مروان حديد
مروان حديد
![]() |
بقلم: حسني أدهم جرار |
الشهيد مروان حديد.. رائد من روّاد الدعوة
والجهاد في بلاد الشام، الذين حملوا السلاح في وجه الصهيونية والطغيان، ولم يرضوا
للمسلمين عيش الذل والهوان.. كان فارساً صلباً من فرسان الدعوة الأوفياء، أعدَّ
نفسه للجهاد متسلحاً بقوة الإيمان وقوة الجسم، وربّى جيلاً قرآنياً مجاهداً قلّ
نظيره في الأمة الإسلامية في هذا الزمان.
حياته:
شعره:
شعره الإسلامي:
أهداف دعوتي تطهير أرضنا إرضاء ربنا ربيع قلبنا تنظيم صفّنا ندعو لربنا يعود مجدنا |
|
توحيد بناء دولة تهذيب نفسنا قرآن ربنا هذي طريقتي سكان أرضنا تسود ملتي |
أمتي
ودعا إلى إعلان الجهاد لإعلاء كلمة الله تعالى، فقال:
وجدّد يا أخي نقاتل في سبيل الله |
عهداً
|
بأن نحيا بلا لا نبغي سوى الشرف |
تـرف
وحضّ على مواكبة درب الشهادة، والإخلاص في بذل النفس والنفيس، ونصرة دين الله، فقال:
سيروا على درب الشهيد هذا الطريـق طريقـنا بـذل النفـوس وصـالة لا تـنـصـرون بعـدّة بل تـنـصرون بربكـم |
|
فدربه حـرب والقتـل مرحـلة انتقال والنصر بالتقوى ينـال أو بالكثير من الرجـال بعـد التأهـب للقتـال |
سـجال
وكان مروان لا يغفل عن الدعوة إلى الجهاد في شتى مضامين شعره ومواقفه، فها هو يقول في إحدى قصائده:
نهضت وحيداً، حملت وأيقظت شعبي بطعن الرماح وهاجمت وكر الطغاة اللئـام سبيل القتـال سبيل الكـرام |
السلاح
|
وعاهـدت ربّي ببـدء الكـفـاح وصوت الرصاص ونزف الجراح وأعطيـت درسـاً لكـل الأنـام لإحـقـاق حـق ونشـر سـلام |
ولعلنا لا نبالغ إذا قلنا: إنه لم تخل قصيدة من قصائد ديوانه لا تحث على الجهاد أو تدعو إليه، حتى إننا نجده في كثير من المواضع يفرد قصائد خاصة بهذا المضمون، ولقد بلغت نسبة مجموع هذه القصائد ما ينيف على نصف الديوان، ومن ذلك قصيدة "المجاهد" و"المقاتل المسلم" و"أعلنت الجهاد" و"فرسان الحق" و"طريق الحق" و"أنشودة القتال" و"أخلاق المجاهد" وغيرها كثير.
شعره السياسي والاجتماعي:
كانت نظرات مروان السياسية والاجتماعية منبثقة من منهجه الإسلامي وعقيدته في الدعوة إلى الله.. فكان ينتقد كل حكم لا يعمل بدستور الإسلام ومبادئه العادلة، وينتقد كل تواطؤ مع الأعداء الذين احتلوا ديارنا واغتصبوا أرضنا.. فلما ضاع ما تبقى من فلسطين عام 1967 نظم قصيدة بعنوان "ضياع فلسطين" قال فيها:
فلسطين ضاعت وأنتم ولذتم بصمت فيا للطّغـام |
نيام
|
ومات الضمير وحلَّ السلام!! تُباع البلاد ويُخشى الكلام |
ولم يكتف مروان بهذا الكلام، وإنما قام بتدريب مجموعة من الشباب على القتال.. وشارك هؤلاء الشباب في كثير من العمليات الفدائية داخل الأرض المحتلة، واستشهد عدد منهم.
ولما وقعت حرب تشرين عام 1973 نظم شعراً على سبيل السخرية والتهكم قال فيها:
في حرب "تشرين" حررنا حتى رأينا جموع النـاس نازحـة وأصبح الخرق بعد الضيق متسـعاً |
إرادتنـا
|
وصـفّـق الشـعب للقـواد عـن الديـار، وكـان البعض مغـرورا وضاعت الأرض باسم الحـرب تحريرا |
مبـهـورا
أما الجانب الاجتماعي في شعره، فكان ينتقد حال المجتمع وما يدور فيه من التهتك والفساد والتضليل، ويصف حال الشبيبة التي تربّت على الانحراف والإباحية فيقول:
هذي الشبيبة قد شبّت بلا خلق أما الفتاة فتاة السوء فانطلـقت باسم التقدّم ألغوا كـل معتقـد |
|
فيها الغلام يعيش الفحش مسرورا نحو الشباب وليس الأمر مستورا واستبعدوا الدين والإسلام والنورا |
وكان يرى مروان أن النصر العسكري منوط أولاً بالنصر الاجتماعي في السلوك والأخلاق والمعتقد.. ولقد أحسن حقاً في كيفية هذا الربط بين هذين النصرين حين قال:
فقد قعدت شعوب عن وقد خرجت نساء سافرات أنطمع بعد هذا بانتصـار |
جهاد
|
فلا هـدف يـراد ولا ولم يُعرف شـباب من صبايـا وقد غلب الفساد على المزايا؟! |
قضايـا
أما الأغراض الأخرى في شعره، كالرثاء والفخر والهجاء والمديح والحكمة، فلم يفرد قصائد في شعره من هذا القبيل، وإنما نجد شيئاً منها عبر قصائده عندما يقتضي الحال.. ففي الرثاء مثلاً نراه يرثي شهداء الإسلام في قالب عقائدي ديني يختلف عن مقومات الرثاء المعروفة في الشعر العربي التقليدي، كقوله:
رحماك ربي فإن القـوم قد غاب الكرى عن عيوني منذ هجرتهم والقلب يرنو إلى الرحمن في وجـل والقلـب يرجو لحاقاً لا على مهـل طـاروا إلى الله شوقاً مـن مودتهـم |
رحـلوا
|
وخلّفوني ، وقلبي خائـف والعود صعب، ودمع العين منهمل والحزن كان على من فيه قد قتلوا حتى يرى منزلاً في الخلد قد نزلوا وحال دون رحيلي نحـوهم أجـل |
وجـل
وأما فخره –رحمه الله- فهو فخر مبني على بواعث الحماس، وشحذ الهمم، وإعداد القوة من أجل مقارعة أعداء الله، ومنه قوله:
وفتية الحق والإيمان قـد تحارب الكفر بالرشاش تخمـده هذا الطريق قتـال في نهايتـه فالله أكـرمـنـا والله كرّمنـا نحن السيوف سيوف الله غايتنا |
ثأرت
|
وجلجلت في رحاب السّاح لا لن يفوز على الإيمان طغيـان وما لنا عن قتال الكـفر سـلوان والحق في ديننا ، والدين فرقـان فوق النجوم ، وللمعـراج إيمـان |
فرسان
والمديح في شعره مديح لشباب الإسلام في مواقفهم الشجاعة، وفي خصالهم الدينية والتربوية والبطولية، والتفاني في الدعوة إلى الله، فيقول:
ونعم الحيـاة حـياة وفي يوم سلم تراهم هداة * * * ويعصون كل كفور أثيم يعافون كل قبيح ذميـم |
التّقاة
|
يعيشون دوماً كراماً أُباة وعند القتال أسوداً كماه * * * ويخشون دوماً عذاب الجحيم ويبكون شوقاً لـرب كريـم |
وله قصائد وأبيات تنطق بالحكمة، ومنها قوله في مستهل قصيدة بعنوان "بين الجنة والنار":
وجود الناس ما فيه اختيار ولا يرجـى لدنيانـا دوام |
|
ودنيانا ابتـلاء ومن موت فلا يجدي فرار |
واختبـار
آثاره الأدبية:
1 – ديوان القائد الشهيد مروان حديد – تحقيق محمد ناصر المزني -1983.
2 – كتاب مخطوط بعنوان "الجهاد في سبيل الله".
مختارات من شعره
يا إخوة الإسلام(1)
هذه القصيدة نظمها الشاعر يستثير فيها همم المجاهدين من أبناء الإسلام للدفاع عن الدين، وحماية المستضعفين من ظلم الطغاة.. وقد استهلها بأبيات من الحكمة بيّن فيها ما يلقاه سجين المبدأ والعقيدة من أفانين العذاب وألوان الاضطهاد، وهو صابر محتسب لا حول له ولا قوة في دفع الأذى عنه.. فمثل هذا الموقف لا يعيب صاحبه ولا يشينه، وإنما هو شرف له وكرامة تليق بحاله، وكذلك يكون الأحرار من أصحاب الكلمة الحرّة السديدة، والمعتقد السّامي الرفيع.
أما إذا قُدّر للإنسان أن يُصاب بأذى الظالمين من الفجرة –وهو طليق- يستطيع أن يردّ الأذى عن نفسه ثم لا يردّه صابراً محتسباً، فصبره هذا هو عار عليه ومسبّة له، يأباها الشجعان من ذوي الشرف والأنفة الذين يعافون الذلّ والصغار، في قصيدة:
حلم القويّ على الضعيف والحلم يبدو للعيون مذلةٌ صبر السجين على العذاب كرامة صبر الطليق على العذاب مهانة عجباً لأصحاب المروءة والحجا عجباً لأصحاب الشجاعة والنهى عجباً لأصحاب التدين ما لهم عجباً لأصحاب المبادئ عندنا مالي أرى قومي تشتت شملهم مالي أرى قومي تناثر عقدهم * * * يا إخوة الإسلام أين جهادكم يا إخوة الإسلام أين جهادكم يا إخوة الإسلام أين قتالكم يا إخوة الإسلام أين قتالكم يا إخوة الإسلام أين كفاحكم يا إخوة الإسلام أين كفاحكم يا إخوة الإسلام أنتم عدتي يا إخوة الإسلام منكم أرتجي فمتى أراكم يا أسود صواعقاً ومتى أراكم يا أسود عواصفاً ومتى أراكم قد فتحتم سجننا ومتى أراكم قد حكمتم أرضنا يا إخوة الإسلام هيا أعلنوا فالنصر آت لا محالة عندما هذا رسول الله يصرخ داعياً يا إخوتي وأحبتي أدعوكم إنّ الطريق إلى الجنان وصاله |
رجولة
|
والحلم من غير القوي إن كان يصدر من فؤاد جبان تعلو عزيمته على القضبان دفع الأذى من شيمة الشجعان وقد ارتضوا بشريعة القرصان وقد ارتضوا بحكومة الغلمان يتنكرون لشرعة الرحمن؟! لم يعملوا في الحق بضع ثوان في حب دنيا إذ رضوا بهوان بعد المودة في هوى الشيطان * * * في حب رب واحد ديّان؟! في حب دين أكرم الأديان؟! في كسر قيد الذل والطغيان؟! في نصر دين الله والقرآن؟! دفعاً لظلم عن ضعيف وان(2)؟! أخذاً لحق المستضام العاني؟! بعد الإله، وساعدي ولساني سحق الكفور وثورة الإيمان تحمي الحمى في عزة وتفان؟! لتدمروا الباغين كالطوفان؟! وافتر ثغر الدهر بالرضوان؟! بالعدل والقرآن والإحسان؟! عن دينكم وتسابقوا لجنان تزكو النفوس بطاعة وطعان في رحمة ومودة وحنان لقتال كفر واهن البنيان بذل النفوس ونصرة الرحمن |
توان
نشيد الشهيد(3)
الشهادة مطلب عزيز، وهدف نبيل، وشرف رفيع في الدنيا، ومفخرة عالية في الآخرة.. من أكرمه الله بها غنم، ومن آثرها على غيرها فقد ذهب بعزّ الدنيا ونعيم الآخرة.. الحرص عليها خُلُقٌ ربّانيّ وموقف بطولي.. يذكي حماسة المجاهدين في سبيل المبادئ السامية والمثل الرفيعة، ويستنهض همم المتثاقلين إلى الأرض اللاهثين وراء الشهوات..
لقد نظم شاعرنا هذا النشيد ليكون شعلة تنير القلوب، وقبساً يحرّك النفوس، وحافزاً يدفع الشباب إلى الجهاد.
عاد بعد الموت في جنان الخلد يمشي كان في الدُّنيا شجاعاً لم يكن يخشى كفوراً لم يكن يرضى بذل إنما يرضى بذل عاهد الرحمن يوماً أن يعيش العمر دوماً في حمى الرحمن يمضي عيشه كان جهاداً في كتاب الله يتلو مع شباب لم يراؤوا كان يرجو أن ينال فلقد ضحى بروح ولقد أوفى بعهد إنه والله حقاً |
حيّا
|
ذكره كان هانئ النفس رضيّا ثابت الخطو أبيّا أو ظلوماً أو شقيا منذ أن كان تقيا كل من كان عصيا منذ أن كان صبيّا طاهراً حراً نقيا عزمه كان فتيا ثم حباً أخويا خاشع القلب شجيا كلهم كان زكيا الخلد خلداً أبديا للفدا كان حريا إنه كان وفيا كان شهماً أريحيا |
عليّا
وفاء الشهيد(4)
نظم هذه القصيدة المجاهد الشهيد مروان حديد، ودعا فيها شباب الأمة إلى أن يكونوا أوفياء للشهداء بسلوك طريقهم، وأثار فيهم عزّة المؤمن وتضحية المسلم، وحدّثهم عن منزلة الشهيد عند الله تعالى..
والحديث عن الشهيد في قصيدة مروان حديث يشوِّق إلى جنان النعيم الغنّاء، وفردوسها الفينان، ويُشوِّق إلى مواكبة درب القتال حيث ينتهي عند مكرمة الشهادة، ويالها من مكرمة يتمناها العبد الصادق مرة تلو مرة، وقد سعد بلقاء ربّه أيّما سعادة، ولقي من الحفاوة والتكريم ما لم تره عين أو تسمعه أذن من قبل.
قم يا أخي أكمل إني وفيت لربنا عاهدت ربي والدّما ألا أغادر أرضنا وجعلت رزقي دائماً وعبدت ربي خاشعاً وبمدفعي وقنابلي لغة الرصاص ومدفعي والحقّ حق إنما عار عليكم أن تعيشوا وخصومكم قد أرهبوكم أنتم أسود ضيعت حتى عرتها ذلّة يكفيكم أن تعلنوا وتقاتلوا أعداءكم إني شهيد يا أخي وغداً أكون وإخوتي فاحمل سلاحك يا أخي فالحور دوماً مهرها |
كفاحي
|
قم لا تنم واحمل سلاحي ولديننا فاسأل جراحي تروي أزاهير البطاح نهباً، وفي كفر بواح في ظل سيفي والرماح متبتلاً حتى الصباح حاربت جيش الانبطاح خير من اللسن الفصاح نعليه بالبيض الصّفاح في العويل وفي النّواح بالنباح وبالصّياح بقعودها شرف الكفاح فتقاعست خوف النباح عن دينكم دين الفلاح فالكفر آذن بالرواح والقتل عذب كالقراح عند المليك مع الملاح تشعر بروح وارتياح بذل لروح بانشراح |
(1) ديوان مروان حديد ص 119
(4) ديوان مروان حديد، ص72