وكنت الصباح
(هوامش على سِفر العسال)
أ.د/
جابر قميحةعايشت الدكتور أحمد العسال في الجامعة الإسلامية العالمية بإسلام أباد على مدى أربع سنوات، كان رحمه الله نائبا لرئيس الجامعة ، والواقع يقول إنه كان الرئيس الفعلي للجامعة برعايته لها ، وحرصه على إدارتها والنهوض بها على نحو مثالي.
وعاش سنوات الجامعة محبوبا من الجميع : من الأساتذة ، والإداريين ، والطلاب على اختلاف جنسياتهم ، من مصريين وعرب وفلسطينين وأفغان وأسيويين،وغيرهم . وكان يرحمه الله واسع الصدر في الاستماع لأية مشكلة تتعلق بالجامعة ، أو بعلاقة جهاز العمل من أساتذة وإدرايين وطلبة وعمال . وكان دائما يقول ( فلتعلموا أن لكل باب مفتاحا ، والحب هو مفتاح القلوب ) . وكان رحمه الله يتسم بالوعي المتيقظ والذكاء الوقاد ، ومعروف أنه حفظ القرآن وهوطفل في العاشرة من عمره .
وفي عهده عاشت الجامعة ــ بحق ــ أزهى سنواتها علما وتعليما ، ونشاطا أدبيا وإسلاميا . وكان الدكتور العسال ينعي دائما على " الفقر الفكري والتربوي " الذي تردينا إليه
وقد قال لأحد محاوريه في صراحة : ليس هناك حل سوى أن يتغير المجتمع ، فاذا كانت البلد فى حالة طوارىء واضطراب ويخيم عليها هذا الذل والخوف فكيف يمكن أن نخلق إنساناً مبدعاً طموحاً وهو محروم من ابسط حقوقه وهى الحرية ؟.
ومن سماته النفسية ــ كما رأيت ــ أنه كان متواضعا إلى أقصى حد.
وأذكر أنني ما رأيته يوما ثائرا هائجا على أي عضو في الجامعة من أساتذة وإداريين وطلاب وعمال . لذلك كانت توجيهاته تتسلل إلى النفس دون شعور بالحرج ، مع الاقتناع الكامل بما يقول .
وقد عاش سنوات حياته داعية مجاهدا ممتحنا في الله .
وأهدي إليه كلمات القصيدة العفوية الآتية التي ألقيتها مساء السبت 782010 في نقابة الصحفيين بالقاهرة في حفل تأبينه .
-- ----------------------------------------------
وكنت الصباحْ ...
من العشر عشت الصباح
صباحًا مضيئًا صريحًا بُواحْ
ودام أعاديك في نكسةٍ
ظلاما حقيرا يعاني الكساح
ويلعق كل دماء البشرْ
ملاحم يُطحن فيها البشر
ولا صوت إلا نعيقُ الخرابْ
**********
ولكنما كنت أنت الصباح
تعانق صوت الضحى
وتحتضن الذارياتْ
ونور المثاني الكبار مع المرسلاتْ
وعشت كريم العطاءْ
وكانت عطاياك يا سيدي
فُيوضًا من المسكِ ... والعلم
والفقهِ ... والحب ... والفكر
والمنجياتْ
**********
وعشت بدرب الإمام الشهيد
جهادا نبيلا
بغير انحناء
وغير انثناءْ
ولكن بعزم يفل الحديد
ويرفع قامتنا للسماء
وتمضي نضالاً ... ولا... لا تبالي
على أي جنبٍ
إلى المصرع
تحديت كل فراعينهم
وكل السجون ... وكل القيودْ
ولصًا غبيًا غويًا يقودْ
وذئبًا أكولا نهومًا يسود
**********
وكم ذا رأيناك تمخر بحر الإباءْ
تخط وثائق عزم عتيد
لأبنائك الأوفياء
وكنت التحدي
وكنت التصدي
بلا رجعة
**********
فزعنا ... وقلنا:
أعسالُ مهلاً
حنانيك رفقًا
رفقا بنفسك
كيف تصدَّى
بصدر تعرَّى
وظهر تعانقه
أنجم من قروح؟
فقلت: "سآوي
إلى ركنه
فركن العليِّ قوي شديدْ
منيع عتيد"
**********
وجردت سيفًا
شريف الذؤابةِ
والمُنتسب
صقيلاً صقيلاً
بوهْج الحقيقةِ والمُعْتقدْ
عليه نقوش تهزُّ العدا:
هو الله غايتنا الغالية
وقدوتنا أحمدُ المفتدى
وأما الجهادُ برغم الجراح
فيبقى عليهم ردى سرْمدًا
وإني وقبل فراق الحياة
أرى النصر يغمرنا منشدًا
**********
وكنت الصباح
وما زلت بالحق نعم الصباح