الشيخ الشاعر الداعية عبد الرحمن الصوفي

(1926-1998م )

clip_image001_2f069.jpg

رجل مؤسس من رجال دعوة الإخوان المسلمين، ورائد من رواد العمل الإسلامي في سورية . وهو شاعر إسلامي معاصر .

وله قصائد منشورة في الصحف والمجلات .

نشأته وعائلته:

ولد الشيخ عبد الرحمن في مدينة اللاذقية في سورية عام 1926م لأسرة متوسطة الحال، لها نسب مكتوب متصل بآل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورضع منذ نعومة أظفاره حب الإسلام والدعوة الإسلامية.

دراسته

تلقى الأستاذ عبد الرحمن تعليمه في اللاذقية، فدرس في المدرسة الابتدائية لجمعية المساعي الخيرية، ثم انتقل في أواخر الثلاثينيات الى المدرسة الرسمية حيث نال الشهادة الابتدائية مع رفيق دربه الدكتور نبيل الطويل؛

وكان متفوقاً في جميع مراحله، وحصل على الترتيب الأول في سورية من بين المتقدمين لشهادة الدراسة الثانوية عام 1946 م، ونال بعثة من الحكومة السورية لدراسة الهندسة الزراعية في الخارج، وخير بين الابتعاث إلى مصر أو إلى بلجيكا، فاختار مصر لرغبته الشديدة في التعرف إلى الشيخ حسن البنا الذي طالما سمع عنه ولرغبته في دراسة العلوم الشرعية إلى جانب دراسة العلوم الزراعية.

دراسته الجامعية :

حصل على (البكالوريوس) في الهندسة الزراعية من جامعة فؤاد الأول في القاهرة عام 1950 م، بامتياز مع مرتبة الشرف الأولى.

عمله في المجال الزراعي :

ثم عمل رائداً في المجال الزراعي في اللاذقية، وعلى مستوى سورية حتى عام 1970 م عندما انتدبته وزارة الزراعة ليعمل محاضراً في كلية الزراعة .

وعمل مهندساً زراعياً في الهفوف في السعودية .

حضر عدة مؤتمرات علمية في الدول الاوربية ومثَّل سورية في عدد من الوفود الزراعية العلمية، ثم أنهيت خدماته بشكل تعسفي من جميع وظائف الدولة عام 1979 م بموجب قرار غير قابل للاستئناف، وذلك في إطار حملة لإخراج الإسلاميين من الجامعات، عرفت بمذبحة التعليم الجامعي في حينها.

في ميدان الدعوة :

تأثر بتوجيه الأستاذ محمد المبارك القادم من دمشق الى اللاذقية مفتشا للغة العربية مستمعاً مع زملائه لإخبار هذا الأستاذ وآرائه وتوجيهاته التي اثرت لاحقاً في خط سيره الفكري محاولاً أن يصدق بالعمل ما وقر في قلبه طالما انه مؤمن بالله ربا وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً؛

متبعاً مع اخوانه التوجيه القرآني للدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال دائما بالتي هي احسن، بعيدا عن التعصب الأعمى، والشعارات الفارغة، والشتائم والعنف الذي ذاق منه كثير من الشباب المسالم الامرّين في فترات تاريخية مضطربة مائجة بالصراع الفكري.

تصدى مع مجموعة من زملائه في مدرسة التجهيز الثانوية في اللاذقية للأفكار البعثية العلمانية الوافدة، ثم قام بتوجيه من الأستاذ محمد المبارك رحمه الله تعالى الذي كان موجهاً للغة العربية، بتأسيس أول عمل طلابي إسلامي في الساحل السوري.

وقد تربى الأستاذ الصوفي في أحضان الدعوة الإسلامية، والتقى أثناء دراسته في مصر الإمام الشهيد حسن البنا رحمه الله تعالى وتتلمذ على يديه، وشارك معه في مجموعة من الكتائب الليلية، وقد أحبه حباً جماً، وبقي على دربه إلى أن لقي الله عز وجل

وكان لفقيدنا الراحل يرحمه الله شرف المشاركة في تأسيس جماعة الإخوان المسلمين في سورية بقيادة الدكتور مصطفى السباعي رحمه الله تعالى ، وكان عضواً في هيئتها التأسيسية لسنوات عدة، كما ساهم بشكل فعال في تأسيس العمل الإسلامي في الساحل السوري، وكان له الفضل الكبير مع الشاعر الإسلامي محمد المجذوب في عدم حصول الانشقاق في اللاذقية  على قيادة د. مصطفى السباعي – رحمه الله – في الخمسينات .

وقد اعتقل، وسجن عدة مرات بسبب اتجاهه الإسلامي إلى أن خرج مهاجراً من بلده إلى بريطانيا، ثم إلى السعودية.

في ميادين الخير والبر

آثر في مغتربه، بعد التقاعد عن العمل الرسمي في الزراعة، التطوع للعمل في ميادين الخير والبر وتقديم النصيحة والمشورة في مجال اختصاصه.

أخلاقه وسماته :

يقول عنه الدكتور نبيل الطويل:

(كان أبو محمد رحمه الله محط الإعجاب والتقدير والاحترام من كل من عرفه، موجهاً مسؤولاً متصفاً في عمله دائما بالصبر والأناة والحكمة والنضوج، وكان له في قلبي دائما فيض الحب والمودّة، والشوق ، بخاصة بعد ان اغتربنا كل واحد في بلد.

وشهادة لله في شهر القرآن أني لم أعرف مسلما في بلدي أفضل منه في الخلق الرفيع والهمة العالية.. مبتعدا بنفسه عن الدنايا والصغائر، وعن سفاسف الامور، والقيل والقال، والمماحكات والمناورات والاهواء الشخصية والمصالح الفردية، معتزلا برضاه الاجواء الصاخبة والمريضة).

كان حتى آخر يوم من عمره مثلاً ومثالاً للمؤمنين الصالحين والعاملين المخلصين والأتقياء الأخفياء، التواضع الجم سمته المميزة ، حلو المعشر من النوع الذي يألف ويؤلف، ذا خلق رفيع ونفس رضية تزين ذكاءً وقاداً واجتهاداً متواصلاً على مقاعد الدرس وفي ميدان عمله ودعوته، يفرح لأفراح المسلمين ويألم لآلامهم، وكان يمضي كثيرا من وقته في التفكير بهموم الدعوة ومشكلات المسلمين، وكان صاحب همة عالية وذوق رفيع وأدبٍ جم.

مع القرآن :

أتم حفظ القرآن الكريم بعد أن بلغ الستين من عمره المبارك، وكان يخفي هذا الأمر عن أقرب الناس إليه، حتى أنه لم يكن يعلم بذلك إلا زوجته وإحدى بناته.

مع الشعر:

بدأ ينظم الشعر بعد أن بلغ الستين كذلك، وبلغ ما نظمه قرابة ثلاثة عشر ألف بيت من الشعر، كلها في خدمة الإسلام والدعوة الإسلامية، تجد فيها نفحات الايمان ولمحات التصوف الايجابي الفاعل لا السلبي المجدب.

صدر منها من سلسلة نفحات الإيمان ديوانه الأول (ابتهالات وتأملات) وبدأ بطباعة ديوانه الثاني، لكن الأجل كان أسبق ، كما نشر القليل منها في الدوريات الشهرية الصادرة حيث يقيم.

حبه لله وثقته فيه:

يذكر الدكتور عبد اللطيف الهاشمي عن زيارته ليلة وفاته قائلاٌ:

(ولقد أكرمني الله تعالى بزيارة الفقيد رحمه الله ليلة وفاته (في مستشفى الدكتور بخش) في جدة مع بعض الأحباب فرأيته باسماً متهللاً، في أنضر وجه وأحسن حال، وشد على يدي عندما سلمت عليه كعادته عندما كان يسلم على إخوانه

وأخذ يحدثنا وابنه المهندس محمد الصوفي، وصهره الدكتور محمد وليد جالسان وكان مما قال: "إني أشعر ولله الحمد والمنة أني قد أديت الأمانة على أحسن وجه، وقد أكرمني الله بأولاد وأحفاد نشأوا في طاعة الله سبحانه.. فماذا أريد بعد ذلك؟ ثم أخرج ورقة وأعطاها للدكتور وليد وقال له: اقرأ هذه الأبيات التي كتبتها قبل قليل؛

فقرأ علينا:

يا مرحباً بلقاء ربي           به مُنتهى أشواق صبَّ

به ملتقى الأحباب ألقى            أنداء رحمن يُلبّي

كل المرام فلا لغوب           نحيا الخلود بظل حب

يا رب فاقبلني نزيلاً            في ودك الحاني المحب

أنت الكريم جليل فضل        فاغفر إلهي كل ذنبي

قد كنت دوماً فيك أسعى فاجعل عطاك حميم قرب

لقد أحب لقاء الله، فأحب الله لقاءه ..

وفاته :

توفي رحمه الله في فجر الخميس الرابع عشر من شعبان 1419 هـ الموافق 3/12/1998م في الديار المقدسة ببلاد الحرمين بنوبة قلبية حادة بعيداً عن مسقط رأسه وملعب فتوته ودار شبابه وكان بذلك موعد الاجل المحتوم اذ صعدت روحه الطاهرة الى بارئها وتوقف القلب الذي طالما خفق بحب الله ورسوله والمؤمنين.

المصادر:

1-كتاب (رجال فقدناهم، تراجم نشرت في مجلة حضارة الإسلام مع إضافات)، الجزء الثاني، جمعها وقدم لها وعلق عليها الشيخ مجْد مكي (دار ابن حزم)

2-مذكرات زهير شاويش .

3-موقع إخوان ويكي .

وسوم: العدد 677