دمعة أب

أملي المدخر ليوم المستقر

دمعة أب

بقلم: مصطفى أحمد بيطار

أيها الغائب عن بصري أعواماً مديدة.

الحاضرُ في نبضات قلبي.

المتغلغل في شرايين دمي.

الساكن في ساحة فكري.

المترقرق في حبّات أدمعي.

المؤنس لوحشتي في غربتي.

الزائر في رقودي ويقظتي. يا موقظ أشجاني ونديم أحزاني كيف أنساك؟ بعد أن عزّت عليّ رؤياك.

ولم أعرف أين اليوم صار مثواك؟

ولن أشتم الثرى الذي ضمَّ محيّاك.

هنيئاً لك يا أرض الرافدين.

كم من الأماجد الخالدين فدوك.

وبدمائهم الطاهرة الذكية رووك.

أين مصعب بن الزبير؟

أين الرشيد؟

أين المنصور؟

أين علي وابنه الحسين؟

يا نسيم دجلة والفرات.

أسرع السير في السرى وتندى بعبير أحمد.

قد ذوى الورد وصوَّحَ الروض، وعيل صبري وضاق صدري وجفت أدمعي من البكاء، شوقاً إلى شذا عبيره ونداه.

يا مشعل دربي.

قد ترنح أملي.

وعشا بصري.

واضطرب فكري وعزمي.

واختل توازن جسمي في صحوي ونومي.

فامتطيت صهوة إيماني ويقيني لأغذّ السير إلى ركب الصابرين.

فيا ربَّ أحمد اجعلنا من الراضين المرضيين.

وأنت يا أحمد يا شهيد الهجرتين من أرض الشام إلى الحجاز إلى الرافدين.

في سبيل العلم والوفاء ضحيت يا قرة العين.

تركت جوار الأبوين إلى جوار أرحم الراحمين.

وأبيت إلا الصعود والصمود في غربتك حتى نلت مناك.

وحقّقتَ حلم أبيك وأرضيت كل من أحبك واصطفاك.

وأبكي كتباً غذيتَها بيراعك.

وعكفتَ عليها بعطفك وحنانك.

وسهرتَ معها في ليلك ونهارك.

وودعت أصحاباً أحبوا فيك البذل والإخلاص والصدق والوفاء والتضحية والفداء.

يا نفسُ لا تجزعي بفقد من تحبين.

فإن روحه في حواصل طير خضر في جنة الخلد تغدو وتروح.

يا ربَّ أحمد قد غدا أحمد في جوارك.

فأنت أولى به ممن يسترجع ويتوجع.

عزائي والعزاء جميل من كريم بنا رحيم.

نمضي والموت يحصدنا والقبر يضمنا ويوم الحشر موعدنا.

}إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب{.

)وإنا لله وإنا إليه راجعون(.