أنطولوجيا المفروزين شعريّا
( شاعر تونسي مدير تحرير موقع أنتلجنسيا للثقافة و الفكر الحر )
إنّ الفرز إنمّا هو فعل قسريّ محض وإن ارتبط في بعض اللأحيان بخيار ذاتيّ إراديّ وإن تدثّر في أحيان أخرى بهدف السعيّ الى التمييز ،لغة فرَز الشَّيءَ عن غيره أو فرَز الشَّيءَ من غيره أي عزله عنه ، نحّاه وفصله ... وقد يحمل هذا الفرز معاني إيجابية حينما يتعلّق بالتمّييز أو التّفضيل بين الجيّد و الرديء ،بين الجميل و القبيح ... و لكنّه في الغالب يحمل معاني سلبيّة كالإفراد و الإستبعاد و الإقصاء و العزل خاصة في ظلّ الثقافات السّلطوية التي تحترف وأد الاختلاف و طمسه لضمان المنافع الدائمة و احتكارها .
في هذا السّياق يكون الفرز فعلا " اوليغارشيا" استبداديّا ينمّ عن رؤية قاصرة لسيرورة التّاريخ. فالمجتمعات الساعية الى تثبيت أقدام الديمقراطيّة بأرضها عليها محاربة هذه النتوءات الفطرية المتمعّشة من حقول الآخرين و الرافضة لوجودهم و المحاربة لأي نبات أو زهر مختلف شكلا او مضمونا ،
"المفروزون شعريّا " هم ثلّة من الشّعراء التّونسيين المغيّبين منذ سنوات عن السّاحة الثقافية ،برغم غزارة إنتاجهم الشعريّ و برغم جودة نصوصهم إلاّ أنّ" الأوليغارشيا" المتنفّذة و المحتكرة للسّاحة تــرفض وجــــودهم و تعمل ليلا نهارا على استدامة هذا التغيّيب و الاستبعاد ، هذه "الاوليغارشيا" قد تتغير و يتبدّل منتسبوها و محترفوها لكنّ الفعل لا يتغيّر و الحال على ماكانت عليه منذ سنين ، نفس المفروزين و نفس المغيّبين و الحضور واحد و في كلّ مكان .
نصائح لتسقط من قائمة المفروزين شعريّا :
لتوجد بالسّاحة الثقافية التونسية ،لا تشغل بالك كثيرا بالنصّ أو بجودته، لا تشتغل كثيرا على نحت تجربة متفردة،كلّ ما عليك فعله هو أن تكون عضوا أو رئيسا لهيئة تنظيم مهرجان شعريّ لأن هذا الفعل هو الضّامن الوحيد لوجودك في كلّ مكان و الضّامن الوحيد لتبادل المصلحة و المنفعة مع غيرك من مديري المهرجانات الأدبية الذين يشكّلون " الأوليغارشيا" الشعريّة .
و في حالات قليلة أخرى عليك أن لا تسير عكس التيّار - تيّار قصيدة النّثر الجارف- فمن السّهل جدّا أن يجرفك ناثر أو شاعر كلاسيكي متنفّذ بالقذف بالكلاسكيّة لأنك تقوّض وجوده بنصّ أكثر حداثة ( هنا اذكر شاعرا كلاسكيا اختصر الشّعر التونسي المعاصر في جماعته-جماعة القيروان- وفي "حركة نص" و أسقط الكلاسكية و الكلاسكيين جميعا و نسي أن يسقط نفسه- مقاله منشور باحدى المجلات الخليجية - )
نصيحة أخيرة ، عليك أن تحترف "البروباغندا" كأن تسوّق لنفسك كصاحب مدرسة إبداعية – مدرسة بلا أبواب و لا نوافذ- أو كراعي للكتّاب الشّباب علنا و محطّم لإبداعهم سرّا و لا تنسى أن تكون وصيّا على الشّعر التونسيّ المعاصر و حامي حماه الرافض لكل مختلف أو غريب عن مدرستك بأبوابها المخلوعة و حيطانها المتهالكة ، إن فشلت في تكوين مدرسة فلا بأس بنادٍ أو صالون أدبي أو دار نشر أو صفحة بجريدة بائسة كلّ هذه الحيل هي سبيلك نحو التنفّذ و التسلّط بلاشعر و لا نص .
من أسباب الفرز الشعريّ :
قد تتعدد الأسباب لكنّ الإقصاء و الاستبعاد و التّغييب واحد ،فمنهم من اختار طريقه اراديا و فرز نفسه بنفسه ،لأنه فشل ربما في الانخراط أو تعففّ وهو بالنّهاية مفروز ، وفيهم أيضا المقصى لأسباب فكرية و إيديولوجية كأن يكون ثوريّا حقيقيا في زمن الانبطاح ،و وجوده اليوم يذّكر" الاوليغارشيا" بقائمات " المناشدة" و" الطحين" البنفسجيّ الخالص . أو أن يكون في زمن الحداثة كلاسيكيّ النصّ و الأفكار وهو أيضا مفروز برغم اختلافنا معه و ثمّة فرز ثالث أشد قتامة ووجعا هو انخراط بعضهم في العصبيات المناطقية المنغلقة التي لا تقبل الآخر أصلا ،فمناطق عدّة من تونسنا –و بعيدا عن الجهوية- انغلقت على نفسها فكانت ضحيّة أفعالها ولم تقدّم كتّابها للآخرين و لم تفتح أبوابها لغير أبنائها، تلك المناطق فرزت نفسها بنفسها و فرزت كتّابها ...
لماذا الأنطولوجيا ؟؟؟؟
كغيرها من الأنطولوجيات – و برغم إيجازها – وجدت هذه الأنطولوجيا لتبيان وجود فعليّ و قاطع لعدد من الشّعراء المستبعدين من المشاركة في التّظاهرات الثّقافية و الشّعرية برغم سيرهم الذّاتية الزّاخرة بالأعمال الإبداعية و برغم جودة نصوصهم لذلك أرفقنا السير و مختارات شعرية لأغلبهم :
ملاحظة مهمّة: هذه الأنطولوجيا و بما توفّر من سير و نصوص لم تنخرط في الفرز او التعصّب لمدرسة أو منزع أو لتوجّه فكري أو إيديولوجي فالشّعراء الذين سنتحدّث عنهم فيهم من يكتب قصيدة النّثر و العموديّ و التّفعيلة و فيهم اليساري و الإسلامي ....
هل هو فرز شعريّ أم فرز أوليغارشيّ ؟؟؟
الحقيقة كنا سنقبل هذا الفرز لو استند إلى محكّ جماليّ خالص يقوم على المفاضلة بين النصوص الجيدة و الرديئة و لكنّ هذا الفرز هو فرز" أوليغارشي" إقصائي يهدف إلى احتكار المنافع بعيدا عن النصّ أو تقييم النّصوص أصلا ....
-1-عبد العزيز الحاجي ( شاعر و اكاديمي ) :
شاعر و استاذ جامعي بالمعهد العالي للغات بتونس ، قيرواني المولد، اصيل منطقة حاجب العيون اشتغل في بحثه الجامعي لنيل شهادة الدكتوراه حول تجربة الشاعر العراقي سعدي يوسف ، انطلقت تجربته الشعرية منذ التسعينات حيث اصدر اربع مجاميع شعريّة وهي على التوالي : «أفراح مختلسة (1992) – صباية مختصرة (1994) – صفير الوقت (1996) – غميس الغمام (1997)، ثم خيّر الانقطاع عن المشاركات و النشر و بعد 18 سنة عاوده الحنين فاصدر السنة الفارطة (2016) المجموعة الشعرية الخامسة في رصيده بعنوان "شهقت عيني في المرآة" و اصدر منذ أيّام قليلة المجموعة السادسة ليعود بذلك الى النسق الطبيعي في الاصدار، حملت المجموعة الاخيرة عنوان " بيت الشهيد... بيت القصيد" ، و برغم هذه العودة و هذه الاصدارات بقي وجوده منعدما في التظاهرات الأدبية :
مقتطف من قصيدة في مهبّ الروائح :
العَييُّ:
ماأنا أعمى
كلاّ و ما بي صمم
ولا أنا قد عدمت الشمّ و اللّمس يوما
...مع ذلك كم زهرة قد ضحكت لي
لم أتعرّف اليها
ولا أنا سمّيتها
اذْ شممتها ....
و كم طير أهداني أغنية
ليهنّد بقلبي و الجوارح
فلم أزل أتخبّط –مغلولا- في خرسي،
بينما طائري يرفرق-طليقا-في فضاء النسيان
حتّى لا ذِكرى ممّا بلوتُ
الاّ ما بات يُعييني
ويُعْيي لساني
........
-2- سليم دولة (شاعر و فيلسوف) :
شاعر و فيلسوف اصيل مدينة قفصة بالجنوب الغربي لتونس يعدّ ممثلا للفلسفة المنفصلة عن البحث الأكاديمي من أهم فلاسفة تونس والعالم العربي. نشر أول أعماله "ما الفلسفة" وهو طالب في كلية العلوم الإنسانية 9 أفريل بتونس التي تخرج منها وأصبح مدرسا للفلسفة ، مازالت علاقته الحبرية متواصلة مع الشعر و الفلسفة من خلال ما ينشر له في بعض الدوريات العربية والصحف الثقافية و يذكر ان جريدة لوموند الدولية لقّبته بــ : فيلسوف الصحراءو اطلق عليه البعض الآخر : سقراط مدينة تونس /الكاتب الحر /نيتشة تـــونس،
من اصدارته : ما الفلسفة ، المغرب (1987) ، السلوان والمنجنيقات, شعر , دار رؤى(1995)،الثقافة و الجنسوية الثقافية،سورية (1997)، الجراحات والمدارات, تونس (1997) ، كتاب ديلانو شقيق الورد،شعر (2008) و له بعض المؤلفات المخطوطة : بيان بغداد السقراطي، مقالات في الفكر السياسي، - أمة جنّت فصولها , في نقد الشأن اليومي،
عرف سليم دولة بتعفّفه الشديد لذلك يغيّب عن الملتقيات الشعرية و الادبية .
مقتطف من ديوانه ديلانو شقيق الورد :
جَمَعتُ شَتَاتَ أَمْرِي.. (حَصَادَ هَشيمٍ كُنتُ، حُبَيبَاتِ نَبَقٍ لمَ يَتَحَسَّسْ وُجُودَهَا العَنـْزُ، نَبتَةَ حُمّيضَةٍ اشتَهَتهَا امرَأَةٌ
حُبلَى، أَو أَيّ شَيء كَهَذَا، شُقَيفَةَ طِينٍ مَثَلا كُنتُ فِي أَرْضِ "الفَالِتَةِ"، تمَيمَةً قُدَّتْ منْ رَأسِ هُدْهُدٍ تَمَرَّغَ ،،، في الرمَادِ فَوَقَعَ، جِلدَ حَيةٍ غَيَّرَتْ ثوبَهَا، سُفيفَةَ طينٍ تَعْرِفُ العَذَارَى سِرَّهَا، وَبَرَ جَمَلٍ تُلاَطِفُهُ السُّحَيْراءُ، الطِفْلُ الذِي كُنتُ يُسَمُّونَهُ: "الفَرخَ الإِيطَالِيَّ") نَهَضَ.. نَهَضتُ.. ذَاتَ.. صَباحٍ..
تُونِسِيٍ _ كُسْمُولُوجِيّ
(المِيقَاتُ مِيقَاتِي وأَنَا سَيِّدُ زَمنِي وحَرَكَاتِي عِندَ السَّاعَةِ الرّابعَةِ منَ اليَومِ الرّابَعِ منَ الأَلفيةِ الرَّابعَةِ أَبوُسُ تُرَابَ الكَواكِبِ وأَجْرِي سَبْقًا) أُرَاهنُ الانتصَارَ عَلَى ظِلِّي وَذَاكرَتِي كَمَا تَشتَهي شَهوَتي إن مُتُّ ثَانيَةً لَنْ أَمُوتَ بغُصَّتي. قَوَاديسُ مَائِي بيَدِي، النُّجَيمَاتُ فَوانِيسِي والمَجَرَّاتُ رَفيقَاتِي.
......
-3- محمّد الخامس بن لطيف (شاعر):
شاعر تونسي أصيل محافظة قبلي بالجنوب التونسي ، قد يكون الاكثر غيابا عن الملتقيات الأدبية المنجزة، بشأن سيرته الذاتية قال التالي : لا أذكر شيئا كثيرا عن البدايات..سوى أنّني كتبت الشّعر في صباي..وظللت أكتب وأقرأ نصوصي لأصدقائي..إلى أن تمّ توجيهي إلى شعبة علميّة..وهو ما أبعدني وأراحني من الدراسة الأكاديمية للشعر التي أراها خانقة..ودخلت الجامعة في شعبة الهندسة المدنية..وقتها بدأت أعلن عن نفسي..
اخترت النّشر الإلكتروني عبر مدوّنتين لي....ثمّ وبعد زمن طويل من الكتابة اخترت أهمّ النّصوص وطبعتها في ديوان 2016..جزء أوّل..بعنوان كبير واحد..مرافئ الحزن البعيدة : قصائد حبّ..سيكون الجزء الثاني بعنوان فرعيّ : قصائد حزينة"
مقتطف من نصّه الاخير" طاولـة الخمـر":
طـاولة الخمـرةِ صارتْ وطنًـا
وشـواطئَ زرقـاءَ !
ونادلـكِ المفتـونُ تُـرنّحه الشّهـوةُ
والـرّوحُ القُـدُس الأممـيُّ تنـزّل
لـم يُحكـمْ شيئـا يُـذكر
فـالآيـاتُ هي الآن بقلبِـي
نهنهـةٌ وســلامْ ،،،
آي الغيْبـة..اِقـرأْ :
باسمـك !
يـا هـذا المـوغل في الفـرح البشـريِّ
ومـا أتقنْـتَ مـن الـوجـدِ
أقسـمُ إذ أنـتَ رحلـتَ
لقـد جـاء اللّـهُ إلى العتباتِ..
ونــــــامْ ،،،،،
وثملـتُ حزينًـا
مثـل صنـوبرةٍ في التلّـةِ
تـرمي أوراقها للغـرباء
وتكشف عن فخـذيْها النّهـريّيْن
مـدى الأيّامْ ،،،
وثملـتُ حـزينًـا
كحـروفٍ تلهث
خلـف كــلامْ ،،،
-4- عمر سبيكة ( شاعر و سينيمائي ) :
شاعر و سينمائي تونسي ،أصيل مدينة حمام الانف بالضاحية الجنوبية للعاصمة تونس متحصّل على شهادة مهندس مساعد في النّسيج، اختصاص صباغة وتكملة، يشغل الآن خطّة تقني أوّل للمخبر فوق الرّتبة بالمركز الوطني للبحوث في علوم المواد بالقطب التّكنولوجي ببرج السّدريّة، عضو بالجامعة التّونسيّة للسّينمائيّين الهواة، عضو بالرّابطة التّونسيّة للدّفاع عن حقوق الإنسان(كاتب عام سابق) و عضو اتّحاد الكتّاب التّونسيّين،
أصدر عمر سبيكة ثمانية مجموعات شعريّة:عناق (2001) الأرض تركض خلف خطاها سنة (2001).
كليم الورد (2003) .أفق النّاي... جناح القطا (2005).قتلى... حتّى مطلع الأرض (2007).بيان الحديقة (2009).إلى آخر المطر (2011).الوثبة البيضاء (2011). و لقد انجز الكثير من الاعمال السينمائية التي تم تتويجها في مناسبات متكررة ،و لكن برغم زخم التجربة غيابه( او تغييبه) عن الساحة الثقافية لافت و يطرح اكثر من تساؤل.....
مقتطف من نصّه "أعود كما العيد حتما يعود":
أعود،
كما العيد حتما
يعود.
أعود
كما اللاّجئ
سارحا في رؤاه
يعود.
أعود
كما الذّكريات
تعود،
تراقي سماء البلاد.
أعود
كما الخطو
يستدرج الخطو
في حفلات الرّماد.
أعود
كما الطّفل
يستلم العيد
في طلقات الجنود.
أعود
كما الشّهداء
يعودون من غربة
أطفأت عيدهم
و البلاد.
-5-طارق الناصري ( شاعر و باحث ) :
شاعر تونسي اصيل مدينة بوسالم التابعة لمحافظة جندوبة بالشمال الغربي لتونس ،متحصل على الأستاذيّة في اللّغة والآداب العربيّة من كلّية الآداب بمنّوبة ، يشتغل بالتدريس و منشغل بالبحث في السرديّات ،
أسّس مع شعراء ومبدعين" نادي أسئلة الإبداع" بكلّية الآداب بمنّوبة سنة 1994، عضو مؤسّس لمجموعة أسئلة الإبداع العالمي، من اصداراته : العاديات (2010) ، على حَجَر بارِدٍ ...نتبادل عشق الأغاني(2014) امّا المخطوطات التي تنتظر النشر : حافّة الماء (شعر ) : تحت الطّبع ،مالك الحزين: سيرة مجازيّة للثّورة التّونسية ،في نقد الشعر : قراءات في النّصوص الشّعريّة الجديدة ،في نقد السّرد : قراءات في نصوص سرديّة مغاربية .
يقول ان غيابه عن الملتقيات ا الادبية قد كان خيارا شخصيّا ،
قصيدة :أعلى الفجْرِ
أنهضُ
أنا والضّوءُ الآن , وتحديدا عند أقفال البدايات
هوَ :
– مِنْ أين أتيتَ ؟
أنا :
– منْ أينَ أتيتُ ؟
يسبقني خُطوةَ , يتغيّرُ لونهُ , يتبعهُ باعةُ الخضارِ , الأمّهاتُ , الذّاهبون إلى اللّه والنّاجون من اللّيل …
مِنْ أحلامهمْ , و الباحثون عن منبتِ الأمطارْ
عائدا من أهوال الظّلمات
هل كنتَ فعلا هناك أيّها الضّوء ؟
كيف نجوتَ من مخالبها ؟
عائدا من كيْد النّهاياتِ , قال لي الضّوءُ :
– ساعدني كي نفكّ أقفال خيبتنا
أنت تأخذ وجْهتك نحو الطّين
فتمسّكْ بجذْوةِ الأسرار في أعلى الفجْرٍ
– وأنا آخذ حفنةً من أحلامكَ حتّى أُفني هذه الظّلمات العالقةَ بالنّهارْ
-6- سعيف علي ( شاعر وقاص ) :
ولد سعيف علي في 16 ملرس1972 بدار شعبان الفهريّ ( تونس).يشتغل وكيلا لشركة خاصّة على ملكه. تندرج تجربته الشّعريّة بوجه عامّ في ما يعرف ب” شعريّة الأشياء”.وهي لون من كتابة الشعر أسّسه الشّاعر الفرنسيّ فرانسيس بونج (1899 – 1988 )يقوم على التقاط الموحي والمفارق من تفاصيل الأشياء. تزدحم قصائده بالصور المباغتة المربكة و تكشف في مستواها الدلالي عن صفتين تبدوان متعارضتين: هشاشة نفسيّة بالغة شبه طفوليّة و شعور قويّ بالتفرّد.من مجاميعه الشّعريّة :مطر آلان في يدي ، 2008 – نصف بيمول من مقام الرّست، 2011 – المرايا لا ترى النّور، 2012 – طينيّات، 2014. وله اصدار في جنس القصص القصيرة جدّا:محاولة للبقاء خارج ساعة يدوية 2013
نص ضمائر...
هو عقر راحلته. تاه في الطرق يجمع أكواما من الحجر، ويحفر حفرا؛ يبيت فيها ثم يمضي يتبع الشمس يريد أن يلحقها. انا كنت امشي أفكر أمامي. كان ظلي يتبعني؛ يمحي أثري عن الطرق و يبعد عني الماضي الذي لا يريد أن يتركني . نحن كان يتوه يعقر الرَّاحلة...كنت أتوه أعقر الماضي هم كان ظلِّي يدفن الراحلة في الحفر -7- سالم المساهلي ( شاعر و اعلامي ) :
شاعر و اذاعي تونسي مولود في مدينة تالة التابعة لمحافظة القصرين يشتغل أستاذا في المعهد الأعلى لتكوين المعلمين بالكاف. وهو منتج إذاعي في إذاعة الكاف و عضو باتحاد الكتاب التونسيين منذ سنة 2003 . صدر له : ــ أشواق الخيل ( شعر) 2002 . ــ ماذا...لو يبوح النخل ؟ ( شعر) 2003 . ــ حديث البلاد ( شعر) 2005 .
مقتطف من قصيدة الحَرْبُ تُعْلَنُ ضِدّنَا ..
الحَرْبُ تُعْلَنُ ضِدّنَا .. ضِدّ التّرابِ الحُرّ والتّارِيخِ والذّكرَى .. ودِيوانِ العُروبَةِ والفُتُوحْ .. أمّا الدواعِشُ والبَراقِشُ .. فَالرّؤَى تَدْرِي .. بِأنّ مَطِيّةَ الأعْداءِ .. أوْكَارُ العَمَالَةِ والجُنُوحْ .. وبِأنّ صُنّاعَ الخَرَابِ يُوَجّهُونَ ويَفْتِلُون لَنَا الطّمُوحْ .. هَا أنّهُم آتُونَ فِي سِيَرِ المَلاحِمِ كَيْ تُمَزّقَنا القُروحْ .. وَسَيَحْفِرُ الأعْدَاءُ فِي جِذْرِ النّخِيلِ وَيَسْكَرون .. وسَينْبشُونَ قُبُورَ كُلّ الشّاهِدِينَ وَيرْقُصُون ..
-8- هشام دامرجي (شاعر و مترجم و قاص ) :
شاعر و مترجم و قاص تونسي متخصص في علاج عيوب النطق و يعمل مديرا تربويا بمركز اجتماعي بدبي. من جيل الثمانينات. أصدر : مرافئ الحزن شعر - معك يا أمي قصة للاطفال -صقري الجميل قصة للاطفال، سلطان القاسمي... الفكر و الانجاز.....(بحث) اما التراجم للفرنسية فقد اصدر: بين طرقات باريس.... رواية لفاطمة الحمادي وكأنني للتو....شعر،له عدد هام من التتويجات الوطنية و العربية منها: جائزة وزارة الاعلام و الثقافة.. الامارات 1992، ، جائزة النقد... ربيع الفنون بالقيروان 2006 ،جائزة وزارة الثقافة و تنمية المجتمع الامارات 2009 ، جائزة مؤسسة زايد الثقافية..2016
و عمله بصدد الترجمة لعشر لغات و لقدحكم في جوائز وطنية و عربية و امسيات شعرية خاصة:بيت الشعر الأردني و جامعة دار العلوم بالقاهرة.
قصيدة هفوة :
نُعاتك هم
و ليسوا نُعاتي
و تلك رفاتك
ليست رفاتي
انا لم أمت لحظة
ولكنّها عثرة من عثراتي
كطفل تلكأ في مشيه
فسقطتُ
وعدت سريعا الى خطواتي
وعن ركبتيّ مسحت التراب
ولملمت ما سال من عبراتي
وما كنت أبكي عليك ..
ولم تبكني غيرها
هفواتي
-9 - خالد الهدّاجي (شاعر) :
خالد الهدّاجي / الشّاعر، شاعر شفّاف هو آخر المنتسبين إلى مدرسة الطاهر الهمامي «في غير العمودي والحر» و هو امتداد لها ولحركة الطليعة الأدبية([1][2])واثقة الخطى دون أن تعفّر الجباه، خالد الهدّاجي «رجل في راسه عقل»([3][4])
انزلاق أرضيّ( من مجموعته الشعرية : مجرّد رائحة لا غير )
في الرّبيع يمكن أن ترى كلّ هذه العربدة:
غرور الأشجار بخضرتها النّاصعة،
كبرياء وردة حمراء توقظ شبق المراهقات.
غرور نهديْن يمزّقان قميص سيّدة جميلة متباطئة
تحت أشجار الشّارع.
كبرياء أنفها السّاخر من نظرات العابرين.
غرور طالبة تجيد الرّقص على طاولات الدّروس المسائيّة.
كبرياء شاعر وحيد يتأمّل هواجسه.
لا يعنيه إضراب عمّال المناجم أو موت سنبلة.
بغرور وكبرياء تمرّ قامات العابرين في الشّارع،
تجـرّ أوهامها سكرى بنسمات الرّبيع.
… كلّ هذا سينحني لـرياح الخريف.
-10-محمد ناجح الطرابلسي (شاعر و كاتب ) :
كاتب وشاعر تونسي من مواليد صفاقس 1975 أستاذ مدارس ابتدائية ... صدر له ديوانان نزيف الصمت و سنابل القحط ...
قصيدةهنيئا يا رئيس ...
أُسْكُبْ هنيئًا سقاكَ الشّعبُ حُرقَتَهُ
وامضَغْ مريئًا رغيفَ الصّمتِ في وطنِي
نحنُ الضُّيوفُ و أنتَ الدّارُ صاحبُها
ماضرَّ ضيفٌ رماهُ الجوعُ أنْ يهُنِ
البردُ شقَّتْ خُدودَ الكافِ لدغتُهُ
والفحصُ شادتْ من الأعوادِ مُستكنِ
قَصْرينُ سنّتْ لجارِ البيْنِ مُديَتَهَا
يُلْقي المنيَّةَ بينَ الغرِّ و اليَفَنِ
قفْصةْ تنوحُ على الفُسفاطِ سائلةً
منْ ذا الأحقُّ بما أوتيتُ منْ خبُنِي
قدْ غمَّ قابُسَ منْ أهوالِ ماسكبوا
سُمٌّ زعافٌ بلونِ الموتِ و الكفَنِ
مِدنينُ أرختْ لِذي الأحقادِ عُرْوَتَهَا
ذرَّ القطيعَ و عاضَ الفحْلَ بالعطَنِ
قرْطاجُ عرّتْ لأولِي الأمرِ عورتَهَا
أضحتْ تُغطّي عيونَ الشّمسِ بالمُزُنِ...
-11- محمد الهادي عرجون (شاعر و ناقد):
شاعر و ناقد تونسي اصيل منطقة بنقردان محافظة مدنين بالجنوب التونسي :أشرف بين سنتي 2002 و 2004 على نادي الإبداع الأدبي بدار الثقافة ببنقردان، نشر أغلب قصائده على أعمدة الصّحف و المجلاّت التّونسيّة . و له عدد هام من الدراسات النقدية و القراءات التحليلية ،عضو بنادي الشعر و القصّة محمد البقلوطي بدار الثقافة باب البحر بمدينة صفاقس،تم تكريمه سنة 2004 من طرف اللجنة الثقافيّة لمدينة بنقردان نظرا لمساهماته في إثراء الحقل الثقافي بالجهة، عضو مؤسس و كاتب عام مساعد لجمعية الوشم الأدبي ببنقردان. له حاليا مجموعة تحت الطبع عنوانها " آيات بينات من الوجع الأخير "
قصيدة :"ثلاث جثث خارج التاريخ":
الجثة الأولى
لَمْ أَكُنْ أَدْرِي
أَنَّ الرَّصَاصَةَ الأُولَى
مَرَّتْ عَلَى كَتِفِي
تَذَكَّرْتُهَا
لَمْ أَصْرُخْ وَقْتَهَا
وَلاَ صَهِيلُ الْخَيْلِ سمعته
وَلَمْ أَكُنْ أَدْرِي
أَنَّ الرَّصَاصَةَ الثَّانِيَةَ
تَزَوَّجَتْ كَبِدِي
فَأَنْجَبَتْ جُثَّةً هَامِدَةً
الجثة الثانية
طُرِقَ الْبَابُ
خَرَجْتُ لأَسْتَنْشِقَ غُصَّتِي
فِي صَقِيعِ الْمَوَاعِيدِ
الَّتِي كَبَّلَتْنِي إِلَيْهَا
مَنْ الطَّارِقُ …؟
رُبَّمَا جَدَّتِي
لَبِسَتْ مِعْطَفِي
أطلَّتْ مِنَ الشُّرْفَةِ الْخَامِسَةِ
فَكَانَ الرَّصَاصُ
يَطْرُقُ صَدْرِي
عَلَى الْجِهَةِ السَّادِسَةِ
الجثة الثالثة
عَلَى بُعْدِ أُنْثَى
وَ امْرَأَتَيْنِ
وَطِفْلِي الصَّغِيرِ
أَمُدُّ الرَّغِيفَ إِلَيْهِ
فَيَرْتَدُّ خَوْفِي إِلَيَّ
أَضُمُّ إِلَى صَدْرِي الْمِئْذَنَةَ
أَهُزُّ إِلَيَّ
يَساَّقَطُ رَصَاصُ الْغُزَاةِ عَلَيَّ
يُقَبِّلُ جُمْجُمَتِي مَرَّتَيْنِ
[1] -حركة الطليعة الأدبية في تونس 1968 - 1972
[2] – أرى النخل يمشي : مجموعة شعرية للطاهر الهمامي صدرت سنة 1986
[3] - رجل في رأسه عقل: دراسة، الطاهر الهمامي (ابن المقفع، دراسة 1992 )
[4] - مجرّد رائحة لا غير، خالد الهداجي، شعر، مقدمة الدكتور فتحي النصري، ص4.
وسوم: العدد 708