فرج مجاهد عبدالوهاب.. أديب من جزيرة الورد

أبو الحسن الجمّال

ورود على هامش مؤتمر أدباء مصر (3)

clip_image002_c7726.jpg 

  ومن نجوم المؤتمر كان القاص والناقد فرج مجاهد، فهو وهج يتلألأ فى جنبات المؤتمر، تراه فى الندوات يدير محاورها فى التغطية الإعلامية يحاور النجوم الكبار فى نشرة المؤتمر اليومية، وقد قرأت للأستاذ فرج مجاهد منذ ربع قرن عندما كنت أطالع مقالاته فى مجلة الأزهر ومجلة المجلة العربية السعودية ومجلة المنتدى، والرابطة، ومنبر الإسلام ومنار الإسلام التى أحرص على اقتنائها حتى يومنا هذا، ثم تعرفت عليه بعد وكنا نتجاذب أطراف الحديث حول الأدب وهمومه فى مصر وكان حديثه عذباً يفيض عذوبة وخصوصا وأنه كان رفيقا لأعلام الأدب فى بلدته الدقهلية "جزيرة الورد" أو على المستوى المصري والعربي منهم الدكتور محمد رجب البيومى، والدكتور على شلش، والدكتور حسين على محمد، والدكتور صابرعبدالدايم، والدكتور أحمد زلط، والدكتور طه وادي والشاعر بدر بدير، والقاص فؤاد حجازى، والأديب الكبير محمد جبريل، وغيرهم من الأعلام، وقد خص هؤلاء بحوار شامل أو بدراسة لأعماله تعد إضافة هامة لتاريخ الأدب ..

  والأديب فرج مجاهد من مواليد مدينة شربين بمحافظة الدقهلية عام 1961، يكتب القصة والمقال والدراسة الأدبية والنقدية وهو عضو باتحاد كتاب مصر وعضو بمجلس إدارة اتحاد كتاب مصر(فرع الدقهلية ودمياط) وعضو بمجلس إدارة نادي القصة بالقاهرة وعضو أتيليه المنصورة وعضو برابطة الأدب الإسلامي العالمية...

   نشرت أعماله الإبداعية، والنقدية، والحوارات مع أعلام الأدب - ومنهم المشار إليهم سلفاً- بالعديد من الدوريات المصرية والعربية مثل: الفيصل، والمجلة العربية، والرابطة، ومنار الإسلام، والمنتدى، والهلال، وأخبار الأدب، والمساء، والأهرام المسائى، وحواء، وأوراق ثقافية، المنصورة الثقافية، والقصة، وضاد، والمحيط الثقافى، والثقافة الجديدة، والكويت والإمارات الثقافية والكويت وغيرها...

  وقد فاز فرج مجاهد بالعديد من الجوائز منها المركز الأول على مستوى الجمهورية بالقصة القصيرة فى المسابقة التى أقامتها جريدة الجمهورية عام 2009، وفاز بأكثر من جائزة بهيئة قصور الثقافة وقد نشر اسمه فى "انطولوجيا القصة القصيرة" فى الوطن العربى..

 صدر له: "هذا العبث" مجموعة قصصية 1988، و"رحيق الكلمة" مقالات ودراسات 2001، و"أحلام عاجزة" مجموعة قصصية 2011،  والسرد فى جزيرة الورد" مقالات في النقد التطبيقي، ومحمد جبريل ألق الوجدان المصرى".   

  كما صدر له كتب بالاشتراك "معزوفات سماوية" 2001، و"القصة فى المنصورة"، و"قصص قصيرة"، و"أحسن القصص"، و"الدقهلية حكايات أخرى"، و"إبداعات القصة فى المنصورة"، و"رؤى جديدة وتيارات القصة القصيرة فى الدقهلية"، و"القصة القصيرة المعاصرة" دراسات ومختارات، و"رحيق القصة القصيرة فى الدقهلية"، و"فؤاد حجازى يقرع الطبول"، و"حسنى سيد لبيب سيرة وتحية"، و"شعر بدر بدير دراسة موضوعية وفنية"، و"مجدى محمود جعفر أديب على مشارف الأصول".

حوارات مع كبار الأدباء:

  كان فرج مجاهد لديه شغف بمعرفة الكبار والذهاب إليهم فعرف الأستاذ الدكتور محمد رجب البيومى وكانت له معه ذكريات وأعد عنه كتاباً قيد النشر كما تعرف إلى الدكتور على شلش صاحب التصانيف المفيدة فى النقد والرواية والقصة القصيرة والأديب الدكتور حسين على محمد أحد أهم الأدباء الذين حققوا تميزا كبيرا على المستوى الأكاديمي من خلال العمل الجامعي، وعلى المستوى الإبداعي من خلال الشعر، والقصة القصيرة والمسرح والنقد. وله إسهامات جوهرية في الأنشطة الأدبية والثقافية   بالمملكة العربية السعودية في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض وقد أسهم بدور كبير في الأدب والنقد والإبداع وبخاصة الأدب الإسلامي. كتب دراسات وبحوث محكمة كثيفة في الشعر وبخاصة السعودي والمصري  وقد تم تكريمه في عدد من الصالونات والمنتديات في السعودية وخارجها، فضلا عن مشروعه الأدبي الكبير(أصوات معاصرة) الذي بدأه في أبريل عام 1980 وقدم خلاله الكثير من الأدباء الإسلاميين على مستوى الوطن العربي، حيث قدمت سلسلة أصوات معاصرة أكثر من 120 كتابا ما بين الشعر والراوية والقصة والمسرحية والدراسة الأدبية، والشاعر الدكتور صابر عبدالدايم، والدكتور أحمد زلط، وفؤاد حجازى، والأديب محمد جبريل حيث أعد عنه- أديبنا - كتابا رائعا بعنوان "محمد جبريل ألق الوجدان المصرى" حاول من خلال صفحاته إجراء حوار طويل وشامل مع الأديب الكبير محمد جبريل، بهدف إلقاء الضوء علي المسيرة الأدبية الطويلة لجبريل، والدخول إلي عالمه الابداعي من كافة نواحيه، والوصول إلي شخصياته الابداعية لمعرفة كيفية بناء هذه الشخصيات، والمنطلقات الابداعية والإنسانية التي تنطلق منها هذه الشخصيات لتجسد الواقع الخاص بعالم محمد جبريل وتتفاعل معه. سواء كان هذا الواقع أيديولوجياً أو دينياً أو عاطفياً أو إجرامياً أو سياسياً أو بوليسياً. فكل تلك المنطلقات تتوقف علي بنية الشخصية. وأهم لبنة في تلك البنية هي: اللبنة الفكرية التي تتحكم في مسارها وفي تحديد مواقفها تجاه كل الآخرين المحيطين بها.

  يحاول مجاهد أيضاً أن يعرف من جبريل لماذا الإسكندرية بالذات.. فالإسكندرية كمدينة كبيرة لا أحد ينكر أنها إحدي الركائز السكانية في مصر، وهي التي تلي القاهرة مباشرة من حيث تعداد السكان، وإن كان جبريل عاش فيها أيام الطفولة والصبا، فإنه بعد ذلك عاش الجزء الأكبر من حياته في القاهرة. فلماذا تحتل الإسكندرية المساحة العظمي من عالم جبريل الروائي، وتهمش إلي جوارها القاهرة؟

  أسئلة كثيرة حول أدب جبريل، وأسئلة كثيرة أيضاً حول التكوين الثقافي والرؤية الخاصة لمحمد جبريل ومشروعه الثقافي وعلاقة هذا المشروع بالأنظمة السابقة ومقاومتها وعلاقته بالمستقبل وشكله المتصور من خلال الابداعات.

 ويتناول في كتاب (محمد يوسف ..الفقراء أخواتي) دور الشاعر الكبير المغترب في دولة الكويت حتى رحيله في 18/11/2003م تجديد الشعر العربي وكتابة القصيدة ذات الرؤية المستقبلية من خلال تناول عدد من النقاد والأدباء الذين شاركوا وعاصروا رحلة محمد يوسف مثل د. حسن فتح الباب وفؤاد حجازي وصبري قنديل والناقد السوري محمد غازي تدمري ود. حمادة هزاع وإبراهيم رضوان وعلى عبد الفتاح ومختار عيسى..وغيرهم.

فرج مجاهد ناقداً:

  القاص والناقد فرج مجاهد مهموما إلى أبعد حد بالإقليم محافظة الدقهلية التى كانت يطلق عليها "جزيرة الورد لأنها محاطة بالمياه من ثلاث جهات وكانت بها أكبر حدائق ورد فى بر مصر" نشأ فيها وأنجبت المئات من القمم الأدبية فيما مضى.. من منا لا تتذكر: الدكتور محمد حسين هيكل باشا صاحب أول رواية عربية "زينب"، وأستاذ الجيل أحمد لطفى السيد، وأحمد حسن الزيات، والشاعر كامل الشناوى، والشاعر مأمون الشناوى، والشاعر على محمود طه، وأنيس منصور، ودريني خشبة، وعبد القادر القط، ونعمان عاشور، ورجاء النقاش وأخواته وسعد الدين وهبه، ومحمد التابعى...وأراد فرج مجاهد أن يرد الجميل لأساتذته وزملائه من القصاص فى كتابه المهم الذى صدر مؤخراً وضم مجموعة من الدراسات النقدية فى مجال السرد القصصى والروائى لمجموعة من مبدعى الدقهلية من قبيل تواصل الأجيال من: محمد كمال محمد، وفؤاد حجازى، والحماقى المنشاوى، وعبدالفتاح الجمل، ومحمد خليل، وعبدالمنعم السلاب، إلى فكرى عمر، وحرية سليمان، مروراً بالسعيد نجم ، وعاصم خشبة..ولم يقتصر تناول أدباء إقليمه بل تعداه إلى الدول العربية فتناول أعمال فاطمة يوسف العلى فى الكويت، ويوسف المحيميد وخالد اليوسف ومنصور الشقحاء في السعودية، ومحمود الرحبي في سلطنة عمان، وشهلا العجيلي في سوريا، نادية الكوكباني في اليمن.. وغيرهم الكثير.     

فرج مجاهد قاصاً:

 للأستاذ فرج مجاهد أكثر من مجموعة قصصية، نذكر منها: "هذا العبث" و"الوجه الصبوح"، ولكنتنا سنتعرض لآخر مجموعة له وهى بعنوان "أحلام عاجزة" وقد صدرت عن مطبوعات إقليم شرق الدلتا الثقافى، وتضم 29 قصة قصيرة، وجاء اختيارنا لها لأن العمل الأخير للمؤلف يمثل، على الأرجح، نضج التجربة، واكتمال التكون، وامتلاك الميسم الفني الخاص بالمبدع، أو ينم على متابعة تعميقه، إنْ وُجد له ميسم خاص به. والسرد عن فرج قوى وثرى ومفعم بالحيوية الفنية الساحرة. لم نصادف من خلاله جدباً أو مللاً بل نصادف إيهام وإمتاع وقدرة على تنشيط المخيلة ومن طاقة على الإيحاء بفكرة أو إيصال عبرة، أو تصوير حالة، ومن طبيعة في اختزال الزمن، والخلوص إلى نتيجة.  تعبر عن المتغيرات الاجتماعية وأثرها على الإنسان، في ظل ظروف اقتصادية طاحنة، والوضع السياسي الراهن، وأثره على الفرد، وتقع المجموعة في 97 صفحة.

وقال الناقد السوري محمد غازي التدمرى، في دراسة ملحقة بالمجموعة،   "هي واحدة من المجموعات التي أفرزت الفن القصصي الجديد الذي بدأ يتخلى عن بعض طقوسه حتى يبقى مفتوحا على السؤال والتأويل، الذي أمسى سمة لمعظم ما قرأه لأصدقائه المصريين، فهذه التجارب استطاعت أن تفرض نفسها وتشير إلى حضورها، وإن كانت بحاجة إلى كثير من الدراسة والنقد والبحث في أسباب ومسببات الانزياح القصصي المعاصر في مصر والتي تختلف عما أفرزه القصص المعاصر سواء في سوريا أو العراق أو المغرب العربي.

  بينما قال الناقد صبرى قنديل على كلمة الغلاف، ينتقل الأديب فرج مجاهد في مجموعته الثانية إلى منطقة سردية أكثر رحابة، كما يعمق انتماءه لمدرسة الواقعية الجديدة على نحو صار الواقع رهانه القصصي، وصارت قصصه مرآة تعكس نبضا له شكله وذائقته، خاصة في بعض قصص المجموعة ومنها (عم عبد الباقي، سحب الدخان، ابتسامة مجهضة، أحلام عاجزة، مشهد الأيام الأخيرة، الإيقاف، الدور، الجنيه، غضب، وجع، حابي والضفة الثالثة، القصيدة الأخيرة، على الرصيف، مغيب، رد، غريب، ظل الأيام، تردد، الدفء، خطاب التعيين، الوجه الصبوح).

هذا قليل من كثير عن هذا الأديب العصامى فرج مجاهد الذى شق طريقه منافساً كبار الأدباء فى مصر، وهو فى هذا يشبه الأديب الراحل عبدالمعطى المسيرى، والأديب الناقد ثروت مكايد..الذين تعلموا من مدرسة الحياة الصدق والإخلاص،  وطبقوا ذلك على الكلمة...

وسوم: العدد 651