الأسير عبد الجبّار جرار ... ومسيرة البذل والعطاء
الأسير عبد الجبّار جرار ...
ومسيرة البذل والعطاء
ثامر سباعنة
سجن مجدو - فلسطين
جسدٌ مثقل بالآلام والأوجاع.. رأيته مرّة في سجون ذوي القربى يحمل كيساً يمتلىء عن آخره بأدوية منها للضغط وآخر للسكري وآخر لأمراض العظام والمفاصل وتميع الدم... الخ ، رغم كل ذلك ظل أسيرنا قوي الشكيمة يأبى الخضوع إلا لله ، فتعود على تقدم الصفوف رغم ما لاقاه من ألم اعتقال وملاحقه ..
ميلاده ونشأته ..
ولد عبد الجبار محمد احمد جرار( ابو حذيفه ) بتاريخ 1966/8/27 في قرية الجديدة قضاء مدينة جنين لعائلة ملتزمة ، أنهى فيها تعليمه الابتدائي والإعدادي، كان من أبناء المساجد والحركة الإسلامية منذ نعومة أظفاره .
أكمل أبو حذيفة تعليمه الثانوي في المدرسة الإسلامية الشرعية في مدينة نابلس لينتقل بعد ذلك للدّراسة الجامعية في جامعة الخليل،ليلتحق بصفوف الكتلة الإسلامية وكان من زملائه في الدراسة الجامعية حينئذ الشيخ صالح العاروري.
مع اندلاع الانتفاضة الأولى أغلق الاحتلال الصهيوني المدارس والجامعات الفلسطينية مما دفع أبو حذيفه للتوجه إلى العمل الحر و في شهر شباط من عام 1990 تزوج من وفاء جرار وفي كانون الأول من نفس العام رزق بولده البكر حذيفة ثم عاد ليكمل دراسته منتصف عام 1991ليتخرج من الجامعة في شهر آب من عام 1992 وليرزق بمولودته تقوى .
بائع العسل المتجوّل
انتقل أبو حذيفة للعيش في مدينة جنين و عمل بائع عسل متنقل عرفته مدينة جنين بتواضعه وبكلمته المشهورة " عسلات نظاف " خلال تجوله في مدينة جنين حيث يسلّم على هذا ويمازح هذا ... وفي شهر أيلول تم تعينه في سلك التربية والتعليم مدرساً للتربية الإسلامية حيث عمل في مدرسة جنين الأساسية للبنيين عام 1998 ،وفي نفس العام رزقه الله بمولودة رابعة أسماها زيتونة .
لا السجن يرهبني ولا السجّان
انخرط عبد الجبار جرار في صفوف الحركة الاسلامية في محافظة جنين ليصبح من نشطائها البارزين،واعتقل مرات عديدة في سجون الاحتلال الصهيوني تعرض فيها للاعتقال الأول من قبل الاحتلال الإسرائيلي في عام 1990 لمدة شهر ليتم الإفراج عنه بعدها وتبدأ مرحلة جديدة من حياته و ليتم اعتقاله بتاريخ 1993/5/6 تعرض خلالها لتحقيق العسكري لمدة 90 يوم في زنازين الاحتلال ليحكم بعدها مدة عام ونصف كحكم فعلي ويتم الإفراج عنه ، لكن الفرحة لم تكتمل لأكثر من سبعة اشهر فقط ليتم اعتقاله بتاريخ 1995/6/6 وبقي في الاعتقال الإداري لمدة سنتين ونصف تم نقله خلالها لعدة سجون كأسلوب عقابي له ليتم الإفراج عنه في تاريخ 1997/12/4 وكان قد رزق بولده الثالث أسماه أمجد وهو بداخل السجن تيمناً بصديقه الشهيد أمجد عبد المجيد من قرية دير سودان قضاء مدينة رام الله والذي استشهد في ذكرى معركة بدر في العام 1989 .
وفي انطلاق انتفاضة الأقصى المباركة وبعد انتهاء معركة مخيم تم اعادة اعتقال ابا حذيفه من قبل الاحتلال الإسرائيلي عام 2002 ليحكم لمدة عشرين شهرا ، ولم تتوقف المعاناة و الاعتقالات ففي2005/11/13 قامت القوات الإسرائيلية الخاصة بعملية خاصه اختطفت فيها عبد الجبار و الناطق باسم حركة حماس في مدينة جنين عبد الباسط الحاج من احد المكاتب في مدينة جنين ، وحولت أبو حذيفه للاعتقال الإداري قبل أن يتم الإفراج عنه من محكمة الاستئناف بتاريخ2006/1/16 ، ليتم اعتقاله بتاريخ 2006/6/29 ضمن حملة استهدفت قيادات وأنصار حركة حماس ونوابها في المجلس التشريعي وتم الإفراج عنه بتاريخ 2006/7/23 .
في سجون ذوي القربى
اعتقل عبد الجبار في سجون السلطة الفلسطينية مرات عديدة حيث قام جهاز الأمن الوقائي باعتقال ابي حذيفه بتاريخ 2000/3/28 ليتم نقله بعد أيام إلى سجن الجنيد في مدينة نابلس ويتم الافراج عنه بعد ثلاثة أشهر ، ليعود الى حياته كمدرس وبائع متجول للعسل .
بعد الانقسام الفلسطيني بدأت مرحلة جديدة من الاعتقالات من قبل الأجهزة الأمنية التابعة لسلطة الفلسطينية ليتم اعتقاله واستدعاؤه للمقابلات في مقرات الأجهزة الأمنية لأكثر من مرة ليقضي ما مجموعه سبعة عشر شهرا في سجون السلطه الفلسطينيه متنقلا بين سجون جنين نابلس ورام الله وأريحا .
نجله داخل أسوار السجن ...
ولأن بيته أسس على التقوى من أول يوم ،لم تسلم عائلة أبي حذيفة من التنكيل والتضييق ففي تاريخ2011/8/24 تم اعتقال حذيفة نجل عبد الجبار الأكبر عن حاجز زعترة العسكري من قبل القوات الإسرائيلي أثناء توجه إلى الجامعة ولم يمض سوى 25 يوما حتى قامت القوات الإسرائيلية باقتحام منزل الشيخ عبد الجبار في مدينة جنين واعتقاله ليتم تحويله إلى الاعتقال الإداري وتم الإفراج عن نجله الأكبر حذيفة بعد أن أمضى أربعة أشهر في الاعتقال
فراق يتلوه فراق ...
لا شك ن الموت حق ، كل نفس ذائقة الموت ، ولا مفرّ من هذا القدر المحتوم ، فهذا كأس الكل منه شارب ، فبقلب مؤمن، وبمزيد من التسليم بقضاء الله وقدره ، تلقّى أبو حذيفة ومن خلف قضبان سجون الإحتلال نبأ وفاة والدته التي كانت له بها علاقة خاصة مميزة ، فصبر واحتسب رغم صعوبة المصاب الجلل ...
رغم كل هذه المعاناة ورغم الألم والأوجاع لم يتراجع أبو حذيفة قيد أنملة ، ظل ثابتا مرابطا ، ونحتسبه من الصادقين في دعوته ولا نزكي على الله أحدا ، إن حركة أبناؤها لا يبالون إلى ايّة حال أصبحوا أو امسوا ، ولطالما أن القرآن الكريم ربيع قلوبهم لن تهزم بإذن الله ...