نهلة الشقران تتألق مع "أنثى تشبهني" في فضاءات عمَّان
عدسة: زياد جيوسي
من جديد تألقت د. نهلة الشقران في مجموعة قصصية جديدة لها، "أنثى تشبهني" في فضاءات عمَّان الثقافية وفي رواق قاعة المكتبة الوطنية وبحضور جيد من المهتمين، كانت د.نهلة تعتلي المنصة مع حفل اشهار ترأس عرافته الدكتور باسم الزعبي وتحدث فيه وقدم قراءات نقدية كل من د. عماد الضمور/ الأردن، د. محمد المحفلي/ اليمن، والمجموعة القصصية الجديدة للكاتبة تقع في 96 صفحة من القطع المتوسط، تجول في فضاءات إحدى عشرة قصة، تدور حول الأنثى باشكال حضورها المختلف، الصمت والصراخ، وأخذت المجموعة اسمها من قصة تحمل الاسم وتتحدث عن امرأة في الخمسينات من العمر تعيش على الذكرى وتبحث عن صحبة امرأة تشبهها.. لكنها من ورق.
قدم للرواية الروائي والقاص هاشم غرايبة وقال في بعض من تقديمه الذي اعتلى ألق صفحة الغلاف الأخيرة: (في هذه القصص نقرأ ضجيج الصمت، ونرى ظلا لامرأة من رماد، ونحتمي بعينين غارقتين بالصمت، ونرتشف الشاي في طقس يُغيّب ملامح المكان، ونشم رائحة الظل..).
تحدث د. عماد الضمور عن المجموعة القصصية الجديدة وقال من ضمن قراءة نقدية متميزة تحت عنوان "البحث عن الذات الانثوية في أنثى تشبهني لنهلة الشقران": (تهدف الدراسة الى استنطاق الخطاب الانثوي في المجموعة القصصية للكشف عن كيفية تشكل رؤاه الحلمية وطرائقه الفنية ومعجمها المتوهج في حالتي الفقد والوصال)، (لقد سيطر على القصص التي شملتها الدراسة مساران سرديان مستحكمان على الذات الانثوية هما مسار الذاكرة الذي يرتد الى الماضي وذكرياته فنلمس فعل البوح والنزف معا واما المسار التخر فهو الحلم الذي تمارس فيه الذات الانثوية فعل العشق الذي يجنح إلى اقصاء الماضي والانتصار للذات المقهورة وصولا الى اقصى درجات الاتحاد بالمحبوب)، (لعل اهم ما تمتاز به هذه القصص هو الايجاز والتكثيف السردي في النص والاعتماد على اسلوب الحوار مما عزز من انتاجية البناء الدرامي للنصوص السردية واكسبها جمالية عالية فضلا عن استخدام واضح للافعال الحركية التي تضفي على النص ايقاعا سريعا مختزلا يمتح من الذات القاصة وروحها المعذبة)، (ينطوي العنوان على بعد تأثيري نفسي وانفعالي مخصب بالابعاد الدلالية والزمانية والمكانية وبالابعاد السياقية كذلك لان العنونة تركيبة معقدة من الشحنات النفسية والاجتماعية والدينية واللغوية منبثقة من ميثولوجيا الانا واحلامها وامالها) .
وتحدث الدكتور محمد المحفلي عن المجموعة القصصية قائلا في بعض من قرائته النقدية: (في مجموعة أنثى تشبهني للكاتبة نهلة الشقران، نجد الكثير من الأنساق الثقافية التي تصدت لها في متن المجموعة محاولة ليس كشفها وتبيين نسقيتها فحسب، بل العمل على مواجهتها والتنبيه من خطرها وتوضيح نتائجها ومآسي سلبيتها على الذات وعلى المجتمع. فهناك أنساق ثقافية من منظور نسوي بمعنى أنها تركز على الانساق الثقافية الموجهة بسلبية نحو المرأة، وهناك أنساق ثقافية أخرى تتناول الكثير من الانحرافات المجتمعية التي حاولت تبيينها بصورة عامة. ولأن تلك الأنساق كثيرة، ومحالة الوقوف عليها وتحليلها بصورة دقيقة تحتاج إلى مساحة زمنية ومكانية أوسع من هذا المقام، فإن هذه القراءة العابرة ستحاول التركيز على جانب دقيق ومحدد بوصفه نموذجا لكشف تلك الأنساق الثقافية، ستركز هذه المقالة على مقارعة الصمت، ليس بصورة شاملة إنما بوصفه صمتا ونسقا ثقافيا مكرسا من المجتمع من وإلى المرأة، وسنتبين كيف اشتغل المتن القصصي على هذه النقطة المركزية متجاوزين البناء الفني وبالتركيز على الدلالة واشتغال اللغة السردية.
إن مقارعة النسق الثقافي في بواطن هذه المجموعة لا يأخذ بعدا واحدا ولا شكلا واحدا في المواجهة، بل يتخذ عدة خطوات كلها تتكامل لتشكل في الأخير منظومة مواجهة مكتملة، ستبين هذه القراءة كيف تشتغل وكيف صنعت لنفسها استراتيجية لتحقيق هذه الغاية الثقافية، في باطن هذا العمل الفني الجمالي).
ثم تحدثت الاستاذة زهرية الصعوب وقدمت ملخصا عن السيرة الذاتية للدكتورة القاصة نهلة الشقران، ليختتم حفل الاشهار بكلمة للقاصة نهلة قالت في بعض منها: (لا أستطيع وصف سعادتي وكل هذا الحب يحيط بي، الحب ذاته الذي أنبت "أنثى تشبهني" حب تراب الأردن وأول عصرة زيت رمثيّة وعبق الصباح في حوران، ورائحة دقّ الهال في "هاون" جدتي، ولفافة زيت وزعتر في برد كانون..
أمّا عن بداياتي في الكتابة فلا أدري أكتبت قبل ولادتي، أم ولدت لأكتب، أم كتبت لأولد . كتبت القصة في الصفوف المدرسية، وعلى مقاعد الدراسة الجامعية حصلت على جوائز على مستوى الجامعات الأردنية، ثم أخذني طريق العلم منها فأبحرت في أدب الرحلات واللغة والنحو، درست الخطاب اللغوي فيه، فمزجت بين حبي للأدب وتخصصي في اللغة، ثم حين اغتربت بعد إنهاء رسالة الدكتوراة عام 2010م إلى السعودية أعادني الشوق لبلادي إلى القصة من جديد، كتبت قصصا كثيرة زادت على خمسين قصة، فازت منها عشرة في مسابقة دبي الثقافية للإبداع عام 2012م، الأمر الذي دفعني أن أفكّر في نشر "أنثى تشبهني" عام 2015م، فكان العام الذهبي لي، به نشرت وزارة الثقافة الوجه الآخر للحلم وقد أضفت للعشرة السابقة سبعة نصوص، وكانت كتب الرحلات.
في "أنثى تشبهني" إحدى عشرة قصة، وفي كل قصة أنثى ربما تشبهني وربما أشبها، وربما تشبه زيتون بلادي. ولكل أنثى صوت مكتوم وقيد لا يزول لكنها ترنو إلى أمل بقادم تنتظره، تكابد الحاضر بوجع صامت، وتحلم بامتلاك صوت واحد فقط لتقول: لا.. البطلة في كل قصة تبحث عن ذاتها، وتتفقّد صوتها لأنها توقن تماما أنّه سبيلها إلى الحياة الكريمة).
الدكتورة نهلة عبد العزيز الشقران حصلت على البكالوريس ثم الدبلوم العالي ثم الماجستير ثم الدكتوراة بدرجة الامتياز باللغة العربية وتمارس التدريس كمحاضر متفرغ في الجامعة الهاشمية وقبلها في جامعة اليرموك، ولها العديد من الاصدارات والأبحاث العلمية والأدبية المنشورة ومن اصداراتها: خطاب أدب الرحلات في القرن الرابع الهجري، 2015م. رحلة ابن جبير، دراسة تركيبية ووصفية، وأخيرا المجموعة القصصية الوجه الآخر للحلم، ليليها اصدارها الأخير: أنثى تشبهني، مجموعة قصصية، لتختتم الأمسية بتوقيع الكاتبة نسخ من المجموعة للراغبين باقتنائها.
وسوم: العدد 691