قراءة في قصائد ديوان الديكتاتور ذو الرقبة .. لحمزة رستناوي

قصائد مسكونه بالحزن و الوطن

clip_image002_2c5ca.jpg

   د. موسى رحوم عباس

clip_image004_a48fe.jpg

" في بلادي ثمة قبر لبلادي

في بلادي بردٌ وجوع ٌ وقمر"

الشاعر الدكتور حمزة رستناوي صوت شعري مسكون بالحزن والوطن، نصوصه صدى لاستغراقه في الهم العام، فالحرية،  والكرامة، والمواطنة، والأفق المفتوح للهواء المنعش  هي مفاتيح القراءة لمجمل النصوص التي ضمها كتابه الأخير الذي ضم مجموعة مختارة من نصوص الصديق رستناوي، وهي في الأغلب تتبع قصيدة النثر، سوى نص أو اثنين من شعر التفعيلة، يشتغل فيها الشاعر على صوغ نصوصه بعيدة عن الغموض المفتعل، أو حشر الرموز الأسطورية كما جرت العادة لدى كثير من شعراء جيلنا، لذا جاءت في مجملها سهلة التناول واضحة الدلالات، وبدت كأنها قطعة من الحياة اليومية لنا، لكنها تعيد صياغة الأسئلة ؛ لتحرك في المتلقي الرغبة في إعادة النظر فيما أصبح مستقرا ورتيبا في حياتنا.

تصدمه مآلات أحوالنا، وتكلس مفاصلنا، ليقول:

" تنفسه منتظم

تفكيره منتظم

وحزنه منتظم

كالدورة الشهرية

تماما"     ص 28

يتحول الفرد في الدولة القمعية إلى آلة تأكل وتشرب وتتناسل برتابة تامة، وبنمطية متكررة قاتلة، فالطغاة يرسمون للناس مصائرهم، يؤمنون لهم حاجتهم من الطعام والأمن القائم على الخوف والريبة، أما كسر النمط والتفكير المبدع ، فهذا من الممنوعات ، ويجب قمعه، حتى لا تكون سابقة، لذا يسير الناس بغريزة القطيع، ومن شذَّ شذَّ في المعتقل!

لفتني نص " الديكتاتور ذو الرقبة الطويلة" فهو مختلف في لغته وبنيته، فيصف فيه تاريخا عائليا ، يقوم على وراثة الطغيان ، واحتقار الآخر، فنحن مجرد أشياء تورث للابن، ليمارس أساليب القمع وأدواته؛ فيقول في ص 109 :

" هم عابرون في تاريخ عائلتي

أتوشح عباءة مضادة للدروع تركها لي والدي

وأتقمص روح جدي على قارعة الطريق"

يتحول الوطن إلى شخص الديكتاتور ، فهو فرعون الذي لايرينا إلا ما يرى! ليتضاءل الوطن ؛ فيصبح ظلا باهتا له:

" أسفل ذقني سأنصب طاولة للحوار

تحت سقفي أنا

تحت سقفي

تحت سقف الوطن"   ص 111

إنها نصوص تحرض على الرفض، تستنهض الهمم، ولكنها تسقط أحيانا في فخ المباشرة ، عندها يتضاءل ما هو شعري ، لنصبح أمام لغة تشبه لغة الصحافة ، أو المقالة، ومن ذلك : نهاية رجل شجاع ، وهو عنوان مطروق لعمل روائي، الببغاوات تعيد إنتاج الهزيمة الوطنية، وعنوان المجموعة نفسه لم يتخلص من هذه المباشرة التي تخفض من حرارة الشاعرية في النص ، كون العنوان عتبة من عتبات النص ، كما يقول النقاد، إضافة لحاجة الكثير من النصوص للمراجعة اللغوية، ومنها ( اللذين: الذين ص 79، يكفياك: يكفيانك ص 69، نفذت: نفدت ص 6 ....)

ما قدمته مجرد قراءة انطباعية لمتلق ، يحب الشعر، و يقرؤه بمتعة ، وربما يبكى مستمتعا بنص ما ، أو صورة مفباغتة، دمت صديقي مبدعا على طريق وطن حر، يليق بكم .

الديكتاتور ذو الرقبة الطويلة، شعر، أوراق للنشر والتوزيع، القاهرة، 2016م

الرياض

24/3/2016م    

*روائي و شاعر و أكاديمي سوري مقيم في السعودية

وسوم: العدد 666