الشاعر الإسلامي قاسم أحمد ميثاق الحسين :حياته وشعره

(20 نوفمبر 1954م – معاصر )

clip_image004_e34f9.jpg

برز عدد من الدعاة إلى الله في دير الزور، وكان في طليعة هؤلاء وغرّتهم :

 الشيخ محمود مشوح، والعلامة عبد الرزاق رمضان الخالدي، والدكتور حسن هويدي، والدكتور دندل جبر، والأستاذ سعيد مشهور، والشاعر عبد الجبار الرحبي، والأستاذ عبد المنعم الرحبي، والشاعر الدكتور حيدر عبد الكريم غديّر، وأخوه الشاعر الإسلامي مصطفى غديّر، وشاعر الدعوة والأصالة شريف حاج قاسم، وأخيراً وليس آخراً الشاعر الإسلامي قاسم أحمد ميثاق حسين.. وغيرهم كثير من تلك الثلة الكريمة التي قضى بعضهم نحبه، وبقي الآخر ينتظر، وما بدلوا تبديلاً .

المولد والنشأة :

إنه الشاعر الإسلامي قاسم أحمد ميثاق حسين الذي ولد في دير الزور في شرق سورية في 20 نوفمبر 1954م ..ونشأ في ظل أسرة مسلمة ملتزمة فوالده أحمد ميثاق كان موظفاً في شركة الكهرباء في دير الزور توفي عام 2009م ، وأما أمه فهي ربة بيت ما تزال على قيد الحياة .

دراسته ومراحل تعليمه :

درس المرحلة الابتدائية في مدرسة عبد الرحمن الغافقي في دير الزور .

ثم درس المرحلة المتوسطة والثانوية في ‏الثانوية الشرعية في دير الزور عام 1975م ونهل العلم على أيدي شيوخها :

-عبد الرزاق رمضان الخالدي : العالم الشاعر الداعية الذي رثى الإمام مصطفى السباعي حين وفاته، ونشرت قصيدته في العدد الخاص من حضارة الإسلام  .

-محسن محمد خرابة : يعمل في مجلة الفيصل السعودية .

-حسن حسني : الأستاذ الأديب الكاتب .

-قطب الدين الحامدي : مفتي دير الزور .

ثم دخل كلية الشريعة في جامعة دمشق، ووصل إلى السنة الرابعة فيها، ولكنه اضطر لترك الدراسة فيها، حيث غادر سورية إلى العرق في الثمانينات، فأكمل الدراسة في كلية الشريعة والدراسات الإسلامية في جامعة بغداد عام 1982م .

وكان من أبرز أساتذته وشيوخه في المرحلة الجامعية فيها :

د. وهبة الزحيلي ود. نور الدين عتر ، ود. محمد سعيد رمضان البوطي ود. فتحي الدريني ود. مصطفى الخن .

أعماله والوظائف التي تقلدها :

عمل الأستاذ الشيخ قاسم أحمد ميثاق الحسين مدرساً لمادة التربية الإسلامية في مدارس الإمارات وفي كلية العين في الإمارات لمدة 25 سنة، وأعد لهم كتاباً في مصطلح لحديث، ثم هاجر إلى اليمن، فعمل مدرساً فيها لمدة ثلاث سنوات .

ثم هاجر إلى مدينة نزب في غازي عينتاب في تركيا، وعمل موجهاً تربوياً لقسم الشريعة .

زواجه وأسرته :

والشاعر قاسم ميثاق متزوج ولديه أربعة أولاد : ولدان وبنتان، درس بعضهم طب الأسنان، ودرست إحدى البنات الصيدلة، بينما درس الشاب الثاني إدارة أعمال وتدرس البنت الأخيرة في الصف العاشر .

أخلاقه وسجاياه :

والأستاذ الشيخ قاسم ميثاق شاعر مقل في شعره، ومغمور في التأليف والنشر، ويعتبر مدينة دير الزور مقبرة المواهب، وهو مع ذلك دائم الشوق والحنين إليها، فكم عاش حياة الغربة، وعانى من البعد عن الأهل والوطن، واعتصر الشوق فؤاده .

بدأ كتابة الشعر في المرحلة الثانوية، ولكنه لا يحتفظ بأشعاره تلك لأنه غير راض عنها، وقد بلغت قصائده أكثر من عشرين قصيدة، ولكنه أضاعها، وليس بين يديه أكثر من سبع قصائد، ويرجع الفضل إلى لأستاذ محسن خرابة في تشجيعه وصقل تجربته الشعرية حيث أرشده إلى كتاب سفينة الشعراء للأستاذ محمود فاخوري، وكان يسدي له النصائح .

شارك في مسابقة شكراً تركيا، وأحرز الجائزة الثالثة، وكان مطلع القصيدة :

تركية المجد من بالعز ضاهاها        ومن ببذل الندى والفضل جاراها

جميلة الجميلات دير الصالحين , حب لا ينتهي :

ومن قصائده الوطنية التي تلتهب حماساً وشوقاً للوطن الحبيب قوله :

فهل تعودُ لنا يا ديرُ بَهجتُنا         ويجمعُ الشَّمل أحبابي وَخِلاني

قالوا أما زلتَ تهواها وتعشقُها ؟   أم أنَّها أصبحتْ في طيِّ نِسيان

أَجبتُهم ودموعُ العينِ نازفة          أنا المَشُوقُ وهذا الدمعُ بُرهاني.

 إنِّي وإن طفتُ أرض الله مُغتربا       فلن أتيه وديرُ الزور عُنْواني

اللهم بلغ أستاذنا دير الزور، واجمع بينه وبين أهلنا وأحبابنا، فشاعرنا ما زال يهوى دير الزور بالرغم من طول الزمان وبعد المكان فهي تسكن قلبه، وتعشعش في سويداء الفؤاد، ويشتاق إليها ودموعه هي برهان على صدق المشاعر .

الشوق والحنين إلى دير الزور :

أبيات من قصيدة طويلة نظمها في حب دير الزور ونشرها في مجلة الفيصل السعودية، تغنى بها في جمال الحويقة وروعة حدائقها وبساتينها :

أعيني كفّا عـــــــــــــــن بكاء الأحبة             فقــــــــد أحرقت خدي جمرةُ عبرتي

وإني لذو غدر إذا كنتُ باكياً            فلولا بكائي ما خبتْ نارُ حسرتي

وما لي لا أبكي وقد شفني الهوى   وفي الصدر من فرط الجوى ألفُ غُصة

تحركت الركبانُ كلٌّ لغاية                   فحركت الركبانُ شوقي ولوعتي

لكلِّ امرئ في الركبِ قصدٌ ووجهةٌ   أيا ليت دير الزور قصدي ووجهتي

ويتمنى الشاعر لو كانت دير الزور هي القصد والوجهة، وعسى أن يكون ذلك قريباً، ويصور مشاعر الشوق، فيقول :

تملكني شوق إلى الدير مدنفٌ       أمضّ فؤادي واستبدَّ بمهجتي

ألا ليتَ شعري هل أمتع ناظري       بحسن محيّــــــــــــــاها قبيل المنية

وهلْ أردَنْ يوماً ميــــــــــــــــــــــاه فراتها            فتبرأ أدوائي وتنقعَ غُلّتي

أيا جبلَ الحاووز هل لي بوقفة ٍلعلي أقضي في الهوى بعض حاجتي

لعلي إذا عاينتُ رونقَ حسنها             يزايلني همي وتفرج كربتي

ويشكو من البعد وألم الفراق، والمعاني عند شاعرنا تقليدية لا جديد فيها إلا نادراً فهو شاعر الأصالة والعراقة وألفاظه جزلة واضحة فخمة تملأ الفم، وتقرع الأسماع :

فقد طال ترحالي وشطّ بي النّوى    وقد سئمتْ نفسي وكلّتْ مطيتي

هي الدير لم يشغفْ فؤادي بغيرها       وغيري تسلّى عن هواها بعزّة

وما صرّفتني عن مباهج حسنها          محاسنُ سعدى أو لحاظُ بثينة

ويشتاق الشاعر إلى عجاج دير الزور، ويعتبره من أنسام الصبا : 

أحبُّ عجاج الدير حتى إخاله      من الحبِّ أنسامَ الصبا في العشيّة ِ

وألثمُ تربَ الدير شوقاً ولوعةً             كما لثم المحبوبُ ثغرَ الحبيبة ِ

فتربتها مسكٌ يضوع وعنبرٌ                وطينُ مغانيها نُقاعةُ حِنّة

وحنظلها شهدٌ لديّ وكدْرُها             زلالٌ وحصباها أزاهيرُ جنّةِ

وألطف من رَوح الصبا زمهريرُها      وأكثرُ لُطفاً لفحها في الهجيرةِ

ورشفةُ ماء من معين فراتها          دواءٌ لقلب الصبِّ من كلِّ علّة

ويناجي دير الزور ويشكو إليها ما لاقاه في بلاد الغربة فيقول :

أيا ديرُ قد دارت علينا دوائرٌ     من الشوق لو دارت على الشمّ دكّتِ

فبعدك ما قرّت عيوني بمنزل ٍ             ولا عرفتْ نفسي لذيذَ مسرتي

وطفتُ بلادَ الله من غير حاجةٍ          لأسلو ما كانتْ بغيرك سلوتي

أيا صنو روحي إن روحي مشوقةٌ           إليكَ وأضناني حنيني ولهفتي

ويحن الشاعر إلى أهل دير الزور وأناسها وأول هؤلاء الأم الحنون والأب الرحيم حيث يقول :

أحنُّ إلى أمي إلى دفء حبّها          إلى طبخها الزاكي إلى خبز جدّتي

إلى أبتي يحنو عليّ بقــــــــــــــــــــــــــــــــــــــلبه          ويُزجي لي النصحَ الجــــــميلَ برقّةِ

إلى صوت جدّي في الدّجى متهجداً       يرتّلُ آيـــــــــــــــــــــات الكتاب بلذّة ِ

ويتذكر الشاعر طيور دير الزور وحسونها، ويحن إلى نهر الفرات وأزهار الحويقة، فيقول :

إلى شدوْ حسّون على النهر صادحٌ          إلى صوتِ غرّافٍ يئنُّ كأنّتي

إلى غفوة ٍفي ظلِّ نخلٍ تحفّني               حدائقُ غُلْبٌ ذاتُ أنس وبهجة ِ

إلى غطسةٍ في النهر تطفئ لظى الجوى    وتغسل عن نفسي تباريحَ غربتي

و لا تنس روضا في الحويقة ناضراً .      به قد تجلى الحسن في كل زهرة

خميلة سحر قد تجلت كأنها                 عروس بأثواب الجمال تجلت

فكم خلبت لبي برونق حسنها        وكم أججت في الصدر نار صبابتي

أيا ليتني فيها على ظهر نخلة              و يا ليتني أغفو بظل عريشـــــــــــــــة

فهو يتمنى لو غفا، ونام في ظل عرائش الكروم وليته يحظى بعنقود من العنب من تلك الديار :

ويا ليت عندي قطفة من كرومها      وحبات تمر بل رضيت بتمرة

بها دار جدي جدد الله عهدها        وجللها بالغيث من كل مزنة

قضيت بها شطر الشباب وليتني          أقضي بها قبل المنية شيبتي

فرج الله عن أستاذنا قاسم ميثاق وعن جميع أهلنا وأحبابنا في دير الزور، ورفع عنهم حصار الفاقة والجوع، وأبعد عنهم كيد الطواغيت ..

وعلى عادة الشعراء القدماء يناجي الشاعر قاسم ميثاق طائر الأشواق، ويحمله عدة رسائل، فيقول :

أيا طائر اﻷشْواق عَرِّجْ مُسلِّماً        على كُل صَقْعٍ منْ دِيارِي وَبُقْعة

على كلّ شبرٍ من ثراها معطّر         على كلّ روض بل على كل نخلةِ

على كل غرّاف يئنُّ صبابةً                  أنينَ مُعنّى من فراقٍ وغربتي

فهو يحمله التحية والسلام لكل صقع من دير الزور، ولكل ذرة تراب معطرة من ثراها، ولكل روضة، ولكل غراف وطائر، والأستاذ قاسم ميثاق شاعر إسلامي ملتزم لذا لا تغيب عن خياله صورة مساجد دير الزور وأماكن العبادة فيها فلنستمع إليه، وهو يقول :

على كُل بيت بَلْ على كُل مسجدٍ . سجدْتُ بهِ يوماً على كُل تَكْية 

وفيْ شَيخِ يَاْسينٍ - رَعا اللهُ – أَهْلَها      تَوقَّفْ وَقَبِّل تُرْبَها أَلْفَ قُبْلةِ

ورفرفْ على الجسر المعلّق ساعةً     يُداعبك عرفُ الورد في كلّ نسمة ِ

إن دير الزور هي ملاعب الصبا وذكريات الطفولة والشباب، ويتمنى لو قضى فيها بقية عمره، فيقول :

قضيت بها شطر الشباب وليتني            أقضّي بها قبلَ المنيّة شيبتي

أيا ليتَ شعري هل تراني نزيلها          وهل تسمح الأيامُ منها بنظرة ِ

ويطلب من طائر الأشواق أن يعيره جناحيه ليحلق فوق ربوع الوطن الحبيب :

أيا طائر الأشواق هلاّ أعرتني          جناحيكَ يوماً كي أطيرَ لديرتي

لعلّي أوفي النفسَ بعضَ مرادها              وتهدأ أحزاني وترقأ دمعتي

ذكرى الفرات :

وللفرات مكانة خاصة في نفس ومشاعر ووجدان الأستاذ قاسم ميثاق، فقد أمضى فيه شطر حياته لذا فذكراه لاتزال عالقة في الذهن، ولا تبرح الخيال :

على ضفافِ الفرات          أمضيتُ شطرَ حياتي

ذكرى الفرات ستبقى           من أجملِ الذِّكرياتِ

يا هل ترى هل نراه           في الدير قبلَ المماتِ

ويكتب الشاعر مصوراً غصص الغربة وآلامها، فيقول :

لكم تجرّعت من كأس النوى غصصاً   فنأي أهلي عني خطبهُ جللُ

في الصدر من بعدهم نارٌ مؤججةٌ     وفي فؤادي جرحٌ ليس يندملُ

شفاءُ قلبي أن يلقى أحبته                 وأن تعود له أيامه الأولُ

أهلي الكرام وإن شطّ المزار بهم   لكنهم في سويدا القلب قد نزلوا

بطاقة حب وشوق :

جاء العيد على الشاعر، وهو يعاني في بلاد الغربة، فكتب هذه القصيدة في هذا العيد المبارك عام 2016م مهداة إلى دير الزور الحبيبة وأهلها الطيبين، وهي قصيدة تفيض بالوجدان ومشاعر الشوق والحنين وتذكرنا بشعراء المهجر، ويكتب الشاعر قاسم ميثاق هذه القصيدة التي أجاب فيها على بطاقة نشرها أحد الإخوة حيث قال : هل يوجد أحد ما يحب الدير. ? وهي تعبر عن الحب الكبير لدير الزور الحبيبة، يقول فيها  :

لي في رُباك هوىً يا ديرُ أضْناني        ومزّق القلبَ من شوق وتَحْنانِ

لم أسْلُ بعدك يا ديرَ الهوى أبداً       فأنتِ طُول المَدى يا ديرُ سلْواني

إنِّي وإن جبْت في الآفاقِ مُنتقلاً      تبقينَ طبَّ فؤادي المُتعبِ العَاْني

رسمت حُسنكِ في جُدرانِ ذاكرتي    نقشتُ حُبَّك في أعماقِ وِجْداني

فهل تعودُ لنا يا ديرُ بَهجتُنا             ويجمعُ الشَّمل أحبابي وَخِلاني

فالشاعر محب قديم لدير الزور، وسوف يبقى وفياً لذلك الحب، وبقيت صورة الدير عالقة في خياله وفي وجدانه ..

حقاً إن الشاعر يهيم حباً بدير الزور ، وانظر إلى أشعاره تجد أن أكثرها فيه ذكر لدير الزور، فالدير هو الوزن والقافية واللحن الجميل :

إذا نظمت فدير الزورِ قافيتي        وإن شَدوتُ فدير الزورِ ألحاني

قالوا أما زلتَ تهواها وتعشقُها ؟   أم أنَّها أصبحتْ في طيِّ نِسيان

أَجبتُهم ودموعُ العينِ نازفة          أنا المَشُوقُ وهذا الدمعُ بُرهاني

والزمن الذي قضاه في دير الزور هو زمن السعادة والسرور :

أيَّام سَعْدٍ بها مَرَّتْ على عَجَلٍ     كأنَّها حين مرَّتْ حُلْم وَسْنان  

فراتُكِ الثَّرُّ عشق كم أُكابده          منَ الطُفولة أهواه ويَهواني

فكم تَمرَّغت في شُطْآنهِ جَذلاً    وكمْ غَمسْتُ بهِ في الحرِّ جُثْماني

وكم تَنشَّقتُ من روضاته عَبقاً      من العُطوراتِ من فُل وَريحان

لَرشْفة من فراتِ الدَّيرِ تُسْعفُني     وَغطْسةٌ فيه تَمحو كُلَّ أَحْزاني

إنِّي وإن طفتُ أرض الله مُغتربا        فلن أتيه وديرُ الزور عُنْواني

فهواء الدير أجمل الهوى، ونهرها هو أحد أنهار الجنة الأربعة فكيف لا تأسره حباً وكيف لا تشعل فؤاده شوقاً ، لقد كانت تلك الأيام حلماً مضى وانقضى ويتمنى لو يعود :

أيَّام سَعْدٍ بها مَرَّتْ على عَجَلٍ        كأنَّها حين مرَّتْ حُلْم وَسْنان

وحين سُئل عن حب دير الزور هل ما زال حياً بعد تلك السنوات المريرة على الفراق فأجابتهم دموع العين الغزيرة، وعبر في هذه الأبيات مشتاقاً إلى الفرات وشطآنه وروضاته، ولن يتيه الشاعر العاشق طالما جعل دير الزور هي العنوان ...

الحكمة :

ويكتب الشاعر قاسم ميثاق بعض الحكم، ويخللها في ثنايا شعره الجميل، ويستمد حكمته من ثقافته الإسلامية الثرة ومن تجاربه في الحياة، وها هو يقول :

تمـــــــــــــــــــــــــــــــــر بنا الأيَّام تَتْرى وإنَّمـــــــــــــــا          نُساق إلى الآجالِ والعين تنظر

فلا عائد ذاك الشبابُ الَّذي مَضى        ولا زائلٌ هــــــــــذا المشيبُ المُكدَّر

الأستاذ الشاعر الداعية قاسم ميثاق : وجائزة شكراً تركيا :

قصيدة ( شكراً تركيا ) للشاعر المبدع قاسم ميثاق الحسين ، بالغة الروعة والجمال والجزالة حلقّ شاعرها في آفاق الكلمة الجميلة المشحونة بالانفعال العاطفي، واشعاع الابداع الحقيقي ،واللفظة البارعة، والصورة المبتكرة، والخيال المشرق

القصيدة فن إبداعي رفيع، قريب من وجدان الناس وعقولهم ، وهي معاناة وصراع بين الذات الشاعرة وبين محدودات الوسط التعبيري وقيوده

القصيدة ليست نتاج لحظة، ولا تتم في جلسة واحدة، بل تستغرق كتابتها أياما وربما شهوراً .

القصيدة أعادت إلى الأذهان مصطلح ( الحوليات ) في الشعر العربي اختمرت الفكرة في ذهن الشاعر، فوفر لقصيدته كل أسباب الجمال، واكتفى شاعرنا بقصيدة عصماء كل فترة، يذكرنا بالشاعر الجاهلي زهير بن أبي سلمى ومدرسة عبيد الشعر، رجل العقل والرصانة الذي نسبت إليه الحوليات

تختلف قصيدة شاعرنا عن قصائد هذه الأيام، التي أصبحت سلعة رخيصة خالية من الذوق والجمال، وفقدت السمو والخيال

فهمّ قاسم ميثاق هو همّ الأمة، همّ سوريا ومصر والعراق واليمن، وهمّ تركيا

بموهبة جياشة وتجربة حياتية غنية، وثقافة حقيقية، وتجربة متفردة وغربة، أعطت للقصيدة طعماً خاصاً فأبدع وأبدع، وكانت قصيدته الفائزة في مهرجان ( شكراً تركيا ) الذي عقد في اسطنبول، وها هي قصيدته الفائزة ترفل في ثوبها القشيب:

 شكرا تركيا :

وهذه القصيدة الفائزة بالدرجة الثالثة في مهرجان شكراً تركيا في اسطنبول الذي انعقد عام 2016م ... حيث كتب الشاعر  قاسم أحمد ميثاق الحسين هذه القصيدة الرائعة التي تعب عليها، فجاءت قطعة من كبده الحرى، وقد اختار لها البحر البسيط، وهو من البحور التي تتسع لجميع الأغراض الشعرية، يقول في مستهلها، مؤكداً أن جميع البلدان لا تضاهي تركية الحبيبة :

تُركيةُ المجد ِمَن ْبالعز ضَاهَاهَا           ومن ببذل الندى والفضل جاراها

غارتْ نجومُ الثُّريَّا من تَألُّقِها         واسْتحْيت ِالشَّمسُ من بَاهي مُحيَّاها

وكيف لا تتباهي في مفاخرها           وهـــــــــاتف المجد دون الخلق ناداها

هذي الجموع سعت - حباً – لتشكرها  على صنائعها الجلّى ونعماها. 

لقد أسرعت الشعوب العربية لتشكر تركيا على موقفها المساند لقضايا الأمة العادلة فها هم أهل سورية ومصر واليمن يزجون التحية والشكر لتركيا على موقفها النبيل :

سوريةُ العز , مصرٌ , أُختُها يَمَن ٌ          هبت ْلِتُعليَ في الآفاق ِذِكْراها

هبت لتنصفها من شر حاسدها     من حقد مبغضها من كيد اعداها

عدتْ عليها عوادي البغي ِظالمةً تسعى   إلى الشّر ِلَكن ْخاب َمَسعاها

وعرض الشاعر الإسلامي بتلك الفئة الباغية التي حاولت تدمير تلك المكتسبات والمنجزات ، فقال :

يامن ْنويتَ بها غَدْرا ًخَسِئْتَ فقدْ                خابت ْنَواياكَ إنّ اللهَ يَرْعاها

وَلج َّفي مَكْره ِيَبْغي مَــــــــــــــــــــــــــضرّتَها                 أَما خَشيْت َمن الجَبَّارِ عُقباها

حسادها كم تعاموا عن مآثرها            وكيف يبصر ضوء الشمس أعماها

تسابقوا لينالوا شأو رفـــــــــــــــــعتها              أعيوا وما أدركوا في السبق شأواها

تَألَّفت ْمن يُعاديها بِحكمتِها                   فصار َيَنصرُها منْ كانَ عَاداها

لقد كاد للحكومة التركية الأعداء لينالوا منها ولكنها بحكمتها وبالدفع بالتي هي أحسن انقلب كثير من الأعداء إلى أولياء حميمين :

تَبخْترت ْبرداءِ العز ِّواتَّزرت ْ             بِالمكْرُماتِ فمن ْ بِالفخر داناها

وازَّيَّنت ْبرياضِ الحُسنِ مُبهرة ً            حتى غَدت ْجَنَّةَ الدُّنيا وَمأْوَاها 

مَليحةٌ قد تجلَّت ْفي مَفاتنِها             مثلَ العروس ِتَجلَّت ْيومَ جَلْواها

عنتْ لها هامة التِّاريخِ مُعْجَبة ً              وَصفَّقَ المجدُ إِجْلالا ًوَحيَّاها

لقد صار لتركيا شأن وأي شأن في المحافل المحلية والإقليمية والدولية ، وهابها الجميع ، وكانت سباقة في المكرمات :

وفي المحافل دوى صوت هيبتها             فهابَها الخلقُ أَقْصاها وَأدْناها 

أُم ُّالمُروءاتِ لم ْتُنْدب ْلِمكرُمة ٍ           إلا َّ وكان ْلها في السَّبق أُوْلاها

أُم ُّالجميلاتِ تَسبي اللُّبَ روعتُها          أُمُّ المساكين ِمَن بالجُود ِباراها

لقد أصبحت تركيا ملاذاً آمناً لجميع اللاجئين السياسيين من اليمن وسورية ومصر والعراق فكان صدرها رحباً وخيرها يعم الجميع، فهي أم المروءات وأم المساكين :

ما من مُضام ٍطَريد ٍجاء َيَقصدُها           إلا وأصبح َفَرداً من رَعاياها.

 ولاجئ ٍمن جحيم ِالظلمَّ لاذَ بها     إلا َّوجادت ْله ُمن فيض ِنَعْماها

أمُّ المكارم ِلم تبخل ْعلى أحد ٍ             ولم تزل ْتملأُ الدُّنيا عَطاياهَا

ويؤكد الشاعر الإسلامي قاسم ميثاق أن إيمان القادة وإخلاص الشعب هو سر النهضة في تركيا :

عِماد ُقُوَّتِها إيمان ُقادتِها                   وسرُّ نهضتِها إخلاص ُأَبْناها

قد نافست في مجال العلم رائدة      حتى غدا العلم من أسمى مزاياها

فَهات ِلي ْمِثلَها في الجُود ِجَاراها      أو ْمثلَها في المعالي الغُرِّ ساماها

ويشيد بعطاء الشعب التركي الذي وقف مع الشعب السوري، وكانت له الأيادي البيضاء التي طوقت الرقاب :

يا شعبَ تركيةَ ِالمِعطاء َإن َّلكُمْ              من المحبَّة ِأزْكاها وَأصْفاها 

لَكُمْ بأعناقِنا فضلٌّ نَدين ُلَه ُ            وَمنَّة ٌّلم نكن ْ- يوما ًلِنْنسَاها

ويصور معاناة الشعب السوري، ويصف جراحه، فيقول :

سوريةُ المجد ِجُرح ٌغائر ٌودم ٌ             وأدمـــــــــــــــــع ٌوثَكالى تَزفرُ الآَهَا 

سورية ُالعز ِّأشْلاء ٌمُبعثرة ٌ              وخيمةٌ في مهبِّ الرِّيح مَثْوَاها

وكانت تركيا خير سند ومعين للثورة والشعب السوري :

كُنتم ْلها خيرَ أنْصارٍ بمحْنتِها         لولاكم ُمـــــــــا تخطــــــَّت ْجُل َّبَلْواها

عراقنا كم تغنَّى في مكارمكم         ومصر ُتعرف من بالعسر واساها 

تركيةُ اليومَ أَنتمْ عزُّ نهضتِها           بِكُم ْتُباهي الَّذي بالفخرِ بَاهَاها

مديح أردوغان :

لقد أحيا السيد رجب طيب أردوغان مجد العثمانيين الأتراك، وربط الحاضر المجيد بالماضي التليد حتى بلغت منزلة تتقطع أعناق الأعداء دون الوصول إليها :

يا أرْدوغانُ الَّذي طابتْ مَحامدُه ُ     وحــــــاز َمن طيِّب الأخلاقِ أَسْناها 

أَحيَيْتَ مجد َبَني ْعُثمانَ مُفتخِرا ً        فَالْتام َآخـــــــــــــــــــــــــرها في عِز ِّأُولاها

أَعدْت َللمَكْرُماتِ الغُرِ رَوْنقَها      مِن ْبعد ِما كادت ِالأجيال ُتَنْساهَا

حتى بلغتَ بها في الأرض ِمنزلة ً        تقطَّـــــــــــــعتْ دُونهـــــا أَعناق ُأَعْدَاها 

قدْهب َّيبني صُروحَ العزِّ شامخة ً         لا يَبْتغي شَـــــــــرفاً منها ولا جَاهَا

وكان الزعيم أردوغان نصير المظلومين آوى الفارين من الظلم والاستبداد، وأطعم الجائع، وسمح ببناء المدارس، واهتم ببناء المساجد :

كم ْأُسرةٍ من جحيمِ الظُّلم ِهائمة ٍ في الأرضِ ما وَجدت ْمَأْوىً فَأوَاها

وأسرة ٍعضَّها جوعٌ فَأطْعمَها            وأســــــــــــــرة ٍكَبدُها ظَمْأى ْفَأرْوَاها 

هذي المعاهدُ مَن بالعلمِ نَوَّرها        هذي المصانع ُمَن بالعزم ِأَرْسَاها

هذي المساجد ُمَنْ أَحْيا شَعائرَها       فدبتِ الرُّوح ُتَسْري في حَنايَاها

دوَّى بأرجائِها التَّكبير ُمُرتفعاً       وصارت ِالنّاس ُبعدَ الخوف ِتَغْشَاها

ويشيد بحكومة العدالة والتنمية بشكل عام، ويعلن الشاعر حبه لتركيا حكومة وشعباً ، ويبوح بذلك الحب، ولن يكتمه بعد اليوم :

حُكومةٌ رَفعت ْبالعَدلِ رَايتَها    حتّى غدا العدل ُمِن ْأَسْمى سَجايَاها

هَبَّت ْوقائِدهَا تبني حضارَتها         حتَّى تَسنّم َهــــــــــــــــــــام َالمجد ِمَبْناها

وزاحمت ْأُمم الدنيا بنهضتها          فَأزْحمت ْوتحــــــــــــدَّتْ مَنْ تَحدَّاها

جَرتْ سفينتُها بالخير ِمَجْراها           حتَّى رستْ وبإذنِ اللهِ مَرْسَاها 

تركية المجد من بالعز ضاهاها        ومن ببذل الندى والجود جاراها 

إنِّي لأُعلنُها في الجمع ِصادقة ً   إنِّي سَأبقى - على الأيَّام - أَهْواها

ثناء العلماء عليه :

لم ينل الأستاذ الشاعر قاسم ميثاق حسين نصيبه من الشهرة في الأوساط الأدبية لأنه مقل غير مكثر، وهو قليل النشر .لذا لم يقل النقاد فيه شيئاً يذكر ، وعندما نشرتُ له قصيدة شكراً تركيا على صفحة الفيس بوك :أعلى النموذج

ثناء  (( تفضل الأستاذ مصطفى فوزي غزال، فأثنى عليه، فقال: سلمت يمينك الّتي خطّت هٰذه الملحمة الشّعرية شاعرنا السّوري الحبيب الأستاذ قاسم أحمد ميثاق الحسين ابن الفرات في دير الزّور، فقد أبدعت، وحلّقت في ملحمتك هٰذه لأنّك كنت صادق العاطفة والوجدان فيما قلته، فبارك الله فيك، وفي عُمرك لتبقا مع إخوانك الّذين تكونون قمة البذل والعطاء ...

وأرى أن كلمات الأستاذ مصطفى خير ختام لهذه المقالة المتواضع عن شعر شاعرنا الأستاذ قاسم أحمد ميثاق حسين الذي ننتظر منه المزيد ، فشعره متين السبك متماسك المعاني وتراكيبه يأخذ بعضها بأعناق بعض ، بينما الألفاظ فهي جزلة فخمة مجلجلة ، وخياله نشيط وثاب ، ومعانيه فيها الأصالة تذكر بفحول الشعراء

ونقول لشاعرنا المحبوب إن ميدان الجهاد والثورة ميدان فسيح يستحق من جميع الشعراء الاهتمام والعناية ..فسلّوا أيها الشعراء الحسام، وجردوا الأقلام ..

فلا نامت أعين الشعراء

مراجع الدراسة :

1-معلومات أخذت من الأستاذ الشاعر قاسم ميثاق عبر الهاتف في فترات زمنية مختلفة – عام 2016م .

2- مقالة الأستاذ حمدي حسن عبد الحميد – رابطة أدباء الشام .  

أسفل النموذج

وسوم: العدد 735