يوميات كاتب يدعىX والتّعميم
صدرت "يوميات كاتب يدعى "x " للشاعر فراس حج محمد عام 2016. ويقع الكتاب الذي قدّم له الأديب محمود شقير في 134 صفحة من الحجم المتوسّط.
علمتنا الدّراية أن نتوثّق من سَند النّصّ الذي يقدم لنا، بالإضافة إلى معقولية المتن، فلم تعجبني فكرة أن يختبئ الكاتب وراء نكرة مثلX ، وخاصّة عندما تتخطى الفكرة الكلام المباح، فعلى رأيه ربّما ناقل الكفر ليس بكافر. لم يقبل الناس بادئ ذي بدء ما نقله الأنبياء ممّا أوحي لهم، فكيف يفرض بنا السّذاجة بقبول ما يتبجح به X في صفحة 30؟ حيث يُظهر في العلن امرأة تتوله به بشكل مفضوح، مع أنّ لي رأيا آخر في المرأة. ويبدو هذا التبجّح برجولته وفحولته في صفحات أخرى، ممّا جعلني أنفر من متابعة النّصّ، وخاصّة أنه يعبر عن ثقافة الفيسبوك، في حين أنّ ثقافتي تعتمد على الورق. ولما تمعّنت بما كتبه النّقّاد للكتاب، تغاضيت عن هذه التلميحات السّمجة ووصف الحكي الزائد، والجموح الخارج عن التّهذيب أحيانا.
يبدو صاحبنا خبيرا في أمور كثيرة، ففي العلاقة بين النّاس، يرى أنّ إمكانية تمتين التّعارف محدودة، فروّاد اللقاءات العامّة والمهرجانات من الجنسين، الذين تجمعهم حوارات دينيّة أو سياسيّة، يتصرّفون في اللقاء التّالي كما لوأنهم غرباء. وكثيرا ما تتردّد في رسائله إشارات من العواطف الإنسانيّة، والحبّ الذي في رأيه لا بدّ أن تشعّ بوارقه، لأنّه لو التزمت عواطفنا الخفاء، فمن سيعلم الأجيال صناعة طقوس الحبّ الجميل؟ كما يقدّم في قطعة أخرى نصائح للمرأة، أن تعبر عن نفسها وعن عاطفتها، وأن لا تخجل من أن تكون إيجابية بسبب ما طُبعت عليه من الخجل. فهو يحبّها، تأتي إليه لتعلن أنّها أنثاه الأبديّة، وهو رجلها المجنون بها. وبلغة جميلة وتلميحات ذكيّة، يقول بضرورة تقارب السّنّ بين الشريكين، وأن لا تكون الأفضليّة للرّجل فقط.
أعجبني تعلقه بأمّه وإخلاصه لذكراها، فهي الوحيدة المخلصة الوفيّة، مهما مرّت السّنوات الخدّاعات، وتقلبت النّساء المتقلّبات المتحوّلات، تبقى هي الثابت الوحيد، لن تغيّر موقفها منه مهما كانت العواصف عاتية. هذا يُذكر بما قاله أخو الخنساء صخر بن عمرو أثناء مرضه الشّديد:
أرى أمّ صخر لا تملّ عيادتي وملت سليمى مضجعي ومكاني
فأيّ امرئ ساوى بأمّ حليلة فلا عاش إلا في أذى وهوان
في حواره مع ظله، يبيّن أنّ المدنّس والمقدّس تصنيف بشري تاريخيّ أوجده البشر، أمّا رأيه في الصّداقة، فهو يعي تماما أنّ الصّديق قد يكون مختلفا، يساعده على أن يرى ما لا يراه؛ ولا تخلو بعض الرّسائل من الرّدح الخفيف، كرسائل نصّيّة، وبعض الفلسفة والتّعبيرات الغريبة، كأن يقول: إنّ أجمل ما في الأمر، هو أنّ أكثر شخص يحبّك، هو من يتفّ في وجهك، وأن من يكرهك، لا يتف عليك تفّا خفيفا ناعما رومانسيّا، إلا أنّه عند الجدّ يتطرّق إلى مواضيع تصلح للنّقاش، كالصّراخ الذي يملأ حياتنا، فهو روحها وجسدها وشعارها، منذ لحظة الولادة وحتّى الموت، حتى أنّنا نستعين بالوسائل الحديثة لتعميم الصّراخ، كالميكروفونات في الأفراح والمآتم، وعلى الجميع أن يفرحوا معنا أو يحزنوا، والنّاس لبعضهم البعض، هذا بالإضافة إلى أنّ الحزن والكآبة تستهوينا، ربّما لأنّنا من أمّة أتقنت الحزن، ولم تعش يوم مرح حقيقيّ، مع أنّه مقتنع أنّ الحياة سميت كذلك لحيويّتها، متى نعيشها فرحين رغما عن الحزن؟ ياليت.
وسوم: العدد 660