أَعْجَبُ الْعَجَبِ فِي نَشْرِ الْكُتُبِ 3

رابع فهارس الدُّكْتُورِ الْمَطْبَعِيِّ الْمُفَهْرِسِ، فهرس الكتب ذو الأربعة والثلاثين شيئا، الذي كان ينبغي أن يقتصر على ما وقع في كلام مؤلف الكتاب. ولم يطمئن منها فيه غير هذه الخمسة:

"الخزرجية" لعبد الله بن محمد الخزرجي الأندلسي، و"الخلاصة" لابن مالك، و"الكافي في علمي العروض والقوافي" للخواص،  و"مقاليد التصريف" للخليلي المؤلف نفسه، و"الوافي بحل الكافي في علمي العروض والقوافي" للعمري.

ولقد أعاد الدُّكْتُورُ الْمَطْبَعِيُّ الْمُفَهْرِسُ كتاب "الكافي" كاملا بعدما ذكره ناقصا؛ فصار الكتاب الواحد كتابين! وقبل أن يَذكر في الواويّات كتابَ العمري "الوافي بحل الكافي"، ذكره في الكافيّات معكوسا هكذا "الكافي بحل الوافي"، منسوبا إلى الخليلي؛ فصار الكتاب الواحد كتابين مختلفين لمؤلفين مختلفين، وإن وقع عكس العنوان خطأً بتذييل الناسخ التأريخيِّ نفسه، الذي أوردتُ في مقدمتي صورتَه وأعدت كتابته دون تنبيه عليه، ولكنني نبَّهت من بعده على سوء نسخته، وكان ينبغي ألا يفوت ذلك الدُّكْتُورَ الْمَطْبَعِيَّ الْمُفَهْرِسَ، ما دام جريئا على إضافة ما لم أعمله!

فهذه سبعة أشياء، أما السبعة والعشرون فعلى ثلاثة أقسام:

أولها أسماء كتب وقعت فيما نقله المؤلف من شرح العمري لكتاب "الكافي" الذي نظمه المؤلف، وهي ثمانية مَنْ أَخْلَصَ فهرسَ الكتب للمؤلف أَهْمَلَها، ومَنْ شَابَهُ بما نَقَلَهُ لسكوته عليه اعْتَبَرَها! ثانيها أسماء كتب وقعت في مقدمتي، وهي ثلاثة عشر: بعضها للمؤلف، وبعضها عنه، وبعضها لغيره استطردت في مقدمتي إلى ذكره. ثالثها أسماء كتب مكذوبة، وهي ستة تستحق التنبيه عليها فيما يأتي، وحدا واحدا: "أَلفيَّة ابن مالك"، في نقل المؤلف عن العمري: "قد وقع هذا الاشتباه لبعض شراح ألفية ابن مالك، منهم شيخنا المرحوم الملا عبد الله السندي"؛ فما هو غير أحد عناصر المركب الاسمي الإضافي. فإن تَحَكَّمَ الدُّكْتُورُ الْمَطْبَعِيُّ الْمُفَهْرِسُ كان الأولى بالموضع "شرح ألفية ابن مالك للسندي"! "الجِناس المُصحَّف"، في نقل المؤلف عن العمري: "ذكرت بهذين البيتين ما نظمه الشيخ جمال الدين بن نباتة في الجناس المصحَّف، وليس فيه شيء من عيوب القوافي كالبيتين المتقدمين، وهو قوله:

سَادَتِي مَا كَانَ أَجْمَلَ شَمْلِي فَأَصَابَتْ ذَلِكَ الشَّمْلَ عَيْنُ

يَا لَهَا عَيْنَ رَقِيبٍ أَصَابَتْ فَمَتَى أُبْصِرُهَا وَهْيَ غَيْنُ"؛

فما هو غير مصطلح على أحد فنون البديع المعروفة!

"الزَّبُور"، في مثال العَروضيِّين:

"مُقْفِرَاتٌ دَارِسَاتٌ مِثْلُ آيَاتِ الزَّبُورِ"؛

فما هو غير أحد عناصر تشبيهات الأطلال القديمة المعروفة!

"عَجائِب الحياة"، و"عَرِّجْ على باب الكَريم"،

في تعريف المؤلف؛ فما هما غير قصيدتين استطردتُ في مقدمتي إلى تمثيل شعره بهما، ثم أحلت على ديوانه المذكور في مسرد كتب التحقيق!

"مَقْصُورة ابن دُرَيد"، في نقل المؤلف عن العمري: "يجوز أن تكون رَوِيًّا، ومنه مَقْصُورَةُ ابْنِ دُرَيْدٍ المشهورة"؛ فليست غير قصيدة مَثَّل بها ما بُنِي من القوافي على رَويِّ الألف!

خامس فهارس الدُّكْتُورِ الْمَطْبَعِيِّ الْمُفَهْرِسِ، فهرسُ الأماكن والبلدان ذو الثلاثة والعشرين شيئا، الذي كان ينبغي أن يقتصر كذلك على ما وقع بكلام المؤلف. ولا يطمئن منها فيه غير هذين المترادفين:

"العروض" و"مكة".

أما الواحد والعشرون شيئا فعلى قسمين:

أولهما عشرة وقعت في مقدمتي، أَعجبُها أسماء بعض المؤسسات العلمية (جامعة السلطان قابوس)،  والإدارية (دار المحفوظات)، والطباعية (المطبعة العمومية، ومطبعة الألوان وإن سقطت من اسمها "أل"). والثاني أحد عشر وقعت في شواهد الأبيات الشعرية والنظمية، مثل "العَقيق" في قول جَميل:

بَيْنَمَا نَحْنُ بِالْعَقِيقِ مَعًا إِذْ أَتَى رَاكِبٌ عَلَى جَمَلِهْ

ومثل "عُمان" في مثال العَروضّيين:

دَارُ سَلْمَى بِشِحْرِ عُمَانِ قَدْ كَسَاهَا الْبِلَى الْمَلَوَانِ

وهذه الأسماء في هذا المقام العَروضيّ الاستدلالي، مثل أسماء الناس الواقعة من قبلُ في شواهد الأبيات الشعرية والنظمية، أعلامٌ فاقدة العَلَميّة، ولكن الناس لا يرتاحون لإطلاق "الأعلام"، إلا على أنفسهم، و"لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ، وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ"؛ صدق الله العظيم! [سورة غافر: من الآية 57].