من نوادر الحمقى والبخلاء

سليم ساعد المقعي السلمي

[email protected]

باقلُ والغزال:

كان باقل من الحمقى، ويضرب به المثل في الغباء والخفافيَّة والهبالة والعِيِّ، فقد اشترى من السوق غزالاً بأحد عشر درهماً، فسئله سائلاً وهو يحمل الغزال على ظهره، بكم اشتريت هذا الغزال يا باقلُ؟ فأنزل الغزال من ظهره ووضعه في الأرض، ففتح يديه جميعاً وأشار بأصابعه وأخرج لسانه، ليتم العدد أحد عشر، ففر منه الغزال.

جُحا والحمَّال:

لا شك أن جُحا من كبار الحمقى، ويضرب به المثل في الغباء عند العرب في العصر الحديث، ومن قصصِهِ أنه في يوم من الأيام اشترى دقيقاً وحملهُ على حمَّال، فلما دخل الحمَّال في كثرة الازدحام في السوق هرب بحملهِ، ورآه جُحا بعد أيام، فتخبئ جُحا عنه، لئلا يطالبهُ بالأجرة.

هَبَنَّقَةُ والقلادة الصدفيَّة:

ومن الأغبياء هبنقة الرجل المشهور الذي بلغ من حمقه أنه جعل في عنقه قلادةً من عظام وأصداف، وقال: أخشى أن أضيعَ من نفسي، ففعلت ذلك لأعرفها. وفي يوم من الأيام حولت أمه القلادة إلى عنق أخيه، وهو نائمٌ، فلما أصبح ورآها في عنق أخيه قال: يا أخي: أنتَ أنا، فمن يكون أنا؟.

البخيل والدينار:

زعموا أن رجلاً بلغ في البخل غايته، وكان إذا صار في يده دينارٌ أخذ يكلمه ويناجيه ويقول له: كم من بلدٍ رأيتَ، وكم من صندوقٍ فارقتَ، وكم من رحلة قطعتَ، وكم تعبتَ وتنقلتَ، فالآن استقر بك القرارُ واطمأنت  بك الدارُ، لك عندي مكانٌ لا تَبْرَحُهُ وتظَّلُّ فيه آمناً مظمئناً، ثم يلقيه في الصندوق، ويقول له: اسكن هنا في مكان لا تُهان فيه ولا تزعج.

البخيل ورأس الديك:

تحدث أديبٌ من العرب قال: كُنا في يوم من الأيام، في مجلسَ بخيل من البخلاء فأطلنا الجلوسَ حتى كاد البخيل يموتُ جوعاً ثم قال لخادمه وهو متألم: ويحَكَ: هات غذاءنا يا غلام .فأتاه بطبق فيه مرق وديك قد هرم وكَبُرَ لا تجزُّ فيه السكين شيئاً، ولا يؤثر فيه الضرس والناب، فأخذ قطعةَ خبز فقلَّبَ بها جميع ما في الطبق فلم يجد الرأس، فأطرق زمناً، ثم رفعَ رأسَهُ إلى الخادم وقال: أين الرأس يا غلام؟ فقال: رميتُ به. قال: وَلِمَ؟ قال: الخادم، لا أَظنُّكَ تأكُلُهُ ولا تسألُ عنه. فقال: وَلِمَ ظننتُ ذلك؟ إني والله لأمقتُ من يرمي برجله فكيف من يرمي برأسه؟ أما علمتَ أن الرأس رئيسُ الأعضاء؟ وفيه الحواسُ الخمسُ، ومنه يصيحُ الديكُ، وفيه عُرْفُهُ الذي يمتاز بجماله، وعينهُ التي يضربُ بها المثلُ في الصفاءِ، فيقال: شرابٌ أصفى من عين الديك، ودماغُهُ شفاء لمرض الكُلْيَةِ. ولم يُرَقَطُّ عظمٌ أهشُ من عظم رأسهِ، فإن كان بَلغَ من جهلك ألاَّ تأكلَه فعندنا من يأكله، أنظر أين هو؟ قال الخادم: والله ما أدري أين رميتُهُ؟ قال البخيل: لكنني والله أدري أنك رميتَهُ في بطنِكَ وإياكَ أن تعودَ إلى ما فعلتَ أبداً.