رسائل من أحمد الجدع ( 30 )
رسائل من أحمد الجدع ( 30 )
أحمد الجدع
الأستاذ الدكتور أحمد عبد اللطيف يوسف
مؤلف كتاب : مصر في الكتاب والسنة الصادر عن دار المعارف بمصر ضمن سلسلة اقرأ عام 1973 م أي قبل حوالي أربعين عاماً .
يكتسب الكتاب أهمية بالغة في أيامنا هذه وقد تخلت مصر عن دورها القومي والإسلامي وانضمت إلى المحور اليهودي النصراني .
بدأت يا سيدي كتابك بالحديث عن تاريخ الأنبياء في مصر ، ذكرت إبراهيم وموسى وهرون ويوسف ويعقوب وعيسى بن مريم ، وقد كان لكل واحد من هؤلاء موقعه في تاريخ مصر .
وذكرت أن إبراهيم الخليل قد تزوج المصرية هاجر فولدت له إسماعيل جد العرب الإسماعيليين ومن ولد إسماعيل كان رسول البشرية محمد بن عبد الله الذي تزوج أيضاً مارية المصرية ليكون المصريون أخوال العرب وأخوال المسلمين.
ثم إنك دخلت في الجزء الأخير من الكتاب فيما جعلته عنواناً لكتابك ، وهو مصر في القرآن الكريم والسنة النبوية .
ذكرت الآيات الكريمة التي ذكرت مصر تصريحاً وتضميناً ، وإن كان هذا يدل على شيء فإنه يدل على أهمية مصر لدين الله في الأرض ، وقد ذكرت الأنبياء الذين ولدوا بمصر أو مروا بها .
وأريد في هذه الرسالة أن أذكر أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم التي أوردتها في كتابك ، حتى يعيها المسلمون ، إذ إن معظم المسلمين لا يعرفون هذه الأحاديث .
عندما أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم رسائله إلى الملوك والأمراء والسادة ، خص المقوقس حاكم مصر بالرسالة التالية :
" بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد بن عبد الله ورسوله إلى المقوقس عظيم القبط : سلام على من اتبع الهدى ، أما بعد : فإني أدعوك بدعاية الإسلام ، فأسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين ، فإن توليت فعليك إثم كل القبط (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) ( آل عمران – 64 ) .
وقد رد المقوقس فبعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم جارية هي مارية القبطية التي أنجبت له ولده إبراهيم .
ثم نقلت الأحاديث التالية :
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ، موجهاً كلامه للمسلمين : " إذا افتتحتم مصر فاستوصوا بالقبط خيراً، فإن لهم ذمة ورحما " .
وقال أيضاً : " ستفتحون مصر ، وهي أرض يسمى فيها القيراط ، فاستوصوا بأهلها خيرا ، فإن لهم ذمة ورحما".
وقال أيضاً : " الله الله في قبط مصر فإنكم ستظهرون عليهم ، ويكونون لكم عدة ، وأعواناً في سبيل الله " .
وأوردت أحاديث أخرى كلها تدور حول هذه المعاني .
وقرأتُ فيما قرأته قول القائل : " مصر كنانة الله في أرضه " والكنانة جعبة السهام " ، والسهام أداة من أدوات الرمي، والرسول هو القائل : " ألا إن القوة الرمي ، ألا إن القوة الرمي " يحث المسلمين على تعلم الرماية ، والرماية في زماننا تشمل المدافع والطائرات والصواريخ ....
وكأن الذي قال : " مصر كنانة الله في أرضه " يعني أنها مصدر القوة للإسلام والمسلمين والأحداث التي مرت في تاريخ الإسلام قد أثبتت ذلك " .
عندما غزا الصليبيون بلاد الإسلام ، وانهارت قواهم أيام الزحف الصليبي القادم من أوروبا ، لم ينقذهم إلا جيوش مصر الزاحفة بقيادة صلاح الدين الأيوبي المنتصرة في معركة حطين ، وقد استرجعوا بعدها بيت المقدس .
وعندما دهم التتار بلاد الإسلام في حملات سريعة وساحقة لم يردهم عن بلاد الإسلام سوى جيوش مصر الزاحفة بقيادة قطز الذي صرخ بالمسلمين عند احتدام القتال ، وا إسلاماه ، فانتصر في عين جالوت وهزم التتار .
وعندما احتل اليهود سيناء ووصلوا قناة السويس وحصنوا مواقعهم فيما يسمى خط بارليف ، وأشاعوا أنها تحصينات لا تقهر ! ردت عليهم مصر الكنانة فهدمت الخط واستعادت سيناء في أيام معدودات .
مصر لها ذمة ورحم ، مصر كنانة الله في أرضه .
ستعود مصر للإسلام ، ستعود جعبة سهام المسلمين ، يرمي الله بها أعداءه ، وإن غدا لناظره قريب .