إلى الحبيب الراحل
إلى الحبيب الراحل
ثناء محمد كامل أبوصالح
ما من ليلة أضع فيها رأسي على وسادتي .. إلا وأذكركَ..
رحمك الله رحمة واسعة, وجمعني بك في جنته .. فقد طال شوقي إليك ..يا أبتِ ..يا أحب حبيب, وأصدق صديق, وأوفى وفيّ .
في كل لحظة من حياتي أذكرك, في كل ضيق وفي كل رخاء..
أكثر من ربع قرن مضى على رحيلك..وكأنك رحلتَ بالأمس فقط.. فما كنتَ لي ؟ ما كنتَ أنت لي حتى أفتقدك كل هذا ؟ وأحنُّ إليك كل هذا ؟!!
أكثر من خمس وعشرين سنة, كنتُ خلالها أتمنى وجودك في كل لحظةٍ منها, أركن إلى صدرك الواسع الذي طالما ركنتُ إليه, ألتمس مشورتك, أريح قلبي المتعب المكدود ببرد كلماتك, أخفف عناء أيامي بوضاءة بسمتك.. وأستمد من صبرك الصابر على الابتلاء صبراً على دنياي .
أيا حبيب ..
ما زلتُ أذكر أيامك الأخيرة ..وأنت تعاني ما عانيت في صبرٍ ملَّ منه الصبر, ولا يرتفع صوتك بآهةٍ واحدة إلا إذا اطمأننتَ إلى أني قد نمتُ, ومن أين يأتي النوم والحبيب الغالي تتناوشه الآلام ؟؟
ما زلتُ أذكر يوم سألتك إن كنتَ راضٍ عنا, فرفعت يديك على وهنهما إلى السماء وتهدج صوتك ملوناً بالدموع:" اللهم إنك تعلم أني راضٍ عنهم, اللهم فارضَ عنهم .. اللهم فارضَ عنهم.. اللهم فارضَ عنهم " ..دعاء لن أنسى يوماً- وحتى أموت- أدقَّ نبراته فلقد ارتسمت في قلبي قبل عقلي, وكم وددتُ يومها لو أنني ملكتُ نفسي أمامك فلم أبكِ بل لو أنني ما سألتك سؤالي ذاك, حتى لا أرى دموعك الغالية الغالية..
وما زالت بصمات أيامنا – حتى في الطفولة- مطبوعة في مخيلتي, آثارها حفرت في ذاكرتي نقوشاً لا تُمحى, نقوشاً مضيئة ضياء الشمس.. يخيّل إلي أني سأحيى على وهجها حتى آخر العمر .
ولآخر العمر .. سأظل أدعو وأرجو أن يجمعني بك ربي في مستقر رحمته .