الشاعر والفنان التشكيلي السوري زهير غانم

محمد فاروق الإمام

الشاعر والفنان التشكيلي السوري

زهير غانم

محمد فاروق الإمام

[email protected]

غيب الموت يوم السبت الأول من كانون الثاني 2011م في بيروت الشاعر والفنان التشكيلي السوري زهير غانم بعدما أصدر أربع عشرة مجموعة شعرية كان آخرها "عبير الغيوم". ويعد زهير غانم من أبرز الشعراء الذين كتبوا قصائد قصيرة  مليئة بالتفاصيل والجزئيات، وكان  شعره يتناغم مع فنه التشكيلي فقد أقام عدة معارض تشكيلية فردية في دمشق وبيروت.
تمتاز تجربة الشاعر والفنان التشكيلي السوري زهير غانم بالغنى والتنوع في مجالات الفن التشكيلي ونقده والأدب والشعر ونظمه فكان صاحب فعل تناغمي بين الفن التشكيلي والأدب
. وعلى امتداد سنوات عمره الإحدى والستين أثبت الراحل غانم حضوره في عالم الصحافة والإبداع الشعري والتشكيلي رسخه صدق وأصالة ذلك الإبداع تساندهما جرأة في الطرح ومقدرة على امتلاك مفاتيح التلقي سواء في التشكيل أو الأدب أو النص النقدي.

ولد الشاعر الراحل في مدينة اللاذقية عام 1949م وتخرج في قسم اللغة العربية من جامعة دمشق 1971م ثم توجه إلى بيروت ليعمل ناقداً فنياً وأدبياً لمدة ربع قرن قبل أن يعود إلى مسقط رأسه إثر أزمة صحية.

نشر زهير غانم للمرة الأولى قصائده في الصحف والمجلات السورية في مطلع سبعينيات القرن الماضي وأصدر خلال رحلته الشعرية أربع عشرة مجموعة شعرية منها /أعود الآن في موتي/1978/ و/التخوم.. 1979/ و/الشاهد../1985/ و/أحوال الشخص المتباعد 1989/ و/مدائح الأشجار../1990/ و/هديل الجسد اليابس 1991/ و/جهة الضباب 1995/ وصخب الياسمين 1995/ و/في مجرة الرغبات 1999/ و/زهرات وقبريات/ و/ألفين شمس منتصف الليل2004/ و/ يحبك من لا يحبك 2007/ ومياه المرايا 2009/ وقبل رحيله صدرت عن دار بيسان اللبنانية مجموعته الشعرية الرابعة عشرة /عبير الغيوم/ التي تميزت بقصائد التفاصيل والجزئيات وتلجأ أحياناً كثيرة إلى مقدمات شبه سردية.

عمل غانم محرراً ثقافياً في عدة مطبوعات دورية يومية وأسبوعية وشهرية في بيروت منذ عام 1984م حيث شارك في المقاومة الإعلامية للعدوان وللاحتلال الإسرائيلي عبر دوره كمدير تنفيذي في مجلة أمل 1985م إلى 1990م ثم في مجلة العواصف 1990 /1992م ثم ككاتب ومشارك في الصفحة الثقافية في صحيفة اللواء وعاد إلى قواعده في الحركة الثقافية في لبنان ليشارك في إصدار مطبوعتها مقاربات حتى وفاته.

أقام غانم عدة معارض فنية تشابه في مجملها إلى حد بعيد سواء في أفكارها وموضوعاتها قصائده التي اتكأت على العديد من المرجعيات الفلسفية والفكرية لتدلل على الكثير من مواجعه الداخلية حيث أقام العديد من المعارض الفردية والجماعية في سورية وبيروت ومدن أخرى.
آمن غانم بجدوى الشعر وحالته الإبداعية وتماهي صاحبه مع هموم الناس والقضايا الوطنية والقومية ولاسيما معاناة الشعب الفلسطيني من الاحتلال الإسرائيلي فكان يؤكد على التزام الشاعر بالقضايا العربية العادلة وتحفيزه الهمم للنهوض والتضامن متفائلاً بالحالة التي يؤءديها الشعر عندما يعكس الشاعر في نصه الإبداعي هذه القضايا.

ولطالما أكد غانم على مقدرة الشعر في تشكيل جبهة مواجهة للاحتلالات من خلال استصراخه الضمائر وطرحه مفهوم الالتزام الإنساني وتشريح الظلم والعدوان تساعده في ذلك لغة الشعر وتعبيراته ومشهدياته الخاصة.

والشعر برأي غانم فعل مجترح من عميم كيان الشاعر وصميم قلبه وهو يتطارح موضوعاته الأثيرة لديه عفو الخاطر فلا يتصنعها ولا يفتعلها ولا يتقصدها بل هي في سيرورة وعيه ولا وعيه وكثيراً ما كان يردد أن الحب في أصل الإنسان فطرة وكذلك الانتماء إلى الوطن.
عاش زهير غانم حياة غنية صاخبة لكنه كان دائماً ميالاً للمنجز الإبداعي الجدي ذي المستوى العالي وعاشقاً للاطلاع والإحساس الفطري بالحقيقة وهذا ما يظهر في ما نشره نقداً وشعراً ونصوصاً ومقالات حيث كان ملماً بكل فروع الآداب والفنون شعراً ورواية ومسرحاً وفنوناً تشكيلية.