الشاعرة المسلمة الدكتورة غزوة إسماعيل الكيلاني: حياتها، وشعرها

fvdfv1097.jpg

ولدت الشاعرة د. غزوة إسماعيل الكيلاني في مدينة حماة في وسط سورية عام ١٩٥٨م، ودرست في مدارسها.

ثم انتقلت إلى دمشق، ودرست في كلية طب الأسنان عام ١٩٧٥م، وتخرجت من كلية طب الأسنان في جامعة دمشق عام ١٩٨٠م.

وافتتحت عيادتها الخاصة في دمشق.

حيث عملت فيها سنوات طويلة.

وحالياً تقيم في ألمانيا

لها ديوان مطبوع اسمه: (أصداف ودرر) طُبع عام 2016

شاركت في ديوان صفوة الأدباء باشراف د.ابراهيم الرفيع عام 2017

   كما شاركت في ديوان مدح الرسول بقصيدتين والديوان طبع في فلسطين عام 2018م.

شعر د. غزوة الكيلاني: دراسة موضوعية، وفنية:

كتب د. أحمد الخاني قراءة أولية في شعر الشاعرة الدكتورة غزوة الكيلاني يقول فيها:

  الشعر أرواحنا ذابت على وهج يا سعد من قد رأى روحاً على الورق

نرتل الشعــر، والآلام تغزلنـا ونسكب العطر فياضـاً من العبق

لنا تلين القوافي رغم قسوتهـا ونقرأ البوح في الآمـاق والحـدق

لا نبتغي جاهلاً بالشعر يفهمها بل نكتفي بالذكي الحــازم الحـذق

الشعر مركبنا ..والبحر ملعبنا والنـور ـ لا شك ـ آت ...آخر النفق

مساؤكم زاخر بالخير إخوتنا ويومكم حافل بالبر والألق 

     الشعر شعور ينبع من الداخل ويفيض، والشعر من أمر الله تعالى، وقد تجوهرت الروح ذائبة متوهجة تشبه المائع الناري، أو المنبع الضوئي اللامع، جمالية نورانية كبر حظ من رآها منثورة على صفحات 

   القرطاس.استجابة لتلك المشاعر وما فيها من شفافية منثورة على صفحة النفس نثر الزهر على مرج الحديقة الغناء المفوفة بألوان صدر الطاووس.وتستمر التجربة الشعورية ، معبرة عن ذاتها بقيمة تعبيرية تشاكلها وتشاركها وتشاطرها الروعة من الجلال والجمال.

  والشعر العربي غنائي في أصل نشأته، وقد جعلته الشاعرة تراتيل:

الترتيل، إنما وجد للنص الديني، ترتيل التوراة، ترتيل الإنجيل، وفي القرآن الكريم ( ورتل القرآن ترتيلاً) المزمل 4.

  فالقرآن الكريم له هيبته، وله خشوعه، وهذا ما استعارته الشاعرة لشعرها، لا تقرأ الشعر قراءة، بل أنشده إنشاداً، واستجمع في إنشادك حنان الصوت مع حضور مشاعرك واستجمع كمال الأحاسيس الجمالية في هذا الإنشاد، ولتكن كلك أذناً مصغية لهذا الشعر الذي يفيض عطراً على صفحات القرطاس.

     فالحالة النفسية، مجد وآلام، وهذه الآلام نول نفسي كبير يغزل ليشكل إنساناً منسوجاً منها، تتهادي هذه الآلام العذبة على مسرح النفس فتطرب لهذا الآلم العذب الجميل. 

     حينئذ، ( تلين القوافي ) القوافي الشموس، النفور الصعبة القاسية، كأنما دخلت الأتون النفسي للشاعرة فلانت وذابت، وأعطت من أسرارها كنوزها، وهذا ما ينعكس على العين الباصرة، وهي باب النفس الداخلية فيظهر البوح شفافاً في الأماق والحدق، فالشاعرة هنا كأنما هي مختصة بعلم النفس لا بعلم الضرس ، فهي تفقه لغة العيون وتفهمها وكأنها حفيدة ابن حزم الأندلسي أو انها تتلمذت على كتابه ( طوق الحمامة في الألفة والألاف) حيث يعقد فصلاً فيه عن لغة العيون في وصلها وهجرها ومواعيدها..فصل عجيب غريب فريد في بابه.

    والشاعرة لا تريد أن تنثر الدر قدام الجهلة، والمثل العربي ( لا تنثر الدر قدام الخنازير)، وهو مثل شنيع، هذبته الشاعرة تهذيباً ينبع من عائلتها العريقة، وبيئتها الراقية، ونفسها الوضيئة، وأخلاقها المهذبة.

    والشعر مركبنا، هل تعدت الشاعرة على أبي العتاهية؟ 

   لا بل جاء هذا التركيب من وحي ذاتها، لقد سمعنا صوتها هي لا صوت غيرها في شعرها، وإن شاكل الشيء الشيء، فإنما هو كما قال القدماء ( وقع النعل على النعل) لقد كانت الأيام مركب أبي العتاهية حيث يقول:(راكب الأيام يجري عليها)، وتقول الشاعرة: والشعر مركبنا . 

    ولكل إنسان مركبه، مركب المتنبي الحصان .ومركب البطل حد السيف..ما أروع الشعر أن يكون مطية النفس الإنسانية الشاعرة، والبحر على اتساعه غدا ملعباً لها! 

  وكأن الشاعرة ترسم لوحة للشعب المقهور، وقد اكتنفه الظلام، وهو ينظرخلال معبر الزمن ونفقه إلى منفذ يكون منه الخلاص مما هو فيه، فيرى من بعيد ما يشبه النفق في بطن الجبل، وتلمح في نهايته نقطة مضيئة ، منبع ضوئي هو باب الخروج لدى الشاعرة مما ألم بها من دواعي الإحباط في عصر القهر.

    لم تقل الشاعرة ( مساؤنا) بل قالت مساؤكم زاخر، أرأيت كيف تكون المشاركة الوجدانية في المشاعر. 

   الشاعر شديد الاحتفاء بـ( الأنا) هكذا الشعراء،أما شاعرتنا فقدمت جمهورها على نفسها.

    نظم مبدع في نسيجه الشعري في الحرف المضيء، في شفافية الأسلوب المجنح، والمعاني ملائكية الرؤى، في رسم الصورة الأنيقة المبدعة حيث جاءت لولباً من الصور، كلما أدرته أراك الجديد، واختار لها عقلها الباطن حرف القاف وجاءت القوافي متمكنة، الورق العبق، آخر النفق.

   كلمة ( النفق) لا يمكن لأي لفظة أن تأخذ مكانها بديلاً عنها.   

     فهل يقول الدارس: عيب هذا النص أن لا عيب فيه؟ طبعاً لا يمكن أن ينطبق هذا الحكم على معطيات البشر، ولكن يستطيع الدارس أن يقول: إن الملاحظات على هذا النص، ما هي إلا النمش على الوجه الجميل.فشكراً لشاعرتنا شاعرة مدرسة بدر الشعرية على هذا العطاء المتميز المبدع الجميل الجديد وإلى المزبد.

   هذا، وكنت أبدي ملاحظة على بيت شعر فأقابل بالرفض من صاحبه، وكما قال المثل ( إن قول الحق لم يبق لي صديقًا) لذلك حولت جهة الدراسة من ( النقد) إلى إظهار ( جماليات النص) بهذا أكسب نفسي.

كلما عانيتُ مِنْ ظلم الورى وشربتُ المرّ صبحًا وعشيَّهْ

أيقنتْ نفسي بأنّ اليسرَ آتٍ هاهيَ الأنوار لاحتْ لي جليّهْ

فاقصدِ المولى إذا الليل دجى ولتقلْ ياربّ قد ضاقتْ عَلَيَّهْ

إنّ بعد الليل فجراً باهراً. وبعيْدَ الظلم تنزاح البليّهْ

واقرأ الكهف مليّا ثمَّ قُلْ. صلّ ياربِّ على خير البريّهْ

  وتقول د. غزوه الكيلاني مؤكدة أن الأمل لابد أن يبقى فالفرج يأتي دائما بعد الشدة...

كلّما عانيتُ منْ ظلمِ الورى وشربتُ المرَّ صبحاً وعشيَّهْ 

أيقنتْ نفسي بأنَّ اليسرَ آتٍ هاهيَ الأنوارُ لاحتْ لي جليّهْ

فاقصدِ المولى إذا الليل دَجَا ولتقلْ ياربّ قد ضاقتْ عَلَيَّهْ

إنّ بعد الليل فجراً باهراً. وبعيْدَ الظلم تنزاح البليّهْ

واقرأ الكهفَ مليّا ثمَّ قُلْ صلّ ياربِّ على خير البريّهْ

   وتقول د.غزوة الكيلاني محذرة نفسها وغيرها من الطمع فهو من الصفات المهلكة للإنسان يؤكد على هذه القيم في قصيدة لها مطلعها:

رويدك يانفس لاتطمعي وفي حمأة الذنبِ لاترتعي

.

وأعطي الحقوق لأربابها. صلي الأقربين ولاتقطعي

.

وكوني إلى الخير سبّاقةً. يعودُ لكِ الخيرُ إنْ تزرعي

.

أضيفي إلى الكون بعض البهاء وإنْ حاربوكِ فلا تجزعي

   فهي تحذر من بطر الحق وغمط الناس وأكل حقوق الإنسان المسلم وتحرض المسلمين إلى التسابق لفعل الخير...وتستمر د. غزوة في تقديم نصائحها السياسية والاجتماعية، فتقول:

وإنْ أسرف البغي في ظلمهِ. فإياكِ إياكِ أن تخضعي

.

ولا تأبهي لعلوِّ البغاة يسيرون حتْماً إلى المصرعِِ

.

وإنَّ الحقيقة تُحْيي النهى. تُؤثّر في القلب والمَسمعِ

.

فكنْ صادقًا في زمان الخنا وسرْ في طريق الهدى الأرْوَعِ

.

فما ضرّني إنْ جفاني الورى. إذا كان ربّ العباد معي

.

سأحيا سأحيا برغم الأسى. وأمسح عن مقلتي أدمعي

.

وأرضى فإنَّ الرضى نعمةٌ. وأخفي شجونيَ في الأضلعِ

عساها الحياة تسوق المنى. ونشرب من كأسها المُتْرعِ

ونشهدُ أفراحها الباذخات. وندخل من بابها المُشرعِ

على أملٍ أن يزول الضنى. نعيش ونحلمُ بالأروع

كم ضيّع العُرْبُ أمجاداً وأوطانا وكم حملنا من الخيبات أطنانا

وكم شربنا كؤوس الذلِّ مُتْرعةً وكم رضينا من الحكّامِ طغيانا

نصوغ أشعارنا وهناً على وهنٍ ونرتجي من إله العرش إحسانا

 أنْ تشرقَ الشمسُ يوماً بعد فاحمةٍ تمحو من القلب أحزاناً وأشجانا

ياأمةَ العُرْبِ مذ ضاعتْ طليطلةٌ بدأتِ عهداً غدا للذل عنوانا

أما لنا بعد هذا الضيقِ منْ سِعةٍ نرفو الجراح ونُحْصي عدّ قتلانا

نبْني النفوسَ ونُعْلي نهْجَ خالقنا ونرْفعُ الظلمَ..يحْيا الناسُ إخوانا

ونقصدُ العلمَ كيْ نرقى مدارجَهُ بالعلمِ والعدلِ يغدو المرءُ إنسانا

ياأمّةَ العُرْبِ حان الوقتُ كيْ تقفي في وجهِ أحقادهمْ..والله مولانا

رباه ضاقت بنا فارحم تضرّعنا

واقسم لنا الخيرَ مَنْ إلّاك يرعانا

وكتبت د. غزوه الكيلاني قصيدةً بمناسبة يوم اللغة العربية، وهي تحت عنوان (تحية ل اللغة العربية في عيدها)، تقول فيها:

ألقتْ على الدنيا جدائل نورها 

 فاضتْ بسحرٍ مشرق الألوانِ

.

فاللهُ كرَّمها وأعْلى شأنها 

 وتَشرّفتْ بالوحيِ والقرآنِ

.

الدرُّ يكمنُ في عميق بحورها 

 وبها تليقُ قلائدُ المرجانِ

.

هيا لننثر من روائع حرفها 

 شعراً يليقُ بهيبةِ الفرسانِ

ونطوفُ نحملُ في الدنا قنديلها 

 فنضيء فيها مُظْلِمَ الأركان

.

بوركتِ ياأمّ اللغات جميعها 

يادرّةً سطعت على التيجانِ

.

لغةٌ بها تجدُ الفصاحةَ كلّها 

 ولكلّ حرفٍ مقصدٌ ومعاني

.

وبها نُسطّرُ شعرنا وشعورنا 

 وبها نشيّدُ شامخ البنيانِ

.

كمْ عبَّرَتْ عمّا يجول بخاطري 

وأتَتْ بسحرٍ رائعٍ وبيانِ

.

لحروفها وقعٌ على أسماعنا 

كالعزفِ رتّلَ أجمل الألحانِ

نثرٌ وشعرٌ ..حكمةٌ وبلاغةٌ

هلّا قرأتَ مقامة الهمذاني

.

الله أكبر والصلاة نقيمها 

 وكذا نرتّل أحرف القرآنِ

.

وهي الجميلة في اختلاف فصولها

 حوريةٌ مكحولةُ الأجفانِ

.

إنْ كنت تجهلها فسلْ عن أهلها 

زرعوا البهاء على مدى الأزمانِ

.

طافتْ على الدنيا توزّعُ سحرها 

 واقرأ -فديتك-معجم البلدانِ

.

ولقد تعلّقتُ الحروف صغيرةً 

 وبها عرفتُ مكانةَ الانسانِ

.

وغدَتْ لقلبي واحةً سحريّةً 

 ما أروعَ الينبوعَ للعطشانِ

.

وبها أعبّرُ عن شعوري كلّما

غلبَ الأسى وتراكمتْ أحزاني

.

وإذا فرحتُ غدتْ حروفي ثرّةً

وتراقصتْ في أجمل الألحان

.

ياربّ باركْ كلّ مَنْ مرّوا هنا 

 نثروا العبيرَ على مدى الشطآنِ

.

واجعلْ لهمْ مِنْ كلّ خيرٍ حصةً 

 واطردْ بفضلكَ غيمةَ الأحزانِ

.

ضاءتْ سطوري بالأحبّةِ كلهم 

 وتزينتْ بالفل والريحانِ

.

دمتمْ ودام الحرف بين أكفّكمْ 

نوراً يضيء الدرب للعميانِ

   وكتبت د. غزوه الكيلاني في مديح رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعدد الأبيات 51 بيتا:

أزمعتُ مدْحَ رسول الله مُرْتجلا

فاصطفَّ حرفي على طرسِ الهدى خَجِلا

هذا النبيُّ أضاءَ الكون مطلعهُ مابين بُرْديْهِ نور الله قدْ حَمَلا

   فهي تؤكد أن البعثة المحمدية قد أنارت الكون واهتدى بأنوارها البشر ، وتصف الشاعرة أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم، فتقول:

سمْحٌ جميل المحيّا ليّنٌ دَمِثٌ

مثْلَ السحابةِ بعد الجدبِ قد هَطَلا

لمّا ولدتَ أضاء النور أبْطحها

واهتزَّ ايوان كسرى يومها..وَجِلا

حتى تساءلَ كلّ الناسِ في قلقٍ

ماذا جرى ما الذي في أرضنا حَصَلا

جاء الدنا بعدما قد مات والدهُ

هذا اليتيمُ الذي في خلقهِ كَمُلا

فيه الأمانةُ شيءٌ منْ مناقِبِهُ

والحقّ والصدقُ معروفٌ لمَنْ جَهِلا

كان التفكّر طبعاً من طبائعهِ

يهفو إلى الغارِ دون الناسِ مُنْعزِلا

يرنو إلى صنعِ هذا الكون في شغفٍ

لابدّ من خالقٍ قد أتقنَ العملا

سبحانَ من خلق الدنيا وزيّنها

وأسبل السترَ فوق الناس مُنْسدلا

يأتي إلى الغارِ يبغي وصل خالقهِ

ينزاحُ همٌّ على أكتافِهِ ثَقُلا

إلى حراء أتى جبريل قال لهُ:

اقرأ..فعادَ إليها خائفاً وَجِلا

فَزَمّلتهُ وقالت وهْيَ صادقةٌ

ما خيَّبَ الله مَنْ في خَيْرِهِ أَمِلا

أنتَ الكريم إذا ماالضيف حلَّ بنا

تعين في الحقِّ مَنْ مِنْ فضْلكمْ سَأَلا

كانتْ له خير زوجٍ في مفاوزها

خديجةٌ أوقدتْ نوراً فما ذَبُلا

ألقتْ عليه رداءً منْ مَحَبَّتِها

ماأجملَ الحبَّ يروي القلبَ والمُقَلا

حتى تغلغلَ وهجُ الحبِّ في دمها

أعطتْهُ أمْوالَها ..والحبَّ والأَمَلا

سارا معاً في رحابِ الله يَجْمعهمْ

عهدٌ وثيقٌ نما في الحقِّ واتّصلا

يدعو إلى الحقِّ مشغولاً بدعوتهِ

في ذمّةِ الله ماأعطى ومابذلا

لهْفي عليهِ إذا ضاقتْ مسالكها

في هدأةِ الليل يدعو الله مُبْتَهِلا

يعلو على الحزنِ والآلام تُرْهقهُ

يرجوه نصراً لدين الله جلّ عَلا

ماخامر اليأس مَنْ للهِ وِجْهتُهُ

يبقى المُحِبُّ بحبلِ الله مُتَّصلا

منْ حولهِ ثلّةٌ الأصحاب دَيْدَنهمْ

حبُّ النبيِّ يضيء القلبَ والسُبُلا

ساروا إلى الله أرتالاً فما وهنوا

وجلّهمْ جاد بالأنفاس ما بخلا

تفديهِ أجسادُهمْ في كلِّ نازلةٍ

ويبذلونَ له الأرواح والمُقَلا

في حبِّهم لرسولِ الله بيّنةٌ

أصْحابه ضربوا في حبّهِ مَثَلا

كانوا نجوماً وكان البدر أوسطهمْ

فافْترَّ ثغرُ الدُنا في وجهِهِمْ جَذلا

جادوا بما ملكوا نصراً لما اعتقدوا

ماهمّهمْ فاقةٌ..لمْ يعرفوا الكَسَلا

كانوا يعيشون والأيامُ مُظْلمةٌ

جاء النبيُّ وأحيا فيهمو الأملا

فأخرجَ الناس من ظلمٍ ومنْ عنتٍ

إنَّ الحياةَ لمنْ في حُكْمِهِ عَدَلا

فما استطاعت قريشٌ رغم سطوتها

أن تطفِئَ النور في أرض الهدى اشتعلا

وحاصرتهُ قريشٌ وهي ظالمةٌ

أمضى السنين بشعبِ الجوع مُعْتَقَلا

ومرَّ عامٌ من الأحزان كان بهِ

صبرٌ جميلٌ..وعام الحزن قد أفلا

أسرى به الله صوبَ القدس ممتطياً

ظهر البراقِ بأمر الله مُرْتَحِلا

حيث التقى أنبياء الله إخوتهُ

فاستلَّ قرآنهُ مِنْ صدْرهِ وَ تَلا

حتّى إذا جاء أمر الله وانطلقوا

إلى المدينة سار البدر مكتملاً

في غار ثور وقد همّ الطغاة بهم

ورَدَّهم عنكبوت بيته جَدَلا

يمامةٌ قدْ بَنَتْ عشّاً تلوذُ بهِ

فأوْهَمَتْهم بأنَّ الغارَ منْهُ خَلا

يقول ياصاحبي إن الإله معي

ماضرنا كيدهم. بل زادهم خَبلا

الحقُّ يعلو وإن طال الزمان به

والبغيُ يَرْتَدّ مهزوماً ومُنْخَذلا

واستقبلته جموعُ الناسِ في لَهَفٍ

ذاكَ النبي الذي في أرضهمْ نَزَلا

مهاجرون وأنصارٌ بهمْ رُفِعَتْ

هامُ العروبة حيثُ الغيم قد ثَقُلا

حتى إذا اشتدَّ عود الدين وارتفعتْ

بهِ المكارم والأخلاق واكتملا

جاءتْ إليه جموع الناسِ مؤمنةً

والدينُ يجمعُ منْ أطرافها مِلَلا

أْرْسى على الأرض حبَّ الخيرِ واجتمعتْ

له القلوبُ وبابُ الشرِّ قدْ قُفِلا

منهُ الشفاعة يوم البعث نطلبها

مِنْ حوضِهِ يرتوي أحبابُهُ عَسَلا

أنت الذي أرتجي يوماً شفاعته

يوم التغابن باتَ الكلُّ مُنْذَهلا

مَنْ جاءَ بالذنبِ جازى الله فِعْلتَهُ

وكلّ ذنبٍ على أكتافهمْ حُمِلا

والخير يرجع أضعافاً مضاعفةً

إلى ذويه فيُجْزى المرءُ مابَذَلا

ياخالق الخلق أكرمنا بمغفرةٍ

منْ ذا سيمنع غيثَ الله إنْ نزلا

صلى عليك إلهي كلّ ثانيةٍ

ماغرّد الطير فوق الغصن ثمّ علا

ورغم مرارة العيش وقسوة الحياة تبقى د. غزوه الكيلاني متسلحة بالأمل فهي تثق، وتأمل بالله لا بالخلق والبشر ...

صحوتُ وللصمتِ

 وقْعٌ جميل

إذا النفس

خالطها حزنها

إِذِ الليل مَدَّ

 الرداء الطويل

وطرَّزَ أطرافه نجمها

كأنَّ الدجى

 بانتشار النجوم

يزفُّ السماء

 إلى عرسها

وللقلب عينٌ

 تفيض الدموع

إذا أمنتْ

 أنّها وحدها

وللقلبِ بئرٌ عميقٌ

وفيهِ تُكّدِّس

نفسيَ آلامها

ودمعي عصيٌّ

 أمام العيون

سخيٌّ إذا

أغمضتْ جفنها

سئمت التظاهر بالارتياح

وروحي يمزّقها

 حزنُها

سئمت انتظاراً

يطول سنيناً

لآمال يقتلها

 دهرها

وحلْمٌ يزول

وأسْرٌ يطول

وعمرٌ يذوب

 إلى المنتهى

وقلبٌ تدغدغه

 الأمنيات

وأقصر منْ

لحظةٍ عمرها

وفي كلِّ فجرٍ

أسوق أمانٍ

 تسير بها الريح

 في بحرها

يمُرُّ النهار بطيئاً

وئيداً

يحاكي السلاحف

في زحفها

وعند الغروب

 أرى الأمنيات

تُزّفُّ تباعاً إلى لحدها

ألملمُ حزني

وأجمع يأسي

وأُسْلِمُ نفسي إلى ربّها

والقلب المتصل بالله في سعادة غامرة وفي فرحة عارمة والشاعر د. غزوه الكيلاني تصور ( أفراح القلب)، وعدد الأبيات 7 تتحدث فيها:

إنْ غِبْت ضاقتْ بيَ الدنيا على وسَعٍ

وبتُّ أضربُ أخْماسًا لأسْداسِ

وإنْ حَضَرْت كأنّ الكونَ يضحكُ لي

والسعدُ والأنسُ والأفراحُ جلّاسي

وإنْ تحدّثْتَ أصْغَتْ كلّ جارحةٍ

كأنما الطير وقّافٌ على راسي

إذا ذكرتك جاء الحرف مؤتلقًا

فاصْطّفَّ يَفْخَرُ موزونًا بكرّاسي

وأجمل الشعر مايأتي بلا عَنَتٍ

وأصدقُ القولِ مايُمْليهِ إحساسي

وأسعدُ الناس من لانتْ عريكتُهُ

لايحمل الحقْدَ..محبوبٌ من الناسِ

وأجمل الصَحْبِ منْ تلقاكَ بسْمتهُ

غطّتْ على الحزنِ مَمْزوجًا بأنفاسِ

 مواكب السحر:

   وكتبت غزوه الكيلاني مصورة لمواكب السحر والجمال:

أيقظ الشعر غافلات القوافي

حين جاءتْ مواكبُ السحرِ تَتْرى

وتراءتْ خلفَ الغمامةِ شمسٌ

ترسلُ الضوءَ في الصباحات تبْرا

وتنادى أهلُ القريض فهبّوا

ينثرونَ الجمالَ في الكونِ شعرا

وحب الوطن هو مهوى فؤاد الشاعرة، فهي تعبر عن حبها الأبدي للوطن:

يابلادي وأنت في القلبِ لحنٌ

عبقريّ الجمالِ..ينبضُ سحرا

مزَّ قتكِ الحروب لكن روحي

تترجّى من خالق الكون نصرا

أرهقتنا الأيامُ تحصدُ فينا

وطوينا السنين موتاً وقهرا

نكتم الحزن في الضلوع ونجري

في دروب الحياة نطلبُ فجرا

ونداري الدموع عنْ كلِّ حيٍّ

علَّ جرح القلوبِ يوماً سَيَبْرا

غير أنّا نظلُّ نأمل يوماً

أنْ يزول الطغيان في الأرض طرّا

كيْ يسودَ الإخاء بَيْنا ونبني

شامخات الصروحِ برّاً وبحرا

لايزال الإنسان بالعلم يرقى

وبذور الأخلاق تُنْبِتُ درّا

أتراها الأحلام تصدق يوماً

أن يعيش الإنسان في الكون حرّا

وتعبر عن مشاعر الشوق والحنين وتصور ذكرياتها عن الوطن الحبيب، فتقول باكية:

كلما هاج في فؤاديَ شوقٌ

سالَ دمعي على خدوديَ نهرا

وتناجي د. غزوه الكيلاني قلبها وتطلب منه الرفق واللين واللطف فتقول تحت عنوان (يا قلبُ رفقا)، الأبيات

8 جاء فيها:

يا قلبُ رفقا

دعاني الشوق أن ألقى دمشقا

فطفْتُ بخاطري غرباً وشرقا

وقلتُ: تُرى ستنْصفني الليالي

أعودُ وفي رباها الأهل ألقى

وقد عادت دمشق تشعُّ سحراً

وعاد العدلُ في الأرجاء يرقى

لعلّي في ربى الأمويِّ أجثو

وأرجو من لظى النيران عتْقا

وأبحثُ في زوايا الشام عنّي

وأُنْقِذُ منْ حطامي ما تَبَقّى

ومَنْ يدري فقد أحظى بفجرٍ

بهيٍّ يسحقُ الظلماءَ سحقا

فسَحَّ الدمع من عيني هتونا

وزاد القلب آلاما وخفقا

فقلت له وقد زاد اضطرابي:

ألا رفقا بنا ياقلب رفقا

وتتابع غزوه الكيلاني تصوير حياتها ومشاعرها في ظل أجواء الغربة ..( وعمرٌ يذوبُ إلى المنتهى)، فتقول:

وعمرٌ يذوبُ إلى المنتهى

صحوتُ وللصمتِ

وقْعٌ جميل

إذا النفس

خالطها حزنُها

إِذِ الليل مَدَّ

الرداء الطويل

وطرَّزَ أطرافه نجمُها

كأنَّ الدجى

بانتشار النجوم

يزفُّ السماءَ

إلى عرسِها

وللقلب عينٌ

تفيضُ الدموعَ

إذا أمنتْ

أنّها وحدها

وللقلبِ بئرٌ عميقٌ

وفيهِ تُكّدِّسُ

نفسيَ آلامها

ودمعي عصيٌّ

أمام العيون

سخيٌّ إذا

أغمضتْ جفنها

سئمت التظاهر بالارتياح

وروحي يمزّقُها

حزنُها

سئمتُ انتظاراً

يطولُ سنيناً

لآمال يقتلها

دهرها

وحلْمٌ يزولُ

وأسْرٌ يطول

وعمرٌ يذوبُ

إلى المنتهى

وقلبٌ تدغدغُه

الأمنيات

وأقصر منْ

لحظةٍ عمرها

وفي كلِّ فجرٍ

أسوقُ أمانٍ

تسير بها الريح

في بحرها

يمُرُّ النهار بطيئاً

وئيداً

يحاكي السلاحف

في زحفها

وعند الغروب

أرى الأمنيات

تُزّفُّ تباعاً إلى لحدها

ألملمُ حزني

وأجمع يأسي

وأُسْلِمُ نفسي إلى ربّها

لغة العيون:

  وللغة العيون حكاية أخرى عند شاعرتنا الكريمة غزوة الكيلاني، ولنستمع إلى تلك اللغة الساحرة حيث كتب الأبيات التالية تقول فيها: (لغة العيون):

لغةُ العيون رسائلٌ ومعاجمُ

وحديث شوقٍ باللظى يتضرّمُ

وكتابُ حبٍّ زَيّنتْ أوراقَه

قصصُ المحبّة والجمالُ الملهمُ

بهما تحدّثني فيصغي خافقي

فأنا بطرفك هائمٌ ومتيّمُ

والعين إن أتقنت فَهْم مرادها

خيرٌ من الشفتين حين تُكَلّمُ

إنّ التبَسُّمَ في الشفاه خديعةٌ

والعينُ صادقةٌ إذا تتبسّمُ

فالبحر في عينيك موجٌ ثائرٌ

طوراً وطوراً بالهداوةِ ينعمُ

ألقى المشاعر في عيونك ثرَّةً

فالحب عندك بالعيون يُتَرْجَمُ

ألقاك في صبح القطيعة باسماً

لكنّ لحظكَ بالتعاسةِ مفعمُ

تُبْدي السعادة بالتبسّم إنما

دمعٌ بطرفك كالغشاوة مُبْهَمُ

وإذا التقينا بعد طول تفرّقٍ

غَدَتِ السعادةُ فيهما تتكلَّمُ

نفسي فداءٌ للعيون وسحرها

أأكون صباً في هواكَ وأكتمُ

وهكذا نرى أن فيض المشاعر المقدسة لا تنقطع في نفس د. غزوة الكيلاني وأن عواطف الحب للنبي صلى الله عليه وسلم لا تخبو ولا يجف عطاؤها ولا غرابة في ذلك فهي من الأسرة الكيلانية المنتسبة إلى الدوحة المحمدية.

نرجو من الله تعالى أن يديم الصحة والسعادة والسرور على الشاعرة الحسيبة النسيبة المتألقة..وندعو الله لها بطول العمر حتى تصبح وريثة الخنساء وخولة في العصر الحديث...وما ذلك على الله بعزيز ..

واننا لمنتظرون مزيداً من العطاء من فيض هذه الأخت الفاضلة، وإلى اللقاء في رحاب الوطن الجميل.

مصادر الدراسة: 

١_ صفحة الشاعرة د. غزوة الكيلاني على الفيسبوك.

٢_ رابطة أدباء الشام.

٣_ مواقع إلكترونية أخرى.

وسوم: العدد 1097