حزناً تودُّعُهُ القلوبُ
رأفت عبيد أبو سلمى
( رثاءً للداعية الفاضل الأستاذ / عزت عبد الفتاح سيف عيسى الذي رحل عن عالمنا إلى
ربه في يوم الأحد الموافق 15-2-2015 رحمه الله رحمة واسعة وجزاه عن الإسلام
والمسلمين خير الجزاء )
نعْيا ً لهُ بكتِ القلوبُ الصابرة ْ
ريحُ الرَّدى هبَّتْ وإنَّ قضائها
ألمُ الرَّحيل ِ من الرِّثاء سحائبٌ
واليومَ أوْهنَ عظْمَنا فقدُ الذي
مَعَ سيرةٍ بالخير ترسِلُ نورَها
قد كان صوتَ الحقِّ في إقدامِهِ
منذ الصِّبا رامَ الهداية مَعْلماً
يهوى الفضيلة َ واستقرَّ به الهوى
فأبانَ للناس الطريقَ بحكمةٍ
ولكم هوى فوق الجهالةِ فأسُهُ
ومع البيان الحُلو غابتْ بدْعَة ٌ
فإذا السَّنا فوق الغياهبِ وجْهُهُ
وهو الخطيبُ المُصْلحُ الفذ الذي
واللهِ ما افتقدَ الشجاعة َ رأيُهُ
ويذبُّ عن حق ٍ يراهُ وإنْ بدا
مستسلما ً لله طوْعَ قضائِهِ
ولكم سعى يوما إلى كبدٍ شكى
فمضى له ليلا ً يكابدُ ما يرى
يرنو إلى رأس اليتيم يضمُّهُ
ولكمْ يفرِّجُ كرْبة ً عن مُعْسِر ٍ
كم دقَّ بابَ البائسينَ وكمْ سرى
تكسوهُ مِن خيط ِ الخفاء ِعباءة ٌ
متواضعا ً ما اغترَّ يومَ مديحِهِ
فتحَ القلوبَ خطابُهُ حتى ارتوتْ
حتى تسللَ للمسامع صوتهُ
هي سَلسَلٌ فاضتْ كأنهار السَّنا
قد عاش حُبُّ الحقِّ في وجدانهِ
فإذا له في الخير خيرُ مواقفٍ
هو خادمُ القرآن ِداعية ٌ له
ومضى يطبِّبُ جُرْحَها في رحمةٍ
كم عاش يحلمُ بالحضارة قيمة ً
وجهٌ تألقَ بالعبادة ربَّنا
وارْحَمْهُ ما بقيتْ مواردُ عِلمِهِ
ربَّاهُ فارزقهُ الكرامَة َ والسَّنا
رَبَّاهُ واجعلْ في الجنان لقائناترْمى بها نارُ الأسى متحسِّرةْ
هيهاتَ يقبلُ من حبيبٍ معذرة ْ
وغيومُها السَّوداءُ حُزْنا ً ممطرة ْ
قدْ عاش ظِلَّ الناس ِعِندَ الهاجرة ْ
للناس زاهية َ الضياء ِ معطرة ْ
بلْ حاديا ً للناس نحْوَ الآخرة ْ
ومع الكتاب حياتهُ و المَحْبرة ْ
وسقى بها أهْلَ النفوس ِ الحائرة ْ
فإذا القلوبُ على الهُدَى مستبصرة ْ
فأصابَ رأسَ جهالةٍ و مؤخِرة ْ
حتى توارتْ و الأمورُ المنكرة ْ
يبدو لتشرقَ شَمْسُهُ المستبشرة ْ
قد عاشَ حُرَاً لا يفارقُ مِنبرَهْ
أبداً و لا خارتْ لديهِ المقدرة ْ
خلفَ الدُجَى ليعودَ شمْسا ً نيِّرة ْ
ويرى الأمورَ على الأنام مقدَّرة ْ
جوعا ً له برزتْ نيوبٌ كاسرة ْ
منه ، وكمْ ذرَفَ الدموع َ الغازرة ْ
يحنو عليه و يستدرُّ مشاعِرَهْ
سَلْ عنه نفسا ً في الورى متعسِّرة
ليلاً يواسي أنفسا ً متحسِّرة ْ
تزهو به من عُجْبها متفاخرة ْ
أبداً وما دخلَ الغرورُ سرائرَهْ
منه الأجادبُ والقلوبُ المُقفرة ْ
فأذاقها شَهْدَ الحروفِ المثمرة ْ
بيضاءَ في صفو الليالي المقمرة ْ
يحدوهُ في الدنيا لنيل ِ المغفرة ْ
تنبيكَ عن عزم النفوس القادرة ْ
وهواهُ مَجْدُ الأمَّةِ المتعثرة ْ
وجراحُ أمَّتنا البئيسةِ غائرة ْ
ليرى الشعوبَ عزيزة ً متحرِّرَة ْ
فاجعله مِن بين الوجوهِ الناضرة ْ
فياضة ً فينا تعانقُ مِنبرَهْ
فيْضاً به تحلو الحياة ُ الطاهرة ْ
ولأنت أهْلُ العفو ِ أهْلُ المغفرةْ