دراسة لقصة "جَدِّي يَعشقُ أرضَهُ" للأطفال - للأديب والشاعر " سهيل إبراهيم عيساوي

clip_image002_1a44f.jpg

clip_image004_76c62.jpg

مقدمة : تقعُ هذه القصَّة ( جدي يعشق أرضه) للكاتب والشاعر والمؤرخ الأستاذ (سهيل عيساوي) في 24 صفحة من الحجم المتوسط الكبير، وضع رسومات الكتاب الداخلية وصور الغلاق الفنانة التشكيليَّة ( فيتا تنئيل ) ،

تدقيق لغوي صالح زيادنة .. وطبع الكتاب على نفقة المؤلف .

مدخل: تتحدَّثُ القصَّةُ عن الجد الذي يعشُ أرضهُ وعلى لسان الحفيد الذي الذي يروي القصة عن جده بأسلوب سرديٍّ شيِّق ، ويقول :

 إنَّ جدَّهُ يكونُ مغمورا بالسعادةِ والفرح وهو يفترشُ أرضَهُ الخضراء ويتنفس هواءَها النقيّ وَيُمشّطها بنظراتهِ الثاقبةِ ويتحسَّسُ ترابَها البني بأصابعة الخشنة ويستنشقُ عطرَها الفردوسي، يهيمُ بها بجنون (مقدمةجميلة

تحوي جملا وعبارات أدبية منمَّقة رائعة ومترعة بالبلاغة . )

 ويتابعُ الحفيدُ حديثه عن الجد فيقول : في ساعات العصر بينما كانت الشَّمس رابعة النهار اقتربت سيارةٌ سوداء من حقل جدِّهِ واطلَّ من وراءِ زجاجها رجل أسمر، لم يشاهد الحفيدُ عيونه من خلف نظارته السوداء، وطلب منه من( الحفيد ) استدعاء جدّه لأمر وموضوع هام . وتقدّمَ جدُّه من السيَّارة بخطواته الثقيلة، ويكون حوارٌ بين الجد وسائق السيَّارة الرجل الذي يضعُ النضارة السوداء علي عينيه . ويدعو الجدُّ السائقَ الغريب في البداية لاحتساء فنجان من القهوة المُرَّة ( السادة ) فيعتذرُ الرجلُ الغريبُ ويشكرهُ وأنه لا يشرب القهوة اطلاقا .. ويسألهُ الغريب إذا كان يريدُ أن يبيعَ أرضَهُ فيجيبهُ الجدُّ بالنفي : لا لا .. لن أبعَها . ويحاول الرجلُ الغريبُ إغراءَهُ بدفع مبلغ إضافي من المال فوق ثمنها الحقيقي .. ولكنَّ الجدُّ يرفضُ هذا العرضَ بصرامةٍ وبحدَّة ويقول لهُ : ( هذه الأرض توارثناها من أجدادِنا جيلا بعد جيل منذ مئات السنين، أنا لا أفرِّطُ بهذه الدُّرَّة الثمينة . فقفلَ الرجلُ الغريب راجعا بخفيِّ حنين ( على حدّ تعبر الكاتب..أي بالخيبة والفشل) . وينظرُ الحفيدُ إلى جدِّهِ كما جاء في القصَّة التي تُروى على لسانه : فرأى جبينه يتصبَّبُ عرقا والغضبَ يتطايرُ من عينيهِ، وسمعهُ يقولُ بصوت خافت : يظنُّ هذا الرجلُ المَعتوه أنَّ بامكانهِ إغرائي بأموالهِ المشبوهة . و( وكلمة مشبوه أو مشبوهة تستعملُ كثيرا اليوم لكلِّ شيىء غير نظيف ولكلِّ شخص مشكوك في أمره وفي نقائه الوطني والقومي وللذين عليهم علامات السؤال على مواقفهم وأعمالهم وتوجدُ شكوك كبيرة على أنهم خونة وعملاء ضد شعبهم وأهلهم وأوطانهم ) .

 ويتابعُ الكاتبُ سردَ القصَّة على لسان الحفيد فيقول : عندما كان الظلامُ يلفُّ القرية بعباءتهِ السوداء (تعبير وتشبيه بلاغي جميل ) قرعَ الجرسُ فبدَّدَ سكون الليل ، فخرجتُ أرحِّبُ بالضيوف، وإذا بالرَّجل الغريب نفسه برفقةِ جارنا "عدنان " فرحَّبَ بهما جدِّي بفتور وترحيب مصطنع ورمق جارنا بنظرة حادَّة فانتبه الجارُ وابتلعَ ريقهُ وطاطأ رأسَهُ . وابتدأ الرجلُ الغريب بالحديث وقال للجدّ : جئتُ مع جارِكَ العزيز فآملُ أن لا تردّني خائبا . فيجيبهُ الجدُ : لقد أبلغتك سابقا إنَّ أرضي ليست معروضة للبيع ولا أفرِّط بها أبدا .. فيقول جارهُ عدنان : الرجل جاد في موضوع الشراء وهو كريم وسخيٌّ في الدفع . فيجيبهُ الجد : أعتاشُ وسوف يعتاشُ الأبناء والأحفاد من بركةِ الأرض .

ويقولُ الرجلُ الغريب للجد : بعها وزر البيتَ الحرام لتؤدّي فريضة الحج وتعتمر كل عام . فيقول له الجد : أنا أحبُّ ان أحجَّ إلى أرضي كلَّ صباح وأعتكف بها كلَّ يوم .

فيقولُ له جارنا عدنان: بعد عمر طويل وعندما توارى التراب،سوف يبيعُها الأبناءُ والاحفادُ وينفقون ثمنهاعلى الأولاد والنساء والسيَّارات ببذخ وترف. وعندما سمع الجدُّ هذا الكلام المثير خرج من هدوئهِ واتزانهِ وقال بنبرة غضب وتحدٍّ : أنا ربَّيتُ أبنائي على حبِّ التراب والأرض وعدم خِذلانِها مهما جارَ وتقلَّبَ الدَّهرُ . وأشارَ الجدُّ للحفيد بتقديم الخيار والصَّبر للضيفين ، وقال لهما: تفضَّلا هذا من خير الأرض، خيار بلدي وصبر شهيّ . فقال الغريب مندهشا : أهذا من أرضِكَ !!؟

قال جارنا عدنان : هي أرضٌ خصبة ومعطاءة .

فأردفَ جدِّي قائلا : أنا لا أبيع أرضي لاهل بلدي ولا لسماسرة واستشاط الرجل الغريب غضبا وقال : أرضكَ تنتقل من أيد عريَّةٍ إلى أرض عربيَّةٍ ،عمليَّة لا تشوبها شائبة. فأشعل الجدُّ التلفاز بعد هذا الكلام غير مبال بحديث الرجلين العقيم ( الغريب ووجارهم عدنان ) مبحرا ومتنقلا بين المحطاتِ يبحثُ عن محطّة نافعة تسرُّ البال ..وشعر الرجلان (الغريب والجار) بالملل والضَّجر وعدم الإهتمام والإكتراث بهما وبحديثهما وبوجودهما وشعرا بالإهانةِ والفشل فانصرفا .

 ويتابعُ الكاتبُ القصّة على لسان الحفيد : شعر جدِّي بضيقا في صدرهِ وصعوبة في التنفس، وصداع في الرأس فقدّمتُ له كأسا من الماء ونقلهُ والدي إلى المستشفى للإطمنئنان على صحَّتهِ وقرَّرَالأطبَّاء إبقائهِ للمراقبة الطبيَّة حتى الصباح . وفي الصباح يسافرُ الحفيدُ ( الذي تروى القصة على لسانة ) بالسيارة ويطوي المسافات ويختزلُ اللحظات لأجل لقاء جدّهِ العليل، وهذه هي المرّة الأولى التي يدخلُ فيها المستشفى في حياته العريضة ( حسب تعبير الكاتب) والمقصود بالعريضة الهانئة والمثمرة التي كلها أعمال وعطاء وإنجازات .. ولا بدَّ أنهُ الآن غيرمرتاح فالشوقُ والحنينُ والعشق يذبحهُ للأرض والقرية الوادعة، وهو لا يحبُّ الأدوية المصنَّعة، وهجر الأرض للحظة بالنسبةِ له غربة وضياع وفناء .

 وعندما يصلُ الحفيدُ للمستشفى ويدخل غرفة جدِّهِ يجدهُ جالسا على حافّة السرير مبتسما ويقول له :( أنا لا أبيع أرضي، هي عرضي .. أنا لا أبيع أرضي هي وطني . خذني إلى أرضي حالا أغسلَ عيوني بخضرتِها ، لتستحمَّ روحي بعطرها الزّكي ، لتختلطَ انفاسي بأنفاسِها ، لأروي نبتةً تتضرّعُ لله بعرقي المُتصبِّب عشقا، لأنثرَ ترابها في عيون الشامتين ) .

...وتنتهي القصةُ هنا بهذه الكلمات الحماسيَّة العظيمة التي أطلقها الجدُّ بنبرةِ التحدِّي والعنفوان،وتذكرنا هذه الكلمات بمسرحيات الممثل السوري العربي الكبير دريد لحام وبنهاياتها التي تُقفلُ بكلمات وطنيَّة حماسيَّة عظيمة وبعبارات ومواغظ حكميَّة تلخص فحوى ومضمون القصة والمسرحية بأكملها ، ويكون فيها الهدفُ الرسالة التي يريدها كاتب السيناريو - القصة - والتي قام الممثلون بأدائها .. وهنا في في هذه القصة أيضا وبكلماتِ الجدّ العظيمةِ يلخصُ الأستاذ سهيل عيساوي كل ما يريده في هذه القصة، وفيها مضمون وفحوى الرسالة .

تحليل القصَّة :هذه القصَّةُ كُتبت كما يبدو لجميع أجيال الطفولة وللكبار أيضا . والقصَّةُ أسلوبها جميلٌ جدا وسلس ولغتها فصحى سهلة ومفهومة ، ونجد في نفس الوقت ، في القصة ،الكثيرَ من الكلماِت الشاعرية والصور البلاغيةِ الجميلة والكثير من الجمل المترعة والمشعة بالحكمة والفلسفة والمواعظ والشعارات الحماسيّة الرنانة التي تذكي الهممَ والأريحيَّة وتعزّز وتعمِّقُ الشعور الوطني والقومي والإنساني في نفوس الناس الشرفاء والأنقياء وكل عربي وفلسطيني عنده ضمير حي ومبادىء وقيم ومثل ومشاعر وطنيّة إنسانيَّة جياشة .

 هذه القصَّةُ ترفيهيَّة ولتسلية وإسعاد الطفل من الدرجة الاولى بلا شك ، ولكنها تفتقرُ للطابع وللعنصر الفانتازي الخيالي على عكس الكثير من القصص الأخرى التي كتبها الأستاذ سهيل عيساوي .. فالقصَّةُ واقعيَّة مئة بالمئة بجميع أحداثها ومشاهدها وأبعادها وتموجاتها ...وتتحدَّثُ عن حبِّ الأرض وقيمتها وأهميّتها للإنسان وقداستها . فهي الوطنُ وهي الأم وهي الكيان والهوية وهي العرض .. والإنسان الذي بدون أرض هو بدون وطن وبدون انتماء وبدون جذور ويكونُ كالريشةِ في مهبِّ الريح يتطايرُ من مكان لمكان ولا يوجدُ له استقرارٌ وموطىءُ قدم ومكان يسندُ رأسه عليه . وتتحدثُ القصةُ كما ينسجُها الكاتبُ ويسردُها على لسان الحفيد عن دور السماسرةِ والعملاء القذر والخطير في خداع وإغراء الناس والأصحاب وحتى الأقرباء ومحاولةِ وإقناعهم لكي يبيعوا أراضيهم ... وأحيانا هؤلاء السماسرة يحاولون إقناع الناس أن الأرض إذا بيعت ستكون بأيدي عربية وليست لأجنبي وغريب .. مع انَّ الإنسان الذي يبيعُ أرضَهُ يخسر كثيرا ويفقد أهمَّ شيىء لديه ويندم في المستقبل حينما لا ينفعه الندم.. فالارض إذا بيعت لا ترجع ولا تعوّض كالذي يفقدُ ولداعزيزا من أولادِه ومن المستحيل أن يعود ويرجع للحياة بعد الموت .. وأنا أعرف أشخاصا باعوا اراضيهم قبل أكثرمن 15 سنة بسعر زهيد ولم تكن للأرض قيمة كبيرة كما هو اليوم .. والآن هم نادمون جدا على ما قاموا به وكأنما ارتكبوا جريمة نكراء لا تغتفر .

 وهذه القصةُ أظنُّ أنها الأولى التي كتبها الأستاذ سهيل عيساوي للأطفال محليا تتحدثُ عن الأرض والوطن والأنتماء القومي وعشق الأرض والتشبُّث بتراب الوطن . وخاصة أنها موجهة بشكل تلقائي للأطفال وللجيل الناشىء الذي لا يفهمُ ويدركُ كُنهَ وحقيقة وقيمة الوطن والأرض والإنتماء. وأظنُّ،بدوري، أن هذه القصَّة ( جَدِّي يعشقُ أرضَه ) لا يصادقُ ويسمح لها أن توضعَ وتدرجَ مستقبلا في المناهج الدراسيَّة لطلاب المدارس والمعاهد في الداخل لأنها تدعو للفكر وللوعي وللإنتماء الوطني والقومي ولتعزيز القيم والمبادىء والمثل وليس للترفيهِ والتسلية فقط كما ينتهج ويفعلُ معظم كتابُ قصص الأطفال . والجديرُ بالذكر أنَّ العديدَ من الذين يكتبون أدبا وقصص الأطفال على الصعيد المحلي لا يعرفون إطلاقا أسُسَ وأصولَ بناء القصة للأطفال...ويظنون أنّ الجانب الترفيهي فقط هو الذي يجب أن يكون موجودا ومتوفرا في قصص الاطفال ( التسلية )... وهؤلاء الكتابُ على ما يبدو أنهم مُستكتبون وَمُرتزقون وَمُهَجَّنون وَمُوَجَّهُون وَمُسَيَّرُون وللأسف من قبل جهات سلبيَّة ومشبوهة ونهجها معاكس ومناقض بل معادي لقضايا ومصالح وثقافة وحضارة شعبنا الفلسطيني محليا وخارجا والعربي قاطبة،وهؤلاء هم الآن سوقهم وموديلهم متألق وناجح في الداخل في أوكار الإعلام المحلي الأصفرعلى أنواعه وماركاته وفي برامج بعض محطات التلفزة التي تريد لعرب الداخل فقط ثقافة هجينة وأدبا هابطا ساقطا سخيفا وتافه وفارغا من كل مضمون وهدف بناء ( إنساني، إجتماعي ، سياسي ، فكري ،وطني ، قومي وسلوكي وتثقيفي وأدبي وفني .. ألخ )... ...على عكس الوضع والأمر والمُنطلق والتوجُّه في هذه القصَّة الإبداعيَّة الرائدة للأستاذ سهيل عيساوي (جَدِّي يعشقُ أرضَهُ) لأنها لا تتمشّى وتتناغم مع تلك السياسة الغاشمة والنهج الجائر غير المنطقي وغير الإنساني.. ولأنها أول قصة في الداخل على ما أعتقد تُكتبُ للأطفال تتناولُ قضيَّة الأرض والوطن والإنسان الفلسطيني والإنتماء الوطني بشكل مباشر وبطابع إنساني شفاف وبريىء وبعفويَّة ومن دون مزاودة أو تطرف ويبقى الجانب الإنساني هو المهين والمشعُّ فيها وليس الطابع العنصري..ولا أجزم أيضا إذا قلت إن هذه القصَّة أيضا لها طابع أمميٌّ شامل وتخاطب ضمير كل إنسان وفي كل مكان وزمان ...تخاطبُ كلَّ إنسان طبيعي ومتكامل أخلاقيا وسلوكيًّا وآيديلوجيًّا وشريف ونظيف في أي مكان وفي أي وطن ومهما كانت قوميته وجنسيَّته، وليس الإنسان والمواطن الفلسطيني فقط ، وتعلمهُ وتحثُّهُ أن يكون مُحِبًّا لشعبه ووطنه ومتمسكنا بأرضه وبيته ومسقط رأسه ولا يفرط بجذوره وانتمائه وهويته وكيانه وبقائه .

 ولهذا نحن نرى اليوم وبضوح أنَّ العديدَ من الكتاب والشعراء الكبار الوطنيين والقوميين المبدعين المحليين يحاولُ الإعلام السلطوي أوالمستقل شكليا والفئوي والمسيَّر والموجه من جهات مشبوهة ومعادية لقضايا شعبنا والإعلام الحزبي الأصفر المشبوه أيضا تهميشهم والتعتيم عليهم، بل حتى وأدهم في الحياة إذا كان هذا بالإمكان . لأن كتاباتهم تخدم الأنسانية والقيم والمبادىء والمثل والأخلاق كشيىء أساسي وهام وفي سلم الأوليات وتخدم أيضا وبشكل واسع الأمور والقضايا الوطنيَّة والقومية الفلسطينيّة والعربيَّة والأمميَّة والإنسانيَّة جمعاء. الأمر الذي يتناقضُ كليا مع أهداف ومآرب هذه الجهات والأوكار والبؤر والمستنقغات الإعلامية المنتنة . وهذا الإعلام الأصفر والسلبي الذي أعنيه يُرَوِّجُ دائما ويشهر فقط الأعمالَ الكتابية التي دون المستوى المطلوب والتي لا تخدم أية قضية مذكورة أعلاة ،وخاصة إذا كان الكتاب الذين دون المستوى لهذه المواد المنشورة التي دون المستوى من الفئة المأجورة والمستكتبة والمهجَّنة التي باعت نفسَها وضميرَها للشيطان ( والكلام مفهوم )

 ولنرجع لقصَّة ( جدي لن يبع أرضه ) فهذه القصَّة يوجد فيها عدة جوانب وعناصر هامَّة، وهي :

1 – الجانب الفني والادبي

2 – الجانب الأدبي .

3 – الجانب للترفيهي

4 – عنصر التشويق

5– الجانب الإنساني .

6–الجانب الوطني والقومي .

7 – الحكم والمواعظ الجانب التثقيفي والتعليمي

8- عنصر الحوار ( الديالوج )بين أبطال القصة )

9- الطابع السردي

10- حكمة وفلسفة الحياة وحب الحياة والكفاح من أجل البقاء .

وأخيرا: إنَّ هذه القصَّة ( جَدِّي يعشقُ أرضَهُ ) تُعتبرُ بكلِّ المقاييس والمفاهيم النقديَّة والذوقية قصَّة إبداعية ناجحة ومميَّزة عن جميع القصص المحلية التي كُتبت للأطفال، ولكن ينقصُها الطابعُ والجوُّ الفانتازي الخيالي ..وفيها القليلُ من المفاجاءات التي قد تضيفُ لكلِّ قصَّةٍ مهما كان نوعُها ولمن كُتبت ولأي جيل البُعدَ الفني والجماليَّة .. وأسلوب ولغة هذه القصَّة (التي نحن في صددها) الأدبية الجميلة والسلسة والمُنمَّقة وكلماتها الشاعرية الساحرة والتعابير والصور البلاغية المشرقة والملونة تضيف لها - للقصة - جمالا أخّاذا ساحرا ورونقا وبهاء وفنا ناصعا مضيئا. والكاتبُ بدوره هو فنان في اختيار وانتقاء الكلمات الجميلة والمعبرة وفي نسج وحبك المشاهد الدرامية في قصصهِ وفي كيفيةِ الإنقال من السرد إلى الحوار وبالعكس وعلى لسان أحدِ أبطال القصة ..كما هو الأمر والحال هنا .. حيث تُروى القصَّة على لسان الحفيد الذي يتحدَّثُ عن جدِّهِ بطل القصةَّ .. وفي معظم الفصول والمشاهد يظنُّ القارىءُ أن هذا الحفيد يتيم أو أنَّ أباهُ مسافر وغير موجود ودائما يبقى مع جده ...ولكن في المشاهد الأخيرة من القصة وعندما الجدُّ يصابُ بوعكةٍ صحيّة يُدخِلُ المؤلفُ وكاتبُ القصةِ وبشكل مفاجىء شخصية َ الإبن والد الحفيد الذي لم يكن له أي ذكر في البداية من قبل الحفيد الذي يتحدث ويروي القصة عن جده .. ولكن دور الإب يكون صغيرا ومحدودا وليس كشخصية محوريَّة أساسية .. ونستطيعُ أن نقول: إنه يوجد في القصة عنصر المفاجأة وبشكل طفيف..والقصة مسليَّة وممتعة بلا شك ويوجدُ فيها عنصرُ التشويق .. وتنتهي نهاية إيجابيَّة وسعيدة عكس ما كان يتوقعهُ القارىءُ حيث أنَّ الجدَّ لا يبيعُ أرضه رغم الإغراءات الماديَّة وتبقى الأرض له ولإبنه وحفيدهِ .. ويريدُ الكاتبُ أن يقولَ في نهايةِ القصة: يجبُ على كلِّ إنسان فلسطين أن يقتدي بهذا الجد المكافح والشهم والشّجاع ولا يُفرّط بأرضهِ مهما كانت المحفزات والإغراءات، فالأرضُ هي الوطن والإنتماء والهوية .. والذي لا أرض لهُ لا وطن له .

 وأخيرا وليس آخرا : نهنىءُ الشاعرَ والمؤرخ والكاتب والأديب القدير والمبدع الأستاذ سهيل عيساوي على هذا الإصدار القيم ونتمنى لهُ العمرَ المديدَ والمزيدَ من العطاء والمزيد من الإصدارات الشعريَّة الأدبية في الوقت القريب .

وسوم: العدد 704