رسائل من أحمد الجدع (44)
رسائل من أحمد الجدع (44)
أحمد الجدع
الآنسة لمياء ........ المصرية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،
عندما اشتركنا في معرض القاهرة الدولي قبل سبع سنوات دخلتِ جناحنا، جناح دار الضياء للنشر والتوزيع مع إحدى زميلاتِك ، تبحثان عن كتب تعليمية لمدرستكم ، لم تكونا طالبتين ، بل مدرستين .
وقع اختيارك على كتاب النحو العربي الذي تصدره دارنا ، أخذنا بالنقاش والشرح حول قيمة الكتاب ، ثم حول سعره، وكان تعليق زميلتك : إن سعره مرتفع ، وتَرَكَتْ جناحنا إلى جناح آخر .
لكنك أنت تمسكت بشراء الكتاب ، وتنازلت لك بالسعر حتى ناسبك ، أو ناسب ميزانية المدرسة التي أتيت منها .
تجاذبنا الحديث عن مصر ، وقد بدا حبك لمصر عارماً، لا تحده حدود، ولا تقاومه سدود .
فساد .. قهر ... فقر ... تبعية ، كل ذلك لم يقف أمام حبك لمصر .
قلت لك : والحجاب ؟
نظرت إليّ مستغربة ، ألستُ محجبة ؟ من قال إن مصر تمنع الحجاب ؟
حاولت أن آخذها شرقاً وغرباً ، شمالاً وجنوباً ... لم تتزحزح عن حب مصر قيد إنملة .
أنا ، كاتب هذه السطور، من أشد الناس حباً لمصر وشعب مصر ، ولي ثقة بأن المصريين هم الحائط الفولاذي الذي تستند إليه أمة العرب ... يضعفون إذا ضعف ويقوون إذا قوي .
ولكني كنت أختبر مصريتها ، وثقتها ببلدها .
كانت تضم إلى كل هذه الوطنية الجميلة جمالاً رائعاً، لعل هذا الحب لمصر زادها جمالاً في مقلتيّ .
قلت لها : وكنت جاداً فيما أقول : لمياء ... ولدي شاب لا يقل عنك جمالاً ، ويحمل شهادات عليا ، وله مؤسسة تجارية ... هل إذا تقدم للزواج تقبلين به ؟
صمتت برهة ، ثم نظرت إليّ وقالت : إن أبي ( بِدَأْن ) بمعنى أنه ذو لحية .
قلت : وهو المطلوب .
قالت : أستشير أبي .
قلت : وأمك ؟
قالت : وأمي .
قلت : هذا عين العقل .
وأخذتُ رقم هاتفها لأزور والديها إذا رأت أن استمر فيما أريد .
صمتت طويلاً ، وصوت زميلتها يناديها : لولو ... لولو .. خلاص بأه .
لم تسمعها لأنها كانت مستغرقة في التفكير .
ثم رفعت رأسها ، ونظرت إليّ بعينين متسائلتين ... وقالت : إذا تزوجت ابنك الأردني هل يكون أولادنا مصريين؟
فوجئت بالسؤال .. ولكني قلت الحقيقة : لا ، سوف يكونون أردنيين .
قالت : إذن لا زواج ... أحب أن يكون أبنائي مصريين .
سَلَّمَتْ وانصرفت ، تابعتها حتى وصلت زميلتها ، التفتت نحوي ورفعت يدها مودعة .
يا مصر ... يا مصر ، إذا كانت فتياتك تحبك هذا الحب ، فكيف بشبابك ؟
يا لمياء .... يا لمياء ... سلام عليك ورحمة الله وبركاته ، أينما كنت .