الشيخ صبحي عدولي
ثمانية عشر عاما مضت على رحيل الشيخ صبحي العدولي رحمه الله
الذي وافته المنية في 15 رمضان من عام 1424 الموافق 10/11/2003
مقتطفات من سيرته العطرة :
شيخنا وأستاذنا الشيخ صبحي العدولي رحمه الله
هو العالم الجليل الشيخ صبحي عدولي ، من بلدة جسر الشغور .
طلب العلم متأخراً ، تقريبا بدأ الطلب وعمره فوق العشرين عاماً ، قرأ على بعض مشايخ بلده ولازم دروسهم ، ثم وجد نفسه بحاجة أكثر إلى العلم ، فرحل إلى دمشق والتحق بمعهد الفتح الإسلامي الذي أسسه الشيخ صالح فرفور رحمه الله تعالى .
كان من الملتزمين جداً بحضور حلقات العلم ، حتى كاد من حرصه على العلم أن كان لا يفوته درس واحد ، بل ولا جزء من درس .
ولم يكن يقتصر على الدراسة النظامية في المعهد ، بل كان بعد انتهائه من الدراسة اليومية في المعهد ، قد نظم برنامجاً لحضور الدروس المتخصصة عند علماء دمشق .
كالشيخ صالح فرفور، والشيخ أحمد العربيني ، والشيخ أحمد الذاكر ، والشيخ ملا رمضان البوطي ، والشيخ عبد الوهاب دبس وزيت ، والشيخ إبراهيم اليعقوبي ، والشيخ عبد الرزاق الحلبي ، والشيخ محمد أديب الكلاس وغيرهم شيوخ كثر - رحمهم الله تعالى - فقد كان وقته مليئاً ، ولم يكن عنده فراغ إطلاقاً ، بل كان يغتنم وقت الذهاب والإياب ، فيصطحب معه الكتب لقراءتها وهو في طريقه إلى الشيوخ ، ومن ثم إلى البيت ، وهو راجع من عندهم .
وقد كان أثناء الطلب يلتف حوله التلاميذ ، فيقرأون عليه في النحو والفقه ، والأصول ، والعقيدة ، وغير ذلك من العلوم ، فقد كان متعلماً ومعلماً في آن واحد .
وبعد تخرجه في معهد الفتح ، التحق بالدراسة الجامعية ، حيث أتم الدراسة في جامعة الأزهر ، وحصل على الإجازة الجامعية فيها . وخلال هذه الفترة حصل على العديد من الإجازات في مختلف العلوم الشرعية والعربية على أيدي كبار علماء دمشق وضواحيها .
دَرَّس رحمه الله تعالى في معهد الفتح الإسلامي سائر العلوم ومنها : الفقه والأصول والنحو والصرف والعقيدة ، فترة من الزمن عُرف فيها بطول باعه وسعة اطلاعه .
ثم انتقل إلى معرة النعمان ، وما أن سمع به الشيخ أحمد الحصري - مؤسس معهد الإمام النووي الشرعي بالمعرة - إلا ودعاه على الفور ليكون عوناً له في النهوض بهذا المعهد ، فكان من أوائل المدرسين بهذا المعهد المبارك .
وقد عرف خلال تدريسه بالمعهد بطول باعه ، وسعه اطلاعه ، وتمكنه من سائر العلوم ، التي تفوق فيها على أقرانه .
كان محباً لطلاب العلم ، ومحبوباً لدى الجميع ، فكان الطلاب في درسه لا يَكِلُّون ولا يِمَلُّون . وقد كنت واحدا من الذين قرأوا على الشيخ رحمه الله ، وواظب على حلقاته النظامية والخاصة ، فكنا نعتبر درسه روضة من رياض الجنة .
فكان يضفي على الدرس مهما كان نوعه روحاً عالية من رفع الهمة والإخلاص ، فكنا نشعر حتى في دروس النحو والصرف أن أرواحنا تحلق في عالم آخر من النعيم خلال هذا الدروس ، وتحف بنا الملائكة .
كان الشيخ صبحي رحمه الله مولعاً بالعلم ، شغوفاً بالتعليم ، فقد أمضى حياته - رحمه الله - بين درس علم ، أو مطالعة في كتاب ، كان حريصاً على الوقت ، ولا يضيّع منه شيئاً بلا فائدة ، وكان متعلقاً بالكتاب غاية التعلق .
وكان بالإضافة إلى دروسه التي يلقيها في المعهد ، يلقي دروساً خاصة في المسجد بعد صلاة العصر ، وبعد صلاة المغرب ، وبعد صلاة العشاء ، وبعد صلاة الفجر ، حتى كان الطلاب يتعجبون ويتساءلون متى يتفرغ الشيخ لشؤونه الخاصة .
وبالطبع كل هذه الدروس ، التي يلقيها الشيخ لا يتقاضى عليها شيئاً من الطلاب ولا من غيرهم ، بل كان يعتبر نفسه أنه صاحب رسالة يجب أن يبذل لها كل وقته وحياته ، وقد حقق ذلك رحمه الله تعالى .
وقد كان يملك مكتبة في بيته قل نظيرها عند العلماء أو طلاب العلم .
وكان الشيخ رحمه الله صاحب خلق رفيع ، وتواضع جم ، ذا هيبة ، عليه سيما العلماء الربانيين ، غلب عليه الزهد والورع ، يحب الخلوة ويبتعد عن الأضواء والشهرة وحب الظهور . .
... بقلم أحد طلابه ...
وسوم: العدد 876