الشاعر الشعبي الفلسطيني أبو بسام الجلماوي في حضرة الموت
الشاعر الشعبي الفلسطيني أبو بسام الجلماوي
في حضرة الموت
شاكر فريد حسن
غيب الموت يوم الجمعة الأخير ، الشاعر الشعبي وعميد الزجل الفلسطيني محمد عبد الحميد شعبان (ابو بسام الجلماوي)، صاحب الصوت الجبلي القوي الشجي ، وصاحب النخوة والوقار والخلق الحسن والزي الفلسطيني الاصيل ، الذي احترم نفسه ، واحترم الآخرين ، فاكتسب محبة واحترام الناس واعجابهم وتقديرهم له.
ابو بسام الجلماوي هو احد اولئك الشعراء الشعبيين المجيدين ، الذين رفدوا نهر العطاء الفلسطيني فاشتهروا وذاع صيتهم من خلال الاعراس والأفراح والمهرجانات الوطنية والمناسبات السعيدة ، وكنا نتتبع حفلاته ونحرص على حضورها في القرى والمدن والمخيمات الفلسطينية . وهو شاعر وحدّاء وزجال مخضرم وكبير له باع طويلة في الكلمة الفلسطينية المحكية ، حمل هموم الشعب وعذاباته ، ونذر نفسه ووهب حياته لوطنه من خلال اشعاره ، وكرس طاقاته وجهوده من اجل الحفاظ على تراثنا الشعبي الفلسطيني وحماية هويتنا الوطنية والطبقية ، وكان له دور في الاصلاح والعمل الخيري والسلم الاجتماعي . طغى الطابع السياسي على شعره ، ولكونه كان يغني للاسرى والجرحى والشهداء فرضت عليه الاقامة الجبرية بذريعة "التحريض".
تفاعل الجلماوي مع الاحداث الوطنية والسياسية ، وتجاوب مع كل حدث ، ونادى بالحرية ، وغنى باحاسيس الناس ومشاعرهم ونبضاتهم ، واكثر من التغني بالوطن الجريح ، وتمجيد الانتفاضة وثورة الحجر الفلسطيني . غنى وشدا للحياة والحب والارض والانسان والمخيم والفقراء فاطرب والهب المشاعر ودغدغ القلوب وحرك الاحاسيس ، وتجاوب معه الحضور مع اوفه المميزة ، التي اشتهر بها كثيراً، مع وصلات الزجل والعتابا والميجنا . وقد دعا من خلال اشعاره الى التمسك بالتراب والارض حتى الجذور ، والحفاظ على قيم الاخلاق والفضائل الانسانية ، والاعتزاز بالقدس والاقصى ، والحض على الكفاح والمقاومة حتى نيل الحرية والاستقلال.
ابو بسام الجلماوي شاعر وانسان ترك بصماته في الحياة الفنية والغنائية والزجلية الفلسطينية باشعاره واهازيجه وزجلياته الوطنية، تميز برنات صوته وكلماته القوية واسلوبه الشاعري البسيط الجميل ،وامتاز بازجاله الوطنية ودعواته الى المحبة والتسامح بين الناس، وورث فنه لابنيه عصام ونعمان . وبوفاته تفقد فلسطين، شعباً وتراثاً وادباً، احد اعلام واعمدة الشعر الشعبي البارزين ،وحادياً معروفاً تمتع بشعبية كبيرة ، صال وجال في محافظات الوطن ، هاتفاً للحياة والحرية والارض وكرامة الانسان.
فلابي بسام الجلماوي الرحمة والمأوى الدافى وجنان الخلد ، وسيبقى خالداً وحياً، كالزيتون والسنديان، في الوجدان والذاكرة الفلسطينية والتاريخ الادبي والتراثي الوطني بما تركه من ثروة فنية ومآثر انسانية وسيرة طيبة .