مقدمة في نظرية الشعر الإسلامي لعباس المناصرة
عن دار البشير للنشر والتوزيع في عمان ومؤسسة الرسالة في بيروت صدر حديثا كتاب بعنوان: مقدمة في نظرية الشعر الإسلامي (المنهج والتطبيق للأستاذ عباس عزالدين المناصرة في (178) صفحة من القطع الكبير، مشتملا على مقدمة وأربعة فصول وخلاصة في الضرورات والتحديات. والهدف من تأليف هذا الكتاب ـ كما أوضحه المؤلف ـ يتجلى في أمرين: 1ـ وضع مقدمة منهجية توضح طرق الانتقال من فكر الصحوة الإسلامية الذي بدأ في العقد السادس من هذا القرن إلى فكرة النهضة الإسلامية المتخصصة. 2ـ تحديد الوثائق الشرعية لاستخلاص عناصر النظرية الإسلامية في الأدب. وانطلاقا من هذا الفهم فإن المؤلف يدعو لظهور ما أسماه بـ الفقيه الناقد الذي يجب أن تتوافر له المعرفة الجيدة بأحكام العقيدة الإسلامية وشموليتها والاطلاع الواسع على التراث الأدبي الإسلامي في مراحله المبكرة لاستخلاص أسس النظرية الإسلامية في الأدب وبخاصة الشعر. وقد حدد المؤلف خمس وثائق أساسية لاستخراج عناصر النظرية الإسلامية في الأدب بعامة والشعر بخاصة على النحو التالي: 1ـ القرآن الكريم 2ـ الحديث النبوي الشريف والسيرة النبوية المطهرة. 3ـ أدب الصحابة الكرام، بوصفه النموذج الفني الإبداعي الذي استجاب لله ورسوله. 4ـ خلود المذهب الإسلامي في الأدب العربي وفي آداب الشعوب الإسلامية واستمراره على مدى عصور الأدب. 5ـ طموحات النظرية الإسلامية وهمومها في ظل الثوابت والأولويات الشرعية، ويستعرض المؤلف بعد ذلك المحاولات الإسلامية المعاصرة سواء في المجال الإبداعي، أم في المجال النقدي التنظير للأدب الإسلامي وهنا يقسم المؤلف دعاة النظرية الإسلامية في الأدب إلى قسمين: الأول: أهل التخصص، وهم من أهل العلم والإبداع، وذكر منهم: سيد قطب ومحمد محمد حسين وشكري فيصل وعبدالرحمن رأفت الباشا. الثاني: مدرسة منهج الفن الإسلامي، أو أصحاب المنهجية العامة الذين سلكوا مسلك التنظير الفكري بدلا من التنظير الأدبي، وذكر منهم: الأستاذ محمد قطب في كتابه منهج الفن الإسلامي، والدكتور نجيب الكيلاني في كتابه الإسلامية والمذاهب الأدبية، والدكتور عمادالدين خليل في كتابه النقد الإسلامي المعاصر، والدكتور صابر عبدالدايم في كتابه الأدب الإسلامي بين النظرية والتطبيق وأحمد العناني في كتابه الأدب الإسلامي. وقام المؤلف هنا بتحليل منهج الأستاذ محمد قطب في كتابه (منهج الفن الإسلامي) تحليلا مستفيضا، وتمنى لو أن الأستاذ محمد قطب ومن ساروا على منهجه قد اقتصروا على المجال الإبداعي ولم يخوضوا في مجال التنظير للأدب الإسلامي. وبعد ذلك أورد المؤلف الصفات المشتركة للجيل الثالث من دعاة النظرية الأدبية الإسلامية الذين بدؤوا بالسير على منهج مدرسة منهج الفن الإسلامي ثم بدأت الاستقلالية تظهر في كتاباتهم وهو يعدهم من أهل الاختصاص، وهم: الدكتور عبدالباسط بدر والدكتور مصطفى عليان والدكتور أحمد بسام ساعي والدكتور عبدالقدوس أبوصالح، وغيرهم. وفي الفصلين الثالث والرابع من الكتاب قام المؤلف بدراسة نقدية لأقدم وثائق الشعر الإسلامي في المرحلتين المكية والمدنية. ونحن نقدر للمؤلف طرحه الجديد والجريء في الوقت نفسه، بأسلوب علمي منهجي يعتمد على دراسة المراحل الأولى دراسة دقيقة متأنية لاستخراج واستنباط الأسس والقواعد المنهجية للنظرية الإسلامية في الشعر ولكن لابد من إنصاف الرواد من منظري الأدب الإسلامي وهو الشيء الذي قد نختلف فيه مع الأستاذ المناصرة عندما أنكر فضل جهود مدرسة منهج الفن الإسلامي ـ كما أطلق المؤلف على أصحاب هذه المدرسة من خلال دراسته لمنهج الأستاذ محمد قطب وتحليله عند حديثه الموسع عن كتاب منهج الفن الإسلامي بدعوى أن الجانب الفكري عند محمد قطب وعند من ساروا على منهجه في الكتابة قد طغى على الجانب النقدي وكما يعرف الأستاذ المناصرة أن معظم المنظرين للأدب في مختلف النظريات الأدبية الحديثة قد مالوا إلى التنظير الفكري وحسب الرواد أنهم ساروا على الطريق، وكل بداية تحتمل الخطأ أكثر من الصواب، وتكون مهمة من يأتي بعدهم من النقاد والمنظرين في مجال الأدب الإسلامي دراسة تجربتهم وأخذ الصالح منها والسير عليه مع مراعاة الرجوع إلى المنابع الأولى لهذا التراث الأدبي ومتابعة ذلك في عصور الأدب العربي المختلفة، وعذرهم في ذلك ندرة النقاد المتخصصين في الأدب الإسلامي ممن سبقوهم.
وسوم: العدد 747