رسائل من أحمد الجدع ( 39 )
رسائل من أحمد الجدع ( 39 )
أحمد الجدع
الأخ الأديب : أيمن بن أحمد ذو الغنى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أتابع مقالاتك التي تنشرها على موقع رابطة أدباء الشام ، فأسرّ لقراءتها مرتين ، مرة لمواضيعها الهادفة، وأخص منها ما يتعلق باللغة ، ومرة لنصاعة الأسلوب الذي تكتب به ، الأسلوب ذي الكلمات الخالصة مما يشينها، والعبارة ذات السبك الذي يزينها ، والتناغم بين الكلمات والعبارات ، وبين العبارات والمعاني ، وإذا كان الأسلوب هو الرجل كما يقولون فإن بناء مقالاتك البياني ومضمونها العربي الإسلامي هو الذي يدل عليك .
لا أطريك ، فإنك واحد من البقية الباقية ممن يدافعون عن هذه اللغة التي يعاديها أبناؤها ويحط من قدرها أعداؤها.
هذه اللغة التي يراد لها أن تموت ، وهل تموت لغة تحيا بالقرآن ؟
أرى اليوم فيضاً من الإعلانات تملأ الصحف، وتملأ الميادين ، كلها قد تعمد أصحابها أن يكتبوها بلغة ركيكة تافهة، أبحث فلا أرى إعلاناً واحداً باللغة الفصحى ، كأن هؤلاء المعلنون تلقوا أمراً واحداً : يجب أن تكون الإعلانات باللغة العامية .
أعجب لأمة تهدم نفسها بنفسها ، وأعجب لأمة يملي عليها عدوها أن تهدم نفسها فتسارع بالاستجابة .. أعجب لهذه الأمة الخانعة الذليلة التي تمد رقابها للذبح دون شكوى !
قرأت مقالك عن الطريقة التي يتبعها الدكتور عبد الله مصطفى الدنان ، وهو أحد الرجال الفلسطينيين الذين أسسوا حركة فتح في الكويت مع ياسر عرفات ، ثم اختلفا وتفرقا ، هذا مبلغ علمي بالرجل ، وإني لأظن فيه خيراً .
الطريقة التي يتبعها الدنان هي طريقة العرب القدماء ( لا أقول الجاهليين لأنه لا يناسب المقام الذي نتحدث عنه ) أولئك الذين يولد أبناؤهم ويشبون ولا يسمعون من آبائهم إلا الفصحى ، إن بعث هذه الطريقة اليوم خطوة في السبيل القويم ، وقد سعدت أنك سرت في هذا السبيل مع ولدك أحمد ، فرأيت نتيجة ذلك نجاحاً باهراً، وقد استمعتُ لولدك وهو يلقي كلمة في أحد مواقع الشبكة ، فسررت لبلاغته وتماسك عبارته ، فهنيئاً لك به، وهنيئاً لنا بك وبه.
أخي أيمن : هناك طرق كثيرة لنشر اللغة بين الناس الذين غدوا يفاخرون باللغات الأجنبية ، وتنفرج أساريرهم إذا نطقوا بها ، حتى كبار المثقفين أصبحت ألسنتهم تنطلق باللغات الأجنبية وتنحبس إذا أرادت أن تعبر بالعربية .
حتى العمال في مصانعهم وبقالاتهم ومحطات محروقاتهم لا يعجبهم إلا أن ينطقوا بالحروف والكلمات الأعجمية ، وحتى الأميين منهم .
كنت أنبههم أن التحدث باللغة العربية عبادة ، وأصر أن أبادلهم الحديث بالعربية ، وأغريهم بذلك، وأقول لهم إن لكم حسنات عند ربكم إذا التزمتم بها .
وكنت أقول للمثقفين الذين يفاخرون بمعرفتهم باللغات الأعجمية، أيها الإخوة : إن التحدث باللغة العربية عبادة، وتحري الحديث بالفصحى من باب الحسنى وزيادة .
أخي أبا أحمد : هذه الرسالة تحية لك على جهودك في نصرة العربية ، ونصرة العربية إنما هي نصرة للقرآن الكريم، ونصرة القرآن إنما هو نصرة للإسلام .
هنيئاً لك ذلك ، وأسأل الله أن نكون ، أنت وأنا ، من أنصار هذا الدين العظيم .
سلام عليك ورحمة الله وبركاته .