الشهيد عرفان سراقبي
شاب طويل القامة، مشدود الجسم حنطي اللون، أشقر الشعر تقرأ في وجهه علامات الجد والحزم والرجولة والقوة الجسدية، وصفاء النفس.. ولد المجاهد عرفان سراقبي في حماة عام 1961م في منطقة البياض مكان والده يعمل سائق (باص) نقل داخلي، دخل القسم الأدبي حتى يتمكن من الانتساب إلى كلية الشريعة في جامعة دمشق، بعد أن حظرت السلطة دخول الشريعة على حملة الشهادة العلمية، ولأجل ذلك سحب أوراقه من مدرسته ليلتحق بمدرسة فيها الفرع الأدبي.
كان عرفان كالبركان الهادر ذا حركة لا تفتر ونشاط دؤوب لا يعرف الراحة والسكينة، وقد استطاع بحجته الدامغة وإخلاصه أن يهلهل ويفرق صفوف الحزبيين داخل المدرسة، وأقنع كثيراً منهم بالانسحاب من هذا الحزب الذي لم يجن لهذا البلد غير الهزائم والخراب الاقتصادي والتدمير الخلقي، وقد ساعده في ذلك تفوقه الدراسي وقوة شخصيته.
لقد قسم عرفان وقته بين دراسته الأدبية، ومطالعته للكتب الإسلامية، بالإضافة إلى حضور الدروس الدينية في المسجد، وخصص جزءاً منه لحفظ القرآن الكريم، كما خصص جانباً من وقته لأداء واجبه كمسلم في الدعوة إلى الله من خلال الحي والمدرسة كجزء من التزاماته الدعوية واستنزفت هذه المهمة الأخيرة جل وقته..
لازم عرفان دروس الشيخ عبد الحميد طهماز فكان من رواد مسجد السلطان يتابع الدرس يوماً بيوم، ولا يتغيب إلا لعذر قاهر، كما لزم فترة الشيخ سعيد العبد الله شيخ قراء حماة، فتعلم على يديه تجويد القرآن وحفظه.
كان كثير المطالعة ولطالما ردد قول البنا رحمه الله: "طالع أو استمع أو اذكر الله ولا تضع جزءاً من وقتك في غير فائدة" ونتيجة لمطالعته الواسعة فقد أتعب موجهيه الذين تتلمذ على أيديهم أتعبهم في تقصي الحقيقة لما يتمتع به من ثقافة لا يجاريه فيها أترابه وربما فاقهم ثقافة ومعرفة وخبرة تنظيمية وحركية ودعوية.
لقد كلف ولم يزل بعد في سن مبكرة بمهمة التوجيه في صفوف الجماعة إضافة إلى العمل المسجدي واستطاع أن يتحمل هاتين التبعيتن بكل جدارة إذ كان قد انتظم في صفوف الجماعة عام 1976م.
يتمتع أسلوبه الكتابي ببلاغة واضحة كما كان صاحب أسلوب خطابي جيد يصعب على الباحث أن يجد له خصماً بين إخوانه، إذ كان يحبهم ويحبونه، على حين كان في الوقت نفسه شوكة في حلوق أعداء الإسلام من أصحاب المناهج الكافرة، متمثلاً قوله تعالى: (أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين).
جعل منه المسجد الذي لازمه طوال حياته رجلاً ربانياً بحق.
كان ذكياً سريع البديهة، وقد اختاره الأخ هشام جنباز ليكون إلى جواره حيثما حل وارتحل وجاهد، وقد انتظم في صفوف الحركة الجهادية في عام 1978م، وانتظم على يديه عدد ليس بالقليل.
استشهد رحمه الله مع قائده هشام الذي لازمه في الدنيا وشاء الله أن يلازمه في الآخرة ومضى إلى ربه طاهراً وذلك في عيد الفطر 1401هـــــ الموافق 1981م عندما داهمت قوات البغي قاعدتهم، وتمكن مع إخوانه أن يقتلوا المئات من أذناب الطائفية الحاقدة، دامت المعركة فيها من بعد العصر وحتى صباح اليوم التالي ورحم الله السباعي حين قال:
إن لله عباداً قطعوا علائق الشهوات وأسرجوا مواكب الجد وامتطوا جياد الأمل)..
هؤلاء هم شباب الإخوان المسلمين لم يطلبوا مغنماً، ولا خافوا مغرماً ولم يطمعوا إلا بنصر الإسلام، وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين.
وسوم: العدد 714