دراسة أسلوبية للأحاديث الموضوعة

بحث محكم نشر في المجلة العلمية لكلية الآداب في جامعة أسيوط

العدد 145

أستاذ البلاغة والنقد في جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا/ الفجيرة

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمــــــــة

الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على نبيه الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

وبعد: فمن المتفق عليه أن الله سبحانه و تعالى جعل معجزة هذا النبي صلى الله عليه وسلم هي القران الكريم، و تكفل الله بحفظه من الزيادة و النقصان، فلم يطرأ عليه تحريف و لا تبديل، فهو على حاله كيوم نزل، لم يزل غضاً طرياً، معجزًا للثقلين،(لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) (فصلت:42).

وأما النبي صلى الله عليه وسلم فحديثه في ذروة الفصاحة الإنسانية، ولكنه نازل عن بلاغة القران، و هو أمر مقرر عند العلماء، وهذا ما جعل حديثه يلتبس أحيانا بأحاديث الصحابة الموقوفة عليهم، أو بأقوال التابعين، أو بأقوال الحكماء، أو بالأمثال السائرة، ولكن العلماء الذين خدموا السنة لم يغب عن بالهم  هذا الأمر، فذهبوا يجردون الأحاديث عن غيرها، ويبينون مراتبها من الصحة وسواها، بحيث أصبح من السهل على المسلم أن يتأكد من صحة ما ينسب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأقوال.

والحديث النبوي الشريف هو في أعلى مراتب الفصاحة كما أسلفت، و معايشة النصوص الصحيحة الثابتة عن الرسول المصطفى عليه الصلاة والسلام، وطول قراءتها و تتبعها و مراجعتها، تولد لدى القارئ ملكة أو حاسة فنية يستطيع من خلالها أن يميز بين كلام النبي صلى الله عليه وسلم و كلام غيره، ولو لم يعوِّل دائما على السند، ألا ترى أن الناقد البصير في الشعر عندما يسمع بيتا من أبيات الشعر يستطيع أن يخمن أنه للمتنبي أو غيره، ولو لم يسمعه من قبل، وذلك بما أوتيه من حسن الفهم و قوة الفراسة و صدق الحدس؟. و الأمر ذاته هو بالنسبة للحديث النبوي، ولذلك جعل العلماء من علامات الأحاديث الموضوعة: ركاكة اللفظ و المعنى، أو المعنى فقط، وهذا حق، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا ينطق إلا بالكلام الموجز المحكم الذي لو عده العاد لاستطاع، فإذا جاء وضّاع، و قوَّل النبي صلى الله عليه وسلم ما لم يقله؛ بانَ كذبُه، وافتضح أمره، وهذا من جملة الأسباب التي حفظت السنة من الدس والتحريف.

على أن الوضاعين قد يحاكون كلام النبوة و يقلدونه.. والكلام صناعة كما ذكر أبو هلال العسكري في مقدمة كتاب الصناعتين، حيث قال في حديثه عن سبب تأليفه للكتاب: (.. فرأيت أن أعمل كتابي هذا مشتملا على جميع ما يحتاج إليه في صنعة الكلام نثره ونظمه).[1]

 وكما أنّ صناعة مّا قد تحاكي صناعةً أخرى، حتى ليخيل للمرء أن المقلدة مثل الأصلية، فكذلك الأمر في الحديث النبوي.

ولكن صاحب الصناعة هو الحكَمُ في النهاية، وهو الخبير الذي يكشف المزيف من الصحيح، ولذلك لابد الاحتكام إليه. والأمر ذاته بالنسبة للحديث النبوي، فلا يميز سقيمه من صحيحه ـ إذا كان هذا السقيم مما يخدع العيون ـ إلا فحول العلماء، أمثال الإمام عبدالله بن المبارك (ت180هـ)، فقد قال في شأن الأحاديث الموضوعة: (تعيش لها الجابذة)، وقال الدارقطني: (يا أهل بغداد لا تظنون أن أحدا يستطيع يكذب على رسول الله وأنا حي).[2]

وللجهابذة هؤلاء مقاييسهم التي تعتمد على أمرين: السند والمتن. فقد يصح السند وفي المتن شيء، والعكس صحيح أيضا... ومن ثم فقد قامت دراسات واسعة حول السنة النبوية لكشف المزيف، وتمييز الصحيح من السقيم، وكان حصيلتها تقسيم السنة إلى صحيح و ضعيف وموضوع، وبينها أقسام أخرى.

والدراسة التي نقدمها اليوم لا علاقة لها بالسند، فقد كفانا مؤونته المحدثون، وإنما تتعلق بمتن الأحاديث الموضوعة، والهدف منها إثبات بُعد هذه الأحاديث عن هدي النبوة، وأنها عن فصاحة النبي صلى الله عليه وسلم بمعزل، لأنه صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى.

وسوف نختار خمسة وعشرين من الأحاديث الموضوعة، وهي من كتاب: "سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة" للألباني، ثم ندرس متنها واحدا واحدا.

وهذه الأحاديث ليست أكثر من عينات، وهي في موضوعات شتى، منها الطويل ومنها القصير، وهي ليست إلا مجرد نماذج.

وسيكون هذا البحث مكونا من تمهيد، ثم نسرد الأحاديث الموضوعة، ثم نعقب عليها، وبعد ذلك نوجز نتائج البحث ومراجعه.

والله ولي التوفيق.

                                            أ. د.محمد رفعت زنجير

أولا: تمهيد

نناقش في هذا البحث أمورا ذات صلة بالبحث، وهي:

أ- البلاغة النبوية وما قاله العلماء عنها.

ب- الفرق بين أسلوب النبي  صلى الله عليه وسلم  و أسلوب القران.

ج- الفرق بين أسلوب النبي  صلى الله عليه وسلم  و أسلوب بقية البشر.

د- تعريف الحديث الموضوع وحكمه

هـ أسباب التباس الحديث النبوي بالأحاديث الموضوعة أحيانا.

و- منهج الكشف عن الأحاديث الموضوعة كما قرره علماء الحديث.

ز- ضوابط لابد منها في دراسة الحديث النبوي الشريف.

أ- البلاغة النبوية وما قاله العلماء عنها.

نوّه العلماء قديما و حديثا ببلاغة المصطفى عليه الصلاة و السلام، ولعل أول من حلل ذلك بأسلوب رشيق، وتحليل ضاف بديع، هو الجاحظ (ت255هـ)، حيث قال بعد أن دبج الثناء لبيان النبوي: ( ثم لم يسمع الناس بكلام قط أعم نفعاً، ولا أقصد لفظاً، ولا أعدل وزناً، ولا أجمل مذهباً، ولا أكرم مطلباً، ولا أحسن موقعاً، ولا أسهل مخرجاً، ولا أفصح معنى، ولا أبين في فحوى، من كلامه صلى الله عليه وسلم كثيراً).[3]

ولم يكن الجاحظ بدعا فيما قاله، فهذا هو جار الله الزمخشري (ت537هـ) يقول: ( إن هذا البيان العربي، كأن الله –عزت قدرته- مخضه، وألقى زبدته على لسان محمد عليه أفضل صلاة و أوفر سلام، فما من خطيبٍ يقاومه إلا نكص متفكك الرجل، وما من مصقعٍ يناهزه إلا رجع فارغ السجل). [4]

وهذا هو ابن الأثير الجزري (ت637هـ) يجعل النوع السابع من آلات علم البيان: ( حفظ ما يحتاج إليه من الأخبار الواردة عن النبي  صلى الله عليه وسلم، والسلوك بها مسلك القران الكريم في الاستعمال). [5]

وقال يحيى بن حمزة العلوي (ت705هـ) في معرض حديثه عن البيان النبوي: (.. فإن كلامه صلى الله عليه وسلم وإن كان نازلاً عن فصاحة القران وبلاغته، في الطبقة العليا بحيث لا يدانيه كلام، ولا يقاربه وإن انتظم أي انتظام.) [6]

وقال مصطفى صادق الرافعي (ت1356هـ): ( هذه في البلاغة الإنسانية التي سجدت الأفكار لآيتها، وحسرت العقول دون غايتها، لم تُصنع، وهي من الإحكام كأنها مصنوعة. ولم يُتكلف لها، وهي على السهولة بعيدة ممنوعة.

ألفاظ النبوة يعمرها قلب متصل بجلال خالقه، ويصقلها لسان نزل عليه القرآن بحقائقه، فهي وإن لم تكن من الوحي، ولكنها جاءت من سبيله، وإن لم يكن لها منه دليل، فقد كانت هي من دليله، محكمة الفصول، حتى ليس فيها عروة مفصولة، محذوفة الفضول حتى ليس فيها كلمة مفضولة، وكأنما هي في اختصارها وإفادتها نبض قلب يتكلم، وإنما هي في سموها و إجادتها مظهر من خواطره  صلى الله عليه وسلم.

إن خرجت في الموعظة، قلت: أنين من الفؤاد مقروح، وإن راعت بالحكمة قلت: صورة بشرية من الروح، في مَنزعٍ يلين فينفر بالدموع، ويشتد فينزو بالدماء، وإذا أرك القرآن أنه خطاب السماء للأرض؛ أراك هذا أنه كلام الأرض بعد السماء).[7]

هذه الكلمات التي سقناها من أئمة اللغة والبيان في الماضي والحاضر تدل بإيجاز على أن البيان النبوي متميز بأسلوبه وخصائصه، وأنه شجرة سامقة  ليس كمثلها شجرة أخرى في بستان البيان، وليس من العسير على من تذوق من هذا البيان العذب أن يمجَّ ما سواه، وأن يعرف الفرق بينه وبين ما دونه، ولاسيما إذا كان من الكلام الذي يخترعه الكذابون والوضاعون وينسبونه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فهيهات أن يخفى الفرق بين النحاس و الذهب، أو بين الميت والحي، وحتى لو خفي ذلك على رجل ساذج، أو قليل البضاعة من العلم، فإن أرباب الصناعة الحديثية، وفصحاء اللغة العربية، كفيلون بأن يفصلوا بين الحق والباطل، بإذن الله العزيز العليم!

 ب- الفرق بين أسلوب النبي  صلى الله عليه وسلم  و أسلوب القران.

هنالك فرق واضح بين أسلوب القرآن المعجز وبين كلام النبي صلى الله عليه وسلم الذي هو في أعلى درجات الفصاحة، ولكنه دون القرآن في إعجازه، وقد بسط العلماء القول في هذا الموضوع، يقول مصطفى صادق الرافعي: (على أن أعجب شيء إذا قرنت كلمة من تلك البلاغة[8] إلى مثلها مما في القرآن، رأيت الفرق بينهما في ظاهره، كالفرق بين المعجز وغير المعجز سواء، ورأيت كلامه - صلى الله عليه وسلم- في تلك الحال خاصة مما يطمع في مثله، وأحسست فيه، بخلاف القرآن، فإنك تستيئس من جملته، ولا ترى لنفسك إليه طريقاً ألبتة، إذ لا تحس منه نفساً إنسانية، ولا أثرًا من آثار هذه النفس، ولا حالة من حالاتها حتى تأنس إلى ذلك، على التوهم). [9]

ويقول العلامة الزرقاني في هذا الصدد أيضاً: (إن بين يدي التاريخ إلى يوم الناس هذا آلافاً مؤلفة من كتب السنة، تملأ دور الكتب في الشرق والغرب، وتنادي كل من له إلمام وذوق في البيان العربي، أن هلمَّ لتحس بحاستك البيانية، المدى البعيد بين أسلوبي القرآن والحديث، ولتؤمن عن وجدان بأن أسلوب التنزيل أعلى وأجل من أسلوب الأحاديث النبوية، علواً خارقاً للعادة، خارجاً عن محيط الطاقة البشرية، وإن بلغ كلام الرسول ـ صلى الله عليه وسلم  ـ في جودته وروعته وجلالته، ماجعله خير بيانٍ لخير إنسان)..[10]

وبذلك أمن القرآن من اللبس، أو أن يختلط به كلام البشر، ولم يأمن ذلك الحديث النبوي الشريف كما سيأتي.

ج- الفرق بين أسلوب النبي  صلى الله عليه وسلم  و أسلوب بقية البشر.

ما من شك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو أفصح من نطق بالضاد، وأنه أوتي جوامع الكلم، وأزِمَّّة البيان، يصرفه كيف يشاء، بأعذب عبارة، وأوجز كلمة ( وكأنما وضع يده على قلب اللغة، ينبض تحت أصابعه).[11]

ولم تكن قريش خاصة، و العرب بعامة، لتستجيب لدعوة الإسلام، لو لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم أفصحهم (فإن القوم خلص، لا يستجيبون إلا لأفصحهم لساناً، و أبينهم بياناً). ولذلك: (علمنا قطعاً و ضرورة أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان أفصح العرب، وافياً بغيره، كافياً من سواه، وأنه في ذلك آية من آيات الله لأولئك القوم). [12]

ولا يعني تفوقه صلى الله عليه وسلم على كل من نطق بالعربية فصاحة وبيانا أن كلامه مهجز مثل القرآن، كلاّ! فالحديث النبوي ( إن عجز عامة الناس عن الإتيان بمثله، فلن يعجز أحد خاصتهم عن الإتيان ولو بمقدار سطرٍ واحد منه، وإذا عجز أحد هؤلاء الممتازين عن مقدار سطرٍ واحد منه نفسه، فلن يعجز عن مقدار سطر واحد من مماثله القريب منه، وإن عجز أن يأتي بسطر من هذا المثل وهو وحده، فلن يعجز إذا انضم إليه ظهير ومعين، أياً كان ذلك الظهير والمعين، وإن عجز عن هذا مع الظهير المعين، أياً كان، فلن يعجز الإنس والجن جميعاً أن يأتوا بمثله، ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً كما قال القرآن. ذلك شأن الحديث النبوي مع معارضيه، أما القرآن الكريم فله شأن آخر، لأن أحدا لا يستطيع الإتيان بمثل أقصر سورة منه، لا هو وحده، ولا مع غيره، ولو اجتمع بأطرافها من الثقلين). [13]

ولأن كلام الرسول صلى الله عليه وسلم يمكن الإتيان بما يشبهه، فإننا (نجد تشابهاً بين كلام النبوة، وكلام بعض الخواص من الصحابة والتابعين، حتى لقد نسمع الحديث فيلتبس علينا أمره، أهو مرفوع ينتهي إلى النبي صلى الله عليه وسلم؟ أم موقوف عند الصحابي؟ أم مقطوع عند التابعي؟ إلى أن يرشدنا السند إلى عين قائله، ومن أوتي حاسة بيانية يدرك هذا الشبه كثيرا كلما كان صاحب البيان المشابه تصله بالرسول صلات قوية، كتلك الصلات أو العوامل المتآخذة التي توافرت في علي بن أبي طالب، حتى مسحت بيانه مسحة نبوية، وجعلت نفسه في الكلام من أشبه الأنفاس بكلام رسول الله). [14]

د- تعريف الحديث الموضوع، ومسبابته، وحكمه

عرّف ابن صلاح الحديث الموضوع في قوله: (وهو المختلق المصنوع) [15]. وقد عقب ابن حجر على هذا التعريف، ذاكرا التعريف اللغوي الذي قام عليه التعريف الاصطلاحي، حيث قال: (قلت: هذا هو تفسير بحسب الاصطلاح، وأما من حيث اللغة، فقد قال أبو الخطاب بن دحية: الموضوع: الملصق، وضع فلان على فلان كذا، أي: ألصقه به.

وهو أيضا: الحط والإسقاط. والأول أليق بهذه الحيثية، والله أعلم) [16].

فالحديث الموضوع هو حديث لا أصل ثابت له، تمت نسبته إلى الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ زورا وبهتانا.

ويأتي الحديث الموضوع بدواع عدة، حددها ابن الصلاح فقال: (ثم إن الواضع ربما وضع كلاما من عند نفسه فرواه، وربما أخذ كلاما لبعض الحكماء وغيرهم، فوضعه على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وربما غلط غالط فوقع في شبه الوضع من غير تعمد) [17].

وربما كان سبب وضع الحديث التقرب إلى الملوك كما ذكر ابن الأثير[18]، وهنالك بعض الفرق وضعت أحاديث لأغراض دينية أو سياسية.

وأما حكمه فقد قال ابن الصلاح: (ولا تحل روايته لأحد علم حاله في أي معنى كان، إلا مقرونا ببيان وضعه) [19]

هـ ـ أسباب التباس الحديث النبوي بالأحاديث الموضوعة أحيانا.

شاع الوضع في الحديث النبوي لأسباب منها: ظهور الفرق الدينية المتناحرة في الدولة الإسلامية، وظهور الشعوبية، والدعوات الباطنية، والزندقة، والجهل بالدين، حتى أن بعض الوضاعين كانت مقاصدهم حسنة في ردع الناس عن المنكرات الشائعة، أو ترغيبهم في أعمال حسنة مدثورة، ولكن هذا لا يشفع لهم، فحسن القصد لا يشفع لسوء الوسيلة ولا يبرره، وأكثر ما نجد هذا عند المغفلين من الزهاد[20]، قال ابن الصلاح: (والواضعون للحديث أصناف، وأعظمهم ضررا قوم من المنسوبين إلى الزهد، وضعوا الأحاديث احتسابا فيما زعموا، فتقبل الناس موضوعاتهم ثقة منهم بهم، وركونا إليهم، ثم نهض جهابذة الحديث بكشف عوارها ومحو عارها والحمد لله، وفيما روينا عن الإمام أبي بكر السمعاني أن بعض الكرامية ذهب إلى جواز وضع الحديث في باب الترغيب والترهيب) [21]

ونظرا لاتساع رقعة الدولة الإسلامية، وشيوع العجمة، وضعف الناس باللغة العربية، فقد راجت الأحاديث الموضوعة، وتلقفها قطاعات واسعة من الأمة الإسلامية، بما فيهم النخبة المثقفة من أهل العلم والدين أمثال الإمام أبي حامد الغزالي الذي شحن إحياءه بالأحاديث الضعيفة والموضوعة، وأسّس بنيانه في كثير من مواضع كتابه على تلك الأحاديث، فكان بغير أساس!

والحديث النبوي ليس بمعجز كما ذكرنا،  ولم يدون مع القرآن خشية اختلاطه به عند العامة والأعاجم، وقد كان العرب أمة أمّية، والتدوين صعب عليهم، ولذلك تأخر تدوين الحديث النبوي إلى وقت لاحق، في عهد الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز على يد الإمام محمد بن شهاب الزهري[22].

فكان تأخر تدوين الحديث الصحيح هو السبب الرئيس في شيوع الحديث الموضوع وانتشاره في الأمة، فكان لا بد من أن يتصدى له العلماء بالبحث والتنقيب والتمحيص.

و- منهج الكشف عن الأحاديث الموضوعة كما قرره علماء الحديث.

يختلف أسلوب الحديث الصحيح عن أسلوب الحديث الموضوع، وفي هذا الصدد نتذكر قول التابعي الجليل الربيع بن خيثم: (إن للحديث ضوءا كضوء النهار يعرف، وظلمة كظلمة الليل تنكر) [23].

وقد بين العلماء طريقة الكشف عن الحديث الموضوع، والمنهج في ذلك ما قاله ابن الصلاح: (وإنما يُعرف كون الحديث موضوعاً بإقرار واضعه، أو ما يتنزل منزلة إقراره، وقد يفهمون الوضع من قرينة حال الراوي أو المروي، فقد وضعت أحاديث كثيرة، يشهد بوضعها ركاكةُ ألفاظها ومعانيها) [24].

يلحظ هنا أن ابن الصلاح رحمه الله حدد أربعة طرق لمعرفة الحديث الموضوع، هي:

1- إقرار واضعه.

2- أو ما يشبه الإقرارمن واضعه.

3- أو من دراسة القرائن المحيطة بالراوي.

4- أو من دراسة القرائن المحيطة بالمروي، مثل ركاكة اللفظ والمعنى.

وما يهمنا هنا هو الحالة الرابعة، وهي التي سنلقي عليها الضوء في هذا البحث.

ويؤكد الحافظ ابن حجر على أن ركة المعنى مقدمة على ركة اللفظ في هذا الميدان، لاحتمال أن يكون الحديث مرويا بالمعنى، يقول معقبا على كلام ابن لصلاح: (اعترض عليه بأن ركاكة اللفظ لا تدل على الوضع، حيث جوزت الرواية بالمعنى، نعم إن صرح الراوي بأن هذا صيغة لفظ الحديث، وكانت تخل بالفصاحة، أو لا وجه لها في الإعراب، دل على ذلك، والذي يظهر أن المؤلف لم يقصد أن ركاكة اللفظ وحده تدل كما تدل ركاكة المعنى، بل ظاهر كلامه أن الذي يدل هو مجموع الأمرين: ركاكةُ اللفظ والمعنى معا. ولكن يرد عليه: أنه ربما كان اللفظ فصيحا والمعنى ركيكا، إلا أن ذلك يندر وجوده، ولا يدل بمجرده على الوضع، بخلاف اجتماعهما؛ تبعا للقاضي أبي بكر الباقلاني) [25].

وقد نقل أحمد شاكر هذا الكلام عن ابن حجر بصيغة أخرى، قال: (المدار في الركة على ركة المعنى، فحيثما وجدت دلت على الوضع، وإن لم ينضم إليها ركة اللفظ، لأن الدين كله محاسن، والركة ترجع إلى الرداءة، أما ركاكة اللفظ فقط فلا تدل على ذلك، لاحتمال أن يكون رواه بالمعنى، فغير ألفاظه بغير فصيح، نعم إن صرح بأنه من لفظ النبي صلى الله عليه وسلم فكاذب) [26].

والمبالغات الممجوجة في أمر الثواب والعقاب المتعلقان بالأمور اليسرة قرينة للوضع، قال ابن حجر: (ومن جملة القرائن الدالة على الوضع: الإفراط بالوعيد الشديد على المر اليسير، أو بالوعد العظيم على الفعل اليسير، وهذا كثير موجود في حديث القصاص والطرقية، والله أعلم).[27]

والحديث عن اللفظ والمعنى يذكرنا بما ذهب إليه ابن قتيبة، فلهذه القضية ركنان: اللفظ والمعنى، ومميزان: الجودة والرداءة، وقد جعل الشعر أربعة أضرب[28]:

1- لفظ جيد ومعنى جيد

2- لفظ جيد ومعنى رديء

3- لفظ رديء ومعنى جيد

4- لفظ رديء ومعنى رديء

وكأن المحدثين قد نقلوا هذه القسمة إلى النثر، وطبقوها على الحديث، فقبلوا الأول والثالث لجودة المعنى في كل واحد منهما، ورفضوا الثاني والرابع لرداءة المعنى في كل واحد منهما، فالمعنى عليه المعول عندهم، وقد قبلوا الثالث الذي يحتوي اللفظ الرديء لاحتمال أن يكون الحديث مرويا بالمعنى، ورفضوا الثاني لأن المعنى الرديء غير مقبول عندهم، فإذا ما أضيف إليه اللفظ الرديء كان أكثر جدارة بالرفض، فالعلة في الرفض تكون من حيث رداءة المعنى، ثم من حيث رداءة اللفظ، ولا يبعد أن يكون المحدثون قد تأثروا بابن قتيبة، فهو قد جمع بين علوم  اللغة والكتاب والحديث.

وسوف نولي الركاكة باللفظ أو المعنى أهمية في هذا البحث، ونقدم ركاكة المعنى تماشيا مع كلام ابن حجر، مع اعتقادنا بعدم فصل المعنى عن اللفظ في حال من الأحوال، ولكن المراد بالمعنى هنا الموضوع غالبا، أو المعنى العام المباشر للنص، وليست المعاني الثانية التي أشار إليها عبد القاهر جرجاني ومن تبعه من البلاغيين..

يبقى أن نشير بأن للوضاع موهبة، حصلها بالمران والمعايشة للحديث النبوي الصحيح، وهو يستخدمها في محاكاة أسلوب الحديث الصحيح، قال ابن حجر: (وحاصله ـ أي الوضع ـ يرجع إلى أنه حصلت لهم بكثرة محاولة ألفاظ النبي صلى الله عليه وسلم هيئة نفسية وملكة؛ يعرفون بها ما يجوز أن يكون من ألفاظه وما لا يجوز، كما سئل بعضهم: كيف يعرف أن الشيخ كذاب؟ قال: إذا روى لا تأكلوا القرعة حتى تذبحوها علمت أنه كذاب. ثم مثل لقرينة حال الراوي بقصة غياث بن إبراهيم مع المهدي)[29]

ز- ضوابط لابد منها في دراسة الحديث النبوي الشريف.

لابد لدارس الحديث النبوي الشريف، والمتصدر للحديث فيه من ضوابط وشروط، منها:

1- معرفة علوم الحديث النبوي، وما يتعلق منها بالرواية والدراية على وجه الإحاطة الكافية.

2- لابد من معرفة تاريخ السنة النبوية، وطرق تدوينها وحجيتها، وبيان مصادرها.

3- لابد من معرفة اللغة العربية معرفة دقيقة شاملة لعلومها كلها، من نحو وصرف ولغة وبلاغة وأصوات وعروض وقافية، ورسم، وتصحيف وتحريف، وغير ذلك.

4- يجب على الطالب أو الدارس لهذا العلم الشريف أن يتزود من علوم الدنيا  ومعارفها المختلفة قدراً معقولا، فذلك مما يوسع أفقه وفهمه للحديث النبوي.

5- على الدارس أن يبدأ بالاطلاع على الأحاديث الصحيحة، ثم الضعيفة بعد ذلك، فالموضوعة .. وليس العكس.

6- على ظالب هذا العلم أن يتخلق بأخلاق النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، فقد قيل:

أهل الحديث همو أهل النبي وإن

لم يصحبوا نفسَهُ أنفاسَهُ صحبوا

7- يستحسن أن يستفيد طالب هذا العلم الشريف من خدمات (الحاسب الآلي) في دراسة هذا العلم.

ثانيا: نماذج من الأحاديث الموضوعة:

1- ( الجيزة روضةٌ من رياضِ الجنة، ومصرُ خزائن الله في الأرض) موضوع[30].

2- (من سره أن يحيا حياتي، ويموت مماتي، ويسكن في جنة عدنٍ غرسَها ربي، فليوال علياً من بعدي، وليوال وليه، وليقتدي بالأئمة من بعدي، فإنهم عترتي، خُلقوا من طينتي، رُزقوا فهماً و علماً، وويل للمكذبين بفضلهم من أمتي، القاطعين فيهم صلتي، لا أنالهم الله شفاعتي) موضوع[31].

3- (الوضوء مما خرجَ، وليس مما دخلَ) منكر[32].

4- (لا خيرَ في الحبش، إذا جاعوا سرقوا، وإذا شبعوا زنوا، وإن فيهم لخلتين حسنتين: إطعام الطعام، وبأس عند البأس). موضوع[33].

5- ( أربعٌ لا يشبعن من أربعٍ: أرض من مطر، وأنثى من ذكر، وعين من نظر، وعالم من علم) موضوع[34].

6- (أربعٌ لا يصبن إلا بعجب: الصمتُ وهو أولُ العبادة، والتواضعُ، وذكر الله، وقلة الشيء) موضوع[35].

7- (المتعبدُ بلا فقهٍ كالحمار في الطاحونة) موضوع[36].

8- (أصحابي كالنجوم؛ بأيهم اقتديتم اهتديتم) موضوع[37].

9- (أهل بيتي كالنجوم؛ بأيهم اقتديتم اهتديتم) موضوع[38].

10- (اختلافُ أمتي رحمةٌ) لا أصل له[39].

11- (من عرفَ نفسَه عرف ربَّه) لا أصل له[40].

12- (مَن لذَّذ أخاه بما يشتهي؛ كتبَ الله له ألف ألف حسنة، ومحى عنه ألف ألف سيئة، ورفع له ألف ألف درجة، وأطعمه الله من ثلاثِ جناتٍ: جنة الفردوس، وجنة عدن، وجنة الخلد) موضوع[41].

13- (ركعتانِ بعمامةٍ خير من سبعينَ ركعةٍ بلا عمامة) موضوع[42].

14- (الصلاةُ في العمامة تعدلُ بعشرة آلاف حسنة) موضوع[43].

15- (عليكم بالوجوهِ الملاحِ، والحدق السود، فإن الله يستحي أن يعذب وجهاً مليحاً بالنار) موضوع.[44]

16- (لولاكَ لما خلقتُ الأفلاكَ) موضوع[45].

17- (يا أبا هريرةَ، علم الناسَ القرآن وتعلمه، فإنك إن مت وأنت كذلك؛ زارت الملائكة قبرك، كما يُزار البيتُ العتيق) موضوع[46].

18- (إن في الجنة باباً يُقال له الضحى، لا يدخل منه إلا من حافظَ على صلاة الضحى) موضوع[47].

19- (إن لله ملائكةً موكلين بأبواب الجوامع يوم الجمعة، يستغفرونَ لأصحاب العمائم البيض) موضوع[48].

20- ("يا جبريل صف لي النار، وانعت لي جهنم". فقال جبريل: إن الله تبارك وتعالى أمر بجهنم؛ فأوقد عليها ألف عام حتى ابيضت، ثم أمر بها فأوقد عليها ألف عام حتى احمرت، ثم أمر بها فأوقد عليها ألف عام حتى اسودت، فهي سوداء مظلمة، لا يضيء شرارها، ولا يُطفأ لهبها، والذي بعثكَ بالحق: لو أن خازناً من خزنة جهنم، برز إلى أهل الدنيا فنظروا إليه؛ لمات من في الأرض كلهم من قبح وجهه، ومن نتنِ ريحه، والذي بعثك بالحق: لو أن حلقةً من حلق سلسلة أهل النار التي نعت الله في كتابه؛ وضعت على جبال الدنيا لارفضَّت، وما تقارَّت، حتى تنتهي إلى الأرض السفلى. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:  "حسبي يا جبريل لا يتصدع قلبي، فأموت". قال فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جبريل وهو يبكي، فقال: "تبكي يا جبريل وأنت من الله بالمكان الذي أنت به؟!". فقال: مالي لا أبكي؟ أنا أحق بالبكاء، لعلي ابتلى كما ابتلي به إبليس، فقد كان من الملائكة، ولا أدري لعلي أبتلى بما ابتلي به هاروت وماروت. قال فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبكى جبريل عليه السلام، فمازالا يبكيانِ حتى نُوديا: أن يا جبريلُ! ويا محمدُ! إن الله قد أمنَّكما أن تعصياه. فارتفعَ جبريلُ عليه السلام، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمرَّ بقومٍ من الأنصار يضحكون ويلعبون، فقال: "أتضحكون ووراءكم جهنم؟ لو تعلمونَ ما أعلم؛ لضحكتم قليلاً، ولبكيتم كثيراً، ولما أسغتم الطعامَ والشرابَ، ولخرجتم إلى الصُّعداتِ تجأرونَ إلى الله عز وجل ..". فنودي: يا محمد! لا تُقنط عبادي، إنما بعثتك ميسراً، ولم أبعثك معسراً. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سددوا وقاربوا"). موضوع[49].

21- (من أنكرَ خروج المهدي؛ فقد كفر بما أنزل على محمد، ومن أنكر نزول عيسى ابن مريم فقد كفر، ومن أنكر خروج الدجال فقد كفر، ومن لم يؤمن بالقدر خيره وشره فقد كفر، فإن جبريل عليه السلام أخبرني بأن الله تعالى يقولُ: من لم يؤمن بالقدر خيره وشره فليتخذ رباً غيري) باطل[50].

22- (خيرُ يومٍ طلعت عليه الشمس: يومُ عرفة إذا وافق يوم جمعةٍ، وهو أفضل من سبعين حجةٍ في غيرها) لا أصل له[51].

23- (إن الطيرَ لتضربُ بمناقيرها على الأرض، وتحركُ أذنابها من هول يوم القيامة ...) منكر[52].

24- (كلُّ مشكلٍ حرام، وليس في الدينِ إشكال) موضوع[53].

25- (العربونُ لمن عربنَ) باطل[54].

ثالثا: مناقشة علمية لأساليب الأحاديث الموضوعة السابقة:

نأتي الآن لمناقشة أساليب الأحاديث التي أوردناها سابقا كعينات للأحاديث الموضوعة.

الحديث الأول: ( الجيزة روضةٌ من رياضِ الجنة، ومصرُ خزائن الله في الأرض)

هذا الحديث ساقط لفظا ومعنى، وهو يدخل ضمن السرقات الأدبية لأن قوله: (الجيزة روضة من رياض الجنة). يذكرنا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة). متفق عليه، ورواه أيضا أحمد والنسائي عن علي وأبي هريرة، قال المناوي: (وهو حديث متواتر)[55].

وهكذا شأن الأحاديث الموضوعة غالبا، تسرق معظم ألفاظها من حديث صحيح، ثم يكمل الوضّاع الباقي من عنده!!

والعجيب أنه جعل الجيزة روضة من رياض الجنة، وليست في روضة أو فيها روضة، وذلك مبالغة في شأن الجيزة كلها، ثم أعقب المبالغة بأخرى، وهي أن مصر خزائن الله في الأرض...على أسلوب الحصر، وكأنه ليس ثمة خزائن لله في الأرض سواها...وهو أمر تكذبه الوقائع، وتدحضه القرائن. وإلقاء الخبر بهذه الصورة المهولة يجعل السامع مندهشا مما يلقى إليه... إلا أنه وحي شيطان وليس كلاما نبويا كريما.

الحديث الثاني: (من سره أن يحيا حياتي، ويموت مماتي، ويسكن في جنة عدنٍ غرسَها ربي، فليوال علياً من بعدي، وليوال وليه، وليقتدي بالأئمة من بعدي، فإنهم عترتي، خُلقوا من طينتي، رُزقوا فهماً و علماً، وويل للمكذبين بفضلهم من أمتي، القاطعين فيهم صلتي، لا أنالهم الله شفاعتي).

يبدأ الحديث بالسرقة من الحديث النبوي الشريف بعبارة (من سره) وهي واردة في الأحاديث الصحيحة[56]..

ويكثر في الحديث الجناس المتكلف: (يحيا-حياتي) – (يموت-مماتي) ... مما يبعده عن فصاحة النبوة.

وفي قوله: (جنة عدن غرسها ربي) نظم ساذج، لما فيه من تهافت وضعف، ذلك أن إسناد الغرس إلى الله لم يرد في القرآن الكريم، بل لم ترد مادة (غرس) في القرآن كله. وإنما ورد: (أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ) (الواقعة:64)

 وذلك لأن الغرس معناه إثبات الشجر في الأرض، وأما الزرع فهو طرح البذر في الأرض[57].، وعليه ففي كلمة غرس ظلال حسية وتجسيد لما يرافق تثبيت الشجر من جهد وعناء أكثر مما في كلمة زرع لما فيها من إلقاء البذر سريعا والتوكل على الله، وعليه فمن المستبعد إثبات الغرس لله لما فيه من  ظلال الحسية والتجسيم.

وقد كثر في هذا الحديث الإضافة إلى ياء المتكلم (حياتي- مماتي- ربي -عترتي- طينتي- أمتي- صلتي- شفاعتي)، فكثرة الإضافات المتتالية إلى ياء المتكلم بهذا الشكل المتتابع غريب على البيان النبوي، والرسول صلى الله عليه وسلم أجل من أن يعتد بنفسه بهذا الأسلوب الذي يناسب الطواغيت الذين لا يرون في الكون إلا أنفسهم، وأما الأنبياء فهم يهضمون حق أنفسهم في سبيل الآخرين!.

الحديث الثالث: (الوضوء مما خرجَ، وليس مما دخلَ)

ابتداء النص بكلمة الوضوء يوحي بأنه حديث صحيح، فقد وردت أحاديث كثيرة بمثل هذا السياق، مثل قوله صلى الله عليه وسلم: (الوضوء مما مست النار ) رواه مسلم عن زيد بن ثابت[58].

وهذا يؤكد ما قلناه من أن الأحاديث الموضوعة قد تكون نسخة من ورق الكربون عن أحاديث بعضها صحيح، وقد يقوم الوضاع بإجراء بعض التعديلات.

والملاحظة هنا في قوله: (مما خرج) حيث حذف المفعول به، وكذلك في قوله: (وليس مما دخل) أيضا حذف المفعول به، ومثل هذا الحديث التعليمي لا يكون بهذا الإيجاز، ثم إن بعض ما يدخل قد ينقض الوضوء! والمطابقة بين دخل وخرج توحي بالصنعة في هذا الحديث وأنه من فعل فاعل... فهو حديث ركيك مصطنع.

الحديث الرابع: (لا خيرَ في الحبش، إذا جاعوا سرقوا، وإذا شبعوا زنوا، وإن فيهم لخلتين حسنتين: إطعام الطعام، وبأس عند البأس)

يبدأ هذا الحديث بعبارة (لا خير) وهي عبارة شائعة في البيان النبوي، و قد أراد صاحبها أن يلبس على المسلمين، وأن يجعلهم يقعون في تصديق وهمه وأكاذيبه.

وكذلك عطف (إذا) على (إذا) يشبه أسلوب الرسول صلى الله عليه وسلم: (إن أصابته سراء شكر وكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له) من الحديث الذي رواه أحمد في كتاب  الزهد عن صهيب[59].

والحديث الموضوع هنا مسوق للذم، فقد نفى الخير فيهم، ثم عاد وأكد وجود خصلتين حسنتين فيهم، وفي هذا من ركاكة المعنى ما فيه، فكيف يجمع لهم السرقة و الزنا، ثم الكرم والشجاعة؟!. والكرم ينافي السرقة، والزنا ينافي الشجاعة!، ولا يكون الزنا إلا خسلة، ولا يقع إلا من جبان!

وأما قوله ( إطعام الطعام) فهذه عبارة مسروقة من السنة أيضا، وهي شائعة في كتب السنة[60].؛ من ذلك ما ورد في الحديث: (أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، واضربوا الهام، تورثوا الجنان). رواه الترمذي عن أبي هريرة، ورمز السيوطي له بالصحيح[61].

والحاصل أن هذا الحديث فيه من التلبيس ما فيه!، من حيث ألفاظه ومعانيه على حد سواء.

الحديث الخامس: ( أربعٌ لا يشبعن من أربعٍ: أرض من مطر، وأنثى من ذكر، وعين من نظر، وعالم من علم)

مدار هذا الحديث حول أمور أربعة، وبدايته بلفظ (أربع) توهم المستمع أنه من قول النبي صلى الله عليه وسلم، فقد بلغت مثل هذه الصيغة في بعض الأحاديث النبوية[62].، والحديث على ركاكة معناه في مثل قوله: (وأنثى من ذكر) وما فيه من تصوير حسي للغريزة الجنسية عند المرأة، وأنها كالأرض التي لا تشبع من مطر أو غيره... برغم هذا كله هو ساقط في لغته الأدبية، فقد اعتمد على المطابقة والجناس، وهذا بسبب شيوع مدرسة البديع في العصر العباسي. فالأرض والمطر بينهما مطابقة، لأن المطر موطنه السماء، وهي ليست مطابقة صريحة، والطباق بين أنثى وذكر واضح، وأما العين والنظر ففيهما ذكر الآلة وما يكون بسببها وهو شبيه بالمجاز المرسل ذي العلاقة الآلية، وقوله: (عالم من علم) هو جناس ناقص.

وهذا الخبر يشبه أن يكون حكمة، والشطر الأخير فيه يروى بلفظ: (وأذن من خبر) وهو يتسق بهذه الصورة مع السجع المذكور في الكلام كله. وهناك فرق بين أن نستمع إلى هذا الكلام كخبر أو حكمة، أو كحديث! فللحديث النبوي جوّه الجاد، ومهابته في نفوس السامعين. وأما الحكمة فقد تسمعها وتضحك منها أحيانا. وحتى لو تصورنا أن مثل هذا الكلام قد يقبل كحكمة، فإنها لحكمة سطحية ساذجة تقوم على المشاهدة المحسوسة، وليست حكمة تقدحها زناد التجارب وأحداث الحياة.

أخيرا نحن لا نبرئ الحديث النبوي من البديع، فهو موجود فيه، ولكنه جاء عفو الخاطر، وليس فيه هذا التكلف، ولا مثل هذه الحسية الصارخة التي رأيناها في متن هذا الحديث.

الحديث السادس: (أربعٌ لا يصبن إلا بعجب: الصمتُ وهو أولُ العبادة، والتواضعُ، وذكر الله، وقلة الشيء)

في أسلوب هذا الحديث قوله: (أربع) وقد سبق الكلام عليه في الحديث السابق.

والحديث ساقط معنى، فكيف يجعل هذه الأربعة التي هي من سمات الصالحين لا يصبن إلا بعجب، فكأن آثارهن لا تتعدى إلى غير العجب، والعياذ بالله من ذلك!.

والحديث ركيك النظم، ليس فيه سجع، والاستثناء فيه مفرغ، وهذا يعني أن هذه الأربعة لا يتعدى أثرها إلى غير العجب، والكلام بصيغة القصر، وكأن فيه تحذيراً من هذه الخصال الأربعة، علما أن الصمت أولها وهو أول العبادة! فالكلام يضرب بعضه بعضا. وهو ساقط في النهاية!

الحديث السابع: (المتعبدُ بلا فقهٍ كالحمار في الطاحونة)

المأثور أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمل كلمة الرحى محل الطاحونة، ولم ترد كلمة طاحونة في الحديث النبوي[63].

والتشبيه هنا مبتذل، والأسلوب ساقط سوقي، ولا يتماشى مع البلاغة النبوية، والعلاقة بين الطرفين: المشبه والمشبه به غير واضحة، ووجه الشبه محذوف وهو لا يعم الطرفين في حال تقديره، فلو قدرناه أنه إجهاد النفس بلا طائل فغير صحيح، لأن الحمار عندما يعمل في الطاحونة يطعمه صاحبه ويعتني به، بعكس المتعبد بلا فقه، فقد يحرم الأجر!

الحديث الثامن: (أصحابي كالنجوم؛ بأيهم اقتديتم اهتديتم)

اعتد بهذا الحديث كثير من السلف والخلف، ويندر أن تجد كتابا في البلاغة ليس فيه هذا الحديث، وقد ذكر السكاكي معنى هذا الحديث دون أن يرفعه، فكان دقيقا في عمله رحمه الله تعالى[64].

 والحديث رغم أنه يحمل معنى طيبا إلا أنه غير صحيح. ذلك لأن الأصل في الاقتداء أن يكون بالرسول صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً) (الأحزاب:21)، وقد جعل الله ـ سبحانه ـ علامة محبته اتباع نبيه صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (آل عمران:31)، وجعل طاعة محمد صلى الله عليه وسلم طاعة لله، قال تعالى: (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً) (النساء:80)، وامتدح من يتبعه من أهل الكتاب، قال تعالى: (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْأِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (لأعراف:157).

وفي السنة وردت آثار كثيرة تحث على الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، فهو القدوة، وصاحب الوحي دون سواه، فعن مالك بن الحويرث قال: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: (صلوا كما رأيتموني أصلي...) [65]. وعن عبادة بن الصامت، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خذوا عني خذوا عني ...) [66]. وعن جابر. قال، رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يرمي على راحلته يوم النحر، ويقول: (لتأخذوا مناسككم؛ فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه).[67]

وينبغي متابعة خيار الصحابة أيضا، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مرشدا لنا:  (.. فعليكم بسنتي، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ)[68].

ومتابعة الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ على العموم أمر جيد، وذلك في حالة عدم وجود نص، أو وجود معضلة جديدة لم تكن في عصر الرسالة، أما مطلق الصحابة هكذا، والاقتداء بهم في كل ما ذهبوا إليه من آراء منها الراجح، و منها المرجوح، فليس هذا هو المطلوب شرعا ولا عقلا.

والحديث يقوم على التشبييه... ووجه الشبه مطلق الهداية، والحق أن مطلق الهداية لا تعم النجوم كلها، فمنها ما يكون للهداية، ومنها للإضاءة، ومنها للرجم، وإليه الإشارة في قول ابن الرومي يمدح آل طاهر:[69]

آراؤكم ووجوهكم وسيوفكم                

              في الحادثات إذا دجونَ نجومُ                   

         منها معالم للهدى ومصابح

                                 تجلو الدجى والأخريات رجومُ   

    

وعليه فمطلق الهداية لا يعم المشبه به، وإن كان قد يعم المشبه، ومن ثم وجه الشبه في المشبه به غير واضح، والكلام غير بليغ، ومستبعد أن يصدر من مشكاة النبوة.

الحديث التاسع: (أهل بيتي كالنجوم؛ بأيهم اقتديتم اهتديتم).

التشبيه في هذا الحديث يقال فيه ما قيل عند الحديث الثامن، وحاشا لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصرف أمته لاتباع الأشخاص وتقليدهم، أو تقديسهم، على الرغم من اتفاق الأمة قاطبة على صلاح آل البيت وفضلهم وجلالة قدرهم رضي الله عنهم، والثابت الصحيح أنه أمرهم بالاعتصام بكتاب الله وسنة نبيه[70]، وهذا هو اللائق بتوجيه النبي الكريم صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

الحديث العاشر: (اختلافُ أمتي رحمةٌ)

الحديث موجز، ويوهم أنه من الأحاديث الجامعة الصحيحة لأول وهلة، ولكن التأمل فيه لفظا ومعنى يجعلك تتأكد من عدم صحته، فالاختلاف في الأمة كان سببا في كثير من الأحيان للتطاحن المذهبي، وإيجاد الفرقة، وذهاب الشوكة في النهاية!

والمكرفي وضع هذا الحديث يبدو جليا في استعمال لفظ (أمتي) وهو لفظ وارد كثيرا في السنة النبوية[71].. ويوهم هنا أن المراد كما يفسره بعضهم هو الاختلاف في المذاهب وما فيه من التوسعة على الأمة، وليس هذا هو المقصود هنا، وحصره بالمذاهب لا دليل عليه، وكلمة اختلاف توحي بكل شيء، وتعم كل شيء، وعليه فنحن نستبعد أن يكون هذا الحديث ذا أصل ثابت!

الحديث الحادي عشر: (من عرفَ نفسَه عرف ربَّه).

 حديث موجز يوحي ابتداؤه بصيغة (من) أنه من الأحاديث النبوية[72].، ولكن لا أصل له، وفيه ركاكة واضحة بتكرار الفعل (عرف). والفصيح في أساليب العربية مجيء الفاء في جواب الشرط، وذلك كما في قوله تعالى: (مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) (الأنعام:160).

الحديث الثاني عشر: (مَن لذَّذ أخاه بما يشتهي؛ كتبَ الله له ألف ألف حسنة، ومحى عنه ألف ألف سيئة، ورفع له ألف ألف درجة، وأطعمه الله من ثلاثِ جناتٍ: جنة الفردوس، وجنة عدن، وجنة الخلد).

فيه كلمة لذّذ... ويشتهي. وسياق التلذيذ والشهوة في موضع واحد من غير قيد لأن تكون هذه اللذة بالحلال لا بالحرام أمارة وضع، والأسلوب كله ركيك، ويقال في الابتداء بمن ما قيل في الحديث السابق، والحديث فيه مبالغات عددية، وذكر لثلاث جنات دفعة واحدة، ومثل هذا التعداد هو عمل البطالين ينسجونه فيروق النسيج للعامة، وحاشا لمن أدبه ربه أن ينطق بمثل هذا الهراء.

الحديث الثالث عشر: (ركعتانِ بعمامةٍ خير من سبعينَ ركعةٍ بلا عمامة).

القياس الصحيح أن يقال: ركعة بالمفرد لا بالتثنية، والحديث يقوم على المبالغة العددية، وهي من شأن الوضاعين وأداتهم التي يعتمدون عليها في التهويل والتخويف. وإضافة (ركعتان) إلى عمامة، وتكرار لفظ عمامة في الحديث، يلون الحديث بجو السخرية المقيتة، ويجعلنا نستهجن هذا السياق كله، لأن الله لا ينظر إلا إلى قلوب عباده وليس إلى العمائم أو القمصان.

الحديث الرابع عشر:  (الصلاةُ في العمامة تعدلُ بعشرة آلاف حسنة).

فيه المبالغة الممقوتة وهي عشرة آلاف حسنة، والبيان النبوي الكريم منزه عن رمي الأرقام الكبيرة جزافا كما الشيكات بلا رصيد، فكل كلمة في الأحاديث الصحيحة لها دلالتها وموقعها، وإلقاء الأرقام الكبيرة هو شأن الوضاعين على الغالب.

ويلحظ أن قاموس المفردات في هذا الحديث مأخوذ كله من الأحاديث الصحيحة.

الحديث الخامس عشر:  (عليكم بالوجوهِ الملاحِ، والحدق السود، فإن الله يستحي أن يعذب وجهاً مليحاً بالنار).

حديث ركيك معناه، وواضعه من أهل الهوى والعياذ بالله. وفيه من الركاكة الشيء الكثير. منها القصر في أسلوب: (عليكم بالوجوه الملاح)، فليس من شأن النبوة أن تدفع الناس إلى حب أصحاب الوجوه الجميلة والناس تحبها بالفطرة! وإنما هي تهذب هذا الإحساس وتقومه وتهديه بأخصر عبارة وأقوم لفظ.

وإسناد الاستيحاء إلى الله أيضا تنفر. النفس منه في هذا الموضع، فكيف يستحي الله من تعذيب الوجه المليح ويعذب القبيح وهو الخالق للاثنين؟!.

وقوله (بالنار) الصواب فيه (في النار) لأن (في)تفيد الظرفية المكانية هنا أكثر من الباء، فالصحيح هنا هو (في النار) وليس (بالنار).

وقد استخدم الوضاع أسلوب (عليكم) وهو أسلوب شائع في الحديث النبوي[73]، فلبس على الناس بتقليده لطريقة الخطاب النبوي.

الحديث السادس عشر: (لولاكَ لما خلقتُ الأفلاكَ).

حديث قوامه على السجع، وهو مما راج بسبب المدرسة البديعية في الشعر العباسي، وموقعه حسن في السمع، إلا أنه يصلح للتغني والموسيقى أكثر مما يصلح للفكر والبحث، فإن الله خلق الخلق ومحمداً منهم ليعبدوه، وما خلق الخلق لأجل محمد، وكل ما ورد في هذا الصدد لا أصل له، وإنما يريدون إطراء النبي بما هو غير صحيح ولا ثابت في الشرع الحنيف،  والعاقل من وقف عند حدود الله تعالى.

الحديث السابع عشر: (يا أبا هريرةَ، علم الناسَ القرآن وتعلمه، فإنك إن مت وأنت كذلك؛ زارت الملائكة قبرك، كما يُزار البيتُ العتيق).

القياس الصحيح أن يقول: تعلم القرآن وعلمه الناس، كما قال: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه). رواه البخاري والترمذي عن علي، وأحمد وأبو داود وغيرهما عن عثمان[74].

وأما التشبيه في قوله (زارت الملائكة قبرك كما يزار البيت العتيق) فهو تشبيه ساقط لفظا ومعنى... فكيف يكون القبر بمثابة البيت الذي جعله الله مثابة للناس وأمنا؟ وكيف لا تنقطع الملائكة عن زيارة ذلك القبر والطواف به؟ إن هذا كله ساقط في عرف الشرع،  باطل في حكم العقل، مستهجن في علم الأسلوب، لما فيه من المبالغة والبعد بين المشبه والمشبه به، وعدم التلاؤم بينهما. ولعل واضع هذا الحديث من هواة التمسح بالقبور، أو من الدعاة إلى ذلك، والعياذ بالله من ذلك كله!

وانظر إلى قوله (البيت العتيق) وكيف اقتبسه من قوله تعالى: (وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ)(الحج: من الآية29) ليديلس على الناس فيأخذوا حديثه!.

الحديث الثامن عشر: (إن في الجنة باباً يُقال له الضحى، لا يدخل منه إلا من حافظَ على صلاة الضحى).

قوله: (إن في الجنة) مقتبس من نصوص الأحاديث الصحيحة، فهو محاكاة للبيان النبوي[75].

ويلحظ في هذا الحديث تكرار كلمة الضحى مرتين، بقصد السجع، ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليتكلف السجع كالكهان وغيرهم! وإلاّ فما معنى أن يسمى الباب باسم صلاة الضحى.

وقوله: (لا يدخل منه) إطناب بارد، والأقوى أن يقول (لا يدخله) لأن دخل فعل متعد، قال تعالى: (وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّداً)(البقرة: من الآية58). فالحديث كما يلاحظ  ضعيف النسج والمعنى!.

الحديث التاسع عشر: (إن لله ملائكةً موكلين بأبواب الجوامع يوم الجمعة، يستغفرونَ لأصحاب العمائم البيض).

فيه محاكاة للبيان النبوي على نسق الحديث السابق، حيث استهل الكلام بـ ( إن). ولفظ الجوامع ليس شائعا في الكتاب ولا السنة، وإنما المستعمل لفظ المساجد. ولعل الواضع عمد إلى كلمة الجوامع للمجانسة مع كلمة الجمعة، فظهرت ركاكة الأسلوب هنا، لأن الجناس المتكلف ينافي البلاغة، ووصف العمائم بالبيض أيضا ركاكة ظاهرة، ولا فائدة فيه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم منزه عن الحشو في الكلام، والإطالة من غير طائل.

الحديث العشرون: ("يا جبريل صف لي النار، وانعت لي جهنم". فقال جبريل: إن الله تبارك وتعالى أمر بجهنم؛ فأوقد عليها ألف عام حتى ابيضت، ثم أمر بها فأوقد عليها ألف عام حتى احمرت، ثم أمر بها فأوقد عليها ألف عام حتى اسودت، فهي سوداء مظلمة، لا يضيء شرارها، ولا يُطفأ لهبها، والذي بعثكَ بالحق: لو أن خازناً من خزنة جهنم، برز إلى أهل الدنيا فنظروا إليه؛ لمات من في الأرض كلهم من قبح وجهه، ومن نتنِ ريحه، والذي بعثك بالحق: لو أن حلقةً من حلق سلسلة أهل النار التي نعت الله في كتابه؛ وضعت على جبال الدنيا لارفضَّت، وما تقارَّت، حتى تنتهي إلى الأرض السفلى. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:  "حسبي يا جبريل لا يتصدع قلبي، فأموت". قال فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جبريل وهو يبكي، فقال: "تبكي يا جبريل وأنت من الله بالمكان الذي أنت به؟!". فقال: مالي لا أبكي؟ أنا أحق بالبكاء، لعلي ابتلى كما ابتلي به إبليس، فقد كان من الملائكة، ولا أدري لعلي أبتلى بما ابتلي به هاروت وماروت. قال فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبكى جبريل عليه السلام، فمازالا يبكيانِ حتى نُوديا: أن يا جبريلُ! ويا محمدُ! إن الله قد أمنَّكما أن تعصياه. فارتفعَ جبريلُ عليه السلام، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمرَّ بقومٍ من الأنصار يضحكون ويلعبون، فقال: "أتضحكون ووراءكم جهنم؟ لو تعلمونَ ما أعلم؛ لضحكتم قليلاً، ولبكيتم كثيراً، ولما أسغتم الطعامَ والشرابَ، ولخرجتم إلى الصُّعداتِ تجأرونَ إلى الله عز وجل ..". فنودي: يا محمد! لا تُقنط عبادي، إنما بعثتك ميسراً، ولم أبعثك معسراً. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سددوا وقاربوا").

نذكر في البداية تعقيب الشيخ اللباني على هذا الحديث وما فيه من تناقض معانيه مع ما ورد في الذكر الحكيم، فقد قال معقبا عليه: (فيه ما هو مخالف للقرآن الكريم في موضعين منه:

الأول: قوله في إبليس: "كان من الملائكة". والله عزوجل يقول فيه: (كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ )(الكهف: من الآية50)...

والموضع الثاني: قوله "ابتلي به هاروت وماروت". فإن فيه إشارة إلى ما ذكر في بعض كتب التفسير:أنهما أنزلا إلى الأرض، وأنهما شربا الخمر، وزنيا، وقتلا النفس بغير حق،فهذا مخالفا لقول الله تعالى في حق الملائكة: ( لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)(التحريم: من الآية6) ولم يرد ما يشهد لما ذكر) [76]

ونضيف إلى ما قاله الشيخ الألباني، أن في هذا الحديث اضطرابا ظاهرا، وتكلفا، وافتراء على النبوة، فمن ذلك:

1- قوله: (يا جبريل صف لي النار، وانعت لي جهنم) جملة (وانعت) مكررة للأولى، وليس لها أي فائدة بلاغية. لأن النعت هو الوصف،  وجهنم هي النار، فلا فائدة من التكرار هنا.

2- وفيه مبالغات شتى لا تتماشى مع الحديث النبوي الصحيح، فمن ذلك ما ذكره في وصف  خازن جهنم، وسلسلة أهل النار، وكلمة الأرض السفلى، وكلها مبالغات ممجوجة لا يقبلها العقل السليم.

3- خوف النبي صلى الله عليه وسلم وبكاء جبريل هو سيناريو مفترى  افتعله الوضاع ليلقي على كلامه جو الفزع والرعب!

4- قول جبريل: (إبليس كان من الملائكة) يخالف ما جاء في القرآن الكريم من أن إبليس كان من الجن وليس من الملائكة.

5- إدانة الرسول  صلى الله عليه وسلم لقوم من الأنصار يضحكون ويلعبون، لا يتماشى مع بيانه العذب في أحاديث أخرى يحث فيها على الترويح والمرح البريء.

6- ضمن الحديث بعض الأحاديث الضعيفة والصحيحة مما لها أصل في السنة...ومنها:

أ- ( أوقد على النار ألف سنة حتى احمرت، ثم أوقد عليها ألف سنة حتى ابيضت، ثم أوقد عليها ألف سنة حتى اسودت، فهي سوداء مظلمة كاليل المظلم) رواه الترمذي وابن ماجه، ورمز له السيوطي بالضعف، وهو من رواية أبي هريرة رضي الله عنه[77]، وعقب المناوي عليه فذكر بأنه روي (مرفوعا وموقوفا، وقال الترمذي ووقفه أصح، ورواه البيهقي عن أنس) [78].

ب- قوله: (لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا). حديث صحيح،رواه أحمد والشيخان والترمذي والنسائي وابن ماجة[79]، قال المناوي: (عن أنس، قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة، ما سمعت بمثلها قط، ثم ذكره، وجاء في رواية أن تلك كانت خطبة الكسوف).[80].

ج- وجاءت الزيادة (ولما ساغ لكم الطعام ولا الشراب) في حديث رواه الحاكم عن أبي ذر، ورمز السيوطي له بالصحة[81]..

والزيادة (ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله عز وجل لا تدرون تنجون أو لا تنجون) جاءت في رواية الطبراني والحاكم والبيهقي عن أبي الدرداء، ورمز لها السيوطي بالصحة[82]..

د- قوله: (سددوا وقاربوا) جاء بروايات حسنة وصحيحة، منها ما رواه أحمد والبخاري ومسلم عن عائشة ضمن حديث موجز[83]، فهذه الأحاديث أدرجها الوضاع ضمن الحديث الذي اخترعه ليلبس به على الناس، وهذا هو أسلوب الوضاعين دوما، يخلطون الصحيح بالضعيف والموضوع، وذلك ليخدعوا الناس فيما يخترعونه لهم من أحاديث موضوعة.

7- الحديث طويل، وأحداثه كثيرة، وهو لا يتماشى مع البيان النبوي الذي يميل في معظمه إلى اللمح والاقتضاب.

8- نسبة التقنيط إلى محمد في قوله: (نودي يا محمد لا تقنط عبادي) لا يتماشى مع منهج النبوة القائم على التيسير والرحمة، ولا مع أدب القرآن في خطاب النبي صلى الله عليه وسلم.

الحديث الحادي والعشرون: (من أنكرَ خروج المهدي؛ فقد كفر بما أنزل على محمد، ومن أنكر نزول عيسى ابن مريم فقد كفر، ومن أنكر خروج الدجال فقد كفر، ومن لم يؤمن بالقدر خيره وشره فقد كفر، فإن جبريل عليه السلام أخبرني بأن الله تعالى يقولُ: من لم يؤمن بالقدر خيره وشره فليتخذ رباً غيري).

في الحديث تكرار لفظة من أنكر... وهو لفظ شائع بعد عصر النبوة، ولم نعهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يتكلم بهذا الأسلوب، وإنما المستخدم في أسلوب السنة (من كفر)... وقد جعل التكرار هذا الحديث ركيك المعنى...وفيه المبالغة في الجملة الأولى حين جعل إنكار المهدي (كفر بما أنزل على محمد) واكتفى بكلمة كفر في إنكار الدجال والقدر. علما أن الثابت في السنة الصححة التركيز على الإيمان بفتنة الدجال. والقدر خيره وشره أكثر بكثير مما ورد في  شأن المهدي! فهو مما يخالف أسلوب النبي صلى الله عليه وسلم.

وقوله(فإن جبريل عليه السلام أخبرني بأن الله تعالى). مجييء الباء قبل أن هنا غير فصيح، والفصيح حذف الباء بعد أخبرني ونحوها، وذلك كما قال تعالى: (نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (الحجر:49).

وقوله (القدر خيره وشره) مسروق من لفظ الأحاديث الصحيحة، وقد ورد في حديث عمر رضي الله عنه، عندما طلع عليهم جبريل في مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم،وسأله عن الإسلام والإيمان والساعة  وأماراتها، والحديث رواه  مسلم[84].

وهكذا يلبس شياطين الإنس على المسلمين دينهم حتى  يخدعوهم، ويوقعوهم في شراكهم.

الحديث الثاني والعشرون: (خيرُ يومٍ طلعت عليه الشمس: يومُ عرفة إذا وافق يوم جمعةٍ، وهو أفضل من سبعين حجةٍ في غيرها).

قوله: (خير يوم طلعت فيه الشمس يوم عرفة) هو محاكاة للبيان النبوي[85]، وأما قوله (إذا وافق يوم الجمعة) فهو زيادة ركيكة، ولا سيما استعمال كلمة وافق وهي كلمة شائعة لدى المشتغلين بالتاريخ، وقوله (وهو أفضل...) هو من المبالغات المقيتة التي يعمد إليها الوضاع لترويج الأحاديث.

قوله (في غيرها) الضمير ورد خطأ هنا حين عاد للمؤنث، والصواب فيه: (في غيره) ليعود على اليوم وليس على الحجة. وهذا الحديث في غاية الركاكة والضعف.

الحديث الثالث والعشرون: (إن الطيرَ لتضربُ بمناقيرها على الأرض، وتحركُ أذنابها من هول يوم القيامة ...).

هذا الحديث الوضع فيه ظاهر، فهو ساقط المعنى واللفظ، فزيادة (على) في قوله (على الأرض) لا معنى له، والأفصح (الأرض) لأن ضرب فعل متعد، ثم عطف تحرك على تضرب لا معنى له، فقد رسم صورة للطير في حالة الخوف من يوم القيامة لا تخالف صورتها في حالتها العادية، لأن الطير دائما هذا هو شأنها، تضرب بمناقيرها وتحرك أذنابها، فهي أكثر الكائنات نشاطا وانطلاقا، ولو أنها خافت من يوم القيامة إلى هذا الحد لكان ينبغي لها أن تخشع وتثبت، لا أن ترفرف و تنطلق!

الحديث الرابع والعشرون: (كلُّ مشكلٍ حرام، وليس في الدينِ إشكال) موضوع[86]. وقد نقل الألباني عن ابن حبان قوله: (وليس تحفظ  هذه اللفظة عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من طريق صحيح) .[87]

سياق الحديث من الأول يوحي أنه مسروق من  حديث صحيح، فكثيرا ما تبدأ الأحاديث الصحيحة بلفظ كل[88]، وفي الحديث تكرار لمادة شكل ابتغاء للجناس، وكلمة مشكل لم تأت في في غريب الحديث مستقلة، وأما في اللغة فمعناها (الملتبس، وعند الأصوليين: ما لا يُفهم حتى يدل عليه دليل من غيره، والخنثى المشكل: ما لا يتبين من أي الجنسين هو!) [89]..

والملاحظ هنا أن الأقرب في معنى المشكل: هو المشبهات التي لا يعلمها كثير من الناس، ثم عقب ذلك: (وليس في الدين إشكال) والمعنى غير منسق مع الشطر الأول، وكلمة إشكال ليست من قاموس الألفاظ النبوية، ولم ترد حتى في كتب غريب الحديث[90].

الحديث الخامس والعشرون: (العربونُ لمن عربنَ).

حديث ركيك، ولم ترد لفظة العربون في الأحاديث الصحيحة[91]، والحديث فيه مجانسة بين العربون وعربن، وهو يوحي بالوضع، ويبدو أن واضعه من أهل العرابين!

ثالثا: خاتمة حول خصائص أساليب الأحاديث الموضوعة ، وتتضمن نتائج البحث

نوجز أهمها بما يأتي:

1- الأحاديث الموضوعة غالبا ما تعتمد على محاكاة أساليب الأحاديث الصحيحة،  وتحاول احتذاءها في نسقها و شكلها وأغراضها، فهي من حيث الشكل الفني كأنها نسخة مزورة عن الصحيح الثابت في بعض الأحيان، إلا أن التزوير لا يخفى على أهل المعرفة، وكثير من أساليبها يمكن أن يصنف ضمن السرقات الأدبية.

والسرقة هنا لا تدخل ضمن الاقتباس، لأن الاقتباس هو: (أن يُضمن الكلامُ شيئا من القرآن أو الحديث لا على أنه منه، كقول الحريري: فلم يكن إلا كلمح البصر أوهو أقرب، حتى أنشد فأغرب) [92].

 فالاقتباس يشترط فيه أن يكون خفيا، يشعر السامع بأن المتكلم قد ضمن شيئا من القرآن أو الحديث، وهنا في الأحاديث الموضوعة يصرح بأن ما وضعه هو كلام للرسول صلى الله عليه وسلم، ومن ثم لم يعد ينطبق عليه تعريف الاقتباس.

وهنا يحسن أن نعود إلى تعريفات البلاغيين، إذ الراجح عند البحث والتحقيق أن هذه السرقات تدخل في أحد الأبواب الآتية:

أ-  الإغارة والمسخ، وهو: أخذ المعنى مع تغيير لنظمه، أو قد يأخذ بعض اللفظ[93].

ب- وإن كان المأخوذ المعنى وحده سمي إلماما وسلخا[94].

ج- وإذا نقل معنى الأول إلى غير محله سمي النقل[95].

د- وإذا كان معنى الثاني نقيض الأول سمي القلب[96].

وعلى الرغم من أن هذه الاصطلاحات وضعت أصلا  للشعر، بيد أنه يمكن استخدامها هنا، ولا تعدو الأحاديث الموضوعة أن تندرج في معظمها ضمن هذه الأبواب الأربعة، وأكثر ما تدور حول البابين الأوليين: المسخ والسلخ، وهي على الإجمال تندرج تحت السرقات القبيحة، لأنها تفسد المعنى الأصلي كما تفسد اللفظ عندما تحاول التغيير والتبديل فيه، فهي من الناحية الفنية سرقات مذمومة، ومن الناحية الدينية كذب وافتراء على النبي صلى الله عليه وسلم.

2- تعتمد الأحاديث الموضوعة على المبالغة في كل شيء، والتهويل في الثواب والعقاب، وهو مما تنأى عنه فصاحة النبي صلى الله عليه وسلم.

3- كثير من الأحاديث الموضوعة يكون طويل مملا، خلافا للأحاديث الصحيحة التي يميل معظمها للإيجاز.

4- في الأحاديث الموضوعة تكرار كبير للألفاظ والعبارات.

5- تعتمد الأحاديث الموضوعة على المحسنات البديعية، فهي متأثرة بمدرسة البديع في الشعر العباسي، والتي بدأت على يد مسلم بن الوليد، وأبي تمام الطائي، وامتد أثر هذه المدرسة إلى الكتاب و المثقفين في ذلك العصر، بما في ذلك القصاص والوضاعون.

6- التشبيهات في الأحاديث الموضوعة مبتذلة، وغير محققة للغرض الذي تساق لأجله كما يجب.

7- الأسلوب ركيك ومبتذل... وفيه كلمات دارجة من العصر العباسي وليست من عصر النبوة.

8- الأحاديث الموضوعة جافة، وخالية من العاطفة التي تميزت بها الأحاديث النبوية، ولاسيما في حالتي الترغيب والترهيب.

9- تتضمن الأحاديث الموضوعة بعض الألفاظ من الأحاديث الصحيحة للتدليس على القراء وعامة الناس.

10- موضوعات الأحاديث الموضوعة متعددة، ولكنها ليست بسعة موضوعات الأحاديث الصحيحة، وكثير منهال يتفق مع أغراض الدين مثل أحاديث ذات السودان والحبشة وغيرها، قال ابن القيم (أحاديث ذم الحبشة والسودان كلها كذب).[97]

11- في الأحاديث الموضوعة مجازات وعبارات لا تصدر عن مسلم من عامة المسلمين[98]، فكيف تنسب إلى من أدبه ربه فأحسن تأديبه؟!.

12- في الأحاديث الموضوعة عبارات لم تكن شائعة في عصر النبوة، وكذلك فيها مصطلحات وكلمات لم تكن مستعملة في عصر النبوة.

تلك هي أهم خصائص الأحاديث الموضوعة.

 نسأل الله أن يلهمنا الصواب فيما نقول و منه العون والتوفيق.

المصادر والمراجع:

إعجاز القرآن والبلاغة النبوية، للرافعي، دار الكتاب العربي، بيروت، ط9، 1393هـ/1973م.

الإيضاح في علوم البلاغة، للقزويني، تحقيق د. محمد عبد المنعم خفاجي، دار الكتاب اللبناني، بيروت، ط5، 1403هـ/ 1983م.

البيان والتبيين، للجاحظ، ت: عبد السلام هارون، مكتبة الخانجي بمصر، ط4، 1395هـ/1974م.

الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث لابن كثير، أحمد محمد شاكر، مؤسسة الكتب الثقافية، بيروت، ط3، 1408هـ.

التبيان في البيان،  للطيبي، ت:د. توفيق الفيل، مطبوعات جامعة الكويت، ط1، 1986م.

الجامع الصغير، للسيوطي،دار المعرفة، بيروت، د. ت

الخلاصة في أصول الحديث، للطيبي، تحقيق: صبحي السامرائي، عالم الكتب، بيروت، ط1، 1405هـ/ 1985م.

ديوان ابن الرومي، ت: د. حسين نصار، مطبعة دار الكتب، 1393- 1401هـ /1973-1981م.

سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة، للألباني، المكتب الإسلامي، دمشق، ط5، 1405هـ/ 1985م.

الشعر والشعراء، لابن قتيبة، راجعه محمد عبد المنعم العريان، دار إحياء العلوم، بيروت، ط4، 1412هـ/1991م.

الفائق في غريب الحديث ، للزمخشري، ت: علي محمد البجاوي وزميله،نشر عيسى البابي الحلبي،ط2، د. ت.

فيض القدير شرح الجامع الصغير، للمناوي،دار المعرفة، بيروت، د. ت.

كتاب الصناعتين، للعسكري، ت: د. مفيد قميحة، دار الكتب العلمية، بيروت،ط1،  1401هـ/1981م.

كتاب الطراز، للعلوي، دار الكتب العلمية، بيروت، 1402هـ/1982م.

لسان اللسان، دار الكتب العلمية، ط1، 1413هـ/1993م

مباحث في علوم الحديث الشريف، للقطان، مكتبة وهبة، مصر، ط2، 1412هـ/1992م.

المثل السائر، لابن الأثير، ت:د. أحمد الحوفي و  د. بدوي طبانة، دار نهضة مصر، الفجالة، القاهرة، د. ت.

مشكاة المصابيح، للتبريزي، تحقيق الألباني، المكتب الإسلامي، دمشق، ط3، 1405هـ/ 1985م.

مقدمة ابن الصلاح، تحقيق بنت  الشاطئ، مطبعة دار الكتب، 1974م.

المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم، وضعه محمد فؤاد عبد الباقي، المكتبة الإسلامية، إستانبول، 1984م.

المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي، نشره أ.و. ونسنك، دار الدعوة، إستانبول، 1986م.

المعجم الوسيط، للزيات وزملائه، دار إحياء التراث الإسلامي، قطر.

مفتاح العلوم، للسكاكي، مراجعة نعيم زرزور، دار الكتب العلمية، بيروت، ط2، 1407هـ/1987م.

مناهل العرفان، للزرقاني، دار الفكر، بيروت،1408هـ/1988م.

الموضوعات، لابن الجوزي، تحقيق وفيق حمدان، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1415هـ/1995م

النكت على كتاب ابن الصلاح، ابن حجر العسقلاني، تحقيق ربيع هادي عمير، ضمن سلسة إحياء التراث الإسلامي (14)، المجلس العلمي بالجامعة الإسلامية، المدينة المنورة، ط1، 1404هـ/ 1984م.

النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير، ت: الطاهر أحمدالزاوي، ومحمود الطناحي، دار إحياء الكتب العربية، ط1، 1383هـ/1963م.

 - كتاب الصناعتين، ص (13).[1]

 - الموضوعات، لابن الجوزي، تحقيق وفيق حمدان، (1/21).[2]

- البيان والتبيين، (2/17-18).[3]

- الفائق في غريب الحديث ، (1/11).[4]

- المثل السائر، (1/140--141).[5]

- كتاب  الطراز، (1/160).[6]

- إعجاز القرآن والبلاغة النبوية،ص (279).[7]

- يقصد البلاغة النبوية .[8]

- إعجاز القرآن والبلاغة النبوية، ص (332).[9]

- مناهل العرفان، (2/338).[10]

- إعجاز القرآن والبلاغة النبوية، ص (286).[11]

- المرجع السابق ، ص (287).[12]

- مناهل العرفان، (2/430).[13]

- مناهل العرفان، (2/431).[14]

- مقدمة ابن الصلاح، تحقيق بنت  الشاطئ، ص (212).[15]

- .النكت على كتاب ابن الصلاح، تحقيق ربيع هادي عمير، (2/838).[16]

- مقدمة ابن الصلاح، تحقيق بنت  الشاطئ، ص (214).[17]

- انظر: الخلاصة في أصول الحديث، للطيبي، تحقيق: صبحي السامرائي، ص (76).[18]

- مقدمة ابن الصلاح، تحقيق بنت  الشاطئ، ص (212).[19]

- انظر: سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة، للألباني،(1/6).[20]

- مقدمة ابن الصلاح، تحقيق بنت  الشاطئ، ص (212.-213).[21]

-  انظر: مباحث في علوم الحديث الشريف، للقطان، ص (33-35 ).[22]

- .النكت على كتاب ابن الصلاح، تحقيق ربيع هادي عمير، (2/844 – 845).[23]

- مقدمة ابن الصلاح، تحقيق بنت  الشاطئ، ص (212).[24]

- .النكت على كتاب ابن الصلاح، تحقيق ربيع هادي عمير، (2/844).[25]

- .الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث لابن كثير، ص (64).[26]

- .النكت على كتاب ابن الصلاح، تحقيق ربيع هادي عمير، (2/843 - 844).[27]

 - انظر: الشعر والشعراء، ص (24- 27).[28]

- .النكت على كتاب ابن الصلاح، تحقيق ربيع هادي عمير، (2/843).[29]

-  سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة، للألباني،(2/292).[30]

- سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة، للألباني،(2/292).[31]

- المرجع السابق،(2/376).[32]

- المرجع السابق،(2/152).[33]

- المرجع السابق،(2/184).[34]

- المرجع السابق،(2/197).[35]

- المرجع السابق،(7/198).[36]

- المرجع السابق،(1/78).[37]

- المرجع السابق،(1/84).[38]

- المرجع السابق،(1/76).[39]

- المرجع السابق،(1/96).[40]

- المرجع السابق،(1/141).[41]

- المرجع السابق،(1/160).[42]

- المرجع السابق،(1/161).[43]

- المرجع السابق،(1/163).[44]

- المرجع السابق،(1/299).[45]

- المرجع السابق،(1/285).[46]

- المرجع السابق،(1/388).[47]

- المرجع السابق،(1/388).[48]

- المرجع السابق،(2/312).[49]

- المرجع السابق،(3/201).[50]

- المرجع السابق،(3/341).[51]

- المرجع السابق،(3/417).[52]

- المرجع السابق،(3/594).[53]

- المرجع السابق،(3/363).[54]

 -  فيض القدير شرح الجامع الصغير، (5/433)، الحديث رقم (7860).[55]

 -  انظر: الجامع الصغير، (6/149-152)،  الأحاديث (8742 إلى 8750).[56]

 -  انظر:مادة (زرع)ومادة (غرس) في لسان العرب..[57]

 -  انظر:  الجامع الصغير، (6/375-376)،  الأحاديث (9675 إلى 9683).[58]

 -  الجامع الصغير، (4/320)،  الحديث رقم (5382)..[59]

 -  انظر: الجامع الصغير، (1/537)، الأحاديث (1098 إلى 1101).[60]

 -  الجامع الصغير، (2/23)،  الحديث رقم: (1231).[61]

 -  انظر: الجامع الصغير، (1/461-470)،  الأحاديث (912 إلى 930).[62]

 -  انظر مثلا: النهاية في غريب الحديث، والأثر لابن الأثير، والمعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي، مادة (طحن).[63]

 -  انظر: مفتاح العلوم للسكاكي، ص (336)، والتبيان للطيبي، ص (149).[64]

 -  متفق عليه، انظر:مشكاة المصابيح، للتبريزي، بتحقيق الألباني.(1/215)، الحديث (683).[65]

 -  رواه مسلم، انظر:مشكاة المصابيح، للتبريزي، بتحقيق الألباني.(2،1057)،، الحديث (3558).[66]

 -  رواه مسلم، انظر:مشكاة المصابيح، (2/805)،، الحديث (3618).[67]

 - من حديث رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه، انظر:مشكاة المصابيح، (1/58)،، الحديث (165).[68]

 -  ديوان ابن الرومي، (6/2345).[69]

 -  انظر: باب الاعتصام بالكتاب والسنة، من كتاب الإيمان،  مشكاة المصابيح للتبريزي، (1/51-69).[70]

 -  انظر: الجامع الصغير، (2/184-185)،  الأحاديث (1619-1620).[71]

 -  انظر: الجامع الصغير، (6/18-244)،  الأحاديث (8264-9111).[72]

 -  انظر: الجامع الصغير، (4/335-354)،  الأحاديث (5507-5586).[73]

 -   الجامع الصغير، (3/499)،  الحديث: (4111).[74]

 -  انظر: الجامع الصغير، (2/463-470)،  الأحاديث (2311-2327).[75]

- المرجع السابق،(2/312).[76]

 -   انظر: الجامع الصغير، (3/80)،  الحديث: (2799).[77]

 -  فيض القدير شرح  الجامع الصغير، (3/80)،  الحديث: (2799).[78]

 -  انظر: الجامع الصغير، (5/315)، الحديث رقم: (7436).[79]

 -  فيض القدير شرح الجامع الصغير، (5/316).[80]

 -  انظر: الجامع الصغير، (5/361)،  الأحاديث (7437-7438).[81]

 -  نفسه.[82]

 -  انظر: الجامع الصغير، (4/103-104)،  الحديث رقم: (4688).[83]

 -  انظر: مشكاة المصابيح، للتبريزي، (1/9)، الحديث رقم (2).[84]

 -  انظر: الجامع الصغير، (3/468-495).  الأحاديث (3997-4099).[85]

- المرجع السابق،(3/594).[86]

- المرجع السابق،(1/594)..[87]

 -  انظر: الجامع الصغير، (5/9-37)،  الأحاديث (6269- 6366).[88]

 -  انظر: المعجم الوسيط، مادة (شكل).[89]

 -  انظر مثلا: النهاية في غريب الحديث، والأثر لابن الأثير، والمعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي، مادة (شكل).[90]

 - لم ترد هذه الكلمة في مادة (عرب) في كتاب  النهاية، ولكن ورد: العُربان. وهي بمعنى عربون كما ذكر ابن الأثير.[91]

 -  الإيضاح في علوم البلاغة، للقزويني، (2/575).[92]

 -  انظر: الإيضاح في علوم البلاغة، للقزويني، (2/561).[93]

 -  انظر: الإيضاح في علوم البلاغة، للقزويني، (2/565).[94]

 -  انظر: الإيضاح في علوم البلاغة، للقزويني، (2/571).[95]

 -  انظر: الإيضاح في علوم البلاغة، للقزويني، (2/572).[96]

-  سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة، للألباني،(2/158).[97]

-  انظر: سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة، للألباني،(2/189-190).[98]

وسوم: 641