في تكريم الأديبة النصراوية نهى زعرب قعوار

 clip_image004_10120.jpg

clip_image005_9bf03.jpg

نلتقي اليوم بمناسبة اعتبرها فاتحة لزمن ثقافي جديد ، نعيد فيه الى مدينتنا الناصرة زمنها الجميل ، حين كانت الندوات الثقافية تتحول الى اجتماعات جماهيرية، للأسف حدث تراجع خطير في السنوات السابقة، ها نحن اليوم نخطو خطوة كبيرة نحو اعادة الاعتبار لثقافتنا وللأدباء النصراويين. لنجعل من الثقافة والابداع الأدبي قوة فاعلة تربوية أخلاقية تعمق المفاهيم الجمالية لدي ابناء شعبنا. الثقافة هي القاعدة التي بدونها تتهاوى المجتمعات . الثقافة هي قوة ومناعة، والويل لشعب لا يكرم مثقفيه .

نكرم اليوم اديبة مميزة ، الكاتبة ، الشاعرة والمؤرخة نهى زعرب قعوار، ارى بكتابها (تاريخ الناصرة) أكثر من مجرد تأريخ لمدينة هي الأشهر على وجه الأرض، انما بحثا واسعا وشاملا حول تاريخ مدينة الناصرة، ومسيرتها عبر العصور، وهو من اوسع واضخم الابحاث التي صدرت عن مدينة الناصرة بحاضرها وماضيها، وهو يحوي كافة المعلومات المطلوبة عن الناصرة، منذ كانت وحتى يومنا هذا.

هذا الكتاب الى جانب الأعمال الشعرية للأديبة نهى قعوار هي شهادة حق بأن المرأة في مجتمعنا قادرة على الانطلاق والابداع ليس أقل من الرجل.من هنا ارى بتكريم نهى قعوار تكريم للمرأة النصراوية أولا ، وتكريم لكل امرأة فلسطينية ثانيا.

نهى قعوار هي من زاوية أخرى استمرار لأديبة نصراوية تحمل اسم عائلة قعوار أيضا وكانت من رواد الثقافة والابداع الأدبي ، وهي ايضا نصراوية المولد فلسطينية الهوية، من هنا اقول ان الناصرة كانت دائما رائدة في الأدب النسائي، تاريخ ثقافتنا يسجل بحروف من ذهب اسم نجوى قعوار فرح.. التي اصدرت بعد عام 1948 أول مجموعة قصصية باسم "دروب ومصابيح " واصدرت أول مؤلف في أدب الرحلات باسم "مذكرات رحلة" وأول مسرحية "سر شهرزاد" وبذلك وضعت نجوى قعوار اهم مدماك في مسيرة الأدب النسائي الفلسطيني للجماهير العربية داخل اسرائيل اولا وفلسطين ثانيا وعربيا ثالثا. . اذن الناصرة كانت دائما رائدة في الأدب النسائي لتواصلة اديبة اخرى تحمل اسم عائلة قعوار النصراوية أيضا، الأديبة ، الشاعرة والباحثة نهى زعرب قعوار.. كأني بآل قعوار يحتلون الصدارة في الأدب النسائي.

ان البحث / المجلد عن تاريخ الناصرة (680  صفحة من الحجم الكبير) ، الذي أصدرته اديبتنا نهى قعوار  في اواخر عام (2000) هو عمل له قيمته التاريخية الهامة للغاية الى جانب قيمته الوطنية والحضارية والثقافية عامة. انه جهد كبير كرسته نهى قعوار، عبر سنوات طويلة من البحث والاطلاع والتجميع لمعلومات نادرة عن كل ما يتعلق بتاريخ الناصرة، ان كتاب ‘تاريخ الناصرة‘ هو مسح شامل للمدينة مهما تكلمنا عنه لن نوفيه حقه. من هنا اقول ان الكتاب وثيقة تاريخية حضارية يجب ان تكون في كل مكتبة وان يكون الكتاب متوفرا لكل من يعشق الناصرة وخاصة ابناء الناصرة الناشئين.

في التمهيد للكتاب تعترف نهى قعوار بصعوبة المهمة التي قامت بها لقلة المصادر والموارد المكتوبة عن الناصرة وعن تاريخها الحافل والشامل على مدى عقود التاريخ القديم والحديث. رغم ذلك اقول بدون تردد ان نهى قعوار انجزت ما يبدو مستحيلا حتى للمتخصصين في ابحاث التاريخ. لذلك اقيم هذا العمل كأهم الاعمال التوثيقية عن تاريخ الناصرة، وهو مزين بصور تاريخية عديدة ،وتنهي نهى قعوار بحثها بقصيدة من تأليفها، تغنى على وزن (دلعونا) تقول في مطلعها: بلدي يا ناصرة بلد البشارة، بلد المحبة بلد الحضارة، تاريخ الاديان من هالمغارة، ارفعي راسك حتى يشوفونا.

طبعا لن استعرض ابواب الكتاب ولكني أحث من لم يقرأه ان يقرأه ويحفظه في مكتبته لأنه مرجعا لنا لأبنائنا وللأجيال الصاعدة ان يعرفوا تاريخهم وجذورهم بمواجهة تشويه تاريخنا وسرقة اسماء معالم هذا التاريخ.

شمولية هذا الكتاب قد تفاجئ الجميع .. كاني بها تقدم مسحا بالأشعة لكل تاريخ المدينة بامتدادها الثقافي العلمي التعليمي الاقتصادي المهني الديني المعماري الفولوكلوري والغنائي ..مما يجعل الانسان القارئ يستعيد ذكرياته بنوسطالجيا وعشق يتجدد للناصرة واهلها واحيائها ومجتمعها المتآخي والذي ينبذ أي محاولات لشق ترابطه الانساني. 

اود ان أشكر بلدية الناصرة ورئيسها السيد علي سلام على هذه اللفتة الكريمة لمثقفة باحثة اديبة اعطت للناصرة هدية رائعة، وانوه ان الثقافة هي سلاح تنويري هام لمجتمعنا علينا تطويرها واثرائها واعطاء المثقفين المكانة التي يستحقونها. مجتمع بلا ثقافة هو مجتمع مفكك ومن السهل تضليله ، مجتمع يمنح مثقفيه الامكانيات للإبداع هو مجتمع انساني متعاضد يعرف حقوقه وواجباته وينشئ اجيال لا يضلون الطريق !!

_______________

نص كلمة القيت في الاحتفال التكريمي يوم 15 – 01 – 2016 في مركز محمود درويش الثقافي في الناصرة.

وسوم: العدد 651