الشيخ العالم المفسر مصطفى محمد الصيرفي
( ١٩٣٠- 2023م)
هو الشيخ العالم المفسر مصطفى الصيرفي، مفكر إسلامي، وعضو لجنة القضايا والأقليات في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وعضو رابطة العلماء السوريين، وأحد أعلام الحركة الإسلامية في سورية.
المولد، والنشأة:
ولد الشيخ الداعية أبو محمد مصطفى محمد الصيرفي في مدينة حماة في وسط سوريةعام ١٩٣٠م، ونشأ في أسرة مسلمة ملتزمة بتعاليم الدين تحب العلم، وتحترم العلماء، وتربى على يد علماء حماة الأبرار، ولاسيما الشيخ العلامة محمد الحامد، وكان صديقا حميما للأستاذ عدنان سعد الدين، ود. عبد الكريم عثمان.
الدراسة، والتكوين:
درس الشيخ مصطفى الصيرفي مراحل التعليم المختلفة في مدارس حماة، فحصل على الشهادة الابتدائية عام ١٩٤٢م.
ثم حصل على الشهادة الإعدادية عام ١٩٤٥م.
وحصل على شهادة الثانوية العامة من ثانوية ابن رشد في حماة عام ١٩٤٧م.
وبعدها حصل على شهادة الإجازة في الحقوق من جامعة دمشق عام ١٩٥٠م.
ثم حصل على دبلوم في الحقوق الدولية من جامعة دمشق عام ١٩٥١م.
وأخذ العلوم الشرعية من خلال حضوره دروس الشيخ العالم الرباني محمد الحامد، والشيخ محمد علي المراد، والشيخ منير لطفي .
ثم أقبل على قراءة كتب العلم والفقه والفكر الإسلامي وحوى مكتبة متنوعة العلوم في الدين والتاريخ والأدب والفكر.
جهاده في الدعوة:
انخرط الشيخ مصطفى الصيرفي في الحركة الإسلامية منذ شبابه المبكر عام ١٩٤٥م، وكان عمره ١٥ سنة.
ثم أصبح مسؤول الطلبة في الجماعة، فأسس عدة أسر إخوانية، وكان محافظاً على الصلاة في المسجد، ولاسيما صلاة الفجر، مما جعله يكتسب طاقة روحية عميقة.
أعطى دروساً في جامع المسعود في حماة، وهو شاب يافع، فكثر من حوله الطلاب، وكان يوم الجمعة مثل العيد يصلي فيه حوالي ١٥٠٠ رجلاً وامرأة.
وكان يرتدي البنطال والقميص، حليق اللحية، فاشتكى العلماء إلى الشيخ توفيق الصباغ، فحضر درساً له متنكراً، فعاد إلى العلماء، وأخبرهم بأن هذا الشاب يخطب أفضل من كثير من المشائخ.
وكان ممن يلازم مسجده، ويستمع إلى دروسه الشيخ عدنان عرعور، ود. طارق عدي...وغيرهم كثير من شباب الإخوان، ومن بقية فئات الشعب.
ثم صار نقيباً لأسرة إخوانية تضم الشهيد مروان الشققي، ود. محمد المصري ( طبيب في ألمانيا)، ود. غسان حمدون، وسهيل الداغستاني، والشيخ سعيد حوى، ونصح الشيخ سعيد حوى بأن لا يطيع شيخه في معصية، وألا يكون بين يديه كالميت بين يدي المغسل.
وكان الشيخ مصطفى الصيرفي -رحمه الله تعالى- مديرًا لثانوية الصديق في حماة في الخمسينيات من القرن الماضي.
التجربة السياسية:
رشح للانتخابات لعضوية الاتحاد القومي في زمن الوحدة مع مصر التي جرت عام 19549م، وحضر لقاء في بيت الشيخ محمد الحامد ضم كبار الدعاة الشيخ عبد الفتاح أبو غدة، والشيخ عبد العزيز عيون السود، والشيخ محمد خير الجلاد...ليقنعوه بالترشح، فوافق.
دعاه الاشتراكيون في حماة إلى التعاون معهم، وإلى تشكيل حزب سياسي فرفض، وكان حرباً على حزب أكرم حوراني ثعلب السياسة، وحدد الشيخ مجال عمله في الدعوة إلى الله فقط.
زار العراق وكان عمره 25 عاماً، فقد طلب منه سعد الدين الوليلي الذهاب إلى هناك، فسافر بالباص، فكان كبار الدعاة في استقباله، د. عبد الكريم زيدان، والشيخ د. عدنان الدليمي، فصلى فيهم المغرب، فتأثروا بصوته، فتنقل في مدن العراق، فزار الرمادي، وبغداد، والموصل، والبصرة، وكانت الجماعة محظورة في ذلك الوقت، وكان الشيخ مصطفى الصيرفي محباً لشخصية الشيخ المجاهد محمد محمود الصواف، ومتأثراً بروحانيته، ونشاطه، وحركته الدؤوبة، وقد أثنى على دروسه الشيخ د. عدنان الدليمي في مذكراته.
هجرة إلى الله:
وبعد ثورة ٨ أذار عام ١٩٦٣م بدأت تضيق عليه سلطة البعث.
فغادر سورية إلى الإمارات عام 1963م، وبعد أحداث جامع السلطان في حماة عام ١٩٦٤م، سافر إلى قطر، ثم عاد إلى سورية لفترة من الزمن، وبعد أحداث الثمانين غادر سورية إلى إحدى دول الخليج، فاستقر في قطر.
حضر دروس الشيخ يوسف القرضاوي، وكان يقوم برحلات مع الإخوان في قطر، وكان يتناوب مع الشيخ القرضاوي، والشيخ عبد المعز عبد الستار في إلقاء الخطب والدروس.
وأعطى درس التفسير في الجامع الكبير، وكانت الإذاعة تنقل دروسه، واتصل به د. محمد زكي عبد البر، وأثنى عليه وعلى دروسه في تفسير سورة البقرة.
انضم إلى الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي أسسه العلامة د. يوسف القرضاوي رحمه الله.
كما عمل مديراً لمعهد الإدارة في قطر، وأعطى فيه دروساً في التوعية الدينية للضباط والشرطة هناك.
وأعطى دروساً في مسجد إبراهيم الأنصاري، وكان يحضّر درسه من عشرة تفاسير، بالإضافة إلى كتب اللغة.
وفي سورية اشتغل بالمحاماة، ثم مارس التعليم، واعتلى منابر الخطابة، وهو خطيب في أحد مساجد الدوحة يقصده الكثيرون من أبناء الجالية السورية والعربية عموماً، وله درس أسبوعي في تفسير القرآن الكريم. ويُعرض له على القناة برنامج نور القرآن على قناة الرسول السعودية...
مؤلفاته:
والشيخ مصطفى الصيرفي مقل في باب التأليف، ومن أبرز انتاجه العلمي:
- نور القرآن: ذكر فيه شروط النهضة، والنداء الإلهي، وإرادة التكوين، والتكوين الذاتي.
- نشر عدة مقالات في صحيفة الشرق القطرية، منها: خمس خصال، وأفكار لاستثمار رمضان، وأهلاُ بشهر التقوى، والعيد في الإسلام، واهتز لموته عرش الرحمن، وقائد فاتح متواضع، يهدي للتي هي أقوم...
-ولو جمعت مقالاته وفرغت دروسه وحواراته لبلغت عدة مجلدات.
كلمة مع الشيخ مصطفى الصيرفي:
كتب الشيخ الطاهر إبراهيم عن عودة الشيخ مصطفى الصيرفي إلى سورية، فقال: الشيخ مصطفى الصيرفي، مفكر إسلامي، وعضو لجنة القضايا والأقليات في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي يرأسه الشيخ د. القرضاوي، ثم د. الريسوني حفظه الله.
ولد في مدينة حماة، وتربى على يد علمائها، ثم نال إجازة في القانون من دمشق، واشتغل بالمحاماة، ثم مارس التعليم واعتلى منابر الخطابة، وكان له درس أسبوعي في جامع المسعود في مدينة أبي الفداء.
ومع وصول حزب البعث إلى السلطة، تعرض للأذى والقمع كأكثر الإسلاميين الدعاة، فهاجر إلى الدوحة في قطر ليكمل مسيرة التعليم ولتعرفه منبرها خطيباً وداعياً إلى الله تعالى.
وقد طالعتنا صحيفتا "الحياة" اللندنية و"الشرق" القطرية في يوم 21 آذار 2005م، بأن السلطات السورية قد سمحت للشيخ "مصطفى الصيرفي" و12 سوريا آخرين بالعودة من "قطر" إلى وطنهم سورية بعد غياب طال لأكثر من ربع قرن. وتضيف الشرق قائلة: كشف السفير السوري "هاشم إبراهيم" انه قدمت مجموعة من الطلبات لعدد من السوريين لا يملكون جوازات سفر سيتم دراسة أوضاعهم في هذا الشأن.
الشيخ مصطفى الصيرفي: مكرمة الأمير تُثمّن، وتُقدّر:
الدوحة - العرب
أكد الداعية الشيخ مصطفى الصيرفي أن مكرمات قطر كثيرة لا تعد، ولا تحصى في الجوانب الإنسانية والثقافية والخيرية وفي مساندة المستضعفين والمظلومين ونصرتهم.
وقال في تصريح لـ « العرب»: رأينا من أميرنا الشاب، وفقه الله تعالى ويسر أمره وثبت خطواته وسدد خطاه، ومن قبله صاحب السمو الأمير الوالد، رأينا منهما من الأعمال الطيبة ما نحمد الله عليه وما يثلج الصدر.
وقال الشيخ الصيرفي إن من فضل الله على أهل سوريا أن أعزهم الله بإخوانهم في الدين والعروبة والجود والإنسانية وفي مقدمتهم أهل قطر أميراً وشعباً.
وحيا الشيخ الصيرفي مكرمة حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى بالتوجيه بمساعدة اللاجئين السوريين، وقال: «حيا الله الأمير الشاب، وحيا الله الأمير الوالد، وحيا الله أهل قطر الذين قدموا العون والمساعدة لإخوانهم في سوريا».
وثمّن، المكرمة الأميرية قائلاً: «مكرمة حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى تُثَمَن وتُقَدَر وهي ليست أول مكرمة، لأن أصحاب المروءات لا يستطيعون إلا أن يقدموا خير ما عندهم فداء لإخوانهم وفداء لدينهم ووفاء للإنسانية وتحقيقاً للعون الكامل بين أهل الدين والعروبة».
ودعا الصيرفي، الله عز وجل أن يجزي حضرة صاحب السمو أمير البلد المفدى خير الجزاء على ما يقدمه من عون ومساعدة لإخوانه في سوريا، وفي غيرها من باقي الدول.
ووجه الشكر للقيادة الحكيمة في قطر مستشهداً بقول النبي صلى الله عليه وسلم «من لا يشكر الناس لا يشكر الله».
وذكر أننا نعيش في بلد كريم ذي مروءة، نرى خيراته وبركاته تتوالى على العالمين العربي والإسلامي والعالم أجمع.
وأشار الشيخ الصيرفي إلى أن سوريا نُكبت نكبة لم يشهدها بلد آخر، نُكَبَت من حكم لا يخاف الله عز وجل، ولا يعرف الإنسانية ولا الشرع، ولا يفرق بين صغير وكبير ولا امرأة ولا رجل ولا مريض ولا صحيح.
ووصف النظام الحكم في سوريا بـ «إنه ليس حكم بشر، ولكنه حكم وحوش يفتكون بشعب سوريا».
ولفت إلى المأساة التي يعيشها الشعب السوري، وتدمى لها كل عين حر ويحزن لها كل قلب شريف، حيث نزح ملايين الناس من كرام السوريين مهاجرين من بلادهم ولا يعرفون أين يعيشون بعد أن دُمرت بيوتهم، وقُتل آباؤهم وأمهاتهم وأطفالهم.
وذكر أن ملايين السوريين يعيشون في ظروف صعبة جداً، وينطبق عليهم مثل القائل: «ارحموا عزيز قوم ذل».
قهوة مع الشيخ مصطفى الصيرفي حفظه الله:
وكتب د. بشر محمد موفق لطفي: يشرفني الله بزيارة الشيخ مصطفى الصيرفي كل فترة، واليوم شربتُ عنده فنجان قهوة – من ألذ ما شربتُ من القهوة والحلوى -، ممزوجة بحديث علمي مركز كعادة الشيخ، وهو أستاذٌ لجمعٍ من أهل العلم كالشيخ سعيد حوى، وأبي الحبيب، وأسماء كبيرة في العالم الإسلامي.
ويكاد يكون من أقران فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي رحمه الله، حيث يصغره بأربع سنوات فقط، وقد نزلا قطر في نفس السنة مطلع ستينيات القرن الماضي.. ويبلغ الآن من العمر 93 سنة هجرية..
وفي لقاء اليوم أرشدني إلى التركيز على 3 أمور:
- قراءة الكتب المطولة، لأن طالب العلم يحتاجها، كالتحرير والتنوير في التفسير، وعدم الاكتفاء بتفاسير المجلد والمجلدين، فتلك تكون لعامة المسلمين.
- التركيز على دراسة المقاصد بشكل متزن، لإدراك مقاصد العبادات ومحاولة تحقيقها.
وللعلم فالشيخ مصطفى يرى الوضوء والصلاة وغيرهما من التعبد لا العبادة، إنما العبادة تكون في الغايات التي يؤدي التعبد إليها، كتحقيق التقوى وإصلاح الأخلاق وعمارة الأرض وغيرها.
- بناء المجتمع قدر الاستطاعة حسب ما يُتاح، سواء في الوظيفة خصوصا في العمل الجامعي، الخصب بجوانب الإصلاح العلمي والنفسي والأخلاقي وغيرها، أو في الإعلام والمسجد والأقارب، وكم في إصلاح الأقارب وتوثيق الأرحام من فوائد عظيمة يجنيها المجتمع المسلم كله.
وأشار -حفظه الله – إلى أن من البلايا التي ابتلينا بها “الجوالُ” الذي:
- سهّل الوصول إلى المعلومة دون قراءة المطولات من الكتب وحرمنا بركةَ مطالعتها وسبْرَ أغوارها وكنوزها الدفينة.
- سهّل وصول المحرم إليك في مكانك من خلال إعلان غير مقصود أو غير ذلك مما يسهِّل استمراء الحرام.
ومما ترتب على النقطة الأولى: ضحالة طالب العلم، حتى صار يستمع الخطبة أو المحاضرة، فيخرج منها الموجِّه كالموجَّه، وهذه مصيبة علمية ووجدانية عميقة.
حفظ الله شيخنا الشيخ مصطفى الصيرفي، وشفاه، وعافاه وأكرمه، وحفظه بما يحفظ به عباده الصالحين.
وما زال الشيخ حفظه الله ورعاه يعطي، ويفتي، ويجري اللقاءات رغم بلوغه ٩٢ عاماً ثم توقفت دروسه أثناء انتشار وباء كورونا، فحزن لذلك كثيراً.
وكان الشيخ مصطفى الصيرفي قد أصدر مع عدد جمّ من علماء ودعاة دولة قطر بياناً يستنكرون فيه الهجمة الصحفية على العلامة الشيخ يوسف القرضاوي رحمه الله، مؤكدين أن هذه الهجمة لن تبوء إلا بالفشل الذريع، وأن الشيخ القرضاوي رمز الاعتدال والوسطية، ظل ما يربو على نصف قرن يدعو لهذا المنهج الوسطي المعتدل.
حياته الأسرية:
وفضيلة الشيخ متزوج، ولديه عدد من الأولاد والبنات، نذكر منهم: محمد، وعمر، ..
يوصي الشيخ أعضاء رابطة العلماء السوريين، وجميع الأخوة بالروحانية، والذكر، وتلاوة القرآن، وملازمة الجماعة في المسجد، كما يوصي بترك متاع الدنيا الزائل، ويحث الشباب على الأخوة والمحبة والثقة.
وفاته:
توفي الشيخ الداعية مصطفى الصيرفي يوم السبت 26 آب 2023م، الموافق 10 صفر عام 1445 هـ، وصلي على جثمان الفقيد بعد صلاة المغرب، ودفن في مقبرة مسيمير، وقد جاء رحيله بعد 93 عاماً قضاها في العلم والتعليم والخطابة والدعوة.
رحمه الله رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته.
أصداء الرحيل:
سبب وفاة الشيخ مصطفى محمد الصيرفي:
ونعته صحيفة الشرق القطرية، فقالت:
وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ.
انتقل إلى رحمة الله تعالى صباح اليوم السبت الموافق 26 من أغسطس 2023 فضيلة الشيخ “مصطفى محمد الصيرفي”.
شيح جليل وعالم رباني قطري الجنسية، داعية مؤثراً وصادقاً وقوالاً بالحق، له دوره البارز في العمل الدعوي ودور ريادي في الإصلاح الاجتماعي، وكان له دور بارز في المصالحة بين القرغيز والأوزبك بالهند عام 2010م، كما أنه عضو بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين،
الشيخ الجليل والعالم الرباني صاحب هذه الصفات النبيلة، لا يسعنا إلا الدعاء له بالرحمة والمغفرة.
الصلاة والدفن اليوم السبت 2023/8/26 بعد صلاة المغرب في مقبرة مسيمير.
رحمه الله، وغفر له، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
ونعى الدكتور علي محيي الدين القره داعي الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الفقيد الراحل، وقال، على حسابه الرسمي بموقع (X)، “إلى لقاء مع الأحبة … وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ. انتقل إلى رحمة الله تعالى صباح اليوم فضيلة الشيخ مصطفى محمد الصيرفي.
شيح جليل وعالم رباني صادقته وتآخيت معه منذ عام 1985، في قطر فوجدته داعية مؤثرا وصادقا وقوالا بالحق”.
واختتم الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، منشوره، بالدعوة أن يكون لهذا الشيخ الجليل الرحمة والمغفرة وأن يتقبل الله أعماله، ويجعلها في ميزان حسناته، مشيراً إلى أن الصلاة والدفن اليوم السبت بعد صلاة المغرب في مقبرة مسيمير.
والشيخ مصطفى الصيرفي، مفكر إسلامي، وعضو لجنة القضايا والأقليات في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
جماعة الإخوان المسلمين في سورية تعنى الأخ العامل الداعية مصطفى الصيرفي:
لله ما أخذ وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى.
بتسليم بقضاء الله وقدره، تنعى جماعة الإخوان المسلمين في سورية الأخ الداعية المربي مصطفى الصيرفي الذي وافاه الأجل اليوم السبت 26 آب 2023م / الموافق 10 صفر 1445هـ في مدينة الدوحة، قطر عن عمر تجاوز 93 عاماً.
الداعية مصطفى الصيرفي من مواليد مدينة حماة 1930م، نشأ في أسرة ملتزمة تحترم العلماء، فتلقى تعليمه على يد مشائخ وعلماء حماة كالعلامة محمد الحامد، والشيخ منير لطفي، انضم إلى جماعة الإخوان المسلمين، وعمره 15 سنة، وأصبح مسؤول الطلبة في الجماعة.
نال إجازة في الحقوق والقانون، واشتغل بالمحاماة، والتعليم، واعتلى منابر الخطابة، وكانت له دروس أسبوعية في تفسير القرآن الكريم.
غادر سورية بعد سيطرة طغمة الاستبداد والدكتاتورية، ونذر نفسه ووقته، وماله للعمل في سبيل الدعوة المباركة، وانضم إلى الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين منذ تأسيسه.
رحم الله العالم المربي الشيخ مصطفى الصيرفي وغفر له، وتقبله في الصالحين.
ونسأل الله تعالى أن يتقبل جهده وبذله وسائر عمله، وأن يرفع مقامه في عليين، مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً.
عزاؤنا الحار لأسرته وذويه وإخوانه ومحبيه .
وإنا لله وإنا إليه راجعون
جماعة الإخوان المسلمين في سورية
26 آب 2023م
10 صفر 1445هـ
وأثنى عليه تلميذه الشيخ مجد مكي، فقال: رحم الله شيخنا العالم الداعية النفّاع الشيخ مصطفى الصيرفي وأثابه رضاه.
الذي توفي في الدوحة صباح هذا اليوم السبت 10 من صفر الخير 1445 الموافق 26 آب 2023 عن خمسة وتسعين عامًا هجريًا.
تعرفت عليه منذ حللت قطر سنة 1430 وتوثقت صلتي معه، وحضرت دروسه وخطبه ومجالسه، وأجريت حوارات مطولة معه عن نشأته ومراحل حياته وشيوخه وأقرانه وذكرياته، وهذه الحوارات موثقة بالصوت والصورة ستنشر تباعًا في أقرب فرصة بعون الله تعالى .
ولد الشيخ في حماة سنة 1929 ونشأ فيها، وكان من أوثق المشايخ صلة به وحبًّا له العلامة المجاهد الشيخ محمد الحامد، وهو من الجيل الأول الذي تربى في مدرسته، وكان يلهج بذكره والدعاء له.
حصل على إجازة في الحقوق من جامعة دمشق عام 1950، ثم حصل على دبلوم في الحقوق الدولية من جامعة دمشق عام 1951 واشتغل بالمحاماة ثم مارس التعليم.
كان الشيخ رحمه الله تعالى مديرًا لثانوية الصديق في حماة في الخمسينيات من القرن الماضي.
وكان له درس صباحي يومي بعد صلاة الفجر في رمضان في جامع المسعود في حماة يحضره من الناس من كل أحياء البد ما يزيد على من يحضر صلاة الجمعة، وقد انتقل الدرس إلى جامع الأحدب لما هدم جامع المسعود وجدد بعد ذلك بسبب ما يعرف بمشروع الزيادة وذلك في زمن الوحدة مع مصر.
نجح عضوًا عن مدينة حماة في الاتحاد القومي أيام الوحدة مع مصر.
وكان من أخص أصحابه في نشأته الأولى ودراسته وارتباطه بالدعوة الإسلامية الأستاذ الدكتور عبد الكريم عثمان رحمه الله تعالى.
هاجر عام 1964 بسبب الخلاف الكبير بين دعاة الإسلام وعتاة حزب البعث في حماة، وفي مقدمتهم أكرم الحوراني، وأقام في الإمارات، وعاد إلى سورية، ثم استقر في قطر في الثمانينيات، وكان عمله ونشاطه الأساس في مجال التربية والتعليم والدعوة.
وعمل مشرفًا علميًّا وتربويًّا على عدد من المدارس، وبقي متصلا بأهله ووطنه مهتمًّا بقضايا أمته.
وكان آية في النشاط والهمة والحماس، لا يتوانى عن التواصل مع إخوانه ونصحهم وتشجيعهم على العمل لنصرة الدين.
وقد استمر في إلقاء خطب الجمعة حتى سنوات عمره الأخيرة، فكان يخطب في أحد مساجد الدوحة، الذي يغصّ بالمصلين، لاسيما من أبناء الجالية السورية والعربية في قطر.
عرف بأسلوبه الخطابي المؤثر، ومعالجته لأحوال المسلمين واهتمامه بقضاياهم وحرقته على ما نزل بهم.
وكان الشيخ جريئاً في قول الحق، لا يخشى التبعات أياً كانت. فلم يداهن، ولم يراع جانب هذا أو ذاك، بل كان واضحًا بل صادمًا في بعض الأحيان بجرأته.
كما كانت له دروس في تفسير القرآن في عدد من مساجد قطر، ولديه تأملات رائعة، وتحليلات رائقة، ويملك مقدرة نادرة على ربط التفسير بالواقع.
وترك بصمات واضحة وآثارًا صالحة في نفوس تلاميذه ومحبيه وإخوانه في سورية وقطر التي أقام فيها منذ الثمانينيات.
وسيدفن بعد مغرب هذا اليوم في مقبرة المسيمير بالدوحة
أصدق التعازي لأسرته الكريمة ولإخوانه وأحبابه.
اللهم اغفر له وارحمه، وعافه واعف عنه، واجزه عمَّا قدم لدينه وأمته خير الجزاء .
وكتب الشيخ نصر حمدون يقول: وإنا لله وإنا إليه راجعون.
إنا لله وإنا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلا بالله، فلله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بمقدار، انتقل إلى رحمة الله تعالى صباح هذا اليوم الداعية الشيخ مصطفى الصيرفي في قطر والذي أمضى حياته مهاجرا في سبيل الله، ونرجو الله تعالى أن يكتب له ثواب المهاجر في سبيل الله ممن وقع أجرهم { وَمَن یُهَاجِرۡ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ یَجِدۡ فِی ٱلۡأَرۡضِ مُرَ ٰغَمࣰا كَثِیرࣰا وَسَعَةࣰۚ وَمَن یَخۡرُجۡ مِنۢ بَیۡتِهِۦ مُهَاجِرًا إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ ثُمَّ یُدۡرِكۡهُ ٱلۡمَوۡتُ فَقَدۡ وَقَعَ أَجۡرُهُۥ عَلَى ٱللَّهِۗ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورࣰا رَّحِیمࣰا }
[سُورَةُ النِّسَاءِ: ١٠٠] فاللهم اكتبه له هذا الأجر فضلا منك وكرما ، لقد كان الشيخ وقَّاد الفكر لا تجلس معه جلسة إلا وتخرج منها بفوائد في أمر دينك، كان حَسَن المعشر طيب الخُلُق يحب إخوانه ويحبونه، تقياً صالحاً، يَحُث إخوانه دائما على الطاعات والإنفاق في سبيل الله ، أسأل الله تعالى أن يسكنه فسيح جناته وأن يرحمه رحمة واسعة ، اللهم أحسن وفادته ، وأكرم نزله ، ولقنه حجته ، ونور حفرته ، واجعل قبره روضة من رياض الجنة، اللهم بارك له في حسناته، وتجاوز عن سيئاته، اللهم نقّه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم أبدله دارا خيرا من داره، وأهلاً خيراً من أهله ، اللهم لا تفتنا بعده ولا تحرمنا أجره، واغفر لنا وله، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإني أتوجه بخالص العزاء لإخواني جميعا ولأهل الفقيد فعظم الله أجرنا وأجركم ، وتغمد الله الشيخ بواسع رحمته، إن العين لتدمع، وإن القلب ليحزن وإنا على فراقك يا شيخنا لمحزونون.
مصادر الترجمة:
١- رابطة العلماء السوريين.
٢- صحيفة العرب القطرية.
٣-مقابلة مع الشيخ مصطفى الصيرفي (رحلة عالم): أجراها الشيخ محمد أيمن الجمال.
٤- معلومات أخذتها من الشيخ مصطفى الصيرفي- حفظه الله- بتاريخ ٢٨ أيلول عام ٢٠٢٢م.
٥- مقالة عمر محمد العبسو: رابطة أدباء الشام، وسوم: العدد 999
6- موقع إخوان سورية.
7- موقع صحيفة الشرق: قطر.
8- موقع الشيخ بشر محمد موفق لطفي.
9- مواقع الكترونية أخرى.
وسوم: العدد 1054