قصة الأطفال "لنّوش" حبيبة جدها
رسالة من الكاتب للكبير قبل الصغير
قصة تزخر بالمشاعر إلإنسانيّة الجميلة.. وتعزز مفاهيم تربوية حديثة.
مقولة " ما أعز من الولد الا ولد الولد" ترسخت عندي بقوة بعد قراءة قصة الأطفال لنّوش للأديب جميل السّلحوت، الصادرة مؤخرا عن دار الجندي للنشر والتوزيع في القدس، لقد سيطرت على السّلحوت عاطفة الجدّ للحفيد بصورة لافتة، لدرجة أنه بدأ يرسم في خياله مستقبل حفيدته "لينا" حديثة الولادة كما أراد لها أن تكون، وشارك بها القاريء بثقة الواثق من أن حفيدته لن تكون سوى نابغة ومتميزة عن أقرانها.
لنّوش طفلة بدت عليها علامات الذكاء منذ مولدها، فسعد بها جدها، وأخذ يتنبأ لها مستقبلا زاهرا، ونجاحا باهرا، رآها في حلم يقظته متعدّدة المواهب، فهي ترسم وتعشق الموسيقى. رآها ذات شخصية قوية، تحاور معلمتها بثقة، مثقفة، تمتلك معلومات قيمة، تتفوّق على زملائها وزميلاتها، مهذبة، جميلة، حنونة، تستوعب أخاها الأصغر منها سنّا " غسان" دون أن تتذمر، تتقن القراءة والكتابة وهي ما زالت في سن السّادسة، أي في الصّف الأوّل الابتدائي.
الكاتب يرى في أحلام يقظته أنّه سيكون لِلينا أخ تتعامل معه برفق ولين تماما كما هو اسمها،فمعنى اسمها هو الرفق واللين. وهي لفتة ذكية من الكاتب بضرورة العناية باختيار اسم المولود، والذي بدوره سينعكس على سشخصيته وسلوكياته.
مشاعر إنسانية جميلة، لجدّ يقدّس الطّفولة، ويعشق أفراد أسرته الصغير قبل الكبير، ففيهم نرى أنفسنا ونحقق أحلامنا.
قصة " لنوش" قدمت للقارىء معلومات قيّمة مفيدة عن تربية الطّفل، وأهميّة الاعتناء به وهو جنين داخل رحم أمه. فقد كان الناس يعتقدون إن الطفل لا يعي ولا يفهم شيئا قبل أن يبلغ ثلاث سنوات.. ولكن العلم أثبت أن تربية الطّفل تبدأ وهو لا زال جنينا. وكانت قد ذهبت سيدة تسأل عالما كبيرا: " كيف أربّي رضيعي تربية سليمة؟ فسألها عن عمره قالت: تسعة شهورفأجابها آسفا: لقد فاتك الكثير يا ابنتي.
السّلحوت قدّم للقاريء رزمة من المعلومات القيّمة ترشد الآباء على التعامل مع أطفالهم. كما ترشد المعلمين على كيفية التعامل مع طلابهم.
فقد أثبتت إحدى الدراسات التي أجريت لقياس الابداع عند مجموعة من الأطفال في سن الخامسة أن 90% منهم مبدعون.. وبعد عام.. أي في سن السادسة أعيدت الدراسة للمجموعة نفسها فإذا 10% فقط وصلوا إلى درجة الابداع، وبعد مرور عام، أي عند وصولهم سن السابعة حافظ فقط 2% على درجة مستوى الابداع. وبعد تحليل الدراسة ثبت أن المدرسة والضغط الأكاديمي والقوانين الصارمة والقيود والارشادات في المدرسة التي تحيط بالطالب هي السبب، فلا مجال للطالب أن يتعرّف على نفسه ويكتشف ابداعاته، لقد فقد حريته مع العلم أن الشرط الأول للإبداع هو الحرية. وفي الغالب يواجه الطفل أيضا ضغوطا في المنزل لا تقل عن المدرسة ليحافظ على تفوقه في الدراسة الأكاديمية على حسب مواهبه المفطور عليها.
لنوش ليست قصة أطفال شيقة موجهة للأطفال تسعدهم وتعزز فيهم الحماس للتعلم والابداع فحسب، بل هي رسالة واضحة وصريحة من قبل الكاتب للكبير ببل الصغير، تزخر بالقيم والمعلومات الغنية والمفيدة موجهة للأم والأب وللجد والجدة، وللمربي التربوي المعلم في المدرسة، يقول بها الكاتب بصراحة ووضوح: اهتموا بأطفالكم.. واعتنوا بهم.. وحرّروا مواهبهم المكبوتة التي تسكنهم لكي تحصدوا ابداعا.
وسوم: العدد 681