القاص عمر حمش يطلق "فراشته" لتبوح بقصص أسقطتها صفحات التاريخ
"فراشة البوح" عنوان اختصر كلاما بات في حكم النّسيان.
لم يأت اختيار عنوان المجموعة القصصية " فراشة البوح " للقاصّ عمر حمّش، والتي صدرت مؤخّرا عن مكتبة كل شيء في حيفا عفويا.. مصطلح الفراشة مدلول لا يخفى على أحد.. هو تعبير مجازيّ يعتمد على الحسّ.. ويعبّر عن تبعات حدث ما على المدى القريب أو البعيد. وما كان الحدث سوى " النّكبة" بكلّ ما تحمل من معنى لفظيّ، حسّيّ وواقعيّ.
باحت فراشة حمّش بقصص عذابات الشّعب الفلسطينيّ الذي هجّر قسرا.. باحت بوجعه الذي لم يلتفت له التّاريخ وأسقطه من صفحاته.. واكتفى بتسجيل أرقام صمّاء.. متناسيا أنّ لكلّ رقم قصّة.. ووراء باب كلّ رقم مأساة.. التقطتها فراشة حمّش بمجسات حسّاسة ونقلتها بأحرف نسجتها بمشاعر مظلوم فقد الأمان والاستقرار، وبات يعيش حالة اللجوء في خيمة نصبتها له الأمم المتّحدة.. بعد أن كان سيّد نفسه وغيره.. بات ينتظر توزيع المؤن من سكّر وأرز وخلافه ليحافظ على بقايا روح تسكنه.. فقد ترك القسم الأكبر من روحه في أرضه وبيته الذي اغتُصب أمامه، وطرد منه لا حول له ولا قوّة.
قصص كتبت بأنامل من عاش الحالة بكلّ تفاصيلها.. يرويها بروح لا زال يسكنها الألم.. رغم السّنين التي مضت.. فلم يطو الزّمن الوجع.. ولا زال المذاق بطعم العلقم.
قصص وثّقت ما كان.. فالأيّام تمضي.. والأحداث تسير نحو زوايا النّسيان.. ترقد في قيعان الذّاكرة.. خضّها حمّش من جديد.. لتعود تطفو على السّطح كي لا ننسى.. فنقلها حمّش ببلاغة الأديب المتمرّس.. وبمهنيّة القاصّ المحترف.. فقد سرقنا عنصر المتعة والتّشويق من أنفسنا ساعة أن كنّا ننتقل من صفحة الى صفحة.. أسقانا العلقم بنهاية كلّ قصّة.. ونحن نقول: هل من مزيد؟
وسوم: العدد649