معالم الأدب الإسلامي في مقدمة ديوان "المنظومة الوعظية" للأستاذ عبد السلام ياسين

أحمد الطيب رحماني

للأستاذ عبد السلام ياسين إنتاج شعري طيب ينم عن اهتمام بالغ بالأدب، ووعي بوظيفته الدعوية، وهذا ما عبر عنه صراحة في مقدمة نفيسة تعد من عيون النقد الأدبي الإسلامي الحديث صدّر بها ديوانه الموسوم ب"المنظومة الوعظية"، بث خلالها أراءه إزاء مصطلح "الأدب الإسلامي" ومفهومه وقضاياه التي شدت انتباه رواد هذا الأدب.

1- مصطلح الأدب الإسلامي ومفهومه: كثيرا ما كان هذا المصطلح محل أخذ ورد من قبل المعترضين عليه بدعاوي مختلفة تردها جميعا غاية التسمية وهدفها النبيل المتمثل في مزايلة آداب الآخرين، فما "كان ينعت أدب توارثه المسلمون بنعت إسلامي، ولا مست الحاجة إلى تميز، قبل أن تجتاح المسلمين أعاصير الحداثة الإلحادية، وقبل أن تنشأ أجيال الدعوة الإسلامية متطهرة من الأرجاس..."[2].

وليقوم الأدب الإسلامي بهذه الوظيفة على الوجه المطلوب عليه أن "يقف صفا متراصا خلف كلمة القرآن والبلاغ النبوي"[4].

وللأدب الإسلامي أن يتدرج في الوصول إلى هذا الجوهر من رسالته، وأن يلتمس الطرق المناسبة لطبيعته، دون أن يزيغ عن ضوابط القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة.

3- الأدب الإسلامي شكلا ومضمونا: ما دام الأدب الإسلامي وسيلة للتبليغ فضابطه الأساس أن لا يضيّع "المضمون جريا وراء الجمالية والصنعة والتنميق الفني"[6].

إن التوفيق بين صدق المضمون وجمالية الشكل عمل ليس بالهين، ذلك أن الجمالية مدخل من مداخل النفوس فإذا استهوى الأدب الجمال، وركن إليه دون يستحضر رسالته السامية، فإنه يميل إلى الدنيا وينسى خبر الآخرة، فيكون "قرية ظلمت ولم تؤت أكلها، وعقت والديها وأهلها"[8] النقية الطاهرة.

4- الأدب الإسلامي والوعظ: هل الأدب الإسلامي بريء من الوعظ؟ وهل الوعظ نقيصة في الأدب؟ هذا ما لم يخطر ببال أسلافنا الأجلاء وهم يخطون عيون المنظوم والمنثور من الأدب، لأنهم كانوا ينطلقون من كلام ربهم الذي شرف الوعظ واعتبره السبيل الأمثل لتليغ كلمة الله إلى الخلق، قال تعالى مخاطبا نبيه الكريم: "أدعُ إلى سبيل ربّك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن"[10] وبلسان التواضع النادر بين أدباء اليوم يوضح سبب هذه التسمية: "إن كنت سميتها منظومة وعظية فلقصوري عن تعطير نظمي بشذى شعري، ولقصوري عن بث النكهة المنعشة من استعارة خفيفة، وإشارة لطيفة في متن نظمي"[12]

5- شخصية الأديب المسلم:

الأديب المسلم إذن فارس مجاهد بالكلمة الجليلة الجميلة الخاشعة لجلال ربها، وسمة الجهاد لا تنفك عن ملامح شخصية الأديب التي رسمها الشيخ ضمن فقرات المقدمة النفيسة، جهاد أوثق حين يظل وفيا للرسالة الربانية المنوطة به.

والأديب المسلم إذ يجاهد بلسانه ينبغي أن يحطم قيود التهم الجاهزة، ويقهر الخوف والتردد "أن يصم أدبه بالغرابة والبدائية والكثافة والسخافة إن تحدث بلغة القرآن وبيان الوحي عن الموت والدار الآخرة، وعن الجنة والنار، وإن تحدث هجوما مباشرا خليا من رقة التشبيه وغواية الاستعارة، وخفقة جناح الخيال..." [14]

أما ذاك الأديب المسلم اسما ولقبا، المكن العداء للإسلام عقيدة، المعلن الحرب على القيم والأصول والتراث نظما وشعرا فإنما هو "دمية برمجوها بتربية ودجنوها وعلفوها، فهي تنطق  سفها وتلتهم طعام المعلم المبرمج شرَهاً"

 المنظومة الوعظية، عبد السلام ياسين، مطبوعات الأفق، الدار البيضاء، ط 1، 1996، ص 7.[2]

 نفسه، ص 8[4]

 نفسه، ص 26.[6]

 نفسه، ص 27.[8]

 النحل، الآية 125.[10]

 نفسه، ص 25.[12]

 نفسه، ص 8.[14]

 نفسه، ص 18.[15]

وسوم: العدد 645