شكراً أبا أنس..
تحية للأستاذ الكبير علي صدر الدين البيانوني..
المراقب العام السابق للإخوان المسلمين في سورية..
علي صدر الدين البيانوني
سليم زنجير
شكراً أبا أنس... كلمة لا بد من أن تقال في نهاية المطاف..
شكراً على عمر أنفقته في حمل لواء الدعوة إلى الله، جندياً مثالياً، وقائداً كبيراً.. فكنت، وستبقى، مثلاً حياً لرجل الدعوة..
والآن، وقد سلّمت الأمانة، فإن من حقك علينا، ومن واجبنا نحوك، أن نقول لك: شكراً على خمسة عشر عاماً حملت فيها تلك الأمانة.. ويا لها من أمانة تنوء بها الجبال. وقدت فيها السفينة وسط الأمواج المتلاطمة، والأعاصير الهائجة.. وكأن أقدار الله ادّخرتك لتكون ربّان هذه المرحلة الطويلة الشاقة.
شكراً أبا أنس.. فقد كنت صاحب رؤية وموقف وعزيمة، في زمن صعب.. ولقد تحليت بالحكمة والشجاعة والتجرد بشهادة المنصفين من إخوانك وغيرهم. وكنت للجميع أخاً كريماً، أو أباً رحيماً، وللجميع كنت قائداً ومعلّماً حكيماً.. تمضي ولو أبطأ الآخرون، وتعمل ولو قصّر الآخرون، وتبقى على أمل بالله وثقة ويقين..
كنت أُشفق عليك كلما رأيتك في مقابلة تلفزيونية، أو قرأتك في مقابلة صحفية، أو سمعتك في لقاء عام أو خاص.. كان العبء ثقيلاً، والمهمة متعبة.. ولكنه قدر الكبار.. ولعل تاريخ الإخوان يكتب يوماً أنك كنت واحداً من أقدر من قاد الجماعة، في جملة سجاياك ومزاياك.. في الحكمة والحزم، والتجرد والإخلاص، والصبر الجميل على أذى البعيد والقريب..
في مسيرتك الحافلة حافظت على وحدة الصف، وأشرفت على إنجاز المشروع السياسي، ليعرف الناس حقيقة الإخوان، وماذا يريدون.. وأهم ما فيه الدعوة إلى دولة مدنية ذات مرجعية إسلامية، والإعلان عن نبذ العنف، والقبول بنتائج صناديق الاقتراع.. وفي مسيرتك الحافلة كان لك – مع إخوانك - اجتهادات وتحالفات وتحركات، يتفق عليها أو يختلف عقلاء المؤمنين، ولكن يكفيك منها أنها اجتهادات قائمة على الشورى لا التفرد، سواء أخطأتْ أو أصابت... أو امتزج فيها الخطأ بالصواب.
شكراً أبا أنس.. بذلت الكثير للإخوان, وللأوطان، وحتى لمن ظلموك وظلموا إخوانك مددت يدك بحثاً عن مخرج من نفق طويل مظلم، تاه فيه الظالم قبل المظلوم.. فأبرأت الذمة أمام الله وأمام التاريخ وأمام الناس.
شكراً أبا أنس.. لقد سدّدت وقاربت ما وسعك الأمر.. أعطيت الكثير، وأخذت القليل... ولو تركت القلم يجري على رغبة القلب لكتب الكثير من الصفحات.. وهبْ أنه كتب صفحة أو صفحتين عن كل سنة سقيتَها من دماء قلبك، أفلا يكون ذلك ظلماً، وأي ظلم؟!
شكراً أبا أنس.. شكراً لك من إخوانك الأوفياء، ومن أبنائك الأوفياء..أما الشكر الحقيقي، والأجر الحقيقي فهما من الله.. ومن كان مثلك حاشاه ينتظر الشكر من بشر مثله.. وحاشاه ينتظر الأجر من غير ربه..
شكراً أبا أنس.. شكراً على كل ما قدمت، وشكراً لك وأنت تسلم الراية من غير أن تستقيل.. وكأن أبا فراس كان يعنيك أنت حين قال:
سيذكرني قومي إذا جدّ جِدُّهم وفي الليلة الظّلماء يُفتقد البدرُ