سليم عبد القادر

(الشعراء أمراء الكلام )

 سليم عبد القادر

علاء الدين آل رشي

سليم عبد القادر

نقد الممنوع والبوح بالمسكوت عنه فارس ولكن يراعه ذخيرته ليس هو  أحجية فأنت ستعرفه بهذه الخصال والصفات :

النظام رائده ولذلك كان فنانا موهوبا دل على كمال عقله بجودة نتاجه وترتيب فكره وحسن رأيه ولذلك هو يركز على الكيف وليس على الكم  آثاره بادية للناظرين بكلم رشيق أنيق يبسط النفس ويجلب الأنس وهو بهذا حاضر في الرائي يتغنى الأطفال بأناشيده التي يتراقصون على نغماتها وبرائع معانيه التي كتبها للكبار أيام سلمه كد واجتهاد وتميز وعطاء وفي محنته صبر وتحمل ووفاء ولذلك تراه صابرا شاكرا فاعلا  ينظر في عواقب الأمور ويتأنى ويؤمن بالسنن الكونية فلا يستعجل الشيء فلكل كتاب أجل بشعره  يقتحم الصعاب ويقرب البعيد ويرفع لعزيمة فهو شاعر الرفعة والقضايا الكبيرة من ذوي النفوس العالية التي تربت تربية حسنة تتنزه عن الرياء وتترفع عن الملق والمداجاة وكلمته غير رخيصة وليست مبذولة إلا لعيون الأمة وانسانها وطفلها باسم الله كريم يستقلل كثير ما يعطي ويستكثر قليل ما يأخذ ومن كان له نصيب من خلطته أكبره وقدره في مصاحبته عمارة القلوب وتزيين العقول فهو الصامت لمتأمل والمتكلم الباصر يترفع عن الضغائن والمنازعات والمشاحنات كي يعطي نموذج صدق لمن يعيش لأمته وليس لمجد شخصي  صاحب هذه العشرية الخلوقة الإنسانية شاعرنا الكبير الأستاذ سليم عبد القادر الذي رضع الأدب فكان كلمة جامعة لمحاسن الأفعال وأحاسن الأقوال  وهو كذلك الشاعر الذي تحدث عنه المنفلوطي فقال: أنت شاعر يا مولاي وقلب الشاعر مرآة تتراى فيها صور الكائنات صغيرها وكبيرها دقيقها وجليلها وقلبك الصورة الصغرى للعالم الأكبر ومافيه .

وهو شريف في شعره كذلك الشرف الذي تحدث عنه الإمام محمد عبده واصفا عمله  بأنه ( كشف لجهالة أو تنبيه لطلب حق سلب أو تذكير بمجد سابق أو إنهاض من عثرة أو إيقاظ من غفلة أو إرشاد لخير يعم أو تحذير من شر يغم أو تهذيب أخلاق أو تثقيف عقول أو جمع كلمة أو تجديد رابطة أو إعادة قوة أو انتشال من ضعف أو إيقاد حمية ) وهي محاور تناوبت عليها أشعار سليم وتغنت بها حناجر الفنانين  في شعره مزيج فريد من نبض قلب بومض فكر برفيف روح في هيكل من هياكل الفن الراقي كما يقول أستاذنا الناقد الأديب عبد الله السلامة 

سليم الحب النقي 

في مشاعره حب عارم يتجه إلى النقاء والجمال والطهر وهاهو يناجي حبيبه 

أحـبك  حقا فأنت iiالحبيب
أحـبـك حـقا وأعلم iiأنك

 
وذكرك روح وأنس وطيب
ربـي  وإنـك مني iiقريب

سليم الفكرة الخالدة  :

ينتمي الشاعر سليم في فكره إلى المدرسة الوسطية التي تتعانق فيها كلمة الدين مع إنسانية الإنسان أو ليس هو القائل :

كان من الممكن أن أعيش في هوان

في صورة الإنسان لا حقيقة الإنسان

كان من الممكن ...لولا بهجة الإيمان

 

سليم الحياة المطمئنة  :

 بعيش شاعرنا الحياة بلا خصومة أو عنت أو تعصب أو جمود وهكذا يخبرنا  عنها  :

مـا  كـنـت أعـبـدها أو iiكنت
هـي  الطريق إلى الأخرى iiفاتقنها
كـالـنـور أدخلها كالريح أعبرها
آمـنـت  بالله إيـمـانـا iiعرفت



 
أعطيتها ما استحقت في النهى قدرا
فليس  ينجو الذي لم يحسن iiالسيرا
لا خـائـفا في المدى برا iiولابحرا
مـغزى الحياة فأمسى سرها iiجهرا

 سليم الروح المتألقة 

روحه تأبى الأسر وترفض الضيم وتعيش طهرا ولذلك صور نقاشه مع أحدهم

قـالـوا  مـثالي لأني لم iiأزل
ولأنـنـي  والليل عات iiحالك
ولأن  روحـي لـم يزل متألقا
الـواقـعـية أن أكون iiمجاملا



 
آبـى الـخـنـوع مع iiالقطيع
أوقـدت عـمري للحياة iiضياء
والرأس يرفض أن يكون خواء
لـلـخـائبين وأن أكون iiغثاء

سليم التقييم للتجربة الخاطئة 

وشاعرنا يؤمن بسنن الله في التغيير وأن القفز المتسرع يوقع فيما لا تحمد عقباه

بـضاعتنا نزر من العد iiوالتقى
ونـسـرع للتغيير دون iiمناهج
فنجني من الأيام ما ليس يشتهى
ونـلصق  بالأقدار سوء النتائج

سليم نقد الممنوع والبوح بالمسكوت عنه

تتعدد صور الممنوعات الزائفة في حياتنا وكذلك الصور غير المسموح لنا بتوصيفها ولكن سليم يجيد نقد الممنوع وتوصيف نماذج الضعف  في حياتنا فها هو يتساءل مستنكرا 

مـن قال عهد الرق iiزال
مـازال  إلا فـي iiالخيال
أو مايرى الأغلال ممسكة
بـأعـنـاق iiالـرجـال

وفي موضع آخر يوصف حالة العدائية بين الصغار والكبار توصيفا تنفيريا ليتم تجاوزه مستفهما حزينا

هل من تعيس يعاني مثل محنتنا
فـي غـير عالمنا أو غير أمتنا
من  كان يشكو عدوا راح iiيجلده
فـنـحـن  يجلدنا أبناء iiجلدتنا

وهو ينعى على من يعيش ليأكل وعملته المتداولة شئ كبير مستفظع فيصور ذلك 

نشتري  الخبز بالكرامة iiنحيا
في سجون كبرى حياة iiالإماء
والعصافير تنقر الحب تحسو
الـماء لكن طليقة في iiالهواء

أعتقد أن ما سقته من شعر الشاعر يعبر عن قسمات فكره وملامح هويته ولكن ثمة جانب  مهم وغني عند هذا الشاعر المخضرم وهو مشواره الفني الرائد والمتميز الذي يعكس تفرده وأصالته ومعاصرته ولنبدأ بشئ من سيرته الذاتية في حلب الشهباء وتحت قباب مساجدها درج الطفل وتنسم حب الفن وجمال الأدب على يدي أستاذيه الفاضلين  عبد الله الطنطاوي ومحمد الحسناوي كما يذكر ذلك الأستاذ علي المقدسي في كتاب ( شخصيات وأفكار ) عندما تناول سيرة الأستاذ سليم .

كان يتغنى بالقرآن واستطاع مع أقرانه أن يؤسس لفرقة فنية متواضعة الإمكانيات ولكنها كبيرة الطموحات وكتب ما يقارب مائة قصيدة وأدها مع صديق دربه منذر السرميني  ولكن طموحه الفني ليس كما يصفه الصديق نجدت لاطة في مقال سابق تناول فيه الأنشودة وأعترض على تعريفها كما جاء في قصيدة  نشيدنا التي كتبها الأستاذ سليم في ظرف وزمان ولغرض مقصود ولكن آفاق سليم الفنية وطموحه وتفهمه لرسالة الفن اشرعت المنافذ على عوالم رائعة تدعو إلى الأنس والحب والخير والجمال والعشق النظيف بما يبدو أن الأستاذ لاطة فاته التعرف عليها تناول سليم أغلب مناحي الحياة وطور الراكد من المعاني وأحيا الغائب وجمل المشاعر  بحر العواطف و هذب الأرواح بحكيم المعاني ووهب أنسا ومتعة للطالبين الترفيه الحلال ووجه سهام الخير إلى الأطفال وأسس فرقا فنية باتت فضائيات تتمايل على إيقاع كلماتها وارتقى وحلق بمفهوم الفن العربي بعيدا عن الصرعات الموسيقية أو الجامد من الألفاظ والمعاني الموروثة وأثبت سليم وفق نظرية الممكن أن امتنا تملك نموذجا آخر للفنون ولكن سليم مع اهتمامه بالفن عامة الاأن للطفولة  حظ أوفر في نشاطه بل هي ميدانه المفضل وهو يخدم أمة العرب والإسلام ولكن ليس بأغنية( بابا فين) بل بشهد المعاني صورته كلماته ورردته حناجر الأطفال وهي تقول :

الأرض حلوة

تدعو بقوة هيا لنعمل هيا لنعمل

أمض سليم بنا نحو الحب والحياة والفن النظيف والكلمة الرشيقة والمعنى البعيد وشكرا لك مني ومن كل محب للإنسان والخير والجمال في كل أرجاء المعمورة ودمت وفيا لرسالتك ولأمتك واقر الله عينك بما تصبو اليه وليحفظك ربي لنا آنت وسائر الشرفاء وتحية لك يا شاعر  المعنى والمغنى