رسائل من أحمد الجدع ( 38 )
رسائل من أحمد الجدع ( 38 )
أحمد الجدع
الشيخ محمد ولي الله الندوي
مؤلف كتاب : نبوءات الرسول r ما تحقق منها وما يتحقق .
ألف عدد كبير من علماء الإسلام في دلائل النبوة الكثير من الكتب ، ثم جئت أنت فألفت في نبوءات النبي r ، والنبوءات جزء من دلائل النبوة .
ويمتاز كتابك هذا بأنه يعرض للنبوءات بأسلوب جديد وترتيب خاص ، فقدمت به أطروحة جامعية أزهرية لتنال به شهادة التخصص في الحديث الشريف ، وهو ما يقولون له شهادة الماجستير ، يحتذون به اليهود والنصارى الذين لم يبقوا لنا حتى أسماء الشهادات ذات العراقة في تاريخينا .
أريد أن أعرض عدداً من هذه النبوءات على من يقرأ هذه الرسالة .
أولها نبوءته عليه الصلاة والسلام بعد انفضاض الأحزاب يوم الخندق خاسرين خائبين فقد قال : " نغزوهم ولا يغزوننا " .
وهذا إعلان من رسولنا الكريم عن انقلاب حال الأحزاب من القوة إلى الضعف ، وتشهد الأحداث بعد غزوة الأحزاب أن قريشاً ومن معها من الأحزاب لم تفكر في غزو المسلمين ، بل إن المسلمين هم الذين انقلبوا من الدفاع إلى الهجوم حتى تم النصر للمسلمين بفتح مكة ، وبدخول الناس في دين الله أفواجا .
ويذكرني هذا الحديث بالهجوم العنيف الذي شنه اليهود على غزة في عام 2008 م واستعملوا فيه كل ما امتلكوا من أدواب الحرب ، وما انتصروا ، بل انقلبوا خاسرين خاسئين ، فأعلن أهل غزة على شاشة تلفزيون الأقصى : الآن نغزوهم ولا يغزوننا ، وهذا إن شاء الله سيتحقق ، وخاصة بعد التحولات التي تجري حالياً بمصر الكنانة .
وثانيها : إنبائه عليه الصلاة والسلام باتباع المسلمين لليهود والنصارى مقليدن لهم في كل شيء ، قال رسول اللهr: " لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر ، وذراعاً بذراع ، حتى لو سلكوا جحر ضبٍ لسلكتموه ، قلنا : يا رسول الله آليهود والنصارى ؟ قال : فمن ؟
أقول : وهذا ظاهر بين في أحوال المسلمين اليوم ، وهذا أمر فاشٍ لم يسلم منه إلا من رحم ربي ، وقد قلد المسلمون اليهود والنصارى في أمور لم يكن مسلم ولا غير مسلم يصدق أن مسلماً واحداً يفعله ، فكيف بعامة المسلمين ... إنا لله وإنا إليه راجعون .
وثالثها : قول الرسول r : " يوشك الرجل متكئاً على أريكته يحدث بحديث من حديثي ، فيقول : بيننا وبينكم كتاب الله عز وجل ، فما وجدنا فيه من حلال استحللناه ، وما وجدنا فيه من حرام حرمناه ، ألا وإن ما حرّم رسول الله r مثل ما حرم الله .
أقول : لقد سمعت من نادى بهذا ، وسمعت من اتهم أبا هريرة بالكذب – لعن الله من فعل هذا ، وقد قال لي أحدهم : كيف يحفظ أبا هريرة أربعة آلاف حديث ، إن هذا الكثير غير ممكن ، فقلت له : إن مئات آلاف المسلمين يحفظون كتاب الله في صدورهم ، وذلك أوسع وأعظم ، بل إن من أطفال المسلمين من يحفظ القرآن كاملاً ، بل إن منهم من حفظه بشهرين .
وقد نادى واحد من الذين تسلطوا على المسلمين في هذا العصر بترك الحديث والاكتفاء بالقرآن ، خاب وخسر ، بل إنه أخذ يسخر من علماء الحديث ، لعنه الله وكبته ، وجعل آخرته عبرة لكل معتبر .
ورابعها : قوله صلوات الله عليه : يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة على قصعتها، فقال قائل : فمن قلة نحن يومئذ ؟ قال : بل أنتم يومئذ كثير ، ولكنكم غثاء كغثاء السيل ، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن ، فقال قائل : يا رسول الله وما الوهن ؟ قال : حب الدنيا وكراهية الموت .
أقول : وهذا مشاهد الآن مشاهدة العيان .
أيها الباحث الندوي : جزاك الله خيراً، لقد ذكرت مئة وثمانين نبوءة ، وأشرت إلى ما تحقق منها ، وأشرت إلى ما ننتظر أن يتحقق .
وبعد : لي إشارة عابرة على كلمة الندوي ، فإن المسلمين يجدونها لاحقةً في عدد من أسماء علماء الهند ، فيظنونها نسباً قبلياً، وهي ليست كذلك ، وإنما هي نسبة إلى جامعة ندوة العلماء بالهند، وذلك أن طلبة هذه الجامعة العريقة يعتزون بجامعتهم اعتزازاً شديداً، فيلحقون أنفسهم بها ، وأشهر من عرف بذلك عالم الهند الشهير ، أبو الحسن الندوي .
الشيخ محمد ولي الله الندوي : جزاك الله خيراً، وأجزل مثوبتك .. وأنا معك .