كلمة تأبين في حق الأخ المرحوم الأستاذ محمد زغودي تغمده الله تعالى بواسع رحمته

تلقينا نبأ التحاق الأخ المرحوم الأستاذ محمد زغودي بالرفيق الأعلى يوم أمس الأربعاء بحزن لا  اعتراض فيه على قضاء وقدر الله تعالى ، وبإيمان بأن كل نفس ذائقة الموت ، وأن الموت رحيل من دار فناء إلى دار خلد .

وبهذه المناسبة الأليمة، نتوجه أولا بالعزاء إلى أهله الأفاضل في مصابهم الجلل ، ونسأل الله تعالى لهم جميل الصبر والسلوان ،وعظيم  الأجر الذي وعد به الصابرين المحتسبين ، ثم  نتوجه ثانيا  إلى كل أصدقائه، ومعارفه، ومحبيه  من أسرة التربية والتعليم ، ومن أسرة الصحافة بالعزاء ، وعزاؤنا واحد جميعا  في هذا المصاب الجلل .

ومن حق هذا الفقيد على  جريدة وجدة سيتي الرقمية التي  كان ضمن هيئة تحريرها تأبينه اعترافا بفضله ،وبلائه الحسن بقلمه الرصين ، وفكره النير ، ومواقفه الشجاعة والثابتة في نصرة الحق ، وبيان الحقيقة .

وله عليّ حق بحكم  زمالة وصداقة  جمعت بيننا في أشرف المهن أولا ، وفي مجال الكتابة ، حيث جمعتنا الأولى بالعمل في الثانوية التأهيلية الشريف الإدريسي بمدينة وجدة لعقد من السنين ، وجمعتنا الثانية في جريدة وجدة سيتي الرقمية لعقود .

 لقد كان المرحوم أستاذا للغة الفرنسية ، مجدا متفانيا في عمله ، محبا له ، غيورا عليه ، كلفا بالبحث والمطالعة ، تربطه بالمتعلمين علاقة متميزة ، وصداقة ،وأخوة ، وأبوة ، وتربطه بزملائه في العمل علاقة أخوية ومحبة ، يقبل على الجميع بوجه بشوش ، وبدعابة المعهودة التي تذهب عن الكئيب كآبته ، وتبعث النشاط فيه . وكان له دور متميز داخل تلك المؤسسة التربوية  ببصماته في كل ما كانت تشهده من أنشطة تربوية وثقافية، خصوصا خلال أسبوعها الثقافي السنوي الذي  كانت تدأب على تنظيمه كل سنة . وكان رجل المساعي الحميدة حين تنشأ الخلافات  بين الزملاء والأخوة . وكان محاورا لسنا يجيد فن الحوار وفن الإقناع ، منفتحا على الجميع ، لا يثنيه عن ذلك اختلاف قناعات الغير عن قناعته الشخصية  ، وكان يدفع دائما في اتجاه البحث عما يجمع الشمل والموقف  ، وينأى  كل النأي عما يفرقهما ، أويعوق التوافق فيهما .

وكان رحمته الله تعالى مناضلا سياسيا جريئا لا يتزحزح قيد أنملة عن مواقفه ، ويعبر عنها بجرأة وشجاعة منقطعة النظير . وكان مهتما بقضايا الوطن السياسية  ، وبقضايا مدينته  الاجتماعية ، وبقضية التربية والتعليم  التي كانت هاجسه الأول ، والغالب على كل اهتماماته  ، وعلى كتاباته الصحفية ، وكان مهتما بقضية الأمة  العربية الأولى ، القضية الفلسطينية .وكان مع هذا وذاك كاتبا ألمعيا متأنق الأسلوب، مجيدا للتعبير باللغة الفرنسية ، مبدعا في كتاباته ، كما كان محبا للغة العربية، ومعتزا بها أيما اعتزاز .

وكان رحمة الله تعالى إنسانا متواضعا محبا  للجميع ، ويحبه الجميع لتواضعه ، ودماثة خلقه . وكان أول المسارعين والمبادرين بأعمال الخير والإحسان ، يدعو إليها ، ويحث عليها ، ويذيعها ، ويشجع عليها .

إنه باختصار ـ وأرجو ألا يكون فيه تقصير ـ  رجل تربية ، وفكر ، وصحافة ، وإبداع ، ونضال سياسي واجتماعي ، وثبات على المواقف ، ودفاع عن كل القضايا العادلة  بلسانه ، وبقلمه ، ومعارضة لكل أشكال الظلم .

نسأل العلي القدير أن يتقبله في الصالحين من عباده ، وأن يتغمده بواسع رجمته ، و يشمله بجميل عفوه ، وأن يسكنه فسيح جنانه مع صفوة خلقه ، وإنا لله وإنا إليه راجعون .

وسوم: العدد 1060