إلى الأستاذ محمود ربايعة مع كل الود
متعك الله بكل حب يا حارس قلوب المحبين!
فراس حج محمد /فلسطين
هي حالة نادرة تنم عن حب حقيقي تجاه الأخوة وعلاقتهم الروحية المتميزة، عندما ينغرس الصديق بعمق أفكار صديقه، ويكون معه ويتابعه حرفا بحرف، يوما بيوم، ليكون له العون والنصير، ذلكم هو صديقنا الغالي محمود ربايعة الذي كان معي متابعا لكل ما أنشره من همسات صباحية، داعيا الله لي أن يستجيب القدر لتلك التولهات المجنونة التي أسكب نبضها يوميا، فصرتُ كلما كتبتُ أستمد الأمل من تعليقاته وأدعيته الأبوية التي تمنحني الأمل وتجدد فيّ الطاقة، وتمنحني الشعور بالأمان.
والآن أيها القراء الأعزاء، فلتقرؤوا بعض ما كتبه صديقنا الغالي ردودا على همسات الصباح التي اعتدتُ نشرها على حسابي في الفيس بوك:
"كيف لا يتلاشى الظلام وهو يقبس نورا من طلعتك المجبولة بإحسان العشق إليه ليحمل معنى غير معناه؟؟ وكأنّ محبوبتك نور على نور، أو هي كما أقول: كأنَّ الثُّريَّا عُلِّقت في جبينها، وفي نحرها الشِّعرى وفي خدِّها القمر، ولا أملك إلا أن أقول لك: هنيئًا لك الفوز بها، وهنيئًا لها عباراتك الجميلة الرائعة بحقِّها"
أرأيتم كيف ينظر هذا المحب بعين قلبه ونور بصيرته، مادحا تلك المحبوبة على الرغم من أنه لا يعرفها، ولم يرها، وكأنه رآها من خلال النصوص وتصورها عقله بأبدع مثال وأكمل إنسان!!
ولم يكتف بمرة واحدة لوصفها والإشادة بها، بل إنه يمزج بكل ما يفيض من روحه العذبة من ألق ليجمع الإطراء متتابعا، فيشيد بها وبتلك الكتابات التي حركت وجدانه ليشكرني على تلك النصوص واصفا إياها بأنها "تقطر حبًّا، وتفيض شهدًا يبعث الحياة في كلِّ القلوب! ها أنا أقرأ معزوفاتك مرَّة بعد مرَّة فأجدها تبعث فيَّ روح الشباب، وتشحذ نفسي بعزيمة المحبّين الذين يستسهلون الصعب، ويكابدون المشاق وصولًا إلى تحقيق طموحاتهم، والفوز برضا الحبيب، يراه كلُّ الناس بعيدًا بعيدا، في حين يراه أهل الهمَّة (المحبُّون المخلصون الصادقون) يرونه قريبًا قريبًا؛ لأنّ قلوبهم عامرة بالحبِّ الذي يتغذَّى على الأمل المشرق بلقاء الحبيب والفوز بجنَّته، لا تيأسنَّ مهما طال المشوار، وإذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة، فإنَّ فساد الرأي أن تتردّدا، ما أحيلى الهمسات صباحيَّة كانت أم مسائيَّة، همساتك توقظ ذكرياتنا وتنعش أحاسيسنا.
ولا يفتأ صديقنا يدعو لنا، متمنيا لنا السعادة وأن يجمع الله بيننا ويكلل حياتنا بالخير والطمأنينة والسعادة، وأن يجعل الله أيامنا منيرة، وأن يحفظ الله لي ذلك القمر الذي أناجيه، ويحيلنا على الثقة بالله قائلا: "ثق أنَّ حبكم طاهر ومقدس، فليس فيه ما يعيب ولا يشين، أيُّها الأميران ثقا بالله فالله لن يضيعكم، ففيكما صفاء الحمام وذكاؤه وإخلاصه، دام حبُّكما نقيًّا طاهرًا، فما أروع اتحاد القلوب العامرة بالحبِّ الصادق! ما أروع اتحاد الأجساد العامرة بالحبِّ، التي يكون كلّ واحدٍ منها صورة الآخر تعكس ما فيه من شوق مكبوت للقاء الآخر والاتِّحاد معه اتِّحادًا أبديًّا".
ويلاحظ أحيانا أن سحابة من الحزن تتلبسني، فأكتب ما يحزن أو يشجي الأفئدة، فيرد على ذلك: "كأنّي بحبيبتك تتلذّذ في تعذيبك، وأنا على يقين بأنَّ عذابها لا يقلُّ عن عذاباتك، لكنَّه تمنُّع الحبيبة، وكبرياء الملكة، ملكة القلب والروح، ولن يطول العذاب ما دام هناك إصرار على اللقاء، وتتويج هذا الحبِّ بما يستحقُّ من حياة تملؤها السعادة"، إنه يرى بعين الخبير المجرب بأن تلك المحبوبة كاملة في حبها وتمنعها، فهي كالملكة ترفعا، وكالشمس علوا، ومع كل ذلك التمنع فإنه ما زال على يقين بأنها "هي معك بكلِّ جوارحها، تعيش في روحك، في قلبك، في جسدك، في عقلك، وأنت كذلك فيها، لكنَّ الحاجب منع اللقاء على أرض الواقع لأنَّه لم يجرِّب الحبَّ؛ ومن أجل ذلك ينكره، سيصفو الجوّ، وينزاح الضباب، وتعود شمس الحبِّ تشرق من جديد"، ومن فرط يقينه فأنه يرى أنها معي في كل مكان وبأن أبادر ولا أتردد فهي في الانتظار.
أخي وصديقي العزيز، "لقد أودعت كلماتك فيضًا من روحك، وقبسًا من حبِّك، فجاءت كحبّات البرد تعزف لحن حبٍّ أبدي، لحنًا صادقًا راقصًا بطرب له كلُّ من هزَّه الشوق، وبرَّح جسده الحبُّ الطاهر"، لعل هذا الذي وصفتني به، فأنت به أليق وأنسب، فدمت صديقا محبا، وأخا عزيزا، فلك مني كل مودة وحب في الله لا ينقطع ولا يتلاشى، ويزيد ويكبر في كل ثانية، سائلا المولى أن تكون شاهدنا في الفرحة الكبرى المنتظرة، متعك الله بكل حب يا حارس قلوب المحبين!!