قراءة في قصة "الفنان المصور الفوتوغرافي في الدول المتقدمة..." لمحمد بونيل

يدفعنا القاص الجزائري محمد بونيل من خلاله قصته الموسومة "الفنان المصور الفوتوغرافي في الدول المتقدمة..." إلى التغلغل في حكايا الإنسان لمعرفة مساره و أفكاره و تفاصيل حياته، حيث نكتشف كقراء أننا أمام شخصية الفنان ولكن أي فنان يقصده القاص هنا؟ سنجد الإجابة حتما مباشرة خلال تأمل تلك السطور القصصية البسيطة.

من يقف أمام هذا النص سيجد أنه مستلهم من قصة حقيقية بطلها فنان فوتوغرافي من أصل عربي يعمل في "اليابان"، وقد تكون مغامرة من القاص بعينه ليعكس جملة من أبعاد الحياة الخارجية على الصعيد السياسي و الإجتماعي و الثقافي حيث يقول السارد: »مجريات القصة القصيرة و أحداثها مستلهمة من الحقيقة إذ بطلها مصور فوتوغرافي عربي هذا الأخير يشتغل بدولة تعتبر بالنسبة للمنظومات الدولية ناجعة على كل المستويات، التربوي، التعليم، الحياة الإجتماعية، الإقتصادية، السياسية، و الفنية الثقافية وووو. «

إن محمد بونيل في نصه القصصي هذا يستدرج القارئ إلى حسن معاملة الآخر للفنان عموما و المصور الفوتوغرافي تحديدا حيث يقول على لسان السارد: » لا تزال إبتسامة الشرطي الياباني مرسومة على وجهه، قال حينها ذات الشرطي الياباني للمواطن العربي "أنا بدي أعرف شو مهنتك بالضبط و هي مكتوب في الخانة -Job: Arist - هل أنت فنان يسأل بذلك الشرطي الياباني للمواطن العربي؟!"، فيجيب هذا الأخير "أي نعم أنا فنان..."  «

و كأن القاص يحمل كاميرا أتاحت لنا تكوين صورة عن التعامل مع الأجنبي في الدول المتقدمة ارتكزت إجمالا على الطابع الحكائي عموما، لأنه بدا مهتما بثقافة الآخر التي تختلف عن ثقافتنا المحلية التي لا تستند في المطلق على الإهتمام بشريحة الفنان الفوتوغرافي و التي لا تزال مهمشة في كثير من الأحيان في وطننا العربي.

ينقل محمد بونيل مشاعر البطل ببراعة و إمتاع ليؤثر على نفسية المتلقي العربي بشكل غير مباشر كقول السارد: « فيزيد ذلك من شغف الشرطي الياباني و يريد أن يعرف "أي نوع من الفنون تمارسها سيدي الكريم؟" فيجيب المواطن العربي "أنا يا سيدي فنان مصور فوتوغرافي..."»

يرتبط الحدث الرئيسي لهذه القصة بمكان واحد ألا و هو "المطار" ليجد القارئ نفسه في جو من التشويق الممتزج بالواقعية المطلقة تجعله يتخيل تلك المشاعر التي عرفها المواطن العربي كونه فنانا فوتوغرافيا منذ مقابلة ذلك الشرطي الياباني للمرة الأولى خصوصا حينما طلب منه هذا الأخير إلتقاط صورة فوتوغرافية تذكارية.

إستطاع القاص محمد بونيل أن ينقلنا من مشهد إلى آخر كأننا أمام فيلم سينيمائي قصير يتكون من عدة لقطات ليعطينا صورة مكتملة عن حياة فنان فوتوغرافي عربي استطاع بمهنته أن يفرض وجوده في البلدان المتقدمة، و هذا يدفعنا للتساؤل أيضا كما فعل بطل القصة بطريقة غير مباشرة: متى سيجد الفنان الفوتوغرافي العربي مكانة تليق به في وطنه الأم يا ترى؟!

وسوم: العدد 633