الأستاذ الدكتور وهبة مصطفى الزحيلي : العالم الفقيه المفسر
1932- 2015م
وهبة بن مصطفى الزحيلي، أحد أبرز علماء أهل السنة والجماعة من سوريا في العصر الحديث، عضو المجامع الفقهية بصفة خبير في مكة وجدة والهند وأمريكا والسودان. ورئيس قسم الفقه الإسلامي ومذاهبه بجامعة دمشق، كلية الشريعة. حصل على جائزة أفضل شخصية إسلامية في حفل استقبال السنة الهجرية التي أقامته الحكومة الماليزية سنة 2008 في مدينة بوتراجايا.
مولده ونشأته
ولد في مدينة دير عطية من نواحي دمشق عام 1351ه / الموافق 1932، لأبوين كريمين موصوفين بالتقوى والصلاح ، حيث كان والده حافظاً للقرآن الكريم عاملاً بحزم به، محباً للسنة النبوية، مزارعاً تاجراً.
أما والدته فهي سيدة فاضلة ، شديدة الورع ، متمسكة بالشريعة .
دراسته ومراحل تعليمه :
درس الابتدائية في بلد الميلاد في سوريا، ثم توجه إلى مدينة دمشق سنة 1946م وعمره 14 سنة لمتابعة دراسته في معاهدها حيث درس المرحلة الثانوية في الكلية الشرعية في دمشق مدة ست سنوات وكان ترتيبه الامتياز والأول على جميع حملة الثانوية الشرعية عام 1952 وحصل فيها على الثانوية العامة الفرع الأدبي أيضاً.
تابع تحصيله العلمي في كلية الشريعة بالأزهر الشريف، فحصل على الشهادة العالية وكان ترتيبه فيها الأول عام 1956 .
ثم حصل على إجازة تخصص التدريس من كلية اللغة العربية بالأزهر، وصارت شهادته العالمية مع إجازة التدريس عام 1957م.
ودرس أثناء ذلك علوم الحقوق، وحصل على ليسانس الحقوق من جامعة عين شمس بتقدير جيد عام 1957.
وعاد إلى سورية وراح يدرس في مدينة الصنمين اللغة العربية والديانة براتب قدره /280/ ليرة سورية .
نال دبلوم معهد الشريعة الماجستير عام 1959 من كلية الحقوق بجامعة القاهرة.
حصل على شهادة الدكتوراة في الحقوق (الشريعة الإسلامية) عام 1963 بمرتبة الشرف الأولى مع توصية بتبادل الرسالة مع الجامعات الأجنبية، وموضوع الأطروحة آثار الحرب في الفقه الإسلامي ـ دراسة مقارنة بين المذاهب الثمانية والقانون الدولي العام.
شيوخه :
تلقى العلم عل يدي كثير من المشايخ، منهم:
من شيوخه في دمشق
محمود ياسين في الحديث النبوي.
محمود الرنكوسي في العقائد.
حسن الشطي في الفرائض.
هاشم الخطيب في الفقه الشافعي.
لطفي الفيومي في أصول الفقه ومصطلح الحديث.
أحمد السماق في التجويد.
حمدي جويجاتي في علوم التلاوة.
أبو الحسن القصاب في النحو والصرف
حسن حبنكة والشيخ صادق حبنكة الميداني في علم التفسير.
صالح الفرفور في علوم اللغة العربية كالبلاغة والأدب العربي.
حسن الخطيب، وعلي سعد الدين والشيخ صبحي الخيزران، وكامل القصار في الحديث النبوي والأخلاق.
جودت المارديني في الخطابة.
رشيد الساطي والأستاذ حكمت الساطي في التاريخ والأخلاق.
ناظم محمود نسيمي، وماهر حمادة في التشريع، وآخرون في الكيمياء والفيزياء والإنجليزية وغيرها من العلوم العصرية.
من شيوخه في مصر
شيخ الأزهر محمود شلتوت.
عبد الرحمن تاج.
عيسى منّون في الفقه المقارن عميد كلية الشريعة.
جاد الرب رمضان في الفقه الشافعي.
محمود عبد الدايم في الفقه الشافعي،.
مصطفى عبد الخالق وشقيقه عبد الغني عبد الخالق في أصول الفقه.
عثمان المرازقي، وحسن وهدان في أصول الفقه.
الظواهري الشافعي في أصول الفقه.
مصطفى مجاهد في الفقه الشافعي.
محمد أبو زهرة والشيخ علي الخفيف ومحمد البنا ومحمد الزفزاف ومحمد سلام مدكور وفرج السنهوري في الدراسات العليا في الفقه المقارن وأصول الفقه وأحد الأئمة المجتهدين.
تلاميذه
محمد الزحيلي شقيقه.
محمد فاروق حمادة.
محمد نعيم ياسين.
عبد الستار أبو غدة.
عبد اللطيف فرفور.
محمد أبو ليل.
عبد السلام عبادي.
محمد الشربجي.
ماجد أبو رخية.
بديع السيد اللحام.
حمزة حمزة.
وغيرهم من أساتذة الشريعة في كلية الشريعة والمدارس السورية ، فهناك أكثر من أربعين دفعة تخرجت على يديه في سورية والسودان وليبيا والإمارات وأمريكا وماليزيا والمغرب وأفغانستان وكثير من طلبة العلم الذين تتلمذوا على كتبه .
جهوده
عين مدرساً بجامعة دمشق عام 1963 .
ثم أستاذاً مساعداً سنة 1969 .
ثم أستاذاً عام 1975 .
وعمله التدريس والتأليف والتوجيه وإلقاء المحاضرات العامة والخاصة، التخصص الدقيق في الفقه وأصول الفقه، ويدرّسهما مع الفقه المقارن في كلية الشريعة ومواد الشريعة في كلية الحقوق بجامعة دمشق والدراسات العليا فيهما.
أعير إلى كلية الشريعة والقانون بجامعة محمد بن علي السنوسي بمدينة البيضاء في ليبيا لمدة سنتين ثم كلّف بعدئذ بمحاضرات فيها في الدراسات العليا وعاد بعد سنتين واشترى مما وفره سيارة بيجو /404 / بسعر / 40 / ألفاً .
أعادوا له من سعر السيارة /8/ آلاف فذهب بها إلى الحج مع زوجته .
أعير إلى كلية الشريعة والقانون بجامعة الإمارات لمدة خمس سنوات من 1984 ـ 1989.
أعير بصفة أستاذ زائر إلى جامعة الخرطوم، قسم الشريعة وإلى أم درمان الإسلامية لإلقاء محاضرات في الفقه وأصول الفقه على طلاب الدراسات العليا.
أعير لمدة سنتين للدراسات العليا بكلية الشريعة والقانون في جامعة محمد بن علي السنوسي بمدينة البيضاء ليبيا بصفة أستاذ زائر لمدة شهر.
أعير إلى قطر والكويت للدروس الرمضانية عام 1989 1990.
أعير بصفة أستاذ زائر إلى المركز العربي للدراسات الأمنية والتدريب في العام الدراسي 6/11/1993 لمدة أسبوعين.
يدرّس كتابه الفقه الإسلامي وأدلته بصفة مرجع أساسي في كثير من الجامعات لطلبة الدراسات العليا كالباكستان والسودان وغيرهما.
يدرّس كتابه أصول الفقه الإسلامي في الجامعات الإسلامية ب المدينة المنورة وفي الرياض، قسم القضاء الشرعي، سابقاً.
أشرف على كثير من رسائل الماجستير والدكتوراه في جامعة دمشق وكلية الإمام الأوزاعي في لبنان وناقش بعض الرسائل الأخرى، كما أشرف على رسائل دكتوراه وناقشها في دمشق وبيروت والخرطوم، وهي تزيد عن سبعين رسالة.
وضع خطة الدراسة في كلية الشريعة بدمشق في أواخر الستينات وخطة الدراسة في قسم الشريعة في كلية الشريعة والقانون بالإمارات، وشارك في وضع مناهج المعاهد الشرعية في سورية عام 1999.
قام بتقويم مجلة الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة الكويت عام 1988.
له أحاديث إذاعية مستمرة في الإذاعة السورية في تفسير القرآن برنامج قصص من القرآن وبرنامج القرآن والحياة وندوات في التلفزيون في دمشق والإمارات والكويت والسعودية وفي المحطات الفضائية وحوار مع الصحافة في جرائد سوريا والكويت والسعودية والإمارات وغيرها.
أنشأ مجلة الشريعة والقانون في جامعة الإمارات.
كان رئيس اللجنة الثقافية العليا ورئيس لجنة المخطوطات بجامعة الإمارات.
أحد أعضاء هيئة التحرير في مجلة نهج الإسلام بدمشق.
رئيس مجلس الإدارة لمدرسة الشيخ عبد القادر القصاب الثانوية الشرعية بدير عطية.
كان خطيب جامع العثمان بدمشق، ويخطب في فترة الصيف في مسجد الإيمان بدير عطية.
رئيس هيئة الرقابة الشرعية لشركة المضاربة والمقاصة الإسلامية في البحرين، ثم رئيس هذه الهيئة للبنك الإسلامي الدولي في المؤسسة العربية المصرفية في البحرين ولندن.
خبير في الموسوعة العربية الكبرى بدمشق.
عضويته
عضو المجمع الملكي لبحوث الحضارة الإسلامية في الأردن (مؤسسة آل البيت).
خبير في مجمع الفقه الإسلامي بجدة والمجمع الفقهي في مكة المكرمة، ومجمع الفقه الإسلامي في الهند وأمريكا والسودان.
رئيس هيئة الرقابة الشرعية لشركة المضاربة والمقاصة الإسلامية في البحرين، ثم رئيس هذه الهيئة للبنك الإسلامي الدولي في المؤسسة العربية المصرفية في البحرين ولندن.
خبير في الموسوعة العربية الكبرى في دمشق.
رئيس لجنة الدراسات الشرعية للمؤسسات المالية الإسلامية.
عضو مجلس الإفتاء الأعلى في سورية.
عضو لجنة البحوث والشؤون الإسلامية وهيئة تحرير مجلة نهج الإسلام بوزارة الأوقاف السورية.
عضو مراسل للموسوعة الفقهية في الكويت، والموسوعة العربية الكبرى في دمشق. وموسوعة الحضارة الإسلامية بالأردن، وموسوعة فقه المعاملات في مجمع الفقه الإسلامي في جدة وغيرها.
مؤلفاته :
1-آثار الحرب في الفقه الإسلامي، مقارنة بين المذاهب الثمانية والقانون الدولي.
2-تخريج وتحقيق أحاديث تحفة الفقهاء للسمرقندي.
3-تخريج وتحقيق أحاديث وآثار (جامع العلوم والحكم لابن رجب الحنبلي) مع التعليق عليها.
4-الوسيط في أصول الفقه الإسلامي.
5-أصول الفقه الإسلامي.
6-الفقه الإسلامي في أسلوبه الجديد.
7-نظرية الضرورة الشرعية، دراسة مقارنة.
8-نظرية الضمان أو (حكم المسؤولية المدنية والجنائية) في الفقه الإسلامي، دراسة مقارنة النصوص الفقهية المختارة، بتقديم وتعليق وتحليل.
9-نظام الإسلام، ثلاثة أقسام: نظام العقيدة، نظام الحكم والعلاقات الدولية، 10-مشكلات العالم الإسلامي المعاصر.
11-الفقه الإسلامي على المذهب المالكي.
12-الوجيز في أصول الفقه.
13-العقود المسماة في قانون المعاملات المدنية الإماراتي والقانون المدني الأردني.
14-العقود المسماة في قانون المعاملات المدنية الإماراتي والقانون المدني الأردني.
15-العلاقات الدولية في الإسلام.
16-العقوبات الشرعية وأسبابها، بالاشتراك مع الدكتور رمضان علي السيد.
17-الأصول العامة لوحدة الدين الحق (أصول مقارنة الأديان) مترجم إلى الإنجليزية.
18-جهود تقنين الفقه الإسلامي.
19-عبادة بن الصامت.
20-أسامة بن زيد.
21-سعيد بن المسيب.
22-عمر بن عبد العزيز.
23-حقوق الإنسان في الإسلام، بالاشتراك مع آخرين.
24-الضوابط الشرعية للأخذ بأيسر المذاهب.
25-الرخص الشرعية أحكامها وضوابطها.
26-الإسلام دين الجهاد لا العدوان.
27-الإسلام دين الشورى والديمقراطية.
28-القصة القرآنية، هداية وبيان.
29-الفقه الإسلامي وأدلته، 11 جزء، ترجم إلى التركية والماليزية والفارسية.
30-التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج، 16 جزء، حائز على جائزة لأفضل كتاب في العالم الإسلامي للعام 1995.
31-القرآن الكريم البنية التشريعية والخصائص الحضارية.
32-التفسير الوجيز.
33-الفقه الحنبلي الميسر بأدلته وتطبيقاته المعاصرة.
34-التفسير الوسيط في ثلاثة مجلدات.
35-الذرائع في السياسة الشرعية والفقه الإسلامي، رسالة ماجستير عام 1959م.
36-قواعد الفقه الحنبلي من كتاب (المغني) لابن قدامة.
37-تحقيق وتخريج أحاديث وآثار جامع العلوم والحكم لابن رجب.
38-تحقيق وتخريج واختصار كتاب (الأنوار في شمائل النبي المختار) للإمام محيي السنة البغوي.
39-تحقيق وتقسيم وخدمة شاملة لكتاب (طريق الهجرتين وباب السعادتين) لابن قيم الجوزية.
40-الاستنساخ جدل العلم والدين والأخلاق.
41-تقديم وتحقيق نيل الأوطار للشوكاني.
42-تقديم وتحقيق شرح مسلم للنووي.
43-حق الحرية في العالم.
44- حوار حول تجديد الفقه الإسلامي.
45-الأسرة المسلمة في العالم المعاصر.
46-الإمام الشافعي.
47-الموازنة بين القرآن والسنة في الأحكام، تحت الطبع عام 2001م.
48-المعاملات المالية الحديثة والفتاوى المعاصرة، تحت الطبع عام 2001م.
وفاته :
توفي يوم السبت 8 آب 2015م ودفن في دير عطية ونعاه الدكتور يوسف القرضاوي ود. حسن العبد الله ود. عبد الكريم بكار ، والشيخ مجد مكي ، وعائض القرني، وعوض القرني، وسلمان العودة ، ود. حسن خطاف ، ود. محمد كالو ، والشيخ فياض العبسو ، والشيخ هشام الصن ...وغيرهم .
ثناء العلماء عليه :
ونعى عدد من علماء الدين الإسلامي الزحيلي وغرد د. عائض القرني قائلاً :
غفر الله له ورحمه عرفته في لقاءات ومؤتمرات فكان عالماً محققاً وقوراً يحب الخير للمسلمين ولا يؤذي أحداً )) .
وقال د. سلمان العودة : عرفته كاتباً ثم جالسته وشاركته في برامج عدة ، كان موسوعياً هادئ الطبع غيوراً على أمته اللهم ارفع منزلته في الجنة )) .
وكتب د. عوض القرني في رثائه : كان – رحمه الله – عالماً موسوعياً من ألمع فقهاء العصر وعضواً فاعلاً في المجامع الفقهية تميزت مؤلفاته بالدقة والشمول والسعة )) .
كما اعتبر سراج الدين زريقات أن الزحيلي : من علماء الشام صاحب كتاب الفقه الإسلامي وأدلته وهو أشهر كتبه وله كتب في التفسير )) .
مواقفه من الثورة السورية :
كان موقف الشيخ من حافظ أسد هو موقف العالم الحذر منذ الثمانين ، يكتفي بنشر العلم ولا يقحم نفسه في معامع السياسة، صحيح أنه عاب على الطليعة المقاتلة انفجار الأزبكية ، ولكنه علل ذلك بذهاب الأبرياء ، ولم يتردد الشيخ على مأدبة حافظ أسد التي كان يقيمها في رمضان من كل عام ، وكان البوطي وصهيب الشامي من فرسانها ، وكان الشيخ يصرح لتلاميذه في دروسه الخاصة برأيه في نقد الظلم والفساد والاستبداد والطغيان الأسدي في عهد الأب والابن، وعندما شنت أجهزة المخابرات حملة ضد أبناء التيار السلفي أصدر كتابه عن الشيخ محمد بن عبد الوهاب وأثره في الحركات الإصلاحية .
ووقف ضد التجديف في رسالة الدكتور محمد حبش ، فاستعان هذا بالأمن فمنعت كتب الشيخ وهبة الزحيلي وسحبت من مكتبات سورية .
وبعد الثورة الإسلامية في سورية عام 2011م لم يسجل الزحيلي إعلامياً سوى موقف واحد بشأن الثورة السورية ضد نظام بشار الأسد ، ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط عام 2013م موقفاً واضحاً بعد التزامه الصمت لعامين إذ قال :
إن الشعب السوري منقسم حالياً بين مؤيد للنظام الحاكم الذي يكيل العذاب للسوريين وبين أناس يعانون من الظروف الراهنة، ويتعرضون للتنكيل والتشرد والقتل لإصرارهم على موقفهم )) .
معرباً عن ألمه لما آلت إليه الأوضاع ولحالة القتل والتشرد والإبعاد التي يتعرض لها أبناء بلده .
وعند ذهاب الشيخ إلى أمريكا انتقد السلطة بمرارة فلما عزم على العودة حذره ولده عبادة من بطش النظام فعاد الشيخ ، وسجن لفترة وجيزة ثم وضع تحت المراقبة ، حتى طُلب منه عدم الصلاة يوم الجمعة في مسجد قريب من داره ، وعند مرضه صرح لزواره بأنهم طلبوا منه عدم الصلاة ، ولكنه أقسم بأنه لن يحول بينه وبين الصلاة إلا الموت ، واستعبر الشيخ فلا ترى في المجلس إلا باكياً أو خاشعاً ....
رحم الله الشيخ العالم الفقيه المفسر وهبة الزحيلي ، الذي رحل عن هذه الدنيا الفانية نقي السيرة والسريرة ، وأثابه خيراً على علمه وفقهه وتفسيره وجهاده .
وسوم: العدد 648