيق عبد الحميد هنداوي، دون نشرة معهد المخطوطات بجامعة الدول العربية بتحقيق مصطفى السقا وحسين نصار بتصدير طه حسين!
- تعتمد على ديوان امرئ القيس بتحقيق عبد الرحمن المصطاوي، دون تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم.
- صاحب كتاب "الأسلوب دراسة لغوية إحصائية"، هو الدكتور سعد عبد العزيز مصلوح، لا سعد الله مصلوح!
- ص79: جعلت وفاة الخليل سنة 170هـ - رحمه الله!- وهي سنة 175هـ.
- ص109ح: أفرطت في الكلام على الحديث، وكان يكفيك تخريجه من البخاري فقط.
- ص14: أجريت الكلام عن كلمة "رَحْمَن" وكأنها على وزن "فَعَّال"، وهي على "فَعْلان"!
- ص57: فصلت من شؤون بعض القصائد ما لم تفصل من شؤون غيرها.
نقد الضبط والأسلوب والإملاء والترقيم والطباعة:
- ص1: يتلاءم وطبيعة هذا البحث - وإن كان أفضل من يتلاءم مع طبيعة البحث الخطأ الشائع- يتلاءم هو وطبيعة هذا البحث.
- ص ب: أعرف الصفة المشبهة من "خ ل ق" ، و"ش ف ق"، على فعيل: خليق، وشفيق، فأما الخلوق والشفوق فمن استمراء إجازة المجمع إطلاق صياغة الصفة المشبهة على فَعول!
- ص119: فرعت فجأة بخط ثقيل من عبارة بخط خفيف ما أوحى بالاضطراب.
- ص200: جعلت فهرس المصادر والمراجع "خامساً"، وهو الثالث، ولكن يبدو أنك قدمت إلى أول الرسالة الملخص وفهرس الموضوعات، ونسيت تعديل الترقيم على ما انتهيت إليه.
- لقد حشرت عليك من أخطائك العروضية والصرفية والمعجمية والنحوية والأسلوبية والإملائية والتشكيلية والترقيمية والطباعية، ما لا تحتمله لا أنت ولا الوقت المتاح؛ فهاكَ نونيةَ الجارم "قبر حفني"، وهي من مادة دراستك؛ فأنشدنا إياها، ولا تخطئ، وأتبع السيئة الحسنة تمحها!
قبر حفني
يا قبر حفني أجبني ماذا صنعت بحفني
ماذا صنعت بعلم وما صنعت بفن
وما صنعت بفكر ماضي الشباة وذهن
طويت خير مثاب للطائفين وركن
في كل يوم رثاء لصاحب أو لخدن
حتى لقد كاد شعري يبكي لضعفي ووهني
فإنما أنا منه وإنما هو مني
الوزن من نبض قلبي والبحر من ماء جفني
رحى المنايا رويداً خلطت طحناً بطحن
وإنما الناس ظعن يسير في إثر ظعن
فما حديد بباق ولا حذار بمغني
وكل عقل مضيء إلى خمود وأفن
يكاد إن مال غصن يشكو الزمان لغصن
تعساً له كم نعزي حيناً وحيناً نهني
من اجتماع لعرس إلى اجتماع لدفن
والمرء يحيي الأماني والدهر يبلي ويفني
فكم تمنيت لكن ماذا أفاد التمني
دعني أقلب طرفي في ظلمة الليل دعني
حيران أضرب كفي أسى وأقرع سني
قد خانني الدهر يوماً يا ليته لم يخني
أكلما مر نعش أو طاف نعي بأذني
طار الفؤاد فلولا بقية ند عني
لولا التقى لم أجده بجانبي أو يجدني
قالوا أجدت المراثي فقلت إن وإني
دموع عيني قريضي وزفرة الوجد لحني
علي أداوي حزيناً فالحزن يمحى بحزن
أو يشتفي ببكاء من شأنه مثل شأني
أين النبوغ توارى يا قبر حفني أجبني
أكلما لاح بدر رمته ريح بدجن
وخلف الأرض حيرى سهل يموج بحزن
ورب زهر شذاه يزري بأرواح عدن
كأنما منحته ألوانها ذات حسن
جماله الغض أغرى أغصانه بالتثني
غذته أطباء طل حينا وأثداء مزن
تسري به الريح رفقاً في خشية وتأني
كأنها فم أم يمر في وجنة ابن
النحل ترشف منه رحيقه وتغني
تجني ولم تدر يوماً أن الردى سوف يجني
طغت عليه سموم حرى كأنفاس جن
فغادرته ركاماً أجف من عود تبن
والدهر أحرى رفيق بأن يخون ويخني
يا قبر حفني أجبني وارحم بقية سني
قد راعني منك صمت بحقه لا ترعني
ففيك أمضى جناناً من كل فصح ولسن
وفيك شعر نقي من كل وقص وخبن
كأنه بسمات للوصل بعد التجني
أو نفحة من جميل طافت بأحلام بثن
أو رغوة من سلاف تفيض من رأس دن
كم نكتة فيه كادت تخفى على كل ظن
مصرية جال فيها ذوق الأديب المفن
لو كنت تعرف حفني لقلت زدني وزدني
نحو يصك الكسائي ويزدري بابن جني
وإن أثير جدال رأيته خير قرن
العلم أمضى سلاح له وأوقى مجن
قد كان ضخماً جسيماً يبدو كشامخ حصن
اللحم رخو بدين له نعومة قطن
والصدر رحب فسيح ما جاش يوماً بضغن
في وجهه الجهم حسن من روحه المستكن
قد زارني ذات يوم في وقت قيظ وكن
فكان أنسا تدانت به المنى بعد ضن
فاض الحديث زلالاً عذباً وما قال قطني
فكاهة من لدنه ونكتة من لدني
في الأذن قهوة كرم والكف قهوة بن
أروي ويروي القوافي كالدر وزناً بوزن
يا مجلساً عاد وجداً يذكي الفؤاد ويضني
ضاع الصبا ورجعنا منه بصفقة غبن
حفني سلام ونور لقلبك المطمئن
فارقت أهلاً وسكناً لخير أهل وسكن
تثني إليك القوافي أعناقها حين تثني
وسوم: العدد 628