الأخ المهندس عبد الملك علبي (أبو أسامة) في ذمة الله
الكلمة التي ألقيَت في مجلس العزاء بتاريخ 8/2/2021
أيها الإخوة والأخوات.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. إن القلب ليحزن، وإن العين لتدمع، وإنا على فراقك يا أبا أسامة لمحزونون. ولا نقول إلاّ ما يرضي ربنا: حسبنا الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العليّ العظيم.. إنا لله وإنا إليه راجعون.. وعزائي لأسرته الكريمة، وزوجته الداعية المربية الصابرة المحتسبة السيدة الفاضلة (أم أسامة)، وأولاده الأحبة: أسامة وعبد الله وإبراهيم، وميسون وصفية وآمنة، وأصهاره، وكناته، وأقاربه وإخوانه، وأحبابه، ولكلّ من عمل معه، أو تعرّف عليه.. سائلاً المولى عز وجل، أن يتغمّدَه بواسع رحمته، وأن يسكنه فسيح جناته، وأن يجمعنا به في مستقرّ رحمته، وأن يلهمنا الصبر والرضى وحسن العزاء..
يقول الله عزّ وحلّ: من المؤمنين رجالٌ صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه، ومنهم من ينتظر، وما بدّلوا تبديلا.. وأنا أحسَب أن أخانا الحبيب (أبو أسامة)، من هؤلاء الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فلقيَ وجهَ ربه، راضياً مرضيا.. يصدق فيه قول المتنبي:
على قدر أهل العزم تأتي العزائمُ وتأتي على قدر الكرام المكارمُ
وتعظم في عين الصغير صغارها وتصغر في عين العظيم العظائمُ
وقوله أيضاً:
وإذا كانت النفوس كباراً تعبت في مرادها الأجسامً
فلقد كان أبو أسامة - رحمه الله - أمة في رجل، ورجلاً في أمة.. كان مثلاً وقدوة للعاملين، وحجّة بالغة على القاعدين.. لم يمنعه المرض، ولا الشيخوخة، من القيام بمهامّه التي نذر نفسه لأدائها، مما يعجز عنه كثير من الشباب والأصحّاء.. انخرط في دعم ثورة أهلنا في سورية، منذ انطلاقتها، مع أسرته وأبنائه، دون تكليف من أحد، ولم يألُ جهداً في تقديم الدعم والعون لأهلنا من ضحايا النظام المجرم في مختلف المجالات.. متفانياً في خدمة دينه ودعوته وإخوانه وأهله وشعبه، متابعاً لأوضاعهم الصحية والتعليمية في داخل سورية وخارجها، وفي المخيمات والمهاجر..
كان - رحمه الله - مدرسة متعددة الفصول، يتعلم منه كلّ من عرفه أو عمل معه.. كان مدرسة في علوّ الهمة، والمبادرة والمثابرة، والثبات على العهد والمبدأ، مدرسة في عمل الخير والبذل والعطاء والكرم والسخاء، مدرسة في التواضع وحسن الخلق والألفة والمحبة والتسامح ولين الجانب، من الموطّئين أكنافاً، الذين يألفون ويؤلفون، مدرسة في الحب والحنان وتربية الأولاد بالقدوة الحسنة، وتنشئتهم التنشئة الصالحة.. مدرسة في إحياء الأمل والتفاؤل في نفوس من حوله والعاملين معه، لم يكن اليأس يجد إلى عزيمته سبيلا..
لقد كان خبر وفاته صادماً ومؤلما، لكنّ عزاءنا أنه لقيَ وجه ربه ثابتاً على العهد وفيّا، راضياً مرضيا.. وأنه ترك خلفه أسرة نموذجية، زوجة صالحة، وبنين وبناتٍ صالحين بررة، يسيرون على نهجه وخطاه، وترك آثاراً طيبة وذكراً حسناً في ميادين وساحاتٍ كثيرة، ومجموعة كبيرة من العاملين الذين عملوا معه وتأثروا به، وأعمالاً كثيرة تشهد له، ومن الوفاء له أن نكمل مسيرته، ونسدّ الثغرات التي كان يسدّ.
أسأل الله عز وجل أن يتغمّد أخانا الحبيب (أبا أسامة) وإخوانه الذين سبقوه، بواسع رحمته، وأن يسكنهم فسيح جناته، وأن يجمعنا بهم في مستقرّ رحمته، تحت ظلّ عرشه، يوم لا ظلّ إلا ظله.. مع الأنبياء والصدّيقين والشهداء والصالحين.. وحسُن أولئك رفيقا.. اللهمّ إنه نزل بساحتك، وهو بحاجة إلى رحمتك وعفوك ومغفرتك.. وأنت أرحم الراحمين.. اللهمّ فأحسن وفادته وأكرم نزُله.. اللهمّ إنه وفد عليك، وأنت أكرم الأكرمين.. اللهمّ فاجعل قِراه منك الجنة.. اللهمّ إن كان محسناً فزد في إحسانه.. وإن كان مسيئاً فتجاوز عنه.. ولقّه الأمن والبشرى، والسعادة والزلفى.. اللهمّ ألهمنا وأسرته الكريمة، الصبر والرضى وحسن العزاء.. اللهمّ آجرنا في مصيبتنا، وعوّضنا خيرا.. اللهمّ لا تحرمنا أجره، ولا تفتنا بعده، واغفر لنا وله يا أرحم الراحمين.. وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.. والحمد لله ربّ العالمين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته أبو أنس
8/2/2021 علي صدر الدين البيانوني
وسوم: العدد 915