رسائل من أحمد الجدع ( 7 )
رسائل من أحمد الجدع ( 7 )
الأخ الأستاذ عبد الحكيم عابدين - مصر
أحمد الجدع
في عام 1975 م بدأت أنا وأخي الأستاذ حسني أدهم جرار رحلة البحث عن الشعراء الإسلاميين المعاصرين لنكتب عنهم فصولاً في كتابنا " شعراء الدعوة الإسلامية في العصر الحديث " وقد مرت بنا أناشيد ألفتها أنت في مناسبات من مناسبات الإخوان المسلمين بمصر، ومما مرّ بنا أيضاً أن لك ديوان شعر بعنوان " البواكير " وقد وسم هذا الديوان بأنه أول ديوان صدر لشاعر من الإخوان المسلمين ، عرفنا أيضاً أن هذا الديوان صدر بمصر عام 1937 وكنت حين صدوره طالباً في الجامعة المصرية " جامعة القاهرة فيما بعد " وكان عمرك حين صدوره ثلاثة وعشرين عاماً لأنك من مواليد عام 1914 م .
وبدأت أبحث عن هذا الديوان في كل مكتبة عامة أعرفها ، وسألت كل مصري اجتمعت به، وذهبت إلى مصر أكثر من عشر مرات، في كل منها أسأل عن ديوان " البواكير " وكلٌ نفى معرفته بمكان وجوده .
كنت تواقاً أن أكتب عن أول شاعر من شعراء الإخوان المسلمين في كتابنا " شعراء الدعوة الإسلامية في العصر الحديث" ولم يتوافر لدي من شعرك إلا ثلاثة أناشيد لا تعين على الكتابة عنك شاعراً، ولكننا أضفناها لكتابنا "أناشيد الدعوة الإسلامية " الذي صدر في أربع مجموعات وضم مئة نشيد لشعراء الدعوة الإسلامية المعاصرين .
هذه الأناشيد الثلاثة هي :
1- نشيد الكتائب الذي مطلعه :
هو الحق يحشد أجناده فصفوا الكتائب آساده
|
|
ويعتدُّ للموقف الفاصل ودكوا به دولة الباطل
|
2- نشيد " جدد العهد " الذي مطلعه :
جدد العهد وجنبني الكلام واقرع الطبل وخذ مني الحسام
|
|
إنما الإسلام دين العاملين فبحد السيف يُحمى كل دين
|
3- نشيد : في حماك ربنا والذي مطلعه :
في حماك ربنا لا يروعنا الفنا
|
|
في سبيل ديننا فتولَّ نصرنا
|
واهدنا إلى السنن
|
هذا كل ما عرفناه من شعرك .
وقبل أيام ( 10/1/2011 ) التقيت أخي الشاعر الدكتور مأمون فريز جرار وكان يعلم شدة حرصي على أن أعثر على الديوان ، فقال لي وهو منفرج الأسارير : أبشرك لقد وجدت ديوان عبد الحكيم عابدين .. البواكير .
سررت سروراً بالغاً أولاً للعثور على الديوان وثانياً لتمسك شاعرنا المأمون بالديوان وحرصه عليه ورفضه بشكل قاطع التفريط به رغم ما بيني وبينه من علاقات المودة، وكل ما استطعت أن أحصل عليه عارية مستردة للديوان حتى أتمكن من تصويره على أن أحتفظ بالصورة وأعيد الأصل .
عندما تصفحنا الديوان وجدت اسمك الكامل : عبد الحكيم عدوي عابدين، وأن الناشر دار الصاوي بشارع الأزهر بالقاهرة .
وفي الصفحة الأولى منه صورتك وأنت فتى الجامعة ، ابن الثالثة والعشرين ، وتحت هذه الصورة هذه الأبيات الثلاثة :
أفأرهب العدوان من أيامي حسبي اعتداداً للحوادث أنني إن لم يك القرآن أسُّ بنائنا
|
|
وأخاف صولتها وأنت إمامي في ظلك الوافي تخذت مقامي هانت دعائمنا على الهدّام
|
وواضح أنك تتحدث عن القرآن الكريم الذي اتخذته إماماً .
أما الإهداء فقد كان من نصيب حسن البنا الرجل القرآني :
إلى الرجل الفرد في رجولته
إلى الغريب الذي يصلح من فساد الزمن
إلى واسطة العقد بين الشباب والإسلام
إلى الشاب الذي بهر الدنيا قبل اكتماله
ولتعلمن نبأه بعد حين
إلى أخي في الله ، وأستاذي في الله ، السيد حسن البنا ، المرشد العام لجمعيات الإخوان المسلمين .
لا أريد أن استرسل في أعماق الديوان ، فالتفاصيل سوف تأتي إن شاء الله حين أكتب عنك في كتابنا " شعراء الدعوة الإسلامية في العصر الحديث " ، ولكن ، ولأنني عرفتك قبل أكثر من أربعين عاماً من خلال الأناشيد ، فلا بأس أن أذكر أن للأناشيد في ديوانك مكاناً مميزاً ، ومن هذه الأناشيد بالإضافة إلى ما قدمت نشيد " إلى الجهاد أيها المسلمون" ومطلع النشيد :
بنور الله نكتسح الظلاما نفك بأيده الجيش الطغاما
|
|
وندّرع اليقين لنا حساما ونسبح في دمانا أو يقاما
|
هدى القرآن للدنيا إماما
|
وفيه نشيد ابنة الإسلام ، ومطلع النشيد :
يا ابنة الإسلام قومي وله صلي وصومي
|
|
في حمى رب السماء في خشوع وصفاء
|
وفيه أناشيد أخرى .
الأخ عبد الحكيم ، كنت أول طالب في الجامعة يسير في ركب الإخوان المسلمين ، وأصبحت بعد ذلك الأمين العام للجماعة وأحد المقربين من الإمام ، ثم هاجرت ، وما عدت إلى مصر إلا عام 1975 م ولم تلبث أن توفاك الله بعد سنة من عودتك .
رحمك الله وغفر لك وأسكنك جنته ... آمين .